النفقة الزوجية بين الواجب ومبدأ المساواة

ذة. أمال ناجى

باحثة جامعية

مقدمة:

إن النفقة هي محل نقاش واسع فهي وكما يقر به الشرع الإسلامي واجب على الزوج اتجاه زوجته، فالزوجية هي السبب الأول في وجوب النفقة، ذلك أن انفصال الأموال السائد في التشريعات العربية المستمد من الشريعة الإسلامية يقضي بإلزام الزوج وحده بالإنفاق.

فالنفقة تكليف مالي وحق من حقوق الزوجة على زوجها، فتكليف الزوج بالنفقة كان سائدا منذ القديم وهو ما تقره الشريعة الإسلامية، ومحل إجماع الفقهاء. 

وتعتبر النفقة من الحقوق المالية المرتبطة بعقد الزواج، وهي من أكثر المواضيع إثارة للجدل، نظرا لعدم ملاءمتها للأوفاق الدولية، هاته الأخيرة التى تؤكد على مبداً المساواة في العلاقات بين الزوجين، واعتماد مساهمة كلا الزوجين في تدبير شُؤون الأسرة بما في ذلك الإنفاق، الأمر الذي يتعارض والأحكام الثابتة شرعا، التى تقضي بوجه عام أن نفقة كل إنسان في ماله ما عدا الزوجة فإن نفقتها واجبة على الزوج.

ومن ثم فالقاعدة المعتمدة شرعا إلزام الزوج بالنفقة دون الزوجة، غير أنه ليس هناك ما يمنع من إشراك الزوجة في تحمل أعباء الحياة خاصة أمام عجز بعض الأزواج عن نوفير مختلف الحاجيات الضرورية، لذلك فإن تطبيق مبدأ المساواة في العلاقة الزوجية الذي أكدته مدونة الأسرة في غير ما محل، تقتضي مساهمة الزوجة في الإنفاق.

إن طرح هذا الموضوع له من الأهمية التي ينفرد بها عن غيره من المواضيع، خاصة في ظل مدونة الأسرة هاته الأخيرة التي كرست مبدأ المساواة في كل مقتضياتها، فهذا الموضوع - النفقة - ما كان ليطرح في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة والتى

كانت ترسخ مبدأ التمييز، واعتبار الزوج هو المكلف برعاية الأسرة.

الأمر الذي تغير في ظل مدونة الأسرة التى أقرت بمبدأ المساواة وعملت على تحقيق أهدافه في مدوادها حيت أصبحت الزوجة تشارك الزوج في رعاية الأسرة، وأن الواجبات والحقوق بينهما أصبحت قائمة على أساس التساوي والتشارك، الأمر الذي جعل البعض يستنتجون أن إرادة المشرع سيطرت عليها مبادئ العدل والمساواة، وإقرار حقوق جديدة للزوجة، وحرمان الزوج .

ومن هنا فإن ما يمكن التساؤل بشأنه هو إلى أي حد كانت مدونة الأسرة المتضمنة لمبادئ المساواة موفقة في تنظيم أحكام النفقة؟ وأتساءل أيضا عن أساس إلزام الزوج بالإنفاق، وهل هذا الإلزام أثر في صياغة المقتضيات الخاصة بالنفقة؟ ومدى انسجام أحكام النفقة مع مبادئ العدل والإنصاف والمساواة التى جاءت بها مدونة الأسرة كتأثر من الاتفاقيات الدولية، خاصة في ظل رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي قام بها المغرب؟

لتحميل هذا المقال إضغط هنا

شاركه على جوجل بلس