عمد المشرع المغربي إلى توفير مجموعة من الآليات القانونية والقضائية تعمل على إحاطة الملكية العقارية بالحماية التامة وارتقى بها الى مصاف الحماية الدستورية، وذلك بموجب الفصل 235 من الدستور، والذي اعتبرها من أهم الحقوق الراجعة للأفراد التي لا يمكن المساس بها إلا بموجب القانون وفق الإجراءات المحددة سلفا، بالإضافة إلى ربط الميدان العقاري بمنظومة التوثيق الرسمي لما توفره من إستقرار في المعاملات العقارية، بسبب جو الثقة الذي تمنحه للمتعاملين في المجال العقاري.
ويكون بذلك المشرع قد حقق حاجة الأفراد الماسة إلى من يوجههم التوجيه القانوني السليم لضبط تصرفاتهم، وضمان حقوقهم و صيانتها من العبث أمام تعدد و تنوع المعاملات و تشعب القوانين من جهة و انتشار عمليات النصب و الإحتيال المستهدفة للملكية العقارية من جهة أخرى. ولا يتأتى ذلك إلا بعمل المشرع الدؤوب و الجاد على سن ترسانة قانونية ذات الصلة بتنظيم المجال العقاري، الهدف منها حماية المعاملات العقارية و ضمان استقرارها، بالشكل الذي يتحقق معه الأمن بجميع مستوياته ( قانوني، قضائي، عقاري )، و من أهمها نجد القوانين العقارية الخاصة.
وهي القانون رقم 18-00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، و قانون رقم 44-00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز، و القانون رقم 51-00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، بعدها القانون رقم 16-03 المتعلق بخطة العدالة، و قانون رقم 32-09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، لتأتي بعد ذلك الخطوة الأخيرة بصدور مدونة الحقوق العينية، و تعد خطوة جريئة و طفرة نوعية تعتبر من دون شك إحدى اللبنات الأساسية في إطار المقاربة الشمولية لإصلاح منظومة التوثيق من خلال ترسيخها مبدأ رسمية العقود الواردة على التصرفات العقارية و إجراءاتها على مستوى الواقع العملي، عن طريق مؤسسة التوثيق الرسمي بشقيها العدلي والعصري، نظرا لاعتبارها إحدى الدعامات الأساسية لاستقرار المعاملات العقارية و تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الضمانات العديدة التي توفرها للمتعاقدين في الحصول على وثيقة رسمية مضبوطة لا يمكن الطعن فيها الا بسلوك مسطرة معقدة تكون حاجز أمام المتلاعبين بحجية العقود التوثيقية.
وتماشيا مع غايات المشرع المغربي في توفير الحماية اللازمة لمستهلكي العقار وتحقيق الأمن العقاري للمنعشين والمستثمرين المحليين والأجانب، وضع على عاتق مهني التوثيق تنفيد جملة من الإلتزامات المنصوص عليها في كل من قانون التوثيق وخطة العدالة، كما أقرعقوبات في حق كل من قصر أو ثبت في حقه إحدى الأفعال التي من شأنها المساس بمصداقية المحرر الرسمي.
و إذا كان المشرع قد سن مجموعة من النصوص القانونية الرامية إلى تحقيق الأمن العقاري و التخفيف من حدة المشاكل التي يعرفها المجال العقاري خاصة على مستوى توثيق التصرفات الواردة عليه، من خلال إقراره مبدأ رسمية العقود و تضييق الخناق على المحررات العرفية، فإن مجمل هذه الخطوات بقيت دون ما كان مأمولا منها، حيث ثبت من خلال التطبيقات العملية لها على أرض الواقع أنها لم تحد من عمق المشاكل التي يتخبط فيها القطاع العقاري ببلادنا بصفة عامة و الجانب التوثيقي بصفة خاصة، بسبب مجموعة من الإكراهات القانونية و العملية التي حالت دون تحقيق الغاية المنشودة من المشرع.
0 التعليقات:
إرسال تعليق