ذ. محمد أزدو
كلية الشريعة أكادير
تعتبر الخبرة الطبية من بين أهم مستجدات مدونة الآسرة، فبالرجوع إلى مقتضيات المدونة نجد أن المشرع المغري ومسايرة منه للإكتشافات العلمية التي عرفها مجال العلوم البيولوجية، تم تفعيل مقتضيات الخبرة بشكل لافت للنظر على خلاف مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، التي لم تورد الخبرة إلا في فصلين : الفصل 7 والفصل 76، ومن المجالات التي تم توظيف الخبرة فيها حسب مدونة الأسرة نذكر : مسألة ثبوت الزوجية بحيث إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية على سائر وسائل الإثبات بما فيها الخبرة (المادة 16)، ومسألة إثبات مدى قدرة الفتى والفتاة دون سن الأهلية على الزواج، بحيث يمكن لقاضي الزواج الاستعانة بخبرة طبية (المادة 20)، ومسألة زواج المصاب بإعاقة ذهنية حيث لا يأذن له القاضي بذلك إلا بعد تقديم تقرير من طرف طبيب خبير(المادة 23)، ويستعان أيضا بالخبرة الطبية في مجال معرفة العيوب المانعة من المعاشرة الزوجية والتي تخول للطرف المتضرر منها المطالبة بإنهاء العلاقة الزوجية (المادة 111)، نفس الشىء في حالة ادعاء المعتدة الريبة في الحمل وحصول المنازعة في ذلك، فالمحكمة تستعين بالخبرة الطبية للتأكد من وجود الحمل (المادة 134)، ويمكن الاستعانة بالخبرة الطبية كذلك في مجال إقرار الحجر ورفعه (المادة 222)، هذا إضافة إلى توظيف الخبرة الطبية في مجال النسب من حيث إثباته ونفيه، فالمشرع المغربي لم يعد يحيل في مجال إثبات النسب ونفيه على الوسائل الشرعية فقط بل أضاف الخبرة كوسيلة جديدة يمكن توظيفها سواء في إثبات النسب أو نفيه، وهنا تثير الخبرة الطبية مجموعة من الإشكاليات خاصة فيما يتعلق بتنازعها مع الوسائل الشرعية لإثبات النسب ونفيه، وبالتالي تعارضها مع نصوص شرعية قاطعة نظمت مسألة النسب من حيث إثباته ونفيه، ويتضح ذلك جليا في تنازع الخبرة مع اللعان كوسيلة شرعية لنفي النسب.
فا هي إذن تجليات تنازع الخبرة الطبية مع وسائل إثبات النسب الشرعية كالفراش والإقرار؟ وكذا مع اللعان كوسيلة شرعية لنفي النسب ؟ وكيف تتعامل المحاكم المغربية مع هذا التنازع ؟ وهل إعمال الخبرة الطبية في مجال النسب ساهم في تمكين الأطفال من حقهم في نسب شرعي مع العلم أن من أهم أهداف مدونة الأسرة هي حماية حقوق الطفل ؟ وقبل ذلك كله لابد من إبراز أهم تطبيقات الخبرة الطبية على مستوى النصوص الصريحة لمدونة الأسرة، وكذا تطبيقاتها على مستوى بعض الحالات غير الصريحة في المدونة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق