عبيد محمد ياسين
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، الذي أنزل القران ووضع الميزان، وأوضح لعباده سبيل الأقضية والأحكام، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد إمام المرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد؛ فإن علم التوثيق من أجل العلوم قدرا وأعظمها خطرا، إذ به تستخرج حقوق الأنام، وبه يستبصر القضاة والحكام، وتسكن النفوس إلى الثقة والائتمان، ويسود المعاملات الأمن والاطمئنان.
وتزداد أهميته إذا أخذنا بعين الاعتبار حفاظه على الملكية العقارية واستقرارها، لذلك أوصى الله عباده بكتابة معاملاتهم وتصرفاتهم في آية الدين.
التعريف بموضوع البحث:
يتطلب تحديد موضوع البحث أن يتم تحديد المقصود بالمصطلحات الواردة في العنوان "التوثيق" و "التصرفات العقارية" ....... وبعد تحديدها يمكن على إثر ذلك تحديد نطاق موضوع البحث بالقول:
إن العقار في المغرب يكتسي أهمية قصوى لما له من دور في استدامة التنمية والدفع بعجلة الاستثمار المهيكل والمنتج» لذلك عمل التشريع المغربي - على غرار كثير من التشريعات - على وضع ضوابط وأنظمة قانونية لحماية الملكية العقارية والحقوق المرتبطة بها.
واذا كان المشرع المغربي قد سن في وقت ليس ببعيد، جملة من النصوص القانونية الرامية إلى التخفيف من حدة المشاكل التي يعرفها مجال العقار خاصة على مستوى توثيق التصرفات الواردة عليه، سواء من خلال القانون - 90.25 المتعلق بالتجزئات العقارية، أو القانون رقم 00.18 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، أو القانون رقم 00.44 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز، أو القانون رقم 00.51 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، أو القانون 03.16 المتعلق بخطة العدالة؛ فإن مجمل هذه الخطوات بقيت دون ما كان مأمولا منها، حيث ثبت من خلال التطبيقات العملية لها أنها لم تحد من عمق المشاكل التي يتخبط فيها القطاع العقاري ببلادنا بصفة عامة والجانب التوثيقي منه بصفة خاصة.
ولعل هذا ما دفع المشرع إلى أن يخطو خطوة أخرى في درب الإصلاح عن طريق تجديد منظومته القانونية وتحيينها، حيث أصدر مؤخرا مدونة الأوقاف، وقانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري المغير والمتمم لظهير 09 رمضان 1331هـ ( 12 غشت 1913 )، والقانون رقم 08.39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، والقانون رقم 09.32 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.
إن صدور مدونة الحقوق العينية - على الخصوص - وما جاءت به من مستجدات فيما يهم توثيق التصرفات العقارية يشكل لبنة مهمة وخطوة هامة ستسهم أولا في تجاوز التضارب الحاصل في الأحكام القضائية الصادرة في المنازعات العقارية بسبب ما كان عليه الأمر من تنوع القواعد الفقهية وعدم وجود مرجعية موحدة وملزمة يستند إليها القضاء عند بته في القضايا، حيث كانت العقارات المحفظة خاضعة للتشريع المتعلق بالتحفيظ العقاري لسنة 1913 وللمرسوم الملكي الصادر في 02 يونيو 1915 المطبق على الحقوق العينية بالعقارات المحفظة، في حين كانت العقارات غير المحفظة والحقوق العينية المرتبطة بها خاضعة لأحكام الفقه الإسلامي والاجتهاد القضائي، ثم ثانيا في القضاء على ازدواجية المحررات وخلق جو من الثقة والاتتمان لدى المتعاملين وحماية حقوق أطراف العلاقة التوثيقية والأغيار ودعم مبدأ مسؤولية محرر العقد، من خلال إسناد مهمة توثيقها لأشخاص محددين ومؤهلين لهذه العملية وذوي كفاءات عالية والمام واسع بالقواعد القانونية المنظمة لها، وتقرير جزاء البطلان عند مخالفة هذه الأحكام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق