مقدمة
تعتبر الدعاوى القضائية المجال الخصب والطبيعي للمقارعة بين الأدلة، ففيها يتهافت كل طرف من أطرافها للإدلاء بما له من أدلة وحجج طمعا في إقناع القضاء بصحة إدعائه والاستئثار بموضوع الدعوى، فيسعى جاهدا إلى طرح أقوى ما لديه من أدلة ورد أقوى ما لدى خصمه.
ولما كانت الكتابة هي أقوى أدلة الإثبات على الإطلاق، فإن السعي إلى هدم قوتها والنيل من حجية الدليل الكتابي يعد أبرز مظاهر سعي الأطراف إلى رد أدلة الخصم، وأهم تجليات مساهمتهم في تحقيق الدعوى .
هذا، وان تحقيق غاية هدم الدليل الكتابي المدلى به في الدعوى المدنية خاصة ورده على صاحبه يبدو صعب المنال دون سلوك الطريق المحدد قانونا لذلك إما في القوانين الموضوعية أو الإجرائية المنظمة لأدلة الإثبات الكتابية وهي أساسا في قانون الالتزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية.
وبالرجوع إلى هذه القوانين نجدها في هذا الاتجاه تميز بين طريقين أحدهما خاص بالورقة العرفية والآخر تشترك فيه الورقة العرفية والرسمية معا، فأما الخاص بالدليل الكتابي العرفي فهو إنكار الخط أو التوقيع صراحة، أو الاكتفاء في حالة الوارث أو الخلف بالتصريح بعدم معرفة خط أو توقيع من ينسب إليه المحرر، في حين أن الذي يشترك فيه الدليل الكتابي العرفي مع الرسمي هو ادعاء زورية المحرر وعدم صحته .
وحسبنا نحن أن ندرس - تماشيا مع موضوع بحثنا - طريقة الطعن بالزور في المستندات المقدمة في الدعوى المدنية، أو بتعبير قانوني أدق طريقة الطعن بالزور الفرعي، والمنظمة في الفصول من 92 إلى 102 من قانون المسطرة المدنية، فنتطرق في هذه المقدمة قبل الخوض في تفصيل الموضوع لبعض المبادئ والأسس العامة المرتبطة بها كالأتي:
0 التعليقات:
إرسال تعليق