مقدمة:
تعتبر جدلية المنفعة العامة والمنفعة الخاصة من اهم الإشكاليات التي تتناولها
مختلف المرجعيات التي تستقي منها الدولة شرعيتها كمجسدة للمصلحة العامة، نظراً لما
يشكله ذلك من صراع متطور ومعركة خالدة بين السلطة والحرية. وإذا كان حق الملكية [1]
قد ظل حقا مطلقا لردح من الزمن لأنه لم يكن قد تبلور بالشكل الذي هو عليه اليوم
إلا بعد مروره بمجموعة من المراحل التي واكب من خلالها تطور المجتمعات. فإن ذلك أكسبه طابعا اجتماعيا
ادى إلى تعرضه لعدة قيود منعت المالك من أن يستأثر بهذا الحق لخدمة مصالحه الخاصة
والضيقة بل تم تجاوز ذلك إلى ان يمارس هذا الحق بالشكل الذي لا يعيق تحقيقه
للوظيفة الاجتماعية و الاقتصادية للدولة. ومادام ان القانون هو الذي يقر حق الملكية ويحميه فمن
المنطقي ان يتمكن من جعل قيود عليه على اعتبار انه تعبير عن إرادة الأمة[2]
وهكذا فإن ممارسة هذا الحق يجب ان لا تتعارض مع المصلحة او ان تكون عائقا امام
تطور المجتمع، وينتج عن هذا المبدأ أنه إذا تعارضت المصلحة العامة مع المصلحة
الخاصة تعيين التضحية بهذه الأخيرة وهذا الأمر من مستلزمات الحفاظ على متطلبات
السلطة. لذلك لا يمكن الاعتراف بالحق في التملك بشكل مطلق وبدون قيود[3]. والهدف من ذلك هو خلق توازن بين
المصلحة العامة والخاصة[4]. وعلمية نزع الملكية من أجل
المنفعة العامة كأهم وسيلة قانونية تلجأ إليها الدولة لتوفير العقارات اللازمة
لتنفيذ برامجها وسياساتها تمثل مجالا خصبا لذلك الأمر، الذي فرض تناولها في مختلف
النصوص التشريعية والتنظيمية لا بل والإرتقاء بها إلى التنصيص الدستوري لجل دساتير
العالم من بينها الدستور المغربي الذي نص...في الفصل 35 يضمن القانون حق الملكية. ويمكن الحد من
نطاقها وممارستها بموجب القانون إذا دعت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية
والاجتماعية للبلاد. ولا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص
عليها في القانون[5].
كما نصت المادة 15 من الدستور الموريتاني لسنة 1991 في الفقرة الرابعة على أنه (
لاتنزع الملكية إلا إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة وبعد تعويض عادل مسبق. يحدد
القانون نظام نزع الملكية)[6]
كما نصت المادة 34 من الدستور المصري لسنة 1971على هذا الإجراء وتضمنت ( الملكية
الخاصة مصونة ولا يجوز فرض حراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم
قضائي ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة)[7]
وإذا قلنا بأن نزع الملكية قد نص عليه
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فليس معنى هذا أن القانون الوضعي هو الذي كان
السباق إلي تشريعيه والإهتداء عليه بل إن نزع قد عرفه النظام الإسلامي قبل ذلك.
بكثير، اي منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم بحيث تحكي الكتب الإسلامية أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم حينما بنى اول مسجد في الإسلام بالمدينة المنورة استملك
الأرض التي شيد عليها البناء فعن الزهري عن عروة أن أرض المسجد كانت ليتميين وهما
سهل وسهيل فساومهما فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اليتمان بل نهبها فأبى
عليه الصلاة والسلام، كما كما قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتوسيع المساجد وذلك
عن طريق مساومة أصحاب الدور المحيطة بالمساجد فمن قبل اشترى منهم دورهم ومن ابى
اخذها منهم جبرا ووضع قيمتها بخزانة الكعبة التي ظلت بها إلى أن اخذها أصحابها[8].
أهمية الموضوع:
يستمد هذا
الموضوع أهميته من كونه يرتبط بعلاقة مباشرة مع الفرد، لأن الدولة تأخذ منه شيأ هو
في ملكه الخاص، لكن في مقابل تنتزع الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة التي دائما
ما تجد منها الإدارة دافعا ومبررا لجعل قراراتها ملزمة، ولتتم هذه العملية وجب على
الدولة أن تحترم القانون والإجراءات المسطرية.
وما يعطي الموضوع
أهمية كبرى كونه أضحى حديث الساعة لأن الدولة تجد نفسها خلال تنفيذ برامجها
التنموية أمام ندرة الأوعية العقارية
الصافية، وقلة احتياطاتها العقارية الشيء الذي يدفعها إلى تحريك مسطرة نزع
الملكية.
الإطار العام
للموضوع:
يندرج هذا الموضوع في
إطار القانون العام باعتبارأن الإدارة العامة أحد أطرافه.
المنهج المعتمد:
ü
المنهج التاريخي
ü
المنهج التحليلي
ü
المنهج المقارن
الفرضيات:
× مسطرة نزع
الملكية لأجل المنفعة العامة تعد ألية تمكن الدولة من إنجاز مشاريع وبرامج تفرضها
المصلحة العامة
× في مقابل
نزع الملكية الخاصة يتم تعويض منزوعي الملكية تعويضا عادلا
×عملية نزع
الملكية الخاصة هي عملية معقدة جدا، وتخدم الإدراة أكثر مما تخدم الخواص
إن البحث في
هذا الموضوع، وتأسيسا على ما سبق يحيلنا على طرح الإشكالية العامة، والأسئلة
الفرعية للموضوع، وسنحاول الإجابة عنها.
الإشكالية العامة:
إدراج قرارات نزع الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة
تحت رقابة القاضي الإداري من أجل التوازن بحيث لا يسمح للإدارة أن تتطاول على حقوق
وحريات المواطنين، في مقابل هذا لا يسمح لهم التمرد عليها ما دامت الإدارة تشتغل
وفق مبدأ المشروعية وخدمة الصالح العام.
الأسئلة الفرعية:
1: ما مفهوم نزع الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة؟
2: ماهو الأساس القانوني الذي بموجبه تتم عملية نزع
الملكية؟
3: ما الفرق بين نزع الملكية والأنظمة المشابهة لها؟
4: ماهي شروط نزع الملكية الخاصة؟
5: ماهي أهم الإجراءات المسطرية لعملية نزع الملكية
الخاصة لأجل المنفعة العامة؟
6:ماهو دور القاضي الإداري في مراقبة مثل هذه العمليات
التي تمس حقوق المواطنين؟
التصميم:
المبحث الأول :مفهوم نزع الملكية الخاصة لأجل المنفعة
العامة وتحديد شروطها
المطلب الأول:مفهوم نزع الملكية
الفقرة الأولى: تعريف نزع الملكية وتحديد طبيعتها
الفقرة الثانية:الإطار القانوني لنزع الملكية
المطلب الثاني:شروط نزع الملكية وتمييزها عن الأنظمة
المشابهة لها
الفقرة الأولى:شروط نزع الملكية
الفقرة الثانية:تمييز نزع الملكية عن الأنظمة المشابهة
لها
المبحث الثاني:الإجراءات المسطرية لنزع الملكية الخاصة
لأجل المنفعة العامة
المطلب الأول: المرحلة الإدراية لنزع الملكية الخاصة
الفقرة الأولى: إعلان مقرر نزع الملكية
الفقرة الثانية: إصدار مقرر التخلي
المطلب الثاني: المرحلة القضائية لنزع الملكية الخاصة
الفقرة الأولى:الدعوى الإستعجالية للإذن بالحيازة
الفقرة الثانية: دعوى الحكم بنقل الملكية والتعويض
النهائي
المبحث الثالث:الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية
من أجل المنفعة العامة
المطلب الأول:مظاهر الرقابة القضائية على قرارات نزع
الملكية من أجل المنفعة العامة
الفقرة الأولى:الرقابة الشكلية
الفقرة الثانية:الرقابة الموضوعية
المطلب الثاني:تقييم الرقابة القضائية على قرارات نوع
الملكية من أجل المنفعة العامة
الفقرة الأولى:تقييم الرقابة القضائية على قرارات نزع
الملكية من أجل المنفعة العامة
الفقرة الثانية:سبل تعزيز الرقابة على قرارات نزع
الملكية من أجل المنفعة العامة
المبحث الأول: مفهوم نزع الملكية وشروطها
تعمل الإدارة على تسيير شؤون
المرافق العامة بشكل جيد وعلى أكمل وجه،
وكثيرا ما تحتاج لذلك إلى عقارات أو منقولات، وللحصول على تلك العقارات والمنقولات
تلجأ لعدة طرق من بينها نزع ملكية تلك
العقارات جبرا إذا كانت في حاجة إليها
وتعذر على الإدارة الحصول عليها بطريقة ودية وهذا ما تسمية نزع الملكية من أجل
المنفعة العامة استثناء لحق الملكية المقدس لذلك يجب تحديد مفهوم نزع الملكية من
أجل المنفعة العامة (المطلب الأول)، والشروط التي يجب توافرها لتلجأ الإدارة إلى
هذا الإستثناء(المطلب الثاني).
المطلب الأول: مفهوم نزع الملكية من أجل
المنفعة العامة والإطار القانوني لها
يعتبر نظام نزع الملكية لأجل
المنفعة العامة نظام تلجأ إليه الإدارة في حالة تعذر عليها الحصول على العقارات و
المنقولات بطريقة ودية وهو نظام يمس حق الملكية المقدس. ولمعرفة هذا النظام
القانوني سنقوم بدراسته من خلال الفقرة الأولى (تعريف نزع الملكية من أجل المنفعة
العامة). والفقرة الثانية (الإطار القانوني لنزع الملكية).
لم يعرف المشرع المغربي نزع
الملكية لأجل المنفعة العامة مكتفيا بالنص من خلال الفصل الأول من القانون رقم 7,81 على مايلي: "إن نزع ملكية
العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت
المنفعة، ولا يمكن إجراؤه إلا طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع
مراعاة الإستثناءات المدخلة عليه كلا أو بعضا بموجب تشريعات خاصة".
ورغم ذلك،تظهر أهمية هذا النص
في أنه يحدد موضوع نزع الملكية لأجل المنفعة العامة( الملكية العقارية والحقوق
العينية العقارية) وسببه (إعلان المنفعة العامة) واتصال أحكامه بالنظام العام (لا
يمكن إجراؤه إلا طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون).
وقد عرفة بعض الفقه كما يلي: "إجراء إداري يقصد به نزع مال قهرا عن
مالكه بواسطة الإدارة لتخصيصه للنفع العام مقابل تعويض عادل"[10]
ويؤخذ على هذا التعريف أنه أقام
نزع الملكية على القهر وحده والحال أنه يمكن أن يتم عن طريق المراضاة، وأنه اعتبر
نزع الملكية إجراء إداريا الحال أنه في التشريع المغربي ذو طابع قضائي كذلك.
وعرفه فقه اخر بأنه: "عملية يتم بمقتضاها نقل ملكية عقار مملوك لأحد
الأفراد إلى شخص عام، بقصد المنفعة العامة ونظير تعويض عادل"[11]
والظاهر أن هذا التعريف، وإن
جاء أكثر ضبطا من سابقه، لم يحدد إجراءات نزع الملكية بشكل دقيق.
وقد عرفه أحد الفقهاء الفرنسيين
كما يلي: "يمكن تعريف نزع بأنه امتياز من امتيازات السلطة العامة يسمح لها،
بغية تحقيق منفعة عامة وبعد اتباع مجموعة من الإجراءات الشكلية والموضوعية الآمرة،
نزع ملكية عقارية أو حق عيني عقاري يعود لشخص خاص أو عام"[12]
يظهر نظام نزع الملكية من أجل
المنفعة العامة من حيث طبيعته القانونية في الوهلة الأولى كنوع من الشراء الجبري
المنصب على أموال عقارية مملوكة كقاعدة لواحد أو لمجموعة من الأفراد، وهذا الشراء
تمارسه السلطة العامة أو من يقوم مقامها على الرغم من إرادة صاحب الملك أو إرادة
أصحابه قصد استغلاله فيما بعد في أغراض متنوعة من المفروض أن تتصل أساسا بالمنفعة العامة.
ومن ناحية أخرى، فإن نظام نزع
الملكية من حيث الشكل الذي يعلن به، يظهر كقرار إداري صادر عن سلطة إدارية ومرتبا
لآثار قانونية جد متنوعة، تنتهي بنقل ملكية أموال عقارية إلى السلطة العامة أو من
يقوم مقامها، عندما تتحقق بشروط تشريعية هي من صميم النظام العام.
وفي اعتقادنا، فإن نظام نزع
الملكية أقرب في حقيقته إلى القرار الإداري منه إلى الشراء الجبري، فمن جهة أولى،
فإن هذا النظام تستبعد من مجال تطبيقه أحكام عقد البيع المضمنة في قانون
الإلتزامات والعقود،ومن جهة ثانية فهو يصدر في صورة قرار انفرادي عن سلطة إدارية
مختصة قانونا بذلك،إضافة إلى كونه يقبل الطعن الإداري أمام الغرفة الإدارية
بالمجلس الأعلى على ما سوف نرى فيما سيأتي.
الفقرة الثانية: الإطار القانوني لنزع الملكية الخاصة من
أجل المنفعة العامة
إذا كان ظهير31 غشت 1914 أول إطار تشريعي متكامل ينظم عملية نزع الملكية
بالمغرب، فإن هذا لا يعني أنه لم تكن هناك بعض النصوص القانونية السابقة له، فخلال
مرحلة ما بين توقيع اتفاقية الجزيرة الخضراء سنة 1906 إلى سنة 1914 تاريخ صدور هذا
القانون، قامت سلطات الحماية بتأطير عملية نزع الملكية عن طريق نصوص عديدة.
كانت اتفاقية الجزيرة الخضراء لسنة 1906 أول نص
قانوني سيؤكد عملية نزع الملكية بالمفهوم الحديث، حيث ثم تنظيم هذه العلمية في
إطار مقتضيات تحدد مجموعة من الإجراءات و التدابير للقيام بالعملية. ولتطبيق مسطرة
نزع الملكية_ حسب اتفاقية الجزيرة الخضراء_ يشترط إثبات ضرورة المنفعة العامة و
أداء تعويض عادل (الفصل 113)،ولا يمكن
إجراء العملية إلا من أجل المنفعة العامة (الفصل114).
كما تم التمييز بين كون ذوي الحقوق مواطنين
مغاربة حيث يتخذ جلالة الملك الإجراءات اللازمة لتفادي أي تعرض من طرفهم، أو غيرهم
(الفصل 115) حيث نصت على مسطرة خاصة لتحديد التعويض أمام المحاكم القنصلية.
وبعدها صدر القانون
الديبلوماسي الصادر بتاريخ 10 يونيو 1908، وقد تضمنت مقتضيات هذا القانون الذي جاء
كتجديد للمقتضيات الواردة في اتفاقية الجزيرة الخضراء، مبادئ أساسية تتعلق
بالمسطرة المتبعة، وهي مقتبسة من القانون الفرنسي لسنة 1908. وبموجب الفصل الأول
من القانون الديبلوماسي لسنة 1908، يمكن أن تعلن المنفعة العامة في شأن جميع
الأشغال الكبرى،مثل الطرق و السكك الحديدية و الموانئ، حيث كانت هذه الأشغال
ضرورية في تلك المرحلة.
وتقوم الحكومة باتفاق مع السلك
الديبلوماسي بطنجة بتحديد برنامج الأشغال و درجة الأسبقية. ويتم إعلان المنفعة
العامة بمرسوم يبلغ إلى إلى صاحب الحق إذا كان أجنبيا أو مغربيا محميا دون يجدد أي
أجل في هذا الشأن.
أما نقل الملكية فكان يتم
لفائدة المخزن طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية من طرف القاضي في جميع الأحوال، ويتم
ذلك إما عن طريق الإتفاق بالتراضي(الفصل6) أو يتم تحديد التعويض بعد إجراء خبرة
(الفصل 11) وفي حالة رفض التعويض تتدخل المحاكم القنصلية.
وبعدها صدرت دورية الصدر الأعظم
في فاتح نونبر 1912، تهدف إلى تسهيل إنجاز سريع للأشغال العمومية، ويتعلق الأمر
بأن المخزن اشترط للمصادقة على عقود الشراء أن يلتزم أي مشتري لعقار في تصريح موثق
بأن يفوت للدولة المغربية الأجزاء الضرورية لتنفيذ الأشغال العمومية، ويتم التفويت
مقابل تعويض يتفق عليه وإلا تم اللجوء إلى مسطرة التحكيم ، يتولى مباشرتها حكمان
أحدهما يمثل الإدارة والآخر يمثل المالك، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تم تعيين
خبير للتوفيق بينهما، وبهذه المقتضيات تكون الدورية قد رضت بطريقة غير مباشرة نزع
الملكية.
وبعد ذلك صدر ظهير 26 مارس
1914 في شأن الإعلان من المنفعة العامة إنشاء خط السكك الحديدية بين طنجة وفاس،
ولم يستند هذا الظهير لا على اتفاقية الجزيرة الخضراء ولا على القانون الدبلوماسي
لسنة 1908.
ونص على أنه انطلاقا من يوم
نشره،يمنع الترخيص لتفويت العقارات التي تقع في المنطقة التي حددها،كذا القيام بأي
بناء أو غرس أو تحسين، إلا بإذن من مديرية الأشغال العمومية، ويلتزم الملاك بتفويت
عقاراتهم حسب قيمتها يوم نشر الظهير.
لقد تم تغيير ظهير 31 غشت
1914 المتعلق بنوع الملكية من أجل المنغعة العامة و الإحتلال المؤقت بموجب ظهيري 3
أبريل 1951 وظهير 6ماي 1982.
ظهير 31 غشت 1914 المتعلق بنزع
الملكية لأجل المنفعة العامة والإحتلال المؤقت.
يمثل ظهير 31 غشت 1914 أول نص
غام يقوم بتنظيم مسألة نزع الملكية من أجل المنغعة العامة و الإحتلال المؤقت
بمنطقة الحماية الفرنسية بالمغرب.
وقد ورد في ديباجة ظهير 31 غشت
1914 بأن:" من أساس الشريعة الإسلامسة تقديم المصلحة العامة على المصلحة
الخاصة في جميع الأحوال...".
ونشير إلى الجزء الخاص من
الظهير و المتعلق بنزع الملكية يشتمل على 28 فصلا. وقد قسم هذا الجزء إلى خمسة
أبواب، خصص الأول منها لحالات نزع الملكية ولإعلان المنفعة العامة، وخصص الثاني للإجراءات
الإدارية التي تسبق نزع الملكية وللتملك عن طريق المراضاة، وخصص الثالث للحكم
القضائي الصادر بشأن نزع الملكية ولتحديد التعويضات الواجب دفعها للمنزوعة
ملكيتهم، وخصص الرابع لأداء التعويضات ونقل حيازة العقار إلى نازع الملكية، أما
الباب الخامس فيتعلق بالإجراءات الإستثنائية التي يجب أن يلجأ إليها نازع الملكية
في حالة الاستعجال القصوى.
لقد أخد بمبدأ نزع ملكية
المناطق –كأغلب القوانين المقارنة- للسماح للإدارة لا لنزع ملكيتهم العقارات التي
ستدمج بالفعل في المشروع المعلن للمنفعة العامة فقط، بل أيضا العقارات التي يكون
اقتناؤها ضروريا لتحقيق بصورة أحسن هدف المنفعة العامة المنشودة، وكذا العقارات
التي تستفيد من زائد قيمة ملحوظ نتيجة إنجاز الأشغال.
كما تم إستناد مهمة النطق
بأحكام نزع الملكية إلى المحاكم، كما أنها تتولى تحديد التعويضات حسب قيمة العقار
يوم إعلان المنفعة العامة، وتشكل هذة القيمة حدا أقصى ولو ارتفعت قيمة ذلك العقار
بعد الإعلان، كما أن المحاكم تحدد زائد أو ناقص القيمة الذي يكتسبه الجزء من
العقار غير المنزوع جراء تنفيذ الأشغال.
وكانت مسطرة الاتفاق بالمراضاة
كانت إجبارية في ظل القانون، أو كقناة لابد من المرور منها،وفي حالة الفشل يتم
اللجوء آنذاك إلى تطبيق مسطرة نزع الملكية.
وهكذا وبعد صدور 37سنة على
إصدار هذا الظهير، تدخل المشرع المغربي بتاريخ 3 ابريل 1951.
_ظهير 3 أبريل 1951 المتعلق بنزع
الملكية لأجل المنفعة العامة:
لقد حاول هذا القانون استدراك
النقص الذي تميز به القانون السابق سيما فيما يتعلق بالإمتيازات المخولة لنازع
الملكية على حساب الخواص المنزوعة ملكيتهم.
ومن أبرز النقط التي عرف فيها
ظهير 31 غشت 1914 تغييرا جدريا إبان إصدار ظهير 3 أبريل 1951 هي:
_إصدار مقرر التخلي:
ففي ظهير 31 غشت 1914، تظل العقارات التي
كانت موضوعا لقرار يقضي تخصيصها لمنفعة العامة، محل ارتفاقات عديدة لمدة سنتين
قابلتين للتجديد في كل مرة للتجديد في كل مرة، وهكذا فإن العقارات تبقى مهددة
بالاستملاك لسنوات طويلة دون أن يكون هناك ما يلزم السلطة النازعة للملكية بممارسة
هذا الإجراء من الناحية القانونية.
أما بالنسبة لظهير 3 أبريل
1951، فإن الفترة السالفة قد حددت قي سنتين غي قابلة لأي تجديد، يدب على السلطة
النازعة للملكية أن تستصدر قرار التخلي، و
أن تطلب من القضاء الحكم بنزع الملكية خلال هذه الفترة، وإلا سقط قرار المنفعة
العامة بقوة القانون.
_تحديد التعويضات:
في ظل 31 غشت 1914 كان القاضي
قبل الحكم بالتعويض المقابل لنزع الملكية، ملزما بأن يحدد القيمة التي كانت للعقار
قبل إعلان المنفعة العامة، ثم قيمته قبل النطق بالحكم القاضي بنزع الملكية ثم يحكم
بأصغر القيمتين[14]
أما بالنسبة لظهير 3 أبريل
1951، فإن القيمة التي أصبحت تأخذ بعين الإعتبار من أجل تحديد مقدار التعويض، هي
تلك التي كانت للعقار وقت نشر مقرر التخلي
دون عند الوقوف عند أي تاريخ آخر، في الحالة التي يقوم فيها نازع الملكية خلال
ثلاثة أشهر تبتدئ من تاريخ نشر المقرر المذكور، بمحاولة تملك العقار عن طريق
المراضاة. ويجب أن يوم نازع الملكية بتقديم طلب إلى القضاء من أجل الحكم بنقل
الحيازة إليه، خلال ثلاثة أشهر التالية، تبتدئ من تاريخ المحاولة الأولى، وإذا لم
يلتزم نازع الملكية بالقواعد المسطرية السالفة الذكر، فإن تقدير التعويض يتم
إنطلاقا من القيمة التي كانت للعقار وقت تقديم الطلب القضائي الخاص بنزع الملكية
إلى كتابة ضبط المحكمة المختصة[15].
وبالإضافة إلى التغييرات
السابقة، فقد جاء ظهير 3أبريل 1951 بأحكام جديدة، لم تكن معروفة بالمرة في ظل
مقتضيات ظهير 31 غشت 1914 السابق، وهكذا مثلا فعندما يفشل نازع الملكية في تملك
العقار عن الطريق الودي، أصبح باستطاعته أن يقدم طلبا استعجاليا إلى القضاء المختص
في هذا الصدد، يرمي إلى الحكم بنقل حيازة العقار إليه مقابل تعويض مؤقت، يساوي على
الأقل العروض العينية التي سبق له أن قدمها أثناء محاولة الإقتناء عن طريق
المراضاة.
وتجدر الإشارة إلى أنه صدرت
مجموعة من القوانين تشكل استثناء لمقتضيات ظهير 3أبريل 1951 وهي:
_مرسوم ملكي رقم66-092-1 بمثابة
قانون المؤرخ في 26 يونيو 1967 الصادر بالإعلان أن في تهيئة خليج طنجة واستثمارها
منفعة عمومية، وبوضع مسطرة خاصة لنزع ملكية الأراضي اللازمة لهذا الغرض[16].
ظهير شريف رقم 10-70-1ىالمؤرخ
في 7 أكتوبر 1970 الصادر في شلأن إحداث مسطرة خاصة قصد الإسراع بالإستثمار السياحي
لمنطقة القصر الصغير[17]
_ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1-70-393 المؤرخ في 21 يونيو 1976 الصادر في
شأن تهيئة خليج أكادير واستثماره السياحي[18].
_قانون رقم 81-7 المتعلق بنزع
الملكية لأجل المنفعة العامة:
فما هي الدوافع التي أدت إلى
إصدار هذا القانون الجديد؟ وبمعنى آخر ماهو الجديد الذي جاء في قانون 81-7.
لقد كان النصان السابقان لهذا
القانون، ينصان على وجوب إتباع مسطرة الإتفاق بالمراضاة للقيام بنقل الملكية
بكيفية ودية، وتتم هذه المسطرة الإلزامية باستدعاء جميع المعنيين بالأمر، ويتم
تحرير محضر رسمي بشأن كل اتفاق شامل جزئي يتم بين الأطراف المعنيين بالأمر. لهذا
جعل القانون الجديد هذه المسطرة اختيارية يمكن لنازع الملكية أن يسلكها أو يستغني
عنها حسب ما تمليه ظروف وملابسات كل حالة على حدة.
لقد كانت مسطرة نزع الملكية
الشخصية فأصبحت في القانون الجديد عينية، أي تتعلق بالعقارات والحقوق العينية
العقارية لا بذوي الحقوق الذي كان- في ظل القوانين السابقة- من الواجب تبليغ مشروع
المقرر المبنية فيه الأملاك إليهم، فهذه الحالة لا تتم إلا فيما يتعلق بعمليات أو
أشغال تهم الدفاع الوطني بصفة اختيارية.
المطلب الثاني: شروط نزع الملكية وتمييزها عن الأنظمة
المشابهة لها:
إن المساس بحق الملكية المقدس لا يمكن أن يتم بدون شروط (الفقرة الأولى)
كما يجب تمييزه عن الأنظمة المشابهة له ( الفقرة الثانية).
يجب أن تتم نزع الملكية من أجل
المنفعة العامة بشروط تتجلى في ارتباطها بالأملاك العامة و شرط المنفعة العامة ثم
السلطة نازعة الملكية أو من يقوم مقامها.
أولا: نزع الملكية منوط بتحقيق المنفعة العامة
يجب أن يكون الهدف من نزع
الملكية هو تحقيق المنفعة العامة أو المصلحة العامة، لأنه من أجلها أساسا أجاز
القانون التضحية بمصالح الأفراد.
ولقد كان الفصل (3) من ظهير 1951 ينص على أمثلة كثيرة من العمليات
و الأشغال التي تبرر الإعلان عن المنفعة العامة. إلا ظهير 6 مايو 1982 اقتصر على
التأكيد أن :" نزع الملكية جائز عندما يراد به القيام بأشغال وعمليات معلن
أنها ذات منفعة عامة". ويؤكد الفصل 6 من ظهير سنة 1982 على غرار ظهير 1951.
إن إعلان المنفعة العامة يمكن
أن يمتد إلى العقارات التي ليست لازمة مباشرة لإنجاز العملية المزمع القيام بها
والتي يساعد تمليكها على تحقيق غرض من الأغراض ذات المنفعة العامة وهذا ما سعت إلى
تطبيقه الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في قرارها عدد 217 بتاريخ 1/10/[20]1987.
الذي جاء فيه :" حيث أن
إنشاء مأرب في العقار التي يتطلبها القانون لتبرير نزع الملكية. فإن القرار
المطلوب إلغاؤه لا يشوبه أي شطط ولا إساءة إستعماله".
ويمكن أيضا إعلان المنفعة
العامة من أجل أسترجاع زائد القيمة الذي استفاذ منه الملك الخاص بسبب الأشغال
المزمع القيام بها.
إن أملاك الأفراد العقارية هي
المقصودة بنزع الملكية. كما يجوز نزع ملكية أملاك الدولة الخاصة. ولا يمكن نزع
ملكية المنقولات إلا إذا أصبحت تكتسي صبغة عقارية عن طريق الضم والإدماج.
ويشمل مفهوم العقار_ موضوع نزع
الملكية_ أرضا فضاء لا بناء عليها، أو أرضا مبنية أيا كان ما عليها من بناء. ويجب
أن يتناول نزع الملكية الأرض بكل ما عليها من مبان، فلا يقتصر على الأرض وحدها دون
ما تحمله من بناء أو على بعض أدوار هذا البناء دون البعض الآخر.
غير أن هناك بعض العقارات قد
استثناها المشرع صراحة من موضوع نزع الملكية وذلك
بصريح عبارات الفصل الرابع من ظهير 1982 مثل المعابد المعدة لمختلف
الديانات وليس فقط المساجد و الأضرحة والمقابر والأملاك العمومية والمنشآت
العسكرية _كما كان عليه الظهير السابق لسنة 1951 في فصله 6_.
ثالثا: السلطة المختصة بنزع الملكية:
إن السلطة المختصة بإجراء مسطرة
نزع الملكية تتمثل في السلطة العامة(الدولة و الجماعات المحلية) غير أنه يجوز لهذه
السلطة أن تفوض هذا الحق إلى الأشخاص الإعتباريين الاخرين الجاري عليهم القانون
العام أو الخاص أو الأشخاص الطبيعيين[22].
1 _ الدولة: ويقصد بها في هذا المجال السلطة المركزية التي تمارس نشاطها
على صعيد الدولة ككل. وهي تتمثل في وزير التجهيز أو مدير الأملاك المخزنية إن كان
يراد إدخال الملك في عداد الأملاك العامة أو الخاصة للدولة ويختص بذلك أيضا وزير
الفلاحة (مصلحة المياه والغابات) إن كان الأمر يتعلق بنزع ملكية يهم الغابوي.
وكذلك السلطة المكلفة بإدارة الدفاع الوطني إذا تعلق الوضع بالأملاك العسكرية.
2 _الجماعات المحلية: تمارس السلطات المحلية بعض الإختصاصات في نزع
الملكية، وذلك في إطار النطاق الترابي لتواجدها، وهي في ذلك تخضع لمراقبة سلطة
الوصاية.
وتتمثل السلطات المحلية في هذا
المجال في:
_عامل الإقليم أو العمالة إذا كان القائم بنزع الملكية إقليما أو عمالة أو
شخصا يفوض إليه هذا الحق.
_رئيس المجلس الجماعي إذا كان القائم بنزع الملكية جماعة حضرية أو قروية أو أي شخص يفوض إليه هذا الحق.
3_الأشخاص الإعتباريين الآخرين الجاري عليهم القانون العام او الخاص أو
الأشخاص الطبيعيين: وذلك إما بتفويض من السلطة العامة، أو بنصوص قانونية تقضي بذلك
صراحة. والأمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة، منها:
- شركات التنمية أو الإعداد المفوض
لها حق نزع الملكية في نطاق النظام العام أو نطاق مسطرات خاصة لنزع الملكية[23].
الفقرة الثانية: تمييز نزع الملكية عن بعض الأنظمة
المشابهة له.
في سياق هذه الفقرة سنميز بين
نظام نزع الملكية والاحتلال المؤقت (أولا) والاستيلاء(ثانيا) ثم المصادرة(ثالثا).
أولا: نزع الملكية والاحتلال المؤقت:
نزع
الملكية من أجل المنفعة العامة يرمي إلى إحلال الدولة بوجه عام أو أي شخص معنوي أو
طبيعي آخر يخول له القانون لك بوجه خاص محل المالك الأصلي مقابل تعويض، فيظهر ذلك
النزع كنوع من البيوع الجبرية، أما الإحتلال المؤقت فيرمي إلى إحتلال ملك معين من
طرف السلطة العامة أو من يحل محلها خلال فترة زمنية محددة قد تطول وتقصر، مقابل
تعويض عادل يدفع للمالك بطبيعة الحال،
فيظهر الاحتلال المؤقت كنوع من الأكرية الجبرية التي يفرضهاالقانون من أجل تحقيق
أغراض ما، لا يمكن القيام بها إلا عن طريق ذلك الاحتلال.
ومن ناحية أخرى، فمقرر إعلان
المنفعة العامةيتم بمرسوم يصدر عن الوزير الأول –رئيس الحكومة حاليا- بينما يصدر
القرار القاضي باحتلال ملك الغير لمدة مؤقتة من الوزير المعني بالأمر.
وهكذا كل ما يمكن قوله بخصوص
النقط المتعلقة بتعريف نزع الملكية وتحديد أساسها القانوني وتمييزها عن النظم
المشابهة لها، والتي يظهر من خلالها الرؤية الواضحة والبعيدة المدى للمشرع
المغربي، سيما في مسألة وضع تعريف واضح ومضبوط لنزع الملكية، الأمر الذي حدى
بالفقه إعطاء تعريف لها رغم التباينات الحاصلة بين الفقهاء بهذا الشأن.
ثانيا- نزع الملكية والاستيلاء:
يقصد بالإستيلاء في نطاق
تمييزه عن نزع الملكية أنه استيلاء على حق الملكية دون اتباع إجراءات نزع الملكية
بدون اتخاذ أي إجراء قانوني مسبق بينما نزع الملكية لأجل المنفعة العامة تتخذ عبر
إجراءات ومراحل تستهدف حماية حق الملكية المصون دستوريا.
ومن حيث النطاق فإن نزع الملكية
ينصب على العقارات فقط، أما الإستيلاء فيقع على العقارات والمنقولات.
ثالثا: نزع الملكية والمصادرة:
تختلف المصادرة عن نزع الملكية
فيما يلي:
أ- المصادرة هي عقوبة إضافية منصوص عليها في
الفصول 42 إلى 46 وكتدبير وقائي منظم في الفصل 89 من القانون الجنائي المغربي، حيث
يتعين للحكم بها أن يصدر حكم بالمؤاخدة إذا كانت عقوبة إضافية( المادتان 44 43) في
حين إذا كانت المصادرة كتدبير وقائي وكما هو صريح بنص المادة 89 من القانون
الجنائي فلا يتوقف على صدور الإدانة[24]، أما نزع
الملكية فهو امتياز للسلطة العامة، يكفي أن يصدر بشأنه مرسوم يعلن المنفعة العامة،
وإن كان لابد من الإجراءات الإدارية، فإن الأمر يقتضي أيضا استصدار حكم يقضي بنقل
الملكية طبقا للفصل الثاني من القانون رقم 7.81 والذي ينص على ما يلي:"يتم
نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بحكم قضائي".
ب- نزع الملكية لا يطال إلا
الأموال العقارية، في حين أن المصادرة قد
تمس الأموال العقارية و الأموال المنقولة على حد سواء
ج- نزع الملكية يتم عادة مقابل
تعويض عادل بخلاف المصادرة التي تتم بدون مقابل.
المبحث الثاني: الإجراءات المسطرية لنزع
الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة
تخضغ عملية نزع الملكية
الخاصة لأجل المنفعة العامة لمرحلتين أساسيتين، المرحلة الإدارية لنزع الملكية (كمطلب
أول)، و المرحلة القضائية (كمطلب ثاني).
المطلب الأول: المرحلة الإدارية لنزع الملكية الخاصة لأجل
المنفعة العامة
تتكون المرحلة الإدارية من مجموعة من العمليات والإجراءات التحضيرية والتمهيدية
التي يتعين على ناوع الملكية التقيد بكل عناية لاأن مشروعية وسلامة المسطرة تتوقف عليها، وتتم هذه المرحلة من خلال
أجراءين أولهما إعلان مقرر المنفعة العامة كفقرة أولى، و إصدار مقرر التخلي كفقرة ثانية.
الفقرة الأولى: مقرر
إعلان المنفعة العامة
يعد مقرر إعلان المنفعة العامة أول
إجراء وجب المشرع القيام به إذ نص في الفصل 6 من القانون 7.81 المنظم لنزع الملكية
الخاصة في فقرته الأولى على أن المنفعة العامة تعلن بقرار إداري يعين المنطقة التي
يمكن نزع ملكيتها، كما ينص الفصل الأول[25] من المرسوم التطبيقي على أن المقرر ينص يصدر في شكل مرسوم يتخذ باقتراح من
الوزير المعني بالأمر، وانطلاقا من هذين الفصلين يتضح على أن مقرر المنفعة العامة يتم
من خلال مرحلتين وجب التمييز بينهما، وهما طلب المنفعة العامة، و اقتراح المنفعة العامة،
وبناء على ذلك فإن الجهة التي يحق لها طلب المنفعة العامة وكذا اقتراحها يختلق حسب
الحالات:
1:طلب إعلان المنفعة العامة واقتراحها:
أ: طلب إعلان المنفعة العامة:
إن الجهة التي يحق لها طلب إعلان
المنفعة العامة تختلف حسب الحالات:
ü
إذا كان نزع الملكية
لصالح الملك العمومي للدزلة، فإن الوزارة التي يدخل في اختصاصها المشروع هي التي تتولى
طلب أعلان المنفعة العامة كما ولو تم ذلك كم أجل تشييد بناء أو طريق أو سد، فإن وزارة
التجهيز والنقل هي التي تطلب إعلان المنفعة العامة، وقد تكون وزارة الطاقة والمعادن
أو الوزارة المكلفة بإعداد التراب الوطني متى تعلق الأمر بنشاط يدخل ضمن اختصاصهما
على أساس أن هاتين الوزارتين تتوزعان مبدئيا مع الوزارة الأولى الوصاية على الأملاك
العامة[26].
ü
إذا كان نزع الملكية
لصالح الملك الخاص للدولة كبناء مدرسة أو مستشفى أو مساكن إقتصادية، فإن الوزارة التي
ترغب في الحصول على عقار معين من أجل ذلك، تقوم بتوجيه طلب في الموضوع إلى مديرية الميزاينة
بوزارة المالية والإقتصاد، فإذا وافقت على العملية راسلت مديرية الأملاك المخزنية قصد
الشروع في العملية، أما حينما يتعلق الأمر بالملك الغابوي، فإن وزارة الفلاحة هي المختصة
في اتخاذ هذه المبادرة بصفتها المختصة قانونا.
ü
حينما يتعلق الأمر
بجماعة، فإن المجلس الجماعي هو الذي يبادر بتقديم طلب إعلان المنفعة العامة.
ü
أما بالنسبة لباقي
الاشخاص المعنويين، فإن الجهاز المسير هو الذي يتقدم بطلب إعلان المنفعة العامة للتمكن
من متابعة مسطرة نزع الملكية.
ü
أما إذا تعلق الأمر
بشخص طبيعي ذاتي، فهو أيضا يتولى بنفسه تقديم طلب في الموضوع أو بمبادرة من السلطة
المتعاقدة معها او الملتزم بها.
وهكذا فالطلب الذي يتقدم به الجهات
المشار إليها سابقا، يوجه إلى السلطة المختصة باقتراح إعلان المنفعة العامة[27].
ب: اقتراح إعلان
المنفعة العامة:
ينص الفصل الأول من المرسوم التطبيقي
لقانون 7.81، على أن إعلان المنفعة العامة، يتم بموجب مرسوم يتخذ باقتراح من الوزير
المعني باأمر، ويعتبر هذا خطوة إيجابية انتصر فيها قانون 7.81 مقارنة مع ظهير 1951
المتعلق بنزع الملكية سابقا، والذي لم يبين الجهة الي تقوم بالإقتراح. إلا أن عبارة
وزير معني بالأمر جاءت واسعة تحتاج من إلى تحليلي في ثلاث حالات:
- الحالة الأولى: يقصد بالوزير المعني بالأمر، الةوير الذي يوجد على رأس الوزارة
التي تتولى إنجاز المشروع الذي ستنزع الملكية لأجله، فمثلا إذا تم الشروع في نزع الملكية
الخاصة لأرض لأجل شق طريق، يقتضي أن يتم باقتراح من وزير التجهيز.
- الحالة الثانية: يقصد الوزير المعني
بالأمر، الوزير الذي تثبت له الوصاية بهذه الكيفية أو تلك[28]، فوزير المالية هو المعني بالأمر كلما تعلق الأمر بنزع ملكية لصالح ملك الدولة
الخاص لبناء مدرسة مع العلم ان هذه القطاعات تهم وزارة التعليم والتربية الوطنية، بالإضافة
إلى وزير الداخلية هو الذي به حق الوصاية على الجماعات،هو الوزير المعني باقتراح نزع
الملكية لصالح هذه الجماعات.
- الحالة الثالثة: يقصد بالوزير المعني،
الوزير الذي يشرف على قطاع يتقار ب مع موضوع المشروع الذي ستنزع الملكية لأجله،
خاصة بالنسبة للأشخاص الطبيعيين و المعنويين الخاضعين للقانون الخاص.
2:صياغة مقرر إعلان المنفعة العامة.
إن إعلان المنفعة العامة في القانون
المغربي يتم بمرسوم يتخذخ رئيس الحكومة، بناء على الإقتراح الموجه إليه من جانب الوزير
المعني.
ويمثل إعلان المنفعة العامة من طرف
رئيس الحكومة إحدى أهم الأدوات القانونية التي يمتلكها لمراقبة مختلف الأنشطة الإدارية،
ذلك أن رئيس الحكومة يصادق مسبقا بمرسوم على كافة العمليات العقارية المنجزة باسم الدولة
والجماعات الترابية، وبسبب الإنعكاسات الإقتصادية والمالية للعمليات العقارية فإن المصادقة عليها تشكل أداة تنسيق بالغة الأهمية بين
يدي رئيس الحكومة[29].
وعمليا، فإن الوزير المعني بالإقتراح،
يقوم بتوجيه مشروع القرار الواجب اتخاذه وتصميم المنطقة التي ستنزع ملكيتها مرفوقين
بمذكرة، تقدم إلى الأمانة العامة للحكومة، قصد التوقيع عليه من طرف رئيس الحكومة، ويجب
أن يتضمن المشروع:
_ تحديد موضوع نزع الملكية بكيفية واضحة
تفاديا لصعوبات في التأويل قد تحدث فيما بعد وقد تستلزم إعلان منفعة عامة من جديد.
_أرقام الرسوم العقارية ومطالب التحفيظ
المراد نزع مليكيتها وكذا الأسماء الصحيحة لهذه الأملاك، كما هي مثبتة بالسجلات العقارية.
_هوية وعنوان الملاك وأصحاب الحقوق
العينية او الدعاوى العينية.
والسؤال المطروح، هو هل يوجه الملف
بعد أن يكون جاهزا إلى الأمانة العامة للحكومة دون قيد أو شرط؟
كإجابة على هذا التساؤل، سنستعرض
حالتين:
§
في ظل ظهير 1951 كان
يفرض على نازع الملكية استشارة بعض الوزارات في مقدمتها وزارة الداخلية قبل توجيه الملف
للأمانة العامة للحكومة، حينما يقرر مقرر إعلان المنفعة العامة، الأملاك التي ستنزع
ملكيتها.
§
أما في ظل قانون
7.81 فقد اكتفى بفرض استشارة وزير الداخلية
في الحالة التي يتخذ فيها من طرف رئيس المجلس الجماعي، أو عامل العمالة و الإقليم،
مع العلم أن تلك الإستشارة[30] في الحالة التي يتعين
فيها مقرر إعلان المنفعة العامة الأملاك المقرر نزع ملكيتها مادام يعتبر هذا بمثابة
مقرر التخلي[31].
والملاحظ أن المراسيم المعلنة للمنفعة.
تحمل التوقيع بالعطف من طرف الوزارء الذين يقترحونها.
أما عندما يتعلق الأمر بعقار محفظ،
فهناك العديد من الإجراءات التي يجب القيام بها، بحيث يوجه نظير من مشروع المرسوم إلى
المحافظ على الأملاك العقارية، بواسطة المطلب المعتاد، وذلك من أجل تدوينه بالسجلات
العقارية، ويتم هذا التسجيل بكل من:
§
الرسم العقاري المعني
عندما يكون العقار محفظا؛
§
سجل التعرضات طبقا
لمقتضيات الفصل 84 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري عندما يكون العقار
المنزوعة ملكيته في طور التحفيظ؛
§
كتابة الضبط بالمحكمة
الإدارية الموجودة بدائرتها موقع العقار، بالنسبة
للعقارات غير المحفظة؛
وفي الأخير يوجه الملف إلى المطبعة
الرسمية بالإعلان، وإيداع مشروع المرسوم ويدرج
في وثيقة واحدة، وذلك قصد نشره، وبعد ذلك تقوم
الوزارة المعنية بالإجراءات التالية:
_ العمل على نشر الإعلان بجريديتين للإعلانات القانونية، مع الإشارة إلى مراجع
الجريدة الرسمية التي نشر بها المرسوم
وتأسيسا على كل هذا، فاتخاذ مقرر
إلان المنفعة العامة يتم وفق مسطرة إدارية غير قضائية، تتوزع بين الإقتراحات والإستشارات،
وكذا أبحاث علنية، كما تتعدد الجهات المتدخلة والمشاركة في إعلان المنفعة العامة،بصياغة
مقرر إداري في شكل مرسوم.
3:أثار مقرر إعلان المنفعة العامة.
إن الأثار المترتبة عن اتخاذ مقرر
إعلان المنفعة العامة تشمل مستويين:
أ: تعيين المنطقة اللازمة لإنجاز المشروع
ينص الفصل 6 من القانون 7.81 تعلن
المنفعة العامة العامة بمقرر إداري يعين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها
ويمكن أن أن تشمل هذه المنطقة بالإضافة
إلى العقارات اللازمة لإنجاز المنشأت أو العمليات المعلن أنها ذات منفعة عامة، على
الجزء المتبقي من هذه العقارات وحتى على العقارات المجاورة لها إذا تبين أن نزع ملكيتها
ضروري لتحقيق هدف المنفعة العامة المنشود، وغذا كان إنجاز الأشغال يؤدي إلى زيادة ملحوظة
في قيمة العقارات.
فالأصل إذا أن المرسوم المعلن للمنفعة
العامة هو الذي يحدد المنطقة التي ستنتزع ملكيتها، لكن المشرع هنا غامض لأنه لم يبين
كيفية تحديد هذه المنطقة، فالعمل الإداري جرى على تبيان حدودها الأربعة الشمالية والجنوبية
والشرقية والغربية في مقرر إعلان المنفعة العامة، كما أنه يحال في شأنها على التصميم
الذي يضاف إلى أصل هذا القرار[33].
إن تحديد المنطقة يبقى من اختصاص
ناوع الملكية من خلال سلطته التقديرية، لكن هذا لا يمنع من أن نقول أن الفصل 6 من قانون
7.81 حدد بعض الضوابظ لتحديد المنطقة[34].
والقضاء ركز على أهمية التصميم
المرفق بمقرر إعلان المنفعة العامة، إذ صرح أن التصميم المرفق لمقرر المنفعة العامة
يشكل جزءا كليا من مقرر المنفعة العامة. ويكون الهدف منه هو ضبط مدى صحة المقرر ورقعة
الأشغال التي ستنجز، لهذا ففي حالة إغفال المقرر عن ذكر عقار معين، فإن ذكر في التصميم
يعتبر كافيا.
ب:إخضاع المنطقة المعينة لبعض القيود.
ينص الفصل 15 من قانون 7.81 على
أنه لا يجوز خلال سنتين تبتدئ من تاريخ نشر المقرر القاضي باعلان المنفعة العامة في
الجريدة الرسمس، إقامة أي بناء أو غرس أو تحسين في العقارات الواقعة داخل المنطقة المحددة
في المقرر المذكور دون موافقة نازع الملكية.
ولعل السبب الرئيسي من وراء ذلك
هو الحيلولة دون تحميل نازع الملكية مصاريف إضافية، فالقيام بالبناء أو غيره مما ذكر
بالعقارات التي تقع في المنطقة المحددة، يجعل قيمتها ترتفع.
إلا أن المشرع المغربي، قد ترك
الباب مفتوحا أمام نازع الملكية كي يوافق على القيام ببعض التحسينات او بعض البنيات
الضرورية متى تطلبت الظروف ذلك، كحالة بناء أيل للسقوط.
الفقرة الثانية: إتخاذ مقرر التخلي.
يعتبر اتخاذ مقرر التخلي ثاني إجراء
إداري يباشره نازع الملكية أو من يفوضه له ذلك، ويشكل بجانب مقرر إعلان المنفعة العامة
مظهر من مظاهر السلطة العامة حيث تعمل فيه على تحديد الأملاك العقارية بشكل دقيق ومفصل،
إلا أن إجراءاته تختلف عن إلان المنفعة العامة، وبمكن لنازع الملكية أن يستغني عن مقرر
التخلي، متى تكفل القرار الخاص بإعلان المنفعة العامة بصفة مباشرة بتعيين الأملاك التي
ستقع تحت وطأة إجراءات نزع الملكية. ومقرر التخلي كمقرر المنفعة العامة، إلا أنه يتخذ
من طرف سلطة غير تلك التي تتخذ مقرر إعلان المنفعة العامة.
1: الجهة المختصة بإصدار مقرر التخلي.
في كل من ظهير 31 غشت 1914 و
3 أبريل 1951، كان مقرر التخلي يتخذ من طرف الباشا أو القائد زذلك بناء على تقرير من
طرف الباشا أو القائد، أو بناء على اقتراح من الإدارة المعنية في الظهير الثاني، وكانو
ينصان على اتخاذ مقرر التخلي من طرف الوزير المعني بالأمر في حالة ما إذا تم إعلان
المنفعة العامة بواسطة ظهير.
أما بالنسبة للقانون الحالي
7.81، والذي وسع من دائرة الأشخاص الذين يصدرون مقرر التخلي، خاصة في الفصل الثاني
من المرسوم التطبيقي الصادر سنة 1981، وهؤلاء الأشخاص هم:
_رئيس المجلس الجماعي إذا كان القائم
بنزع الملكية هو الجماعة او أي شخص يفوض إليه ذلك؛
_عامل العمالة أو الإقليم إذا كان
القائم بنزع الملكية هو الجماعة او أي شخص يفوض له هذا الحق؛
_الوزير المعني بالأمر بعد استشارة
وزير الداخلية؛
وفي إطار الجهات الإدارية المختصة
في اتخاذ مقرر التخلي تطرح إشكالية جوهرية تخص المؤسسات العمومية المحلية عندما تكون
نازعة للملكية، حيث أن الفصل الثاني من المررسوم التطبيقي لم يشر أية إشارة إلى هذا
النوع من المؤسسات علما أن إنشاءها من اختصاص المجلس الجماعي أو العامل الذي يرأس مجلسها
الإداري.
فهل هذا معناه أن مقرر التخلي سوف
يتم اتخاذه من طرف الوزير المعني بالأمر؟
ما دامت إمكانية التفويض واردة
لصالح جميع الأشخاص المعنويين والخواص من طرف كل من رئيس المجلس الجماعي وعامل العمالة
أو الإقليم حسب الفصل 2 من المرسوم التطبيقي 16 أبريل 1981، فإن هذا النوع من المؤسسات
أولى بالتفويض مما يؤدي إلى القول بأنه لا داعي لاستصدار مقرر التخلي من طرف الوزير
المعني بالأمر.
أما من جانب الفقه، يرى أنه مادام
إعلان المنفعة يتم باقتراح من الوزير المعني بالأمر، فإنه من المفيد أن يسند حق اتخاذ
مقرر التخلي إلى هذا الوزير عندما يتعلق الأمر بالجماعات الترابية فهذه الاخيرة حسب
القانون الفصل 3 من قانون 7.81 تمارس حق نزع الملكية بدون أي تفويض وعلى قدم المساواة
مع الدولة.
2:أجال اتخاذ مقرر التخلي ومدة صلاحيته
بحكم إدارية القرارات الصادرة
في مجال نزع الملكية الخاصة لأجل نزع الملكية، فإن مدة صلاحيتها تحظى بأهمية كبيرة
نظرا لما يخلفه احترامها من انعكاس على المعنيين بها، وهذا ما يتجلى بوضوح في مختلف
القوانين التي تهم نزع الملكية سواء القوانين المنظمة لها بصفة خاصة أو عامة.
ففي الحالة التي تعلن فيها المنفعة
العامة طبقا للمسطرة المنصوص عليها في قانون نزع الملكية في الفقرة 1 من الفصل 17 من
القانون7.81 على أنه يحدد الأجل الذي يمكن أن تبقى خلاله الأملاك المعينة في مقرر التخلي
خاضعة لنزع الملكية في مدة سنتين ابتداء من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية أو عند
الإقتضاء تاريخ تبليغه.
وعليه، فإذا اتخذ مقرر إعلان المنفعة
العامة ثم تلاه مقرر التخلي [36]، فإن فإن المدة القصوى التي تظل فيها الأملاك خاضعة للارتفاعات هي أربع سنوات.
أما بالنسبة لصلاحية مقرر التخلي
في إطار قوانين التعمير، فإنها تطرح إشكال إذ عينت نصوص قوانين التعمير الأملاك المراد
نزع ملكيتها مع بيان مشمولاتها ومساحاتها، وأسماء من يحتمل أن يكونوا مالكين لها.
المطلب الثاني: المرحلة القضائية لنزع الملكية الخاصة لأجل
المنفعة العامة
إن هذ المرحلة تتخلها
دعويين: المرحلة الأولى تتجلى في الدعوى الإستعجالية
للإذن بالحيازة المؤقتة للملك مقابل التعويض الإحتياطي كفقرة أولى. والمرحلة الثانية
في الموضوع وترمي إلى نقل الملكية مقابل التعويض النهائي كفقرة ثانية.
تعتبر المرحلة القضائية أخر مرحلة
في مسطرة نزع الملكية الخاصة، وهي حاسمة في نقل الملكية من صاحبها الأصلي إلى نازع
الملكية باسم المنفعة العامة.
الفقرة الأولى: الدعوة الإستعجالية للإذن بالحيازة
1 : الإذن بالحيازة
نص الفصل 2 من قانون نوع الملكية
على أنه يتم نزع الملكية بحكم قضائي. ومهمة القضاء هي مراقبة سلامة الإجراءات التي
يباشرها نازع الملكية خلال المرحلة الإدارية والحكم بنزع الملكية مقابل تعويض عادل.
فمباشرة بعد إنتهائه من الإجراءات الإدارية المذكورة، يتعين على نازع الملكية اللجوء إلى المحاكم الإدارية للقيام بالإجراءات القضائية التي تشتمل على دعويين اولهما الدعوى الإستعجالية للإذن بالحيازة، ودعوى نقل الملكية وتحديد التعويض النهائي أمام قضاء الموضوع[37].
بإمكان طالب نازع الملكية العمل
على استصدار أمر بالحيازة مقابل تعويض مؤقت يدفع للمنزوعة أملاكهم. ويعد هذا المقتضى
في صالح الطرفين. فنازع الملكية لا ينتظر الحكم القضائي لنزع الملكية، والذي غاليا
ما يتطلب وقتا ليس بالقصير، للشروع في القيام بالعمل الذي من أجله تم تقرير نزع الملكية،
وفي مقابل هذا يستفيذ منزوع الملكية من مبلغ التعويض المؤقت، في انتظار الحكم له بتعويض
نهائي.
وقد أسند قانون نزع الملكية إختصتاص
الأمر بالحيازة لقاضي المستعجلات بنص الفصل 19 على مايلي يختص قاضي المستعجلات وحده للإذن بواسطة أمر في الحيازة مقابل دفع إيداع تعويض
احتياطي يعادل مبلغ التعويض الذي اقترحه نازع الملكية.
وعندما يلتمس نازع الملكية الحيازة
لا يجوز لقاضي المستعجلات رفض الإذن في ذلك
إلا بسبب بطلان المسطرة.
2: التعويض المؤقت.
بالنسبة للتعويض المؤقت، فبإمكان
نازع الملكية الحصول على الحيازة المؤقتة للملك المنزوع دون انتظار صدور الحكم النهائي
في الموضوع، ويتحقق له ذلك إما باتفاقه مع المالك أو بالإلتجاء للقضاء الإستعجالي،
وفي كلتا الحالتين معا، ومقابل تخليه عن ملكه، ضمن المشرع للمنزوع ملكيته حق الإستفادة
من تعويض مؤقت ريثما يحدد قضاء الموضوع التعويض النهائي[38].
الفقرة الثانية:دعوى الحكم بنقل الملكية والتعويض النهائي.
1: نقل الملكية.
لقد عهد المشرع بنقل الملكية
إلى القاض المختص، إلا أن دور هذا الأخير محدود بحيث يجوز له رفض نقل الملكية إلا إذا
لاحظ في المسطرة وجها من أوجه عدم المشروعية كمرور الأجل عند رفع الدعوى[39].
ويتم نقل الملكية بإيداع نازع الملكية
طلبا لدى المحكمة الإدارية[40] الواقع الملك في نفوذها خلال السنتين المواليتين لقرارنزع الملكية، فيتولى
رئيس المحكمة المختصة أو القاضي المفوض من قبله إصدار حكم يقضي بنقل الملكية.
2:تحديد التعويض.
إن تحديد مبلغ التعويض في الحكم
الصادر بنقل الملكية يعد من الضمانات الحقيقية لحق الملكية إلا أن السلطة القضائية
المختصة بذلك لا تملك الحرية المطلقة في هذا الصدد بل يتعين عليها احترام النصوص التي
تحدد بعض القواعد المنظمة لتقديم التعويض، كما يمكن لها أن تستعين برأي الخبراء المختصين
إذا ظهرت لها صعوبة في القدير:
§
يجب ألا يشمل إلا الضرر
الحال والمحقق الناشيء مباشرة من نزع المكلية، و إلا يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق
أو محتمل أو غير مباشر؛
§
يحدد قدر التعويض حسب
قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية دون أن تراعى في تحديد هذه القيمة البناءات
و الأغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع
الملكية منذ نشر أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك المقرر نزع ملكيتها؛
§
يجب ألا يتجاوز التعويض
المقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي، أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة
العامة المعين للأملاك التي ستنزع ملكيتها، ولا تراعى في تحديد هذه القيمة عناصر الزيادات
بسبب المضاربات التي تظهر منذ صدور مقرر التصريح بالمنفعة العامة، غير أنه في حالة
ما إذا لم يودع نازع الملكية في ظرف أجل ستة أشهر إبتداء من من نشر مقرر التخلي، أو
تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للعقارات التي ستنزع ملكيتها، المقال الرامي
إلى الحكم بنزع الملكية وتحديد التعويضات وكذا المقال الرامي إلى طلب الأمر بالحيازة،
فإن القيمة التي يجب ألا يتجاوزها تعويض نزع الملكية هي قيمة العقار يوم أخر إيداع
لأحد هذه المقالات بكتابة الضبط لدى المحكمة الإدارية[41].
§
يغير التعويض، عند
الإقتضاء، باعتبار ما يحدثه الإعلان عن الأشغال أو العملية المزمع إنجازها مع فائض
القيمة أو نقصانها بالنسبة لجزء العقار الذي لم تنزع ملكيته.
ويحدد قاضي نزع الملكية في حالة
وجود حقوق انتفاع أو استعمال أو سكنى أو غيرها من الحقوق المماثلة أو من نفس النوع،
تعويضا واحدا بالنظر لمجموع قيمة العقار، ويمارس المعنيون بالأمر حقوقهم كاملة في الحصول
على ميلغ التعويض[42].
أما في الحالة التي يشغل
العقارات المنزوعة ملكيتها عدة مكترين وذلك بصفة قانونية، مصرح بهم على إثر البحث الإداري
أو مقيدين بصفة قانونية في السجلات العقارية فإن نازع الملكية يتحمل منح التعويضات
الواجبة لهم أو عند الإقتضاء تمكينهم من عقار أخر إذا كان ذلك ممكنا[43].
وللزيادة في ضمانات أولائك المنزوعة
ملكيتهم فإن الإجتهاد القضائي المغربي في قرار المجلس الأعلى رقم 500 يتاريخ 7 ماي
1997 215 قد نص على أن الإتجاه الحديث في القضاء الإداري لا يكتفي بالنظر إلأى المنفعة
العامة المتوخاة من نزع الملكية نظرة مجردة، بل يتجاوز ذلك إلى النظر فيما يعود به
القرار من فائدة، تحقق أكبر قدر من المصلحة العامة.
ويمكن للقاضي الإداري في هذا المجال
أن يوازن بين الفوائد التي سيحققها المشروع المزمع إنشاؤه والمصالح الخاصة التي يمس
بها[44].
ويمكن تقييم قرار نزع الملكية
على ضوء مزاياه وسلبياته والمقارنة بين المصالح المتعارضة للإدارة والخواص في نطاق
المشروعية المخولة لقاضي الإلغاء عن طريق إجراء من إجارءات التحقيق كالخبرة مثلا.
وعليه، وجب أداء وإيداع التعويض
المحدد على أساس هذه المبادئ قبل حيازة الملك من لدن الإدارة طالبة نزع الملكية.
المبحث الثالث: الرقابة
القضائية على قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
كما أن للقضاء وظيفة الفصل في القضايا بين
الأفراد أو بين هذا الأخير و الدولة، فان المشرع خول كذلك للسلطة القضائية الرقابة على أعمال في الادارة تحمي حقوق المالك عن طريق التحقق و التأكد من احترام
السلطة النازعة للمسطرة الإدارية السابقة و كذلك لضمان تعويض عادل.
ومن البديهي القول أن الادارة لا يمكنها أن
تكون خصما وحكما في نفس الوقت، لذا كان لا بد على القضاء التخلص من هاجس المال
العام انصياعا لرغبات الادارة[45].
ونظرا الى
إرادة المشرع في التوفيق بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة خول للقضاء سلطة
الرقابة على أعمال و قرارات الادراة أثناء قيامها باجراءات نزع الملكية، ابتداءا
من المرحلة الادراية وصولا الى المرحلة القضائية
أخصع المشرع كما أشرنا سابقا
للقضاء سلطة الرقابة من أجل تلافي مظاهر تعسف الادارية كنازعة للملكية على
حقوق المنزوع ملكيته. وفي هذا الصدد فقد وردت
في الفصل 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية التي أحدثها بموجب قانون 90-41 المغير
و المتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 338-74-1 بتاريخ 15 يوليوز 1974 المعتبر بمثابة
قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة في هذا الاختصاص.
وتتوزع هذه
الرقابة بحكم ـ مميزات دعوى نزع الملكية بالمغرب ـ على كل من قضاء الإلغاء والقضاء
الشامل والقضاء الاستعجالي، وذلك حسب مجال كل واحد منهم. فالأول يختص بالنظر في طلبات
إلغاء المقرر المعلن عن المنفعة العامة ومقرر التخلي بسبب تجاوز السلطة، والثاني بالبث
في الطلبات الرامية إلى الحكم بنقل الملكية وتحديد التعويضات، و الثالث بالنظر في الطلبات
الرامية إلى الإذن بالحيازة المؤقتة للعقار.
غير أن هذه
الرقابة التي يقوم بها القضاء الإداري تتطلب
منا الوقوف على إشكالية مهمة تتلخص
فيما يلي: إلى أي حد استطاعت رقابة القاضي الإداري ضبط قرارات نزع الملكية في
إطار المنفعة العامة بشكل يحقق معادلة التوازن أهمية نزع الملكية و ضرورتها و بين حماية
حق الملكية و قدسيته؟
للإجابة
على هذه الاشكالية من جهة و معرفة أهمية الرقابة القضائية على أعمال الادارة
النازعة للملكية من جهة أخرى، تستدعي منا الضرورة تقسيم المبحث الى المطلبين الآتي
التطرق كل واحد منهم على حدة :
المطلب الأول: مظاهر
الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
من الأهمية
بمكان أن نعتبر الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
مكونا أساسيا له بهذا الخصوص، لكون أن رفض القاضي الإذن بالحيازة و نقل الملكية لنازع الملكية أو حكمه بعدم شرعية هذه القرارات
يحول دون استرسال نزع الملكية، هذا الدور الحاسم للقاضي الإداري جعل رقابته تتميز بمجموعة
من الخصائص، نذكر أهما:
متعددة: حيث
تمارس من طرف مختلف جهات القضاء الإداري كل في نطاق اختصاصه.
شاملة: بحيث
تمارس على جميع عناصر قرارات نزع الملكية سواء كان اختصاص الإدارة مقيدا أو تتمتع فيها
بسلطة تقديرية.ومن تم كيف تتمظهر هذه الرقابة على صعيد قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة
العامة؟
الفقرة الاولى: الرقابة الشكلية
/ الرقابة الخارجية
يقصد بالرقابة
الشكلية على قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة هي تلك التي تنصب على شكلياتها،
و التي تنقسم إلى قسمين، منها ما يتعلق بالعملية المسطرية ، و الأخرى ترتبط بالشكل
الخارجي الذي يتعين أن يكتسيه القرار .
وانسجاما
مع المبدأ القانوني المنصوص عليه في القانون 7.81[46]، تبلورت لدينا فكرة البحث في هذا الموضوع الذي يجمع بين طياته ثلاث دعاوي
أساسية، هي دعوى الطعن في المرسوم المعلن للمنفعة العامة، وكذا دعوى الاذن في
الحيازة بالاضافة الى دعوى نقل الملكية وتحديد التعويض، ولعل ما غذى فضول البحث
العلمي لدينا أكثر بخصوص الدور الرقابي للقضاء في مسطرة نزع الملكية[47].
وتتميز هذه الرقابة على مستوى قرارات نزع الملكية
بأنها تمارس من طرف مختلف الجهات القضائية الإدارية التي تتولاها[48]،[49] حيث
تلتقي حينا و تختلف أحيانا أخرى بحكم اختصاص كل جهة و الإجراءات التي تهم كل دعوى.
وترجع أهمية
هذه الرقابة القضائية للخطورة التي تطبع القرارات الادارية بالنسبة لمنزوعي
الملكية باعتبار القرار الاداري التعبير المباشر والمتميز بإرادته المنفردة، وبالتالي يتوجب على نازع الملكية أن
يدرس قرارته بعناية تامة و يتبع الإجراءات القانونية التي أوردها المشرع في النصوص
القانونية، ولما تتميز به هذه الرقابة على مستوى قرارات نزع الملكية بأنها تمارس من
طرف مختلف الجهات القضائية الإدارية التي تتولاها ، حيث تلتقي حينا و تختلف أحيانا
أخرى بحكم اختصاص كل جهة و الإجراءات التي تهم كل دعوى.
وهذا ما سنتناوله
من خلال رقابة قضاء الاستعجال و الشامل بحكم أنها تلقائية يثيرها القاضي من تلقاء نفسه
بعدما ترفع الدعوى من طرف نازع الملكية (أولا)، و رقابة قضاء الإلغاء و التي يمارسها
القاضي بعد ما ترفع الدعوى من طرف منزوع الملكية (ثانيا).
أولا: رقابة القضاء الاستعجالي و الشامل
تهتم هاتين الجهتين
القضائتين في هذا الصدد فقط على مراقبة الاجراءات
الشكلية التي يقوم بها نازع الملكية ما اذا كانت تحترم ماهو منصوص في القانون أم لا،
بالتالي يمارس اختصاصهم كقضاة شكل يفحصون مدى شرعية القرارات الادارية.
1.رقابة القضاء الاستعجالي
إذا كان حق الملكية من الحقوق المضمونة دستوريا
و عملية نزع الملكية تعتبرأ خطر اجراء يتعرض
له المالكون، كان لزاما لصيانة هذا الحق إمكانية الالتجاء لقضاء بأقل التكاليف و أسرع
المواعيد، فكان القضاء الاستعجالي كمسطرة مختصرة تمكن الأطراف في حالة الاستعجال من
الحصول على قرار قضائي في الحين معجل التنفيذ في نوع من القضايا لا يسمح تأخير البث
فيها دون أن تسبب ضررا محققا ، و ذلك بهدف تجاوز البطء الذي يكتنف وظيفة القضاء لما
تحتاجه من وقت طويل لدراسة الملفات و الحصول على جميع المعلومات و الاستماع إلى كافة
الأطراف و القيام بالإجراءات اللازمة (من خبرة و معاينة و الاستعانة بشهود.... )[50].
ويتجلى دور تدخل
القضاء الاستعجالي في مجال نزع الملكية في استصدار أمر بالحيازة لنازع الملكية مقابل
إيداع تعويض مؤقت يدفع للمنزوعة أملاكهم و ذلك حسب الفصل 19 من القانون 81-7 بعد أن يقوم القاضي بفحص مختلف الإجراءات المسطرية المنصوص
عليها في نفس القانون، و من تم فإذا لم يحترمها يحكم برفض الدعوى بسبب البطلان (الفقرة
الأولى من الفصل 24)، إذن كيف يكيف القاضي
هذا البطلان الذي يرفض الحيازة بسببه؟
إن البطلان الذي
يرفض بسببه قاضي المستعجلات الإذن بنقل الحيازة لنازع الملكية قد تناوله كل من الفقه
و القضاء.
ففقهيا، اعتبر
الأستاذ محمد النجاري أن المسطرة تكون باطلة طبقا لنصوص قانون نزع الملكية" إذا
لم تعلن المنفعة العامة من طرف الأشخاص المذكورين في الفصل الثالث أو تم نزع ملكية
العقارات المذكورة في الفصل الرابع، أو إذا لم يصدر مقرر إداري بتعيين المنطقة التي
يمكن نزع ملكيتها، أو صدر ولم يتخذ بشأنه تدابير الإشهار المنصوص عليها في الفصول
8، 9، 10، 11، 12.
أما قضائيا
لقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء أن"المقصود ببطلان المسطرة حسب الفصل
24 من قانون نزع الملكية هو تخلف إحدى الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 8 و ما يليه
من ذات القانون" فيكون طلب الإذن في الحيازة
ارض موضوع مرسوم نزع الملكية مقبولا متى تبين بان المسطرة المنصوص عليها في القانون
رقم 81-7 قد أنجزت وفقا لهذه المقتضيات .
وبناءا على ما
سبق، فحتى يتمكن طالب نزع الملكية من الشروع في إنجاز المشروع أو العمل الذي ينوي القيام
به دون انتظار الحكم القاضي بنزع الملكية و الذي يستغرق عادة وقتا طويلا، سمح له المشرع
بان يقدم إلى القضاء الاستعجالي طلبا يرمي إلى نقل الملكية من خلال مقال يرفقه بمجموعة
من الوثائق تضم مايلي
نسخة من المرسوم
المعلن لمنفعة العامة مع الإشارة إلى الجريدة الرسمية التي نشر بها.
* نسخة من شهادة التقييد في الدفاتر العقارية
متى تعلق الأمر بعقارات محفظة أو في طور التحفيظ.
* نسخة من شهادة التسجيل بكتابة الضبط بالمحكمة
الإدارية متى تعلق الأمر بعقارات غير محفظ.
* شهادة تثبت النشر و الإعلان .
* نسخة من سجل الملاحظات.
* نسخة من محضر اللجنة الإدارية للتقويم
وتكون جميع هذه
الشهادات عادة مطابقة للأصل و باللغة العربية، و إلا تحملت السلطة النازعة للملكية
عبء ترجمته.
وبالعودة إلى
الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الإدارية بخصوص الوثائق التي يتعين إرفاقها بالمقال
صدر عن إدارية مراكش أمر استعجالي عدد الوثائق الرفقة بالمقال و التي اعتبرها كأساس
لقبول طلب نقل الحيازة، و تتمثل في: "شهادة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة،
شهادة بإيداع و إعلان و نشر مشروع المرسوم ، شهادة النشر و الإيداع و التعليق، شهادة
بالنشر صادرة عن مدير المؤسسة، شهادة بالإعلان و الإيداع، محضر اجتماع اللجنة الإدارية
للتقييم ، التصميم، إعلان و إيداع مشروع المرسوم بجريدتي العلم الاتحاد الاشتراكي،
الجريدة الرسمية التي ورد بها مرسوم نزع الملكية، الجريدة الرسمية التي ورد بها مشروع
المرسوم، شهادة المحافظة العقارية[51]" ، و من ثم يجب عليه فحص تلك الوثائق بكيفية جدية وان يتحقق من سلامتها،
و أن أي ظهور أي خلل يفرض عليه الامتناع عن الأمر بنقل الحيازة، إذ هذه هي الإرادة
الصريحة والآمرة سواء للمشرع أو القضاء.
نماذج لأحكام استعجالية.
نلخص مضمون
المقال الاستعجالي في ما يلي:
المدعون قاموا بتاريخ 13 يناير 2006 في مدينة طنجة بطلب من المحكمة استصدار أمر للمدعى عليهم المتمثلة في مديرية
الأملاك المخزنية رفع اليد على مبلغ تعويض
عقار منزوع من المدعيين قيمته
41.179.500 درهم مودع لدى صندوق الايداع والتدبير وذلك من أجل
أن يصبح في متناول المدعيين. فأجاب صندوق الايداع والتدبير أن التعرضات المودعة
لديها تمت بموجب الفصل 30 من قانون نزع الملكية والمدعيين لم يدلو برسم لاثبات تملكهم للعقار المنزوع،
ومن كذلك مدير الأملاك المخزنية أجاب أن ما يطالب به المدعون لا يدخل في الحالات
الاستعجالية المنصوص عليها في المادة 148 من قانون المسطرة المدنية،ومن جهة أخرى
المدعيين لم يقدمو أي تعرض لدى مديرية الأملاك المخزنية برفع اليد عن المبلغ
المذكور داخل الأجل المذكور بعدما استكمل المدعي عليه اجراءات الاشهار. وبعد
التأمل بحكم القانون صرحت المحكمة انتهائيا
و حضوريا الحكم على المدعى عليها أي مديرية الأملاك المخزنية برفع اليد عن المبلغ
41.179.500 درهم المودع لدى صندوق الايداع والتدبير تحت حساب
بنكي وتحويله الى صندوق المحكمة الادارية
بتسليمها لمنزوعي ملكيتهم وفق المساطر
القانونية[52].
وكذلك صدر
عن المجلس الأعلى قرار بمناسبة نظره في طعن بالنقض ضد أمر يأذن بالحيازة، وقع
الدفع فيه بكون حالة الاستعجال غير متوفرة في النازلة، اعتبر فيه على أنه[53] "وفيما يخص عدم توفر حالة الاستعجال فإن المسطر بإذن الحيازة تعتبر
في حد ذاتها مسطرة استعجالية بقوة القانون وحالة الاستعجال مفترضة،وبالتالي لا
مجال في هذه الحالة للحديث عن مسطرة
الاستعجال ومناقشة النصوص الواردة في قانون المسطرة المدنية بخصوصها[54]".
وفي قرار صادر
عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قضى برفض طلب الطعن بالنقض ضد أمر بإذن الحيازة
صادر عن قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالدار البيضاء.
وقد اعتمد الطاعن
في أسباب الطعن بأن قاضي المستعجلات لم يجعل لقضائه أي أساس عندما قضى بالإذن بالحيازة
رغم وجود اختلالات في مسطرة نزع الملكية و المتمثلة في كون دعوى نقل الملكية وقعت خارج
أجل السنتين المنصوص عليها في الفصل 17 و أن حالة الاستعجال غير متوفرة في النازلة،
و اعتمد الطاعنون في ذلك تطبيق مقتضيات الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية أمام الغرفة
الإدارية باعتبارها مرجعا استئنافيا لأحكام المحاكم الإدارية.
إلا أن المجلس
الأعلى رفض طلب النقض معللا ذلك بما يلي:
فيما يخص تطبيق
الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية فإن هذه المقتضبات لا تطبق أمام الغرفة الإدارية
و هي تنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية، لأن المشرع حدد الفصول الواجب تطبيقها
من المسطرة المدنية أمام المجلس الأعلى في مثل هذه الحالات على سبيل الحصر، و ليس من
بينها الفصل 149 المشار إليه و التي الرئيس الأول المذكور البث كقاض للمستعجلات على
غرار رئيس المحكمة الابتدائية المسند إليه ذلك الاختصاص بمقتضى نفس الفصل.
وفيما يخص عدم
توفر حالة الاستعجال فان مسطرة الإذن بالحيازة تعتبر في حد ذاتها مسطرة استعجالية بقوة
القانون و حالة الاستعجال مفترضة، و بالتالي فلا مجال في هذه الحالة للحديث عن مسطرة
الاستعجال و مناقشة النصوص الواردة في قانون المسطرة المدنية بخصوصها.
وفيما يخص
الدفع بكون دعوى نقل الملكية لم ترفع داخل أجل سنتين، فقد جاء في القرار المذكور أنه
بالرجوع إلى الفصل 17 من قانون 81-7 فان أجل السنتين يتعلق بدعوى نقل الملكية و أن الدعوى الحالية هي دعوى نقل الحيازة وأن البث
في سقوط الحق بناء على هذا الدفع يخرج عن الإطار المحدد لهذه الدعوى".
ولهذا فان المجلس
الأعلى كثير الإلحاح على احترام الإدارة للإجراءات القانونية و الشكليات المتعلقة بمسطرة
نزع الملكية و الواردة فقط في القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية دون التوسع في
ذلك أو الإحالة على نصوص تشريعية أخرى، صحيح أن حالة الاستعجال مفترضة في نزع الملكية
لكن هذا لا يتنافى مع مناقشة مختلف الجوانب ذات العلاقة الوطيدة بالمركز القانوني لمنزوع
الملكية.
أما بخصوص تنفيذ
قرار الإذن بالحيازة و الذي غالبا ما يسبق صدور قرار نقل الملكية نظرا لطبيعة دعوى
نقل الحيازة و لرغبة نازع الملكية في انجاز المشروع ، فان القانون لم ينص على شكل معين
لهذا التنفيذ الذي يبقى بالتالي خاضعا لمقتضيات إجراءات التنفيذ الجبري للأحكام وفقا
للفصل 418 و ما يليه من قانون المسطرة المدنية، و هذا يعد غير كاف لحل مجموعة من الصعوبات
التي قد تعترض نازع الملكية لاسيما و إن طرق التنفيذ تترتب عنها آثارا قد تمس بالمراكز
القانونية للأطراف.
وتحسبا لذلك
تدارك المشرع الفرنسي هذه الثغرات و اخضع تنفيذ قرار نقل الحيازة لقواعد خاصة تشترط
إيداع التعويض المحدد، و بعد ذلك يتعين إخلاء الأماكن المنزوع ملكيتها داخل أجل شهرين
من تاريخ الإيداع أو الأداء. و هذا الأجل لا يمكن تعديله و لو من طرف القضاء و أنه
بعد مروره يشرع في الإفراغ من طرف نازع الملكية بصفته هاته، و في حالة قيام آية صعوبات
يحق لنازع الملكية الالتجاء إلى قاضي نزع الملكية، الذي يعد هو المختص في هذه الحالة
بالنظر في تلك الصعوبات، و يصدر بعد عرض النزاع أمامه قرارا في الموضوع، و هذا حل مقبول
لأنه يجعل دائما زمام الأمور في يد القضاء تفاديا لكل تجاوز[55]، فحبذا لو صار المشرع المغربي على
هذا النهج.
2.رقابة
القضاء الشامل
إن دعوى نقل
الملكية من أجل المنفعة العامة ترفع حسب ما يتضح صراحة من بعض النصوص الخاصة بهذه الدعوى
المضمنة في قانون نزع الملكية الجديد من طرف السلطة النازعة، فهي ترفع عادة على أصحاب
العقارات و الحقوق العينية موضوع ذلك النزع.
وهذه القاعدة
المشتركة بين دعوى الحيازة و دعوى نقل الملكية بحيث تكون السلطة العامة أو من يقوم
مقامها و في كافة الأحوال مدعية و يكون الخواص أصحاب الحقوق مدعى عليهم.
ويتعلق الأمر هنا بمرحلة أساسية لمرحلة نزع الملكية
حيث يكتسي نقل الملكية أهمية بالغة جعلت المشرع يعهد بالنظر فيه إلى القاضي، فنازع
الملكية لا يمكن أن يقتصر على دعوى استعجالية لنقل حيازة العقار و إنما يجب عليه بالإضافة
ذلك رفع دعوى موضوعية تتعلق بنقل ملكية ذلك العقار .
يتجلى دور القضاء الشامل في مراقبة المسطرة الإدارية
في تأكد القاضي من قيام نازع الملكية باستيفائه لإجراءات المسطرة الإدارية و المحددة
في قانون 81-7 من الفصل 8 إلى الفصل 16، و التي تتبدى في نشر مشروع مرسوم إعلان المنفعة
العامة و مشروع مقرر التخلي بالجريدة الرسمية و بعض الجرائد العادية و التبليغ في الحالة
التي تكون فيها الإجراءات المنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 اختيارية، إجراءات البحث
الإداري.
التساؤل
الذي يثيرنا هناك يكمن في ما جدوى مراقبة محكمة الموضوع لإجراءات المرحلة الإدارية
ما دام هذه الأخيرة كانت محل مراقبة دقيقة من قبل قاضي المستعجلات الذي يبقى أولا و
أخيرا أحد أفراد هيئة الموضوع ؟
إن انفصال الدعوى
الاستعجالية عن الدعوى الموضوعية و استقلال كل منهما بصريح الفصل 149 من قانون المسطرة
المدنية و صيغة الفصل 18 من قانون نزع الملكية ، يجعل من الضروري فرض رقابة مزدوجة
للمسطرة (من قبل قاضي المستعجلات و محكمة الموضوع)، إذ يمكن أن يكون القاضي المستعجل
مختصا و لو لم يكن هناك نزاع في الجوهر: حالة الاتفاق بالمراضاة حول نقل الملكية و
تحديد التعويض النهائي بعد إذن قاضي المستعجلات بالإذن في الحيازة. و العكس بالاتفاق
بالتراضي حول الحيازة و اللجوء إلى القضاء لنقل الملكية و تحديد التعويض النهائي. لكن
ما حدود رقابة محكمة الموضوع للمسطرة الإدارية ؟
إن قاضي الموضوع
يملك سلطات محددة للتأكد من استعمال الشكليات المتطلبة، فهو ليس مختصا بمراقبة ما إذا
استوفت هذه الإجراءات بطريقة قانونية أم لا. كما أنه ليس أهلا لمراقبة شرعية القرارات
الإدارية الصادرة في المرحلة الإدارية مسالة تدخل في اختصاص الغرفة الإدارية بالمجلس
الأعلى(محكمةالنقض حاليا)، فمناقشة ما إذا كانت عملية النزع لا تدخل في نطاق مفهوم
المنفعة العامة لا يتأتى إلا بالطعن في المقرر المعلن للمنفعة العامة أمام الجهة القضائية
المختصة عن طريق الدفع بالشطط في استعمال السلطة .
وعليه، يمكن القول أن قاضي نزع الملكية له اختصاص
مقيد، فهو إما أن يقرر نقل الملكية أو العكس يقوم برفضها حسب ما إذا كانت شكليات المرحلة
الإدارية مستوفية أم لا. يتعلق الأمر في نظر محكمة الاستئناف بالرباط بمراقبة الشكل
و ليس الجوهر".
وخاصية " الاختصاص المقيد" الذي يميز
الحكم في دعوى نزع الملكية يعطي للحكم القاضي بنقل الملكية طابعا خاصا يشبه أحيانا
بالقرار الإداري الشرطي من منطلق أنه يأذن بنقل الملكية من مالك إلى أخر، فهو قرار
انفرادي خاص يفقر منزوع الملكية و يغني نازع الملكية. فهذا القرار يتخذ بإرادة المشرع
- لأن القاضي لا يتمتع فيه بسلطة تقديرية - مغطى بحجية الشيء المقضي به، فهو بمثابة
قرار قضائي بحكم القانون ما دام في الواقع ليس هناك نزاع أو خصومة .
وعليه، فإذا
تبين للمحكمة أن طالب نزع الملكية قد احترم الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في ظهير
1982 فانه لا يسعها إلا أن تستجيب للطلب من أجل المنفعة العامة ، وبالمقابل فإذا لم
يدلي المدعي بالوثائق اللازمة رغم تكليفه بذلك يعرض مقاله لعدم القبول.
ثانيا: قضاء الالغاء
هنا يجدر بنا
أولا تعريف دعوى الإلغاء التي استقر الفقه والقضاء على تعريفها، بأنها دعوى قضائية
يرفعها أحد الأفراد أو إحدى الهيآت للقضاء الإداري للمطالبة بإلغاء أو إعدام قرار إداري
صدر مخالفا للقانون فدعوى الإلغاء باعتبارها دعوى مشروعية يكون موضوعها دائما قرارا
إداريا يفصل القاضي في مدى مشروعية أيا كانت السلطة التي أصدرت، ويمكن القول بأن دعوى
الإلغاء تعتبر بمثابة مخاصمة القرارا لإداري، ولا تخاصم فيها جهة الإدارة، بمعنى أن
الطعن يوجه أصلا للقرار الإداري وليس للسلطة الإدارية التي أصدرت[56].
هي تلك الرقابة
التي يمارسها قاضي الإلغاء عندما يرفع منزوع الملكية الدعوى إلى المجلس الأعلى لإلغاء
إحدى هذه القرارات ـ سواء كان مرسوم نزع الملكية أو مشروع مرسوم أو مقرر التخلي ـ لأنها
غير مشروعة. و عليه، فالرقابة الشكلية لقضاء الإلغاء تتمظهر في مجال نزع الملكية عندما
يحكم القاضي بعدم شرعية القرار لأنه يتضمن احد عيوب الشرعية الخارجية.
وتتميز هذه الرقابة
بكونها مقيدة على غرار رقابة قضاء الاستعجال و الشامل، لأن قاضي الإلغاء يراقب من خلالها
اختصاصا مقيدا لنازع الملكية حدد فيه المشرع الأشخاص المختصين بإصدار هذه القرارات
و نطاقها زمنيا و مكانيا و موضوعيا و كذلك الأمر بالنسبة للشكل حيث إن الإجراءات المسطرية
و طبيعة القرار محددة[57].
أ. عيب الاختصاص
وقد ميز الفقه
بين مجموعة من صور عيب الاختصاص، و التي سنتناولها من خلال الحالات التي تهم بحثنا:
·
عيب عدم الاختصاص المكاني: و ذلك عندما يصدر قرار إداري في نطاق الإقليم أو
المنطقة المحددة للسلطة التي أصدرته، و إذا كان الاختصاص المكاني لا يطرح بالنسبة للقرارات
المعلنة للمنفعة العامة ما دامت أنها تتخذ من طرف سلطة وطنية أي الوزير الأول حيث إن
أثرها يمتد إلى كافة أنحاء البلاد، فان هذه الفرضية ممكنة في مقررات التخلي إذ يمكن
أن يتخذه رئيس المجلس الجماعي في نطاق تراب جماعة غير جماعته.
·
عيب الاختصاص الزماني: و مضمونه أن تتخذ
سلطة إدارية خارج مدة تقليدها للاختصاص أو خارج الأجل القانوني. و بخصوص هذه النقطة
الأخيرة يلاحظ أن المشرع المغربي لم يقيد الإدارة بإصدار اجل معين لإصدار مقررات المنفعة
العامة فيبقى لها أن تتدخل أو لا تتدخل و ذلك مما يدخل في سلطتها التقديرية بشرط أن
لا يشوب تصرفها هذا أي عيب من العيوب الأخرى المبررة للإلغاء، لكن بالنسبة لمقررات
التخلي المستقلة فقد ضرب المشرع أجالا محددا لإصدارها تحت طائلة بطلان المقررات الإدارية
المعلنة للمنفعة العامة هي سنتين من تاريخ إصدار هذه الأخيرة[58] .
ويمكن تصور
الحالة الأولى لعيب عدم الاختصاص الزمني في موضوع نزع الملكية عندما يصدر الوزير الأول
مرسوما يعلن فيه أن المنفعة العامة تقتضي القيام بمشروع معين، وذلك بعد انتهاء مدة
تقليده لهذا المنصب مثلا و هو أمر مستبعد جدا على أن هذه الحالة يمكن أن تكون مجالا
خصبا لدعاوي إلغاء مقررات التخلي المستقلة عن قرارات إعلان المنفعة العامة متى صدرت
من لدن رؤساء المجالس الجماعة بعد انتهاء مدة ولايتهم.
o
اغتصاب السلطة: و تتمظهر في مجال نزع الملكية إذا ما صدر القرار المقرر للمنفعة
العامة من شخص ليست له أي صفة إدارية أو إذا صدر من سلطة ليس من اختصاصها إصداره كما
لو صدر من السلطة القضائية مثلا، و يكون عيب عدم الاختصاص في حالات اغتصاب السلطة جسيما،
وإذا ما صدر القرار المعلن للمنفعة العامة في هذه الصور فانه فيعتبر في حالة العدم.
ومما تجدر الإشارة إليه أن تضمين عبارة " تنزع
الملكية..." في المرسوم أو المشروع المرسوم لا يتعارض ما نص عليه الفصل 2 من القانون
رقم 81-7 من كون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة يتم بمقتضى حكم قضائي كما لا يعتبر
تطاولا على اختصاص القضاء الشامل و هذا ما أكدته الغرفة الإدارية حينما صرحت بأنه لا
يوجد في المرسوم المعلن للمنفعة العامة مايفيد ممارسة أي من الاختصاصات القضائية المشار
إليها في الفصلين 18 و 19 و لم يتعد مجال اختصاص الإدارة إعلان المنفعة العامة و تعيين
العقارات اللازمة لانجاز المشروع[59].
ب: عـيـب الشكــل
لكل قرار إداري شكليات معينة يصدر وفقها،
عادة ما تكون مفروضة بنصوص قانونية أو عن طريق المبادئ العامة للقانون.
وأهم ما يمكن ملاحظته بالنسبة لقرارات نزع الملكية
كون عيب الشكل، وعلى عكس عيب الاختصاص، كثيرا ما يلجا إليه ليس فقط بالنظر إلى الشكليات
التي ترتبط بالتصريح بالمنفعة العامة في حد ذاته ، ولكن بالنظر أيضا إلى الإجراءات
التي تكون سابقة عن اتخاذ هذا الأخير .
ومن مظاهر رقابة قضاء الإلغاء على
شكليات قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة ما تناوله في أحكامه القضائية، ففيما
يخص:
• عدم تضمين المشروع لفظة " و باقتراح من الوزير المعني بالأمر" : فيما يخص مشروع المقرر المعلن عن المنفعة العامة
و التخلي، وكما سبقت الإشارة إلى ذلك فان السلطة المختصة لما تتخذ المقرر المعلن عن
المنفعة العامة و تحدد فيه الأملاك التي يشملها نزع الملكية يصبح مقررها بمثابة مقرر
التخلي و تصبح ملزمة باحترام شكليات معينة، أهمها نشر مشروع المرسوم في الجزء الثاني
من الجريدة الرسمية المتعلقة بالإعلانات القانونية و القضائية و الإدارية، لكنها و
هي تقوم بذلك قد تغفل تضمين المشروع لفظة " و باقتراح من الوزير المعني الأمر
"مما يفتح الباب على مصراعيه لكل متضمن من عملية نزع الملكية للطعن في المشروع
المذكور.
وعلى الرغم من دفع السلطة النازعة
للملكية بعدم تطبيق الفصل الأول من مرسوم 15 ابريل 1983 لكونه يتعلق بالمرسوم الذي
يتم نشره بالجريدة الرسمية الجزء الأول، أي النشرة العامة و ليس بمشروع المرسوم ، فان
الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قد فصلت في الخلاف من خلال مجموعة قضايا عرضت عليها
حيث صرحت بان المشروع الذي لم يتضمن لفظ باقتراح من الوزير المعني بالأمر[60]، يكون معيبا شكلا، و تبعا لذلك معرضا للإلغاء مبررة ذلك بكون هذا الإجراء يعتبر
جوهريا لإشراكه المصالح المعنية بالأمر في المصالح بالأمر في العملية المقصودة و لتوفره
على مجموعة من الضمانات يؤدي الإخلال بها إلى المساس بحقوق الأفراد الأمر الذي يخضعه للمراقبة و يجعله معيبا شكلا لعدم
إشارته إلى عبارة "و باقتراح من الوزير المعني بالأمر".
غير أن ما ينبغي
الإشارة إليه هو أن الطعن في مشروع المقرر المذكور على ضوء اتجاه المجلس الأعلى ليست
له أية أهمية قانونية، و يعتبر طعنا غير مجد حتى في حالة إلغاء المشروع ما دام المجلس
المذكور قد اعتبر من جانب بان المشروع مستقل عن المرسوم و أكد بان تدارك العيب الشكلي
عند إصدار هذا الأخير يجعله سليما، و من جانب آخر اقر بالمسطرة السابقة عن اتخاذ المرسوم،
و هذا ما يوجد في العديد من قرارات الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى التي عللت ذلك بعدم
وجود ما يمنع الإدارة من تلافي الخلل الذي وقع في المشروع الذي ألغاه المجلس الأعلى
لعيب الشكل و إصدار مقرر جديد تتوفر فيه الشروط المحددة قانونا و تلافي جميع العيوب
السابقة.
وهذا ما يلمس
يوميا، بحيث إن السلطة نازعة الملكية لا تعير أي أهمية لأحكام إلغاء مشاريع مراسيم
إعلان المنفعة العامة و ظلت تواصل إجراءات نزع الملكية ما دامت قد تلقت الضوء الأخضر
من قضاء الإلغاء الذي لم يطبق القاعدة الفقهية "ما بني على باطل فهو باطل"
مقررا بذلك السلطة النازعة بحقها في الاحتفاظ بالإجراءات المتخذة في ظل مشروع المرسوم
و إصدار مرسوم تتدارك فيه الاختلالات التي شابت المشروع .
• النشر و إجراءات
التوقيع : يعد التوقيع شرطا لوجود القرار المادي، غير أن المجلس الأعلى اعتبر أن غياب
التوقيع لا يعني البطلان التلقائي و إنما يتم تلافيه كلما وجدت قرائن أخرى يستدل بها
على وجود القرار، ففي الطعن الذي تقدم به السيد المجاد محمد بن عباس و من معه ضد قرار
السيد الوزير الأول و الذي هو عبارة عن مشروع مرسوم بإعلان المنفعة العامة و نزع الملكية
دفعت الإدارة بعدم قبول الطلب لأن الأمر يتعلق
بمجرد مشروع مرسوم يفتقر إلى توقيع الوزير الأول و هو ما رفضه المجلس الأعلى مصرحا
بما يلي :"...لكن من جهة حيث إن مشروع المرسوم المشار إليه قد صدر بالجريدة الرسمية
عدد 3933 بتاريخ 16 مارس 1988 الأمر الذي يضفي عليه طابع الرسمية.....و أن عدم نشره
مذيلا بإمضاء الوزير الأول لا يجرده من رسميته ...."، كما انه لا يشترط وجود التوقيع إلا في الوثيقة الأصلية
للقرار لا في نسخته حتى لو كانت صادرة عن نسخته حتى لو كانت صادرة عن نفس السلطة. فقد
اعتبر المجلس الأعلى أن نشره مذيلا بتوقيع الوزير الأول لا يجرده من رسميته "
سيما وان الأمر لا يتعلق بأصله بل بنسخة منه[61].
الفقرة الثانية: الرقابة الموضوعية / الرقابة
الداخلية
الرقابة
الموضوعية تتمثل في الرقابة التي يمارسها المجلس الأعلى على العناصر الداخلية
للقرارات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وذلك نظرا للسلطة
التقديرية التي تملكها الادارة بالتالي أحدث مصلحة جديدة للتوفيق بين مصالح
الجماعة من جهة ومصلحة خاصة للفرد من جهة ثانية. يمكن أن نعتبر الادارة الجديدة
التي يجسدها القضاء لقيامه برقابة على أعمال الادارة لتلافي الشطط في استعمال
سلطتها اتجاه المواطنين المنزوعي الملكية، وعليه
، فالرقابة القضائية على الوقائع في دعوى الإلغاء ضمانة هامة و أساسية لتحقيق
مشروعية تصرفات الإدارة و خضوعها لحكم القانون من جهة و حماية حقوق الأفراد و حرياتهم
من جهة أخرى.ومن أجل تحقيق هذه الغاية ابتدع القضاء نظرية الموازنة ليواجه به حالات
امتناعه عن رقابة الوقائع في قرارات إعلان المنفعة العامة في مجال نزع الملكية، بل
و يتجاوز نطاق هذه الحالات لينفذ إلى صميم التقدير الإداري ذاته و يسلط رقابته على
مجالات جديدة في العمل الإداري. و كل مخالفة للقانون أثناء اتخاذها لقرار تنفيذي تشكل
عيبا في موضوع القرار الإداري المتخذ تستوجب إلغاء القرار الإداري المطعون فيه.
إن عناصر المشروعية
الداخلية تتمظهر بالإضافة إلى عيب الانحراف في السلطة في كل من عيب السبب و المحل.
أولا: عيب السبب و المحل
السبب كركن من
أركان القرار الإداري، يعرف أنه الحالة الواقعية أو القانونية التي تسبق القرار و تدفع
الإدارة إلى إصداره.
1.عيب السبب
الأصل، أن
الادارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها أي بتضمينها الأسباب التي قامت عليها، غير أن
القانون قد يشترط ذلك بالنسبة لبعض القرارات.وفي هذه الحالة يجب على الادارة ذكر
سبب القرار، فاذا أغفلت هذا الاجراء كان قرارها معيبا من حيث الشكل[62].
والسبب في قرار تقرير المنفعة العامة هو حالة
قانونية تعرض للإدارة فترى أن عليها أن تتدخل استنادا إلى وقوعها و تصدر قرارها لمواجهة
هذه الحالة. و مثال ذلك أن ترى الإدارة أن تنشأ طريقا عاما وأن توسعه و أن تمد خطا
حديدي...
وعليه فالقاضي
في دعوى الإلغاء يمارس رقابته على سبب القرار الإداري من جانبيه الواقعي و القانوني،
حيث يفحص الواقعة التي تقيم عليها جهة الإدارة قرارها ليتأكد ما إذا كانت موجودة فعلا
أو غير موجودة، ثم يتأكد بعد ذلك و على فرض ثبوتها مما كانت صحيحة أو غير صحيحة، و
إلى جانب ذلك فهو يفحص الحالة القانونية التي تقيم عليها الإدارة قرارها ليتأكد ما
إذا كان التكييف القانوني الذي تضيفه الإدارة على الواقعة سليما أم غير سليم. و أخيرا
تأتي الرقابة على أهمية وخطورة السبب و مدى التناسب بينه و بين القرار المتخذ على أساسه.
مبدئيا، فالإدارة
ليست ملزمة بذكر الأسباب تدخلها و إصدارها للقرارات الإدارية، وان كانت لهذه القاعدة
استثناءات تفرضها بعض القوانين التي تتطلب ذكر السبب و هو ما ينطبق على حالة نزع الملكية
حيث يكون مقرر إعلان المنفعة العامة مرفقا ببيان للمشروع المزمع اعتباره من المنفعة
العامة و المشرع في هذه الحالة قد ربط القرار بسببه القانوني فتكون سلطة الإدارة مقيدة
بالسبب المحدد مقدما لإصدار قرارها و إلا كان تصرفها غير مشروع و أصبح قابلا للإلغاء.
وعليه، فهذا الركن يعتبر قيدا على الإدارة وضمانا
لحقوق الأفراد و حرياتهم كما يعد من أهم المجالات التي تباشر الإدارة فيها سلطتها التقديرية.
فإذا كان الوجود المادي و القانوني للسبب و التكييف القانوني للوقائع كلها عناصر مقيدة،
فان مدى الخطورة الناجمة عن السبب تشكل مجالا هاما لممارسة السلطة التقديرية. ورغم
تداخل هذا العنصر مع باقي أركان القرار الإداري فان الرأي الراجح و المتفق عليه اليوم
هو الاعتراف بعيب السبب باعتباره عيبا مستقلا عن أوجه الإلغاء الأخرى ذات العلاقة به
مثل عيبي مخالفة القانون و الانحراف بالسلطة[63].
2.عيب المحل
إن موضوع القرار
الإداري يرتبط ارتباطا وثيقا بمبدأ المشروعية و هذا ما يحتم ضرورة خضوع الإدارة للقانون
في كل تصرفاتها ، و كل مخالفة للقانون أثناء
اتخاذها لقرار تنفيذي تشكل عيبا في موضوع القرار الإداري المتخذ أو عيب مخالفة القانون
و يعتبر عيب الموضوع مدخلا فسيحا لمراقبة مشروعية القرارات الإدارية حيث انه كلما تم
خرق قاعدة قانونية أو خرق روحها إلا و يصرح القاضي الإداري بإلغاء القرار الإداري المطعون
فيه.
وعيب المحل
في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة يميز بين محل القرار المعلن للمنفعة العامة
الذي هو نقل ملكية من يمسهم القرار إلى ملك نازع الملكية و بين محل إجراءات نزع الملكية
المتمثل في الاستيلاء الفعلي على هذه الملكية.
ويشترط في المحل
أن يكون ممكنا قانونا و غير مخالف لأية قاعدة قانونية، و يؤخذ القانون هنا بمعناه العام
المتمثل في مختلف مصادر الشرعية، و تتخذ هذه المخالفة إحدى الصور الثلاثة الآتية:
- التنكر لقاعدة
قانونية.
- الخطأ في تأويل القاعدة القانونية.
- الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية على الواقع.
فكل قرار معلن
للمنفعة العامة يمكن أن يتعرض للإلغاء إذا قرر القضاء مخالفته للقانون، و بذلك يعتبر
عيب مخالفة القانون أو عيب القانون مدخلا فسيحا يمكن عن طريقه مراقبة شرعية القرارات
الإدارية خصوصا في ميدان نزع الملكية أمام القضاء بصفة واسعة.
ومحل مقرر التخلي هو نفس محل قرار إعلان المنفعة
العامة ما دام الأول يفسر و يحدد مقتضيات الثاني (أي يشير بدقة إلى الأملاك المعنية
بقرار إعلان المنفعة العامة مع ذكر المعلومات المتعلقة بها). و تبعا لذلك فان مقرر
التخلي يجب أن يكون مطابقا لمقتضيات مرسوم المنفعة العامة و إلا اعتبر مخالفا للقانون
و أمكن الطعن فيه عن طريق الإلغاء. و بطبيعة الحال فان السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح
هو مدى إمكانية إلغاء مقرر التخلي المستقل عن قرار إعلان المنفعة العامة إذا كان مشوبا
بإحدى عيوب الشرعية المذكورة. و في حالة ما إذا أمكن، ما مصير قرار إعلان المنفعة العامة
بعد إلغاء مقرر التخلي؟ و هل يمكن أن يصدر مقرر للتخلي جديد بعد ذلك؟ يمكن التساؤل
كذلك عن مآل مقرر التخلي المتخذ بصفة مستقلة عن المقرر المعلن للمنفعة العامة عندما
يتم إلغاء هذا الأخير دون أن ينصب الطعن عن مقرر التخلي؟ انه و إن كان أثار الإلغاء
شاملة تلحق أيضا القرارات المتولدة عن القرار الذي تم إلغاؤه، فان هذا لن يمنع قاضي
نزع الملكية من التشبث بمقرر التخلي على أساس أن الإلغاء لم يشمله ثم يبني عليه حكمه
بنقل الملكية و الإذن بالحيازة دون إمكانية لأي طعن في أحكامه و هو ما يعد ثغرة قانونية
ينبغي سدها.
أيضا مسالة الآجال المقررة في القانون سواء لاتخاذ
مقرر التخلي المنفصل عن قرار المنفعة العامة أو لرفع دعوى نزع الملكية بشقيها الاستعجالي
و الموضوعي يترتب على عدم احترامها و عدم التقيد بها خرقا للقانون.
ثانيا : عيب الانحراف في استعمال السلطة
يتحقق هذا
العيب عندما تصدر الادارة قرارا اداريا لتحقيق غرض أو غاية غير تلك التي حددها
القانون، فهو عيب موضوعي كذلك يتعلق بالبواعث والأهداف غير المشروعة،يصبح على عاتق
القضاء مهمة اكتشافها،وهي مهمة صعبة ودقيقة[64].
يحصل عيب في
الانحراف عندما يقوم مصدر القرار الإداري في إطار الاختصاص المخول له بإصدار قرار إداري
غير انه يهدف إلى هدف غير الذي تخوله له سلطاته .
وإذا كان من المقرر أن يهدف كل عمل إداري إلى
المصلحة العامة، فان هذا قد لا يتم احترامه، الشيء الذي يفتح المجال في نطاق استعمال
القضاء لسلطته التقديرية من بسط رقابته على العمل الإداري. و عليه، فإذا لم يتم الالتزام
بغاية مقررات إعلان المنفعة العامة و التي هي إخراج مشروع معين إلى حيز الوجود فان
ذلك يجعلها مشوبة بعيب الانحراف في استعمال السلطة.
ويتحقق هذا العيب في مجال نزع الملكية في مظهرين
أساسيين، هما:
1 . الانحراف عن الغاية
وهو يتمظهر في
: الانحراف عن المصلحة العامة: يتحقق الانحراف في استعمال
السلطة في شكل الانحراف عن المصلحة العامة عندما يتخذ قرار إعلان المنفعة العامة و
من ورائه قرار نزع الملكية من اجل تحقيق مصلحة شخصية عوض تحقيق المصلحة العامة و التي
تهدف إليها الإدارة، فعيب الانحراف يبدو واضحا إذا استعملت جهة الإدارة سلطتها هذه
بقصد تحقيق نفع شخصي أو إذا استعملت جهة الإدارة سلطتها التقديرية لتحقيق غرض سياسي:
o
تحقيق المصلحة الشخصية: كأن يكون قرار إعلان المنفعة العامة متخذا لأجل تحقيق
أغراض خاصة لنازع الملكية كشق طريق توصل إلى ملكية خاصة بدون توفر الأسباب الضرورية
لذلك. و يستوي في هذه الحالة كذلك اتخاذ جهة الإدارة ذلك لتحقيق نفع شخصي لمصدره أو
شخص أو أشخاص على حساب آخر، كما لا يقتصر المجال على تحقيق مصالح خاصة متعلقة بالعائلة و الأقارب أو ما يسمى بالمحسوبية
العائلية.
وعلى سبيل المثال ما قضى به مجلس الدولة الفرنسي من بطلان
قرار نزع الملكية الصادر من إحدى المجالس المحلية مدعيا انه يهدف إلى تطوير رياضة
"الفروسية" بقصد الاستعداد للألعاب الاولمبية بينما هو يهدف في حقيقته خدمة
المصالح الخاصة لأحد نوادي الفروسية الواقعة بالمنطقة. و في السياق أفتى مجلس الدولة
المصري بأنه لا يجوز للإدارة أن تلجا إلى نزع الملكية لمجرد كسب مادي[65] .
o
تحقيق أغراض سياسية : أي ما يعرف بالمحسوبية السياسية، و تعطي نماذج نزع الملكية
التي تقدم عليها الجماعات المحلية الأمثلة الواضحة عن الانحرافات التي يمكن أن تحصل
من جهتها و هي تستخدم هذا الامتياز، إذ قد تحيد الجماعة عن الهدف من نزع الملكية بحيث
تقصد تحقيق أغراض لا تمت لصالح العام بصلة أو تغلب في اختيار في مواقع مشاريعها أو
الأملاك المقرر نزع ملكيتها اعتبارات سياسية محضة . فكثيرا ما تتخذ المنفعة العامة
المعلنة لإجراء نزع الملكية وسيلة للانتقام من الخصوم السياسيين ، فالاعتبارات حزبية
ضيقة تلجا المجالس الجماعية و من قبلها رؤسائها إلى استخدام هذا السلاح للانتقام من
منافسهم دون أن يكون هناك اعتبار للمصلحة العامة و النفع العام اللذان يعتبران الهدف
المباشر من الإجراء .
o
الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف: تقتضي قاعدة تخصيص الأهداف أن يتجه مصدر القرار
إلى تحقيق الغرض المنوط به تحقيقه دون غيره من الأهداف، فإذا اتجهت إرادته إلى تحقيق
غير هذا الهدف كان القرار مشوبا بعيب الانحراف، و من هنا تكون فكرة الانحراف في جانب
منها فكرة موضوعية لأنها تتحقق في حالات مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف .
ولكن نظرا لكون
المصلحة العامة فضفاضة و غير محددة المعالم، فكثيرا ما يتدخل المشرع و يرسم للإدارة
هدفا مخصصا لا يجوز لها أن تحيد عن تحقيقه حتى ولو كان ذلك من اجل المصلحة العامة.
أما في مجال
نزع الملكية من اجل المنفعة العامة، فغالبا ما يترك المشرع للإدارة حرية اختيار الغاية
التي تستهدفها على أن تكون مشروعة و في نطاق دائرة المصلحة العامة طبعا، غير انه و
لظروف استثنائية يقرر المشرع بنصوص قانونية خاصة أهدافا معينة على أن لا تخرج الإدارة
عن إطارها و هي تستخدم امتياز نزع الملكية[66].
وقاعد تخصيص الأهداف
بالنسبة لنزع الملكية تتطلب التزاما خاصا من الإدارة المكلفة بالنزع، ذلك أن استعمال
نازع الملكية لهذا الامتياز سيكون غير مشروع إذا لم يستهدف الغاية المحددة مسبقا من
طرف المشرع حتى ولو كانت من المنفعة العامة و لا شك. ففي هذه الحالة يكون المشرع قد
رسم للسلطة الإدارية المكلفة الإطار العام للمنفعة العامة متى زاغت عنها وصفت قراراتها
بعيب الانحراف في استعمال السلطة.
كما تجد قاعدة
تخصيص الأهداف تطبيقها في حالات نزع الملكية على اختلافها حيث يخصص هدف معين لكل حالة
على حدة لا يجوز للإدارة النازعة السعي أي هدف غيره، و كل محاولة منها في هذا الاتجاه
يؤدي إلى انحرافها عن الهدف الحقيقي الذي تم إعلانه . فاحتماء وراء مشروعية الهدف الذي
تسعى إليه، و استنادا إلى سلطتها التقديرية في هذا المجال تعمد الإدارة إلى استعمال
مسطرة نزع الملكية بقصد فض نزاع بين الإدارة مثلا ، و على الرغم مما يتضمنه هذا القصد
من تحقيق الصالح العام فانه قد يؤدي إلى المساس بحقوق أفراد آخرين بغير مبرر .
2- الإنحراف في المسطرة اتخاذ قرار نزع الملكية من اجل المنفعة
العامة.
ويتم عندما
تقوم الادارة باصدار قرار اداري لتحقيق غاية معينة غير الغاية المعلن عنها، و تتحقق
هذه الحالة عندما تلجا الإدارة إلى اتخاذ قراراتها باتباع مسطرة مخالفة لما هو منصوص
عليه في القانون .
ومثال ذلك أن ترغب الإدارة في نزع ملكية بعض
العقارات و لكن تهربا من إجراءات نزع الملكية تتبع وسائل أخرى أسهل منالا و تصدر قرارات
سليمة في صورتها الظاهرية و لكن يكون الباعث الحقيقي في إصدارها هو نزع ملكية العقارات،
و يذكر في هذا الصدد استعمال الإجراءات الخاصة بالاحتلال المؤقت التي هي أسهل و أيسر
عوض الإجراءات المتعلقة بنزع الملكية التي تتميز بالتعقيد وهو ما يصطلح عليه بنزع الملكية
غير المباشر الذي يتخذ شكلين إما أن يكون بمثابة احتلال مؤقت و يمتد أكثر من مدة قانونية
و إما أن يتخذ شكل قرار بالاحتلال المؤقت خارج الحالات المبينة في القانون، و لا جدال
في انحراف رجل الإدارة عن الدائرة التي رسمها القانون يبطل عمله بل و يجعله معدوما
إذا ما بلغ حدا كبيرا من الجسامة إذ أن هذا الانحراف ليس على درجة واحدة بل يتدرج فقد
يبلغ من الجسامة مبلغا كبيرا يفقد من العمل الإداري صفته الإدارية فبصبح مجرد اعتداء
مادي .
فعدم الشرعية لا يكمن في الهدف الذي يرمي إليه
القرار، و إنما في الطريقة المختارة في تحقيق الهدف الذي أقرته القوانين و الأنظمة،
فهو يتحقق عندما يكون للإدارة حرية الاختيار بين مسطرتين لاقتناء عقار معين مثال نزع
الملكية وقرارات التصفيف أو نزع الملكية وإنشاء الارتفاقات حيث لا يتم إعمال المسطرة
المناسبة، غير أن اختيار المسطرة التي يجب على الإدارة إتباعها يفلت من رقابة القضاء
.
الاحتلال المؤقت
الذي يمتد أكثر من المدة القانونية بسبب يسر و بساطة المسطرة المتعلقة بالاحتلال المؤقت،
كثيرا ما تتجه الإدارات العمومية المغربية إلى استغلال هذا الإجراء للقيام بنزع ملكية
الأفراد دون سلوك المسطرة الخاصة بذلك وهو ما يدخل في إطار نزع الملكية غير المباشر.
وللحيلولة دون
استفحال هذه الظاهرة و اتخاذ نازعي الملكية الاحتلال المؤقت مطية للوصول إلى نزع ملكية
الأفراد عمل المشرع على تحديد المدة القصوى التي يمكن أن يستغرقها الاحتلال المؤقت
لمدة 5 سنوات ، و على عكس ما كان مقررا في ظهير 3 ابريل 1951 الذي كان يستبعد اتخاذ
كل من مقرر إعلان المنفعة العامة مقرر التخلي لدى توفر الحالة السابقة بالشروع مباشرة
في باقي الإجراءات المسطرية الموالية لاتخاذ المقررين المذكورين يلاحظ أن قانون
81-7 لم يستثن أي مقتضى من مقتضيات قانون نزع الملكية من اجل المنفعة العامة لدى توفر
الوضعية محل البحث.
المطلب الثاني: تقييم الرقابة القضائية
على قرارات نزع الماكية من أجل المنفعة العامة
إن الرقابة
القضائية أفرزت في صيرورتها عن جملة من الإشكالات
القانونية و الواقعية المتصلة بطبيعة و أساس رقابة القاضي الإداري على قرارات نزع الملكية
من أجل المنفعة العامة، من تم أصبح من الضروري جدا تكييف جديد في شكلها و مضمونها،
وذلك انسجاما مع تعقد و تنوع طبيعة الرقابة على هذه النوعية من القرارات. بالتالي
سنقسم هذا المطلب على فقرتين رئيسيتين، الفقرة الأولى سنعالج فيها : تقييم الرقابة
القضائية على قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة، والفقرة الثانية سنخصصها للبحث في سبل تعزيز
الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة.
الفقرة الأولى: تقييم الرقابة القضائية على
قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة
إن قياس مدى نجاح القاضي الإداري في ضبط قرارات
نزع الملكية في إطار المنفعة العامة بشكل يوازن بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة
يمكن أن نستشفه من الأحكام القضائية الصادرة عن الجهات القضائية المختصة، ومن هنا
كي تضح أهمية الرقابة القضائية على شتى أعمال الادارة أثناء القيام بنزع الملكية
سندرج في أولا: المظاهر الايجابية للقاضي الإداري في رقابته على قرارا ت نزع الملكية، ثم ننتقل ثانيا: محـدودية الرقابـة القضائيــة
أولا: المظاهر الايجابية للقاضي الإداري في رقابته على قرارا
ت نزع الملكية
1. ضمان سلامة الإجراءات
إن إعلان المنفعة
العامة في مسطرة نزع الملكية يخضع لشكليات و ضوابط يتحتم على الإدارة احترامها نظرا
لارتباطها بحقوق معينة للمنزوع ملكيته من جهة، و من جهة أخرى فهي آلية تمكن من تقويم
التسيير الإداري بما يضمن النجاعة و الفعالية. هذه الازدواجية لدور الشكليات و التي
تهدف في النهاية إلى ضبط قرارات نزع الملكية في إطار المنفعة العامة بشكل يحقق التوازن
بين المصالح المتضاربة يجد نفسه بالأساس في القواعد القانونية التي تنظم عملية نزع
الملكية ، حيث إن القاضي أثناء بثه في النزاعات المعروضة أمامه ملزم بإعمال هذه القواعد
مع إمكانية اجتهاده و تأويله لبعض الأحكام دون الخروج عن إرادة المشرع.
فلو أمعنا النظر
جيدا في الهدف الأساسي الرامي إلى سن كل من قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
من جهة أولى و القانون المؤسس للمحاكم الإدارية من جهة ثانية، يتضح لنا من الوهلة الأولى
أن كلاهما يرمي من حيث جوهره إلى التوفيق بين الصالح العام للمجتمع و مختلف المصالح
الخاصة العائدة للأفراد فيه عن طريق فرض احترام مبدأ المشروعية.
وما يكرس هذا
هو الطبيعة المزدوجة لقواعده إذ هي قواعد شكل تختلط بالموضوع، حيث تتمظهر الأولى في
مختلف الأحكام المتضمنة في القانون رقم 81/7 التي تبين حقوق الإدارة و التزاماتها،
وتحدد حقوق الخواص الذي سوف تنتزع ملكيتهم و كذلك التزاماتهم، بالإضافة إلى مختلف القواعد
التي توضح مختلف الآثار الناتجة عن عملية نزع الملكية، سواء بالنسبة لأطراف العلاقة
كالإدارة النازعة للملكية والأشخاص المنزوع ملكيتهم أو بالنسبة إلى الاغيار.
أما الثانية
فتنصرف إلى مختلف الإجراءات الإدارية التي يجب أن تلتزمها السلطة النازعة للملكية و
من ذلك مثلا على استصدار المرسوم المعلن العامة و استصدار مقرر التخلي (ما لم يكن هذا
الأخير قد ادمج في المرسوم) مع احترام مختلف الإجراءات التي تلابسها من نشر في الجريدة
الرسمية و في الجرائد أخرى و تعليق ببعض المكاتب و إيداع ببعض المصالح، و من ذلك مثلا
التحديد الإداري الخاص بالتعويض و كيفية الحصول على إذن أو تفويض لجهات لم يسمح لها
المشرع بنزع الملكية بكيفية مباشرة .
ونظرا للمكانة
المتميزة للقضاء الإداري في عملية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة حيث يشكل مكونا
من مكوناتها، فان السؤال يبقى مطروحا حول مداخيل تحسين القضاء الإداري المغربي للقيام
بدوره على أحسن صورة في هذا المجال، و إذا كان القضاء نفسه مؤثرا بشكل جيد فان إصلاح الترسانة التشريعية أساسي أيضا دون إغفال
الدور المنوط بالإدارة أثناء اتخاذها لقرارات نزع الملكية باعتباره فاعلا أساسيا في
إنجاح أي محاولة تستهدف إعطاء نجاعة اكبر للعمل الإداري في مجال نزع الملكية[67].
ومن أهم النماذج الحديثة التي تبرهن على الدور
الطلائعي للمحاكم الإدارية نزع الملكية من اجل بناء الميناء المتوسطي و المرافق المحاذية
له ، و لاجراة المشروع على ارض الواقع توجه المعنيون بالأمر و المتمثلين في الوكالة الخاصة طنجة المتوسط ، وزارة
التجهيز و المكتب الوطني للسكك الحديدية[68] .
إلى القضاء الإداري نظرا لكونه هو الذي يعطي لنازع الملكية
السند الشرعي لوضع يده على العقار المنزوعة ملكيته طبقا للفصل الثاني من ظهير
06/05/1982 المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت الذي ينص
على ما يلي: " يتم نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بحكم قضائي".
ونظرا لكون
الوكالة الخاصة طنجة المتوسط هي الفاعل الرئيسي في هذا المشروع، فاننا سنتناولها بالتحليل
:
الإذن بالحيازة
: حتى يتسنى لها الشروع في انجاز المشروع أو العمل الذي ينوي القيام به دون انتظار
الحكم القضائي المتعلق بنزع الملكية ، و الذي عادة ما يستغرق وقتا طويلا ، و حتى يستطيع
المالك من ناحيتها استثمار التعويض عن الأرض التي ستنتزع أو على الأقل التوصل ببعضه
في وقت مناسب ، فان المشرع قد سمح لنازع الملكية بان يقدم إلى قاضي الأمور المستعجلة
طلبا يرمي من ورائه إلى نقل الحيازة إليه مقابل دفع تعويض احتياطي أو إيداعه و ذلك
حسب الفصل 19 من قانون نزع الملكية[69].
وعليه ، و ابتداء
من سنة 2005، أي بعد صدور مرسوم 505 ـ 04 ـ 2 بتاريخ 23/ 06/2004 المخول لنزع ملكية
العقارات اللازمة من اجل بناء الميناء الجديد طنجة المتوسطي و مرافقه المحاذية. قامت
الوكالة الخاصة طنجة المتوسط بناء على المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية
بتقديم دعوى نقل الحيازة أمام القضاء الاستعجالي بناء على المادة 24 من قانون نزع الملكية
من اجل المنفعة العامة .
وتتلخص و وقائع
الأحكام الرامية إلى طلب الإذن بنقل الحيازة في قيام نازع الملكية و المتمثل في الوكالة
الخاصة طنجة المتوسط ، و هي شركة مساهمة تتمتع بصلاحيات السلطة العامة بما في ذلك نزع
الملكية استنادا إلى المادتين 2 و 10 من المرسوم رقم 644 ـ 02 ـ 2 المحدث لها و كذا
المادتين 3 و 4 من المرسوم السالف الذكر، و ذلك لحيازة العقارات المدرجة ضمن الجدول
الملحق بالمرسوم المشار إليه لاستئناف المشروع المعتبر من المنفعة العامة . فهل تمكن القاضي الإداري من خلال السلطة الرئيسية
التي يتوفر عليها من تحقيق التوازن بين الجهة النازعة للملكية و بين المنزوع ملكيته؟
إن المحكمة الإدارية
بالرباط أذنت للمدعي في حيازة العقارات التي وضعت مقالات من اجل الحصول عليها و ذلك
تطبيقا للمادة لمقتضيات المادة 19 من القانون 90/41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية،
و الفصول 8، 9، 10، 12، 18، 24 من القانون 81 /7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة
العامة و بالاحتلال المؤقت.
و قد استند القاضي الإداري لتأسيس أحكامه هاته على:
احترام الإجراءات المنصوص عليه في القانون 81/7: إن أي إجراء شكلي إلا و يرتبط
من جهة بنجاعة العمل الإداري و من جهة بحقوق معينة قد تضيع على فئة معينة إذا تم تجاهلها
بها على شكل مخالف للقانون، لذلك نجد الفصل 24 من قانون نزع الملكية قد أناط بقاضي
الأمور المستعجلة و هو بصدد النظر في دعوى نقل الحيازة مراقبة صحة جميع الإجراءات الإدارية
التي يباشرها نازع الملكية و التي تسبق عادة الإجراءات القضائية و تمهد إليها ، و من
ذلك مثلا إعلان المنفعة العامة و نشره ، مقرر التخلي و نشره ، إجراء بحث أولي بشأنه
و إيداعه ببعض المصالح الإدارية كمكتب الجماعة المحلية و المحافظة على الأملاك العقارية
متى تعلق الأمر بعقارات محفظة أو في طور التحفيظ، و بكتابة ضبط المحكمة الإدارية متى
تعلق الأمر بعقارات غير محفظة ، و ممارسة كل تلك الإجراءات ضمن الآجال التي حددتها
النصوص التشريعية " ... نشر مشروع مرسوم نزع الملكية بتاريخ ... بالجريدة الرسمية
عدد ... و بجريدة الحركة عدد... و بجريدة المنعطف عدد... و تم إيداعه رفقة التصاميم
التجزيئية بالجماعة القروية لقصر المجاز، كما تم تقييد التصريحات و الملاحظات طبقا
للفصلين 10 و 11 من القانون رقم 81 /7 المذكور سابقا، إضافة إلى إيداع المشروع بالمحافظة
العقارية ب... و تقييده على الرسوم العقارية و كذا تقييده في السجل الخاص لدى المحكمة
الإدارية بالرباط بالنسبة للعقارات غير المحفظة ، و أوضحت انه بعد سلوك كل تلك الإجراءات
اجتمعت اللجنة الإدارية للتقييم بتاريخ ../../.. و حددت قيمة العقارات المراد نزع ملكيتها
في....درهم، معتمدة على عناصر موضوعية خاصة بكل عقار على حدة، لدلك فهي تلتمس لها في
حيازة العقار المذكور مقابل إيداع التعويض المسبق المشار إليه أعلاه، و حفظ المصاريف،
و أرفقت المقالات بالوثائق التالية:
- نظير من الجريدة الرسمية عدد .... .
- نظير من جريدة الحركة عدد .... .
- نظير من جريدة المنعطف عدد .... .
- نظير من الجريدة الرسمية عدد
5228 .
- نظير من جريدة بيان اليوم عدد .... .
- نظير من جريدة المنعطف .... .
- أصل شهادة من رئيس المجلس القروي لجماعة قصر المجاز بإيداع مشروع المرسوم مع
التصاميم التجزيئية .
- أصل شهادة الإيداع و النشر و التعليق صادرة عن رئيس مجلس جماعة قصر المجاز.
- شهادة بفتح دفتر الملاحظات و التصريحات مع ملف تلكم الملاحظات و التصريحات .
- شواهد المحافظة العقارية تتضمن بيان ذوي الحقوق العينية المقيدين و بتقييد مشروع
المرسوم - بالرسوم العقارية للعقارات المشمولة
بنزع الملكية.
- شهادة من السيد رئيس كتابة الضبط
بتقييد مشروع المرسوم بالسجل الخاص المنصوص عليه في الفصل 455 من ق م م.
- محضر اجتماع اللجنة الإدارية للتقويم .
- شهادة من رئيس المجلس الجماعي بقصر
المجاز بتعليق المرسوم النهائي عدد 505 .2 .04 مؤرخ في 2 / 8 / 2004.
ملف المعاينة
من طرف السلطة المحلية ".
وقد قام قاضي
المستعجلات بفحص تلك الوثائق بكيفية جدية، و تحقق من سلامتها، و أن ظهور أي خلل بها
يفرض عليه الامتناع عن الأمر بنقل الحيازة، إذ هي الإرادة الصريحة و الآمرة للمشرع.
إيداع التعويض الاحتياطي:
إن الحكم بنقل الحيازة إلى السلطة النازعة للملكية أو من يقوم مقامها ، لا يمكن أن
يصدر من الناحية القانونية إلا إذا وقع دفع التعويضات الاحتياطية التي سبق أن حددت
من طرف لجنة التقويم أو إيداعها بكيفية سليمة، حيث اشترط المشرع المغربي صراحة من خلال
الفقرة الثانية من الفصل 24 من قانون نزع الملكية وجوب النص في الأمر الاستعجالي على
أن التعويض قد دفع للمعنيين بالأمر أو تم إيداعه بالكيفية التي سبق بيانها ، و إلا
كان الأمر معرضا للنقض، وعليه فقد قامت الوكالة الخاصة لطنجة المتوسط بإيداع التعويضات
المقدمة من طرف لجنة التقويم المحدثة لذلك .
ويدفع التعويض
احتياطي للمعنيين بالأمر الذين عرفوا أنفسهم بكيفية قانونية على ما يتضح ضمنيا من أحكام
الفقرة الأولى من الفصل 30 من قانون نزع الملكية " غير انه إذا لم يعرف ذوو الحقوق
بأنفسهم وجب إيداع التعويضات المستحقة لدى صندوق الإيداع و التدبير ".
وبقراءة متأنية
للفصل 27 من القانون 81/7 انه بإمكان المنزوعة ملكيته الامتناع عن تسليم العقار إلى
السلطة النازعة للملكية إلى أن تدفع له التعويض الاحتياطي، أو على الأقل إلى أن تدعه
بالجهة التي عينها المشرع لهذا الغرض ، و هي صندوق الإيداع و التدبير.
وفي إطار القواعد
العامة، فان امتناع الإدارة عن دفع التعويض الاحتياطي، كما حدده المشرع ، قد يؤدي إلى
مساءلة السلطة النازعة للملكية في إطار الفصل 79 من قانون الالتزامات و العقود.
نقل الملكية:
إن دور قاضى الموضوع كنظيره قاضي المستعجلات مقيد بمقتضيات الفصل 18 من قانون 81/7
الذي ينص على أن تشفع الطلبات المتعلقة بالإذن بالحيازة و بنقل الملكية بجميع المستندات
المثبتة لاستيفاء إجراءات المسطرة الإدارية و لا سيما الإشارات المشار إليها في الفصلين
11 و 12 المسلمة من لدن المحافظ العقاري على الأملاك العقارية عند الاقتضاء .
كما أن الفصل
الأول من نفس القانون يصرح بان نزع الملكية لا يمكن إجراؤها إلا طبق الكيفيات المقررة
في هذا القانون ." و لان الأمر يتعلق بالمحافظة في نفس الوقت على حقوق الناس و
على الأموال العامة و لعلاقة قانون نزع الملكية ككل بصميم النظام العام، فان لقاضي
الموضوع أن يسهر من تلقاء نفسه على حسن تطبيق الشروط السالف ذكرها و لو لم يتمسك أصحاب
المصلحة بها ". و عليه يمكن الحكم بنزع ملكية عقارات و الحقوق العينية إذا أعلنت
المنفعة العامة و أجريت المسطرة طبق الكيفيات المنصوص عليها في القانون رقم 81/7.
وبما أن المحكمة
قد تبين لها أن طالب نزع الملكية في الميناء المتوسطى و المتمثل في الوكالة الخاصة
طنجة المتوسط قد احترم الإجراءات الإدارية المنصوص عليها في ظهير 6 ماي 1982 فانه لم
يسعها إلا أن تستجيب للطلب من اجل المنفعة العامة ، مؤسسة أحكامها كما يلي :
" و حيث إن الفصل 18 من القانون
أعلاه يلزم نازع الملكية باشفاع طلبه المتعلق بنقل الملكية و تحديد التعويض بما يفيد
استيفاء الإجراءات المنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 و 12 من نفس القانون .
وحيث إن الفقرة
الأخيرة من الفصل 18 أعلاه نصت على انه في حالة ما إذا كانت العملية أو الأشغال المعلن
انه ذات منفعة عامة تؤدي إلى إيداع عدة طلبات بشان الجوهر فان المستندات إثبات احترام
الإجراءات أعلاه يمكن الإدلاء بها مرة واحدة وقت إيداع الطلب الأول.
وحيث تبين للمحكمة
بعد اطلاعها على الوثائق المدلى بها في الملف رقم 241 ـ 6 ـ 05 ان الطرف المدعي استوفى
جميع الإجراءات الجوهرية المنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 و 12 من القانون 81/7 كما
هو ثابت من خلال تفحص :
- نسخة من الجريدة الرسمية.
- نسخة من محضر اجتماع اللجنة الإدارية للتقييم.
- نسخة من شهادة نشر و لصق الإعلان.
- نسخة من سجل الملاحظات" .
وبقراءة متأنية
للأوامر الاستعجالية و الأحكام القاضية بنقل الملكية الصادرة في إطار عملية نزع الملكية
من اجل بناء ميناء طنجة المتوسطي خلصنا إلى أن القاضي الإداري اكتفى بتفسير المقتضيات
التشريعية و التنظيمية و تأويلها لصالح المشرع دون أي اجتهاد في ذلك .
2 . مراقبة المجلس الأعلى(محكمة النقض) للسلطة التقديرية
للإدارة في مجال نزع الملكية
في هذا
الصدد لم تعد القرارات الإدارية الصادرة في إطار السلطة التقديرية للإدارة دائما بمنأى
عن الرقابة القضائية، و كذلك القاضي الإداري أصبح يتوفر على صلاحية إجراء المقارنة
و الموازنة بين مشروع الإدارة المتوخى من قرار نزع الملكية من أجل المنفعة العامة و
مشروع الخواص المنزوعة ملكيتهم. كما اعتبرت الغرفة الإدارية تماطل الإدارة في تحقيق
المشروع المزمع انجازه بمقتضى قرار نزع الملكية، و اقتصارها على استغلال الأراضي لأغراض
أخرى ـ كالكراء مثلا ـ يعد مؤشرا على تعسف
الإدارة و انحرافها في استعمال السلطة التقديرية.
وهنا يطرح التساؤل
عن مدى اعتبار هذه القرارات الصادرة عن المحكمة القضائية، و التي أخذت بنظرية الموازنة
كما عرفها الاجتهاد القضائي الفرنسي، بداية توجه جديد رسمه القاضي الإداري المغربي
لنفسه دون نية الحياد عنه؟
هناك يمكن القول
أن هناك اعتبارات مهمة توحي بأن محكمة النقض في المغرب يعمل على إنشاء مبادئ دائما
لنظرية الموازنة، و أولى هذه الاعتبارات هو حصول تراكمات مهمة من القرارات الصادرة
بهذا الشأن، و التي توفر بشأنها التواتر الذي يعد الشرط الأساسي للحديث عن توجه جديد.
فبتفحص جل القرارات الصادرة عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ، ابتداء من سنة1997
، يمكن القول الأحكام الصادرة بهذا الشأن أصبحت تتجه جميعها نحو الأخذ بنظرية الموازنة
بشكل صريح مثل قرار الغرفة الإدارية الصادر بتاريخ 2 ابريل 1998 في الملف عدد 62/
95.
ومن تم فإن المجلس الأعلى سيعمل على إرساء تلك المبادئ التي
جاء بها مجلس الدولة الفرنسي ، و سيعتنق فكرة الموازنة بين المصالح ، دون إمكانية التراجع
عنها في قرارات لاحقة ، نظرا لتطابق هذا التوجه مع روح المبادرة الحرة و تشجيع الملكية
الفردية و حمايتها في دولة الحق و القانون .
وما يزكي هذا
الطرح، تصريح أعلى هيأة قضائية في البلاد، بمناسبة إلقائه للخطاب الافتتاحي للسنة القضائية
الجديدة 2001 أمام الملك. و ذلك في معرض عن حديثه عن توجهات المجلس الأعلى بعقد العزم
على المضي قدما في تطبيق نظرية الموازنة في قرارات نزع الملكية ، نظرا لما تحققه من
ايجابيات في حفظ حق الملكية المقدس[70] .
أمام اتساع
نطاق السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة في مجال نزع الملكية ، كان على القضاء الإداري
أن يعمل على الحد من احتمالات تسعفها نظرا لأنها تمس حقا مقدسا ، و بمقتضى الاتجاه
الجديد للقضاء الإداري تم العدول عن النظرة المجردة لتقدير المصلحة العامة التي تنزع
الملكية على أساسها إلى بحث واقعي يأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة بقرار النزع ، و
تجدر الإشارة إلى أن هذا الاتجاه يجد مصدره في مبدأ أصيل في الشريعة الإسلامية بمقتضاه
" لا ضرر و لا ضرار " .
فالقاضي الإداري
يجب أن يمارس دورا متعاظما في الحد من السلطة التقديرية المخولة للإدارة للحيلولة دون
تحويلها إلى سلطة تعسفية، و ذلك ليس بان يقف في طريق الإدارة و إنما بان يقف في طريق
انحرافها[71].
لكن و مع
ذلك، نجد أن هناك اتجاها يعارض توسيع الرقابة القضائية على السلطة التقديرية للإدارة
معتبرا أن ذلك لن يكون إلا عن طريق دخول القاضي الإداري للدائرة المستقلة التي تملكها
الإدارة و اقتسامها معها، الشيء الذي يجعل هذا الأخير يقوم مقام الرئيس التسلسلي للإدارة
مما يشكل ذلك تطاولا من قبل القاضي على اختصاص الإدارة و مسا بمبدأ فصل السلط . الأمر
الذي يجعل القاضي الإداري ليس قاضي مشروعية فحسب ، بل انه قاضي ملاءمة أيضا، و انه
يمارس اختصاصات رئاسية على الإدارة ، و بالتالي يمكن أن تكون رقابته على حساب الفاعلية
الإدارية لدرجة المس بالصلاحية التقديرية للإدارة و الانتقال من مجال تطبيق النص إلى
فلسفة تطبيقه . مما جعل البعض يعاني من تعميم تطبيق مبدأ مراقبة السلطة التقديرية و
جعله هدفا للرقابة القضائية الممارسة على الإدارة.
وفي السياق
نفسه ، انتقد جانب من الفقه إدراج رقابة الموازنة في إطار الرقابة على الملاءمة مرددين
ذات الأسباب أو الحجج التي قيل بها سابقا لنقذ الرقابة القضائية لسلطة الإدارة التقديرية
، ذلك أن القاضي الإداري بأعماله لتلك النظرية في مثل هذه الحالات وان كان يحل تقديره
الشخصي لملائمة التصرف محل تقدير رجل الإدارة لتلك الملاءمة عندما يكون هذا التقدير
مشوبا بالمبالغة و اللامعقولية ، أي انه لا يحل نفسه محل جهة الإدارة سواء في اتخاذ
القرار الذي يرى انه أكثر ملاءمة أم في تعديل مضمون القرار المطعون فيه مع الإبقاء
عليه، فمثل هذه الأمور متروكة تماما لحرية رجل الإدارة ، فأي انتقاص إذن من استقلال
هذا الأخير و أي اعتداء على اختصاصاته .
كما أن القاضي
الإداري في مثل هذه النزاعات يكتفي بتثبيت بعض القواعد و المبادئ التي يتعين على الإدارة
أن تلتزم بها في المستقبل ، فمثلا بعد صدور حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية
" المدينة الشرقية الجديدة " ، تم توزيع هذا الحكم على مختلف المصالح الإدارية
، و بعد ذلك أصبحت الإدارة تتعهد بتطبيق إجراءات تهدف إلى تخفيف الأضرار البيئية و
الاجتماعية .
وللفصل بين
هذه التوجهات المتعارضة، يجب طرح التساؤل التالي: هل تدخل الرقابة التي يمارسها القاضي
الإداري ضمن تكييف الوقائع ـ الذي يعد اختصاصا طبيعيا له ـ في الحالة التي يراقب فيها
مشروعية القرارات الصادرة عن الإدارة بموجب ما لها من سلطة تقديرية في ذلك ؟ أم القاضي
الإداري بموجب هذا الاتجاه الجديد انتقل إلى آفاق جديدة ، أي إلى ممارسة " قضاء
الملاءمة " ؟
إن الإجابة
عن هذا التساؤل الذي يتعلق برقابة القاضي و تقديره للتخطيط الذي تضعه الإدارة للأشغال
العامة التي تهدف إلى تحقيقها ( الطريق أو المشروع... ألخ ) و ما يقتضيه هذا التخطيط
من نزع أراض أو منشات و مدى ملاءمة هذا التخطيط لتحقيق المشروع المزمع إقامته ، و هل
هو أفضل ما يمكن تصوره من تخطيط ، يؤدي إلى طرح الموضوع بشكل أكثر عمومية، ألا وهو
طبيعة العلاقة بين القاضي الإداري و الإدارة و مدى رقابة الأول على أعمال الثاني و
مدى استقلال الإدارة في مواجهة القضاء عملا بالفصل بين السلطات أو بمعنى آخر إلى أي
حد يمكن للقاضي أن يبسط رقابته على أعمال الإدارة دون أن ينسب إليه انه حل محل الإدارة
في تقدير مدى الملاءمة " الذي كان من قبل من اطلاقات الإدارة ؟
فالقاضي الإداري
هنا لا يلغي القرار لعدم الملاءمة و إنما لعدم المشروعية ، و هو لا يحل محل الإدارة
في اتخاذ القرار الملائم في هذا الشأن و إنما يعيد الأمر إليها لإعادة التقدير مرة
أخرى ، فهو لن يفرض على الإدارة أن تبين حاجتها من العقار في شمال المدينة أو غربها
و لن يجبرها على أن يمر الطريق في هذا الاتجاه أو ذاك أو عبر منطقة معينة بذاتها و
لن يشير عليها بنزع ملكية قطعة محددة من الأرض بدلا من التنازع عليها ، و بذلك فانه
سيحتفظ للإدارة رغم حكمه بإلغاء القرار الإداري بسلطتها في هذا الشأن .
ويبقى مؤكدا
بعد ذلك أن هذا المبدأ يزود القضاء بسلاح فعال لحماية المشروعية ضد تعسف الإدارة و
ذلك بما تضعه نظرية الموازنة من ضوابط على ممارسة السلطة التقديرية للإدارة في مجال
نزع الملكية على نحو يجعلها سلطة مقيدة تخضع في ممارستها لشروط واضحة مما يقدم ضمانا
للأفراد ضد تجاوزات السلطة التقديرية للإدارة
.
ثانيا: محـدودية الرقابـة القضائيــة
إن محدودية الرقابة
القضائية على قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، تجد أساسها في عجز القاضي
الإداري عن خلق توازن حقيقي بين الامتيازات المخولة لنازع الملكية، و بين ضمانات المنزوعة
ملكيته. الأمر الذي يفرغها من محتواها سواء كضمانة لحق مقدس و هو اختصاص أصيل للقضاء
كحام للملكية أو كضمانة لتقويم التسيير
الإداري في إطار سياق عالمي انخرط فيه القاضي لجعل التقنية القانونية تحتكم للتقييم
و الفعالية .
هذه العوامل تبررها
مجموعة من الأسباب ترتبط ب:
1. على المستوى النص التشريعي
إن
القاضي الإداري عند بثه في النزاع المعروض عليه لفضها يكون ملزما بإعمال القواعد القانونية
المؤطرة لطبيعة النزاع، ألا أن احتواء قانون 81/7 على مجموعة من الثغرات[72] تنعكس سلبا على فعالية الحكم القضائي، و هي تتمظهر في:
·
من الناحية الشكلية قد حاول المشرع المغربي أن يكون طموحا بإيراده لتشريع أكثر
تفصيلا من نظيره السابقين، إلا انه وقع في الكثير من الأخطاء المنهجية عندما كرر في
التشريع الجديد العديد من الأحكام المضمنة في نصوص عامة أخرى، مثل قانون المسطرة المدنية.
·
من حيث الصياغة ، فالملاحظ أن بعض النصوص قد صيغت بكيفية ركيكة وهي في بعض الأحيان
بعيدة كل البعد عن الأسلوب القانوني الصرف.
كما أن هناك بعض النصوص طويلة
جدا حيث كان بالإمكان تقسيمها إلى أكثر من نص واحد ليسهل فهمها واستيعابها من طرف الباحث
و الممارس .
·
و من حيث الفلسفة العامة للتشريع، فالمشرع
من خلال النص الجديد قد حاول أن يكون أكثر اهتماما بمصالح السلطة النازعة للملكية أو
من يقوم مقامها، أكثر من اهتمامه بمصالح الأشخاص المنزوعة ملكيتهم، ويتضح ذلك بالخصوص.وبدون
الدخول في التفاصيل من خلال الأمثلة التالية:
- حذف مسطرة تبليغ قرار إعلان المنفعة
العامة وقرار التخلي وإلزام الملاك أنفسهم بالتعريف بالمستأجرين وإلا ظلوا وحدهم ملتزمين
بالتعويضات التي يستحقونها، ذلك أنه لابد لتقرير مثل هذا الحكم أن تؤخذ بعين الاعتبار
بعض الحقائق، منها أغلبية أفراد الشعب المغربي أميون، وحتى غير الأميين قلما يهتمون
بما ينشر في الجرائد الرسمية، زد على ذلك أن المغاربة في الوقت الراهن بالخصوص كثيرو
الهجرة داخل الوطن و خارجه، كما يضاف إلى ذلك الجريدة الرسمية ذاتها لا تصدر بانتظام
و اغلب الأفراد يسمعون عنها ولكنهم لا يقرؤونها.
- عدم السماح باستئناف الحكم
القاضي بنزع الملكية فيه خروج جد واضح على قاعدة مسطرية جوهرية تتصل بضمان حقوق الدفاع
المتمثلة هنا في مبدأ التقاضي على درجتين.
نعم، لقد سمح المشرع بالطعن
بالنقض في الحكم القاضي بنزع الملكية، غير انه يجب ألا يغيب على البال أن مثل هذا الطعن
ينصب على الأخطاء القانونية التي تمس ذلك الحكم فقط، أما الأخطاء المتصلة بالواقع و
التي قد يرتكبها قاضي الموضوع و هو يحكم بنقل الملكية إلى السلطة النازعة, فلا مجال
لإصلاحها إلا عن طريق الطعن بالاستئناف
- في مجال تقدير التعويض، فان المشرع قد اهتم بالضرر
الحالي و غض الطرف عن الضرر المستقبل خلافا لما تقضي به القواعد العامة، وبالرغم من
أن المشرع الفرنسي الذي أخذنا عنه هذا الحكم قد تخلى عنه لاحقا. ويضاف إلى هذا أن اللجنة
الإدارية للتقويم المنظمة بالفصل السابع من مرسوم16 ابريل 1983 لا تحتوي على ممثل للملاك
أو المنزوعة ملكيتهم. ونعتقد أن وجود هؤلاء داخل تلك اللجنة قد تفيد هذه الأخيرة كما
يفيد نازع الملكية.ومن يدري ,فقد يقتنع المنزوعة ملكيته بالتعويض المقترح, فيوضع حد
للإجراءات الموالية في مرحلة التقويم، حيث يكون هنالك ربح للوقت و المصاريف.
وبالإضافة إلى ما سبق، فقد
أدى الانحياز إلى جانب السلطة النازعة الملكية بالمشرع في بعض الأحيان إلى الخروج عن
بعض المبادئ القانونية المستقرة، ومن ذلك مثلا انه قد رتب على الإيداع بالمحافظة العقارية
نفس الآثار التي تترتب على التسجيل بالسجل العقاري، وهو موقف لا يمكن قبوله.
2. على مستوى آليات العمل القضائي
إن الرقابة القضائية على القرارات الإدارية
لا تتم بشكل اعتباطي و إنما تحكمها مجموعة من الضوابط و الآليات حتى تصدر في النهاية
حكما قضائيا، هذه العناصر و بالإضافة إلى خصوصية الدعوى الإدارية فان ذلك يحد من فعالية
الرقابة على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة. و يتجلى ذلك من خلال ما يلي:
§
محدودية رقابة قاضي الإلغاء على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة.
إن دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة تعد إحدى
دعاوي الإلغاء التي يرمي من خلالها الطاعن إلى إلغاء أو إعدام قرارات نزع الملكية من
اجل المنفعة العامة المتسمة بأحد عيوب المشروعية الإدارية، غير أن هذه الدعوى و إن
كانت مفيدة في ضمان ممارسة العديد من الحقوق و الحريات، فان هذا التعريف قد لا يتحقق
أحيانا و ذلك راجع لمجموعة من الأسباب منها:
-
ارتباط دعوى الإلغاء بشرط المصلحة: حيث إن هذه الدعوى لا تقوم إلا على أساس
المصلحة حيث لا يمكن لشخص أن يطعن في قرار إداري لا يتعلق بوضعيته ، و بحكم جهل المواطنين
بهذه الدعوى أو بالأحرى تجاهلها فان القاضي لا تطرح عليه حالات مختلفة الأمر الذي يحد
من اجتهاداته، و بالتالي عدم إسهامه في سد الثغرات التي يطرحها الواقع العملي.
-
حدود تدخل القضاء الإداري المغربي أمام عدم احترام أجل الطعن: احترام أجل دعوى
الإلغاء بسبب تجاوز السلطة يعد من النظام العام، و هي مسالة منطقية ضمانا لاستقرار
المصالح الإدارية العامة. و تعود هذه الأسباب أساسا إلى الوعي القانوني بشكليات التقاضي،
فمن جهة قد يكون المتضرر جاهلا للأجل، أو انه لا يعلم حقيقة القرارات المتخذة في حقه
و تأثيرها إلا بعد فوات الأجل، و بهذا فهو يجرد الطاعن من كل حجية قوية يدعم بها طعنه
و يحصنه من عدم قبول دعواه طالما أنه بإمكان الإدارة إنكار كل دفع غير مؤسس قانونا،
بل الأكثر من ذلك إذ أنها في بعض الحالات تخلق حججا مصطنعة.
-
أسباب مرتبطة بسلوك الإدارة: و في مجال نزع الملكية يرتبط الأمر بتبليغ القرار
أو نشره، حيث نجد أن نازع الملكية لا يحترم الإجراءات المنصوص عليها في الفصول 8 و
9 و10.
محدودية سلطات قاضي الإلغاء: إن اختصاص القضاء الإداري المغربي بمناسبة بته
في نزاع يتعلق بإلغاء قرار نزع الملكية من اجل المنفعة العامة كقرار إداري لا يستطيع
أن يضمن حكمه أي قرار بتصحيح الوضعية الإدارية غير السليمة، فهو يكتفي فقط بالتصريح
بإلغاء القرار الإداري المخالف لمبدأ المشروعية الإدارية أو إعدامه في حالات نادرة،
و في كلتا الحالتين لا يستطيع إصدار أوامر للإدارة تطبيقا لمبدأ فصل السلط .
-
الطعن في مرسوم إعلان المنفعة العامة لا يوقف تنفيذه: تمثل القرارات الإدارية
مظهرا من مظاهر الامتيازات التي تتمتع بها الإدارة باعتبارها سلطة عامة تسعى إلى تحقيق
المصلحة العامة، إذ قد تصدر بإرادتها المنفردة و تعتبر نافذة دون توقف على موافقة الأفراد
الذين تهمهم. كما تملك الإدارة سلطة تنفيذها بالطريق المباشر و أي امتناع من قبل الأفراد
يخول الإدارة حق التنفيذ الجبري باستخدام القوة لتنفيذها.
إن الطعن بالإلغاء من اجل الشطط في استعمال
السلطة المقدم بصفة عامة بشان قرار إداري، لا يمنع الإدارة من تنفيذ قراراتها و ذلك
توخيا للحفاظ على سير الإدارة الذي يستهدف الصالح العام، و منع كل عرقلة كيدية لتنفيذ
القرارات الإدارية.
و هذه القاعدة مطبقة كذلك
على القرارات الصادرة في مجال نزع الملكية، و بالأخص بالنسبة للقرار المعلن للمنفعة
العامة حيث يكون الدفع بكون هذا القرار المطعون فيه أمام المجلس الأعلى غير موقف تلقائيا
لتنفيذه. فالطعن ضد المرسوم المعلن للمنفعة العامة لا تأثير له على الإجراء الوقتي
المطلوب (الأذن في الحيازة)[73] كما لا يكون له أدنى تأثير على إجراء نقل وتحديد
التعويض أمام محكمة الموضوع المختصة.
§
تداخل الاختصاصات القضائيـة
إن الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية
من أجل المنفعة العامة ـ كما سبق الذكرـ متنوعة من حيث الجهات القضائية التي تمارسها
و شاملة لكونها تنصب على جميع عناصر هذه القرارات، هذه الوضعية و إن كانت لها ايجابيات
فإنها أحيانا تجعل إحدى الجهات تبطل دور الجهة الأخرى الأمر الذي يجعل هذا العامل يحد
من فعالية هذه الرقابة خاصة و أن مجموعة من المبادئ القضائية التي تحكم عمل القضاء
الإداري تكرس من هذا الوضع.
فقاضي الإلغاء قد يقوم بإلغاء مقرر إعلان
المنفعة العامة بسبب بطلان المسطرة، ففي هذه الحالة لا يطرح أي إشكال، لان القاضي سيرفض
الإذن بالحيازة ثم يرفض الحكم بنقل الملكية على أساس عدم وجودها، فهل يمكن القول بان
القاضي يمنع عليه رفض الإذن بالحيازة ما دام لا يوجد هناك سبب يبرر بطلان المسطرة ؟
رغم ما يستخلص من ظاهر الفصل 24 من قانون
نزع الملكية، من انه لا يجوز لقاضي المستعجلات رفض الأمر بالحيازة إلا لسبب بطلان المسطرة
، فانه يمكن رفض الأمر بالحيازة بناء على أساس المسطرة هو مقرر إعلان المنفعة العامة،
ما دام هذا المقرر أصبح غير مشروع فلم يعد هناك أي سند للمسطرة.
وفي حالة صدور قرار إلغاء مرسوم نزع الملكية
بعد الأمر بالحيازة فانه يمكن القول بالاستناد إلى المبادئ العامة التي تحكم القضاء
الاستعجالي بان لقاضي المستعجلات أن يعدل عن الأمر بالحيازة الذي أصدره.
§
إشكالية التنفيــذ
تعد مشكلة الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية
إحدى معوقات أداء القضاء لمهامه الأساسية، و التنفيذ في مجال نزع الملكية يهم كلا الطرفين
إلا أن الذي يطرح إشكالا و يحدث خللا في التوازن بين المراكز القانونية هو التنفيذ
في مواجهة نازع الملكية و الذي يرتبط بإيداع التعويض أو دفعه حيث تعترضه معوقات عملية
و أحيانا قانونية تتمظهر في:
إن الإدارة المنفذ عليها و هي شخص معنوي عام، ذات امتياز التنفيذ
المباشر و احتكار القوة العمومية، و أموالها تعتبر أموال عامة، و المسؤولون الذين يتعاقبون
عليها يمثلونها فقط، فان النتيجة تكون هي صدور أحكام قضائية مذيلة بالصيغة التنفيذية
، لتبقى حبرا على ورق دون تنفيذ الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة مبدأ الشرعية في دولة الحق
و القانون.و ما يزيد من تكريس هذه الوضعية: غياب نص تشريعي يلزم الإدارة بتنفيذ الأحكام
القضائية الصادرة في مواجهتها، اختلاف الصيغة التنفيذية التي تذيل بها سائر الأحكام
القضائية بما في ذلك أحكام المحاكم الإدارية عن تلك التي ينبغي أن تعطى للأحكام الصادرة
عن الإدارة، صعوبة الحجز على أموالها خاصة
إذا كان من شان ذلك تعطيل المرفق العمومي عن تقديم خدماته حيث إن بعض الفقه المغربي
لازال يسلم ببقاء تنفيذ الأحكام الإدارية مرتبطا بحسن نية الإدارة .
الفقرة الثانية:
سبل تعزيز الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة
أولا. تحسين المستوى التشريعي وعملية اتخاذ قرارات نزع الملكية
من بين أهم
الحاجيات الملحة التي يمكن أن تعزز الرقابة القضائية عل قرارات نزع الملكية من أجل
المنفعة العامة تكمن تكمن في وضع الآليات القانونية
و الضرورية للعمل على تحيينها و ملاءمتها مع الهدف المنشود و المتمثل في الترجيح و
الموازنة بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة، و نظرا لكون المعطيات التي تناولناها
تبين أن الكفة تميل لصالح نازع الملكية فان الاقتراحات المطروحة ستنصب بالأساس في اتجاه
تقوية مركز منزوع الملكية، و ذلك من خلال ما يلي:
التعويض : فهو يعتبر من أهم الضمانات الممنوحة للمنزوعي ملكيتهم و أيضا شرط أساسي لتحقيق التوازن الذي تسعى
اليه القاعدة القانونية المنظمة لنزع
الملكية من أجل المنفعة العامة،من تم يجب
تفعيل دور اللجنة الإدارية للتقويم عبر الإجراءات التالي:
ü
إسناد رئاسة اللجنة إلى قاض مختص.
ü
الاستعانة بخبراء في الميدان العقاري من منعشين و موثقين أو غيرهم.
ü
إعادة النظر في التعويضات الممنوحة للمنزوعة ملكيتهم بتحيين المعايير المعتمدة
في تحديد اثمنة العقارات.
ü
تحديد كيفية عمل اللجنة الإدارية للتقويم و النصاب القانوني الواجب توفره لاجتماعاتها
و طريقة التصويت و دور الأعضاء الدائمين و الغير الدائمين و تواريخ الاجتماعات و مقراتها
و أخيرا تحديد العناصر و المقاييس الدقيقة التي ستقوم بتقدير التعويض وفقها.
ü
تقرير وسائل فعالة لتنفيذ مقتضيات التعويض و أدائه قبل الحصول على نقل الملكية.
ü
تفعيل وسائل الإشهار بتقرير إشهار فعال و ناجح، فالمشاريع الضخمة لا تحتاج كثيرا
إلى الإشهار بل تحتاج أكثر من ذلك إلى توعية المواطنين ، فمن ذا الذي لا يكون على علم
بتدشين سد أو بقرب فتح خط السكة الحديدية، لكن المشكل الرئيسي هو تحسيس الملاك و ذوي
الحقوق المعنيين بنزع الملكية و جميع القاطنين بعين المكان بإيداع دفتر خاص بالملاحظات
رهن إشارتهم لتدوين ملاحظاتهم و تحفظاتهم.
ü
اشراك وسائل الاعلامية للقيام بحملات تخبر فيها جميع السكان القاطنين في
حدود الدائرة المعنية بقرارات الادارة المتعلقة بنزع الملكية.
v
تفعيل المسطرات المنظمة لعملية نزع الملكية و تبسيطها أي الإدارية و القضائية
بناءا على
ما نص عليه قانون.81.7 ب "إن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق
العينية العقارية ... لا يمكن إجراؤه إلا طبقا للكيفيات المطبقة في هذا القانون
...[i][75]" ،و ذلك يتحقق من خلال
·
توحيد المسطرة الخاصة بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة فتعددها (ظهير التعمير،
ظهير نزع الملكية، الظهائر المؤقتة و المختلفة لنزع الملكية ، نزع ملكية مياه الحقوق،
نزع ملكية الأصل التجاري، نزع الملكية لفائدة الدفاع الوطني...) و تعدد المذكرات التوضيحية
و اختلافها (مذكرة التجهيز، مذكرة الأملاك المخزنية ...) يفضي إلى التنقيص من دور القاضي
و بالتالي إلى تخفيض ضمانات الخواص.
·
تعميم دمج مقرر التخلي في قرار إعلان المنفعة العامة.
·
ضبط تاريخ إيداع مشروع المرسوم سواء لدى المحافظة العقارية في حالة النزع الجزئي
للأملاك المحفظة أو في طور التحفيظ.
·
دراسة الجدوى من المشرع.
·
التنصيص على منع تفويت أو التصرف بالبيع في العقارات التي شملها مقرر التعيين
طيلة مدة الارتفاقات.
·
محاولة إيجاد مسطرة إدارية مستقلة عن المسطرة المدنية.
ثانيا. تبني المقترب الإداري أثناء اتخاذ قرارات
نزع الملكية من اجل المنفعة العامة
إن قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة
لم تعد ذات حمولة قانونية فقط ، بل أصبحت ذات أبعاد اقتصادية و اجتماعية و بالتالي
تنموية ، لذلك يجب المزاوجة بين المقاربة القانونية والمقترب الإداري أثناء اتخاذ هذه القرارات لأنها تراعي الجوانب التقنية
، العلمية ، النفسية و الاجتماعية التي توثر في عملية صياغة القرار ، و ذلك لن يتأتى
إلا ب :
1. تبني آليات الديمقراطية
الإدارية في مسطرة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة
إن التعبير الذي تتم من خلاله عملية نزع الملكية
من اجل المنفعة العامة، و ذلك في شكل قرارات إدارية انفرادية، يطرح أثناء التنفيذ مجموعة
من الصعوبات تعود بالأساس إلى السرية التي تحيط بالقرار و التي لا تساعد المواطن على
استيعابه مادام أن الطبيعة الانفرادية هي السمة الغالبة على هذه القرارات و التي تجعل
من المبدأ السائد آنذاك هو الخضوع السلبي للقرار في إطار علاقة تبعية ووضعية غير متساوية.
لذلك تعتبر دمقرطة القرار الإداري أولوية ملحة خصوصا في نظام قانوني يعرف تعاظم دور السلطة التنظيمية
حيث إن الإدارة في مجال نزع الملكية هي التي تصدر القرارات و هي التي تنفذ. و عليه،
و من اجل تحسين هذا الوضع ، فقد أصبح لزاما على النظام المؤسساتي أن يعتمد في عقيدته
على الحرية و الديمقراطية كأساس للسلطة و التسيير، و ذلك لن يتبلور على ارض الواقع
إلا باعتماد على آليتي المشاركة و الاستشارة و اللتين إن لم تنتفيا في مسطرة نزع الملكية
من اجل المنفعة العامة فان كيفية استعمالهما تحد من فعاليتهما ، لذلك فعلى صعيد:
المشاركة[76] : يجب منح منزوعي الملكية سلطة مهمة في الإعداد و ذلك من خلال التمثيل الكافي
و التصرف بحرية، فالمشاركة هي المساهمة الفعلية للمعنيين بالأمر في مسطرة إعداد السياسة
العامة و القرارات، حيث تصبح العلاقة بين الإدارة و المدارين تفاعلية أكثر من كونها
مجرد علاقة خضوع.
الاستشارة: نظرا لكون عملية نزع الملكية من اجل المنفعة العامة أصبحت ذات أبعاد
اقتصادية، اجتماعية، و سياسية فان هذه التقنية يمكن من خلالها إشراك القوى الاقتصادية
و الاجتماعية و السياسية في اتخاذ القرارات، و بالتالي فهي تكتسي صبغة ديمقراطية حقيقية
لأنها تؤدي إلى ظهور سلطة تقريرية مشتركة، فالقرار الإداري يصبح قرارا يتفاوض في شانه
و بالتالي فان هذا التوجه يقصي النموذج التقليدي الذي يتمثل في القرار الانفرادي .
اعتماد الشفافية: و هي تعني وضوح و جلاء المسلسل التقريري، و تفيد بالنسبة للأفراد
القدرة على الحصول على الوثائق و الملفات ـ ما عدا في الحالات الاستثنائية أو المصالح
العامة و احترام الحياة الخاصة للغير ـ و إخبارهم بالعناصر الواقعية و القانونية التي
ارتكزت عليها الإدارة لتقرر أو تتصرف.
وهي تلعب في مجال نزع الملكية دورا مهما و
مزدوجا، فمن جهة أولى تمكن الأفراد من تقييم مدى وجود أو عدم وجود مخاطر في استعمال
السلطة التقديرية، و من جهة أخرى تلعب دورا وقائيا، بحيث إن الإدارة تأخذ في الحسبان
إمكانية اطلاع الأفراد على الكيفية التي تم بها إصدار القرار مما يجعلها دائمة التفكير
في قرارات أكثر منطقية و اقل إجحافا.
لذلك فان سيادة الشفافية في نظام التواصل بين
نازع الملكية و المنزوع ملكيته يساعد على تحسين الفعالية الإدارية في انجاز الأعمال
و تحقيق الأهداف المرسومة، و عن طريق الشفافية يتمكن الفرد من الاطلاع على الاختيارات
أو البدائل الأساسية التي تكون في حوزة الإدارة و على أساسها يمكن برمجة المستقبل،
الشيء الذي يعزز روابط الثقة بين الإدارة و المجتمع و سيدعم ذلك أكثر بإضفاء الصبغة
الديمقراطية على القرار الإداري و ذلك بإشراك المدار في اتخاذه و استشارته فيه .
2. إدراج وظيفة استشارية للقضاء
في مسطرة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة
تعتبر رقابة القاضي الإداري مكونا من مكونات عملية نزع الملكية من اجل المنفعة
العامة، لكونه يتوفر على سلطات تعتبر حاسمة في تمكين نازع الملكية من استرسال العملية
وذلك من خلال قبوله أو رفضه لنقل الحيازة أو الملكية، إلا أن هذه الرقابة تتسم بالمحدودية
لكونها تنصب على ما هو نظري من خلال الوثائق و المستندات المقدمة، لذلك نذهب إلى ما
ذهب إليه الأستاذ "محمد اليعقوبي"
على أن القانون يجب أن يصبح وسيلة ديناميكية حيث يمكن للمشرع أن يدرج الوظيفة الاستشارية
ضمن اختصاصات المحاكم الإدارية وبالتالي المزج بين الاستشارة والقضاء، فإيجابيات هذه
الوظيفة تكمن في كونها تشكل وسيلة من وسائل تحضير القرار وأداة للوقاية من النزاع،
فالإدارة تستشير لتنويرها بالمعلومات ولكنها أيضا تفتح المجال للمشاركة في صنع القرار.
فقياس مدى الإستجابة الإدارية من خلال نمط علاقة الإدارة بالمدارين لا يخرج
عن إطار العاملين الرئيسيين التاليين:
* الكفاية والفعالية الإدارية
في إنجاز الأعمال وتحقيق الأهداف المرسومة.
* تحقيق رغبات المدارين وطلباتهم
حال حدوثهما مع تسهيل وصول المواطنين لصنع القرار الإداري.
ثم إنه إذا كانت علاقة الإدارة بالمدارين على هذا الشكل، فالمطلوب هو تمديد
خطاطة الإستجابة الإدارية إلى نطاق أشمل بحيث تأخذ في الاعتبار القضاء الإداري كطرف
مشارك في العملية الإدارية في جوانبها المختلفة، لاسيما وأن الدرس القانوني ـ كما جرت
على ذلك كل الكتابات الأكاديمية في مجال المادة الإدارية ـ يعتبر القانون الإداري ذو
طبيعة قضائية، وأبعد من ذلك فإن ارتباط وتداخل مختلف الفاعلين في المجال الإداري يقوم
على أساس فرضية تأمين مبدأ استقلال العدالة الإدارية ونزاهة أجهزة الحكم.
ولا
شك كذلك ، أن حجم التنوع في المهام يأبى الإنفراد ويستلزم أكثر من ذلك التعاون بين
الوظيفة الاستشارية والوظيفة القضائية وفي نفس الوقت استقلالية كل واحدة منهما في علاقتها
مع الأخرى، كل هذا يتطلب من المشرع أن يتبنى تقنيات تنظيمية ومسطرة ملائمة من أجل ضبط
وتوضيح القواعد التي ستجسد طلب الاستشارة.
بالإضافة إلى ضرورة تكريس مفهوم الولوج إلى المرافق العمومية باعتباره
يجسد تصورا معينا لمفهوم المصلحة العامة والتي يمكن تحديدها واقعيا من خلال
القيام بأعمال ذات مردودية يستفيد منه مجموع أفراد الأمة أو فئة غير محددة منهم، في
نطاق القيم السائدة في المجتمع والخير العام الذي يرسمه نظام الحكم القائم.
وبنفس الصيغة التركيبية حددت الأستاذة
"أمينة جبران" المصلحة العامة بالمغرب في "أقصى سقف من المكتسبات للدولة
تفلح الإدارة في انتزاعه في علاقة جدلية بين تقوية الروابط الداخلية أو الخارجية، أو
الداخلية مع الخارجية في ظل النظام العالمي الجديد"
.
ومن خلال هذا التحديد يتبين أن المسألة لم تعد
مجرد صيغ كلاسيكية في التحديد بقدر ما يرتبط الأمر دائما بنسق من الروابط/الفواصل التي
تحتاج إلى رؤية متصلة.
وعليه، فان تقليص الفجوة الإدارية رهين بخلق
إطار تعاوني يلتئم داخله مختلف المتدخلين في المجال الإداري بشكل تضامني، وعلى سبيل
المثال لا الحصر فإن فلسفة ومغزى التبسيط الإداري من منظور المتدخلين في المجال الإداري
يختلف ويتقاطع في نفس الوقت بقوة في مفردة التنمية.
فالإدارة بالنسبة لها، التبسيط
تقنية يساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية خصوصا بعد سيادة العولمة والليبرالية الاقتصادية،
في حين يتلقى القضاء نفس القضية باعتباره ورش قائم بذاته ينبغي إنجازه بكامل الفعالية
والديناميكية، الشيء الذي ينعكس إيجابا على حقوق وحريات الأفراد والجماعات.
إستنتاجات:
- إن وضع أي قرار إداري تحت سلطة رقابة القاضي، إلا ويهدف
الى تحقيق التوازن بين توجهات الإدارة، وحقوق الأفراد حتى لا يتسنى للإدارة المس
بحقوق وحريات الأفراد، ولا يسمح لهؤلاء بالتمرد ضدها مادامت ترمي لتحقيق الصالح
العام.
- لازالت الدولة
محتاجة لمقومات السلطة العمومية، فكانت عملية نزع الملكية كوسيلة قانونية تحرم المالك
من عقاره جبرا من اجل المشروع المعتبر من المنفعة العامة و ذلك و فق مسطرة تمنح نازع
الملكية مجموعة من الامتيازات من اجل أداء وظائفها حيث منحها سلطة إصدار قرارات نزع
الملكية و تنفيذها و ذلك بعد اختيارها لوقت التدخل و حجمه و كيفيته، و من الناحية الأخرى
قابل منزوعي الملكية بضمانات عن المساس بملكيتهم التي هي ذات حرمة و قدسية.
- هذه الثنائية المتمثلة في المصلحة العامة من
ناحية، وحقوق الأفراد من ناحية أخرى، هي التي فرضت تموقع الرقابة القضائية كمكون أساسي
ترتبط به هذه العملية وجودا و عدما، فكان القاضي الإداري هو الذي يأذن لها بحيازة الملكية
و نقلها، و يحكم بشرعية هذه القرارات أثناء رقابته سلطتها التقديرية، فهل تمكن القاضي
الإداري من جعلها ذات دور علاجي ووقائي كما أريد له أن يكون عندما اخضع هذه القرارات
لرقابته؟
[1] -حق الملكية هو حق عيني أصليعلى شيئ معين، يخول صاحبه
دون غيره بصورة مطلقة استعمال هذا الشيئ واستغلاله
والتصرف فيه وذلك في حدود القانون والنظام ودون تعسف، مامون الكزبري، التحفظ العقاري
والحقوق العينية الأصلية والتبعية، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1978 الصفحة
279
[2] - تنص الفقرة الأولى من الفصل 6 من دستور 2011 على
أن القانون هو اسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع أشخاصا ذاتيين واعتباريين بما فيهم
السلطات العمومية ومتساوون أمامه وملزمون بالإمتثال له.
[3]
-نصت المادة 14 من مدونة الحقوق العينية يخول حق الملكية مالك العقار دون
غيره سلطة استعمالة واستغلاله والتصرف فيه ولايقيده في ذلك إلا القانون أو الإتفاق
،
[4]- محمادي المعكشاوي، المختصر في مدونة الحقوق
العينية الجديدة على ضوء التشريع والفقه والقضاء، القانون رقم 39.08. الطبعة الأولى
2013 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص 95
[7] -مبادئ
القانون الإداري-أموال الإدارة وامتيازاتها- الدكتور سليمان الطماوي، دار الفكر العربي
1979، ص 271
[12] "on peut définir l’expropriation comme la prérogative de léEtat lui
permettant,à l’intiative d’une personne publique ou privée, dans un but
d’utilité publique et moyennant le respect d’un certain nombre de garanties de
procédure et de fond,de contraindre une personne publique ou privée à céder la propriété d’un immeuble ou d’un
droit réel immobiliter à une personne publique ou privée"
_ jean mary Auby et pierre bon , "Droit
administratif des biens", Dalloz,
Paris,1991,p.310
[24] عبد الواحد
العلمي:"شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام"، الطبعة الثالثة
2009، الصفحة 488و 489
هي من الآليات التي تعطي للعمل الإداري
نجاعة اكبر حيث تمكن الإدارة من الإحاطة بكافة المعلومات في مجال تدخلها،التنسيق في
العمل الإداري للحد من مشاكل تقاطع الوحدات الترابية، تمكن من الأخذ بعين الاعتبار
رأي من سيطبق عليهم، صدقي
معاد : " رقابة المجلس الأعلى على شكليات القرار الإداري " ، دراسة مقارنة
مع فرنسا، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا بالرباط ، 1995 ـ 1996[30]
-سمير
احيدار، قرارات نزع الملكية في القانون المغربي،اطروحة لنيل الدكتوراه تخصص حقوق، بكلية
وجدة، سنة 2006، ص 107[35]
[47] رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار بجامعة محمد
الأول،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية وجدة، سنة 2008
[48] بعد إحداث المحاكم الإدارية بالمغرب ، أصبح
القضاء الإداري تتقاسمه هذه المحاكم إلى جانب الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ، و بذلك
طرأ تغيير بنيوي على التنظيم القضائي للمملكة ، و قد تم نقل مجموعة من الاختصاصات
التي كانت في يد القضاء العادي ، و هي دعاوى القضاء الشامل ، هذا فضلا عن نقل اختصاص
الغرفة الإدارية في مجال دعوى الإلغاء إلى هذه المحاكم .
[50] ـ سمير احيدار : " قرارات نزع الملكية في القانون العام المغربي
"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية
و الاجتماعية ، جامعة محمد بن عبد الله – وجدة /2006، ص : 235 .
[51] سمير احيدار : " قرارات نزع الملكية في
القانون العام المغربي "، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم
القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، جامعة محمد بن عبد الله – وجدة /2006. ص : 240.
[54] ذ.أحمد
الصايغ "شروط تطبيق الفصول
19-24-32-40 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة" ، دفاتر المجلس
الأعلى ،العدد الأول، عدد خاص بنزع الملكية أبريل 2000،منشورات المجلس الأعلى
،مطبعة الأمنية،ص:52.
[57] وديع البقالي : السلطة التقديرية
للإدارة و دور القاضي في مراقبتها ، أطروحة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون
العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، طنجة .ص : 16
[59] محمد اجعون : اختاصات المحاكم في مجال
قرارات نزع الملكية، أطورحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ، ص : 341
[65] و يلاحظ أن القضاء الإداري الفرنسي اتجه
إلى مساندة الإدارة لنزعها للملكية لتحقيق " منفعة خاصة إذا كان بذاته يؤدي إلى
تحقيق مصلحة عامة معتبرا أن هذه الأخيرة متحققة بطريق غير مباشر عن طريق
"منفعة خاصة ".
[66] على سبيل المثال ظهيري 17 يناير 1961 المتعلق
بإعادة بناء أكادير و المرسوم الملكي بمثابة قانون بتاريخ 11 دجنبر 1965 بشان الاستثمار
السياحي لخليج طنجة .
[67] محمد الكشبور :" نظام المحاكم الإدارية
و قانون نزع الملكية "، المحاكم الإدارية و دولة القانون ، أعمال الندوة العلمية
الدولية التي نظمتها كلية الحقوق بمراكش، يومي 4 و 5 فبراير 1994، منشورات كلية العلوم
القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية – مراكش، سلسلة الندوات و الأيام الدراسية ، العدد
الخامس، الطبعة الأولى 1996. ص: 117.
[68] نسبة الملفات التي تمت نزع ملكيتها من طرف نازعي
الملكية في الميناء المتوسطي و المرافق المحاذية له.
[69] ينص الفصل 19 على: " يختص قاضي المستعجلات
وحده للإذن بواسطة أمر في الحيازة مقابل دفع أو إيداع تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض
الذي اقترحه نازع الملكية ".
[71] احمد اجعون : قرارات
نقل و انتقال الموظفين بين سلطة الإدارة و رقابة القاضي الإداري "م.م.أد.م.م ،
عدد مزدوج 38-39، ماي – غشت 2001 .
[72] ـ و يعود
ذلك إلى كون المشروع الذي تمخض عنه القانون رقم7.81 قد نوقش في اقل من يوم واحد تقريبا،
ويتعلق الأمر بيوم الاثنين 22دجنبر 1980، بل و نوقش إلى جانبه بعض مشاريع الميزانيات
الفرعية الخاصة ببعض الوزارات في ذات اليوم.
كما لوحظ انه قد كان هناك نوع من التصلب من جانب السلطة التنفيذية ـ وزارة المالية بالخصوص ـ في مواجهة أعضاء مجلس النواب
بحيث إذا كانت تلك الوزارة تسمح بإدخال بعض التغيرات المتعلقة بالشكل والصياغة أحيانا
فهي لم تكن تسمح أبدا بإدخال تغيرات تمس جوهر المشروع.
[73] راجع الأمرين الاستعجالين الصادرين عن المحكمة الإدارية
مكناس رقم 04/95/1 بتاريخ 12/2/95 ورقم 09/94/1 بتاريخ 20/12/94 و الأمر الاستعجالي
الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس رقم 12/94 بتاريخ 27 شتنبر 1994 .
ـ و نص عليها أيضا الفصل 15 من ظهير 27 شتنبر 1957 المحدث للمجلس الأعلى.
[76] هناك بعض المفاهيم المشابهة كالشراكة و
التشارك و المقاربة التشاركية و تعني هذه الأخيرة عملية تواصل أفقية مع السكان بطريقة
تضمن مشاركتهم في مسلسل اتخاذ القرار، عبر آلية الإنصات المستمر بهدف تحسين وضعيتهم
المجتمعية .
المصادر
§ القانون المنظم لنزع الملكية الخاصة بالمغرب
7.81، سنة 1981
§ الدستور المغربي 2011
§ ظهير 1982 القاصي بتنفيذ القانون 7-81
المتعلق بنزع الملكية
§ الدستور الموريتاني 2006-2012.
§ الدستور المصري
المراجع المعتمدة
الكتـــب
§ محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي،
المجلية المغربية للإدارة المحلية والتنمية، طبعة 2015
§ عبد الواحد العلمي، «شرح القانون الجنائي
المغربي»،الطبعة الثالثة 2009.
§ فؤاد العطار، «القانون الإداري»،الكتاب
الثالث، دار النهضة بالقاهرة.
§ محمد عبد اللطيف، «نزع الملكية لأجل المنفعة
العامة»،دار النهضة العربية بالقاهرة.
§ محمد الكشبور، «نزع الملكية لأجل المنفعة
العامة»،قراءة في النصوص وفي مواقف القضاء
§ مليكة الصروخ، «القانون الإداري،دراسة
مقارنة»،الطبعة الخامسة، مع آخر المستجدات.
§ أحمد أعجون، وظائف الإدارة ووسائلها،
2015.2016
§ الأستاذة مليكة الصروخ : « العمل الإداري» ، الطبعة الأولى 2012.
§ أحمد أجعون : « العمل الإداري» ، الطبعة
2015.
§ حسن عفوي ، مسطرة نزع الملكية في التشريع
المغربي "، مجلة الملف – العدد الرابع /2004
§ الأطروحــات والرسائل
§ سمير احيدار : " قرارات نزع الملكية في
القانون العام المغربي "، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية
العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، جامعة محمد بن عبد الله، وجدة /2006.
§ - احمد اجعون: " اختصاصات المحاكم
الإدارية في مجال قرارات نزع الملكية " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية ز الاجتماعية ، جامعة محمد الخامس
الرباط / 1999 ـ 2000 .
§ وديع
البقالي : السلطة التقديرية للإدارة و دور القاضي في مراقبتها ، أطروحة لنيل دبلوم
الدراسات المعمقة في القانون العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و
الاجتماعية ، طنجة .
المقالات
§ ذ.أحمد الصايغ "شروط تطبيق الفصول 19-24-32-40 من قانون نزع الملكية لأجل
المنفعة العامة" ، دفاتر المجلس الأعلى ،العدد الأول، عدد خاص بنزع الملكية
أبريل 2000،منشورات المجلس الأعلى ،مطبعة الأمنية،ص:52.
§ محمد الكشبور :" نظام المحاكم الإدارية
و قانون نزع الملكية "، المحاكم الإدارية و دولة القانون ، أعمال الندوة
العلمية الدولية التي نظمتها كلية الحقوق بمراكش، يومي 4 و 5 فبراير 1994، منشورات
كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية – مراكش، سلسلة الندوات و الأيام
الدراسية ، العدد الخامس، الطبعة الأولى 1996.
§ أحمد اجعون : قرارات نقل و انتقال الموظفين
بين سلطة الإدارة و رقابة القاضي الإداري "م.م.أد.م.م ، عدد مزدوج 38-39، ماي
– غشت 2001 .
النصوص القانونية
§ قرار المجلس الأعلى عدد 67 صادر بتاريخ 14
مارس 1991 ملف عدد 10316 / 82 قضية " ميموزا ".
§ ظهيري 17 يناير 1961 المتعلق بإعادة بناء
أكادير و المرسوم الملكي بمثابة قانون بتاريخ 11 دجنبر 1965 بشان الاستثمار
السياحي لخليج طنجة .
§ ظهير 27 شتنبر 1957 المحدث للمجلس الأعلى.
§ ملف إداري عدد 7250
§ الفصل 3 من ظهير 06 أبريل 1982
§ جريدة رسمية، عدد 3321 بتاريخ 23 يونيو.
§ الفصل 03 من ظهير 31 غشت 1914
§ الفصل 15
من ظهير 03 أبريل 1951
§ جريدة رسمية،عدد 3066،بتاريخ 04 غشت 1971.
§
جريدة رسمية،2854،بتاريخ 12 يوليوز 1967.
0 التعليقات:
إرسال تعليق