مقدمة
تشكل المقاولة في عصرنا الحالي النموذج الأمثل لممارسة الأنشطة التجارية وأداة للإقلاع الاقتصادي، من أجل ذلك أولت التشريعات أهمية لمقاولتها من حيث حمايتها والنهوض بها، وذلك حتى تتلائم مع محيطها الوطني والعالمي، كما أن التحول التشريعي يعتبر نقلة إيجابية في مجال المعاملات التجارية، بالنظر إلى التحولات والتغيرات المحلية والدولية التي انحازت إلى اختيار النهج الليبرالي كمبدأ أساسي للنظام الاقتصادي.!
ولما كان غاية التشريعات تهدف بالأساس حماية المقاولة من الصعوبات التي تواجهها أثناء مزاولة نشاطها، فإن هذه الأخيرة وضعت ترسانة قانونية لمعالجة الصعوبات التي قد تعترضها، ومن بين هذه التشريعات نجد التشريع الفرنسي الذي أحدث نظام صعوبات المقاولة أواسط الثمانينات من القرن العشرين، بدأ من قانوني فاتح مارس 1984، و25 يناير 1985 والتعديلات التي طرأت عليه، والتي حاول من خلالها المشرع الفرنسي تنظيم مجموعة من المساطر الجماعية للحيلولة من الصعوبات التي قد تعترض المقاولة، ومن ضمن هذه المساطر نجد مسطرة الإنقاذ التي تم تنظيمها بمقتضى القانون التجاري الفرنسي.
وعلى هذا النهج سار كذلك المشرع المغربي بإدراج المساطر المؤطرة لصعوبات المقاولة ضمن الكتاب الخامس من مدونة التجارة، من قبيل وضع هيكلة جديدة لهذه المساطر همت مساطر التسوية والتصفية، بالإضافة إلى أهم مقتضى جاء به ويتعلق الأمر بمسطرة
الإنقاذ، التي جعلها المشرع حجر الزاوية ضمن التعديل الأخير للكتاب الخامس من مدونة التجارة.
وتعتبرمسطرة الإنقاذ آلية يمكن استعمالها إذا كانت المقاولة التي تواجهها أو تعترضها صعوبات لكنها لم تصل لوضعية التوقف عن الدفع، حيث يتم حمايتها من قبل المحكمة وذلك من أجل إعادة هيكلتها وإجراء مفاوضات مع الدائنين حتى لا تصل لوضعية التوقف عن الدفع. وتحضى مسطرة الإنقاذ بأهمية على المستوى النظري في تقديرها لوقاية المقاولة رغم كونها مسطرة قضائية، فهي مزجت بين مساطر الوقاية وبين مساطر المعالجة؛ بحيث يمكن اعتبارها امتدادا للمساطر الوقائية، فالمحكمة بمقتضى هذه المسطرة ليست فقط جهة تفرض الردع، بل من جهة أخرى تعمل على اتخاذ تدابير وقائية للحفاظ على المقاولة المعنية، حيث تحاول تحقيق التوازن بين القوى المتمثلة في المدين ودائنه عن طريق حماية المدين من قبل المحكمة بضمان استمرار نشاطها والحفاظ على فرص الشغل مع ضمانة أداء الديون.
وباستقرائنا للمقتضيات القانونية المنظمة لمسطرة إنقاذ المقاولة، فإنها تثير إشكالات تهم أساسا البحث عن فلسفة المشرع المغربي إزاء هذه المسطرة، حيث أنه بالرجوع إلى القانون الفرنسي نجده قد قام باتخاذ العديد من التدابير من خلال إقراره لمؤسسات متعددة
تعمل على إنجاح مخطط الإنقاذ، بالإضافة إلى تعديلات تشريعية حاول من خلالها توفير فرص أكبر للإنقاذ المقاولة ومساعدتها على تخطي الصعوبات التي تواجهها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق