مقدمة
إذا كانت مسطرة التحفيظ العقاري هي مجموعة الإجراءات التي سنها ظهير 13 غشت 1913. المعدل والمتمم بمقتضى القانون 14.07، المتعلق بنظام التحفيظ العقاري. لإخراج العقار من وضعية سابقة هي وضعية العقار غير المحفظ إلى وضعية قانونية أخرى أطلق عليها نظام العقار المحفظ. فان مسطرة التحفيظ هاته تنقسم إلى شقين : هناك مسطرة التحفيظ الإدارية، وهذا هو المبدأ، تشرف على سيرها سلطة إدارية تتجسد في المحافظ العقاري، وإذا كانت بدورها تتخللها بعض الإجراءات القضائية، تم هناك المسطرة القضائية التي يشرف عليها القضاء كنتيجة منطقية لوجود تعرضات ضد مسطرة التحفيظ، تحال على أثرها ملفات التحفيظ على
أنظار القضاء.
وإذا كان الأصل في القواعد الإجرائية أنها ترد في قانون المسطرة المدنية، باعتباره الشريعة العامة لكل القوانين المسطرية؛ فان ظهير التحفيظ العقاري أفرد قضايا التحفيظ بمجموعة من القواعد المسطرية التي تختلف عن نظيرتها في القضايا العادية، كما أحال على قانون المسطرة المدنية في أحيان كثيرة، وسكت عن تنظيم مسائل مسطرية أخرى. الأمر الذي يقتضي البحث أولا على الخصوصيات المسطرية التي جاء بها ظهير التحفيظ العقاري، وثانيا مدى جواز الرجوع إلى القانون المسطري العام وهو قانون المسطرة المدنية، في الحالات التي التزم فيها ظهير التحفيظ العقاري الصمت.
إن الخصوصيات المسطرية التي جاء بها ظ ت ع تبدأ منذ تقديم الدعوى إلى غاية تنفيذ الحكم القضائي . ذلك أن تقييد دعوى التعرض على مطلب التحفيظ لا ينطلق من تقديم مقال افتتاحي كما هو الشأن بالنسبة للدعوى العادية، وإنما يحال الملف من طرف المحافظ العقاري على المحكمة الابتدائية التي يوجد في نطاقها العقار.
وإذا كانت دعوى التعرض لا تقدم في شكل مقال افتتاحي. بل تحال من طرف المحافظ على المحكمة المختصة. فان الإشكال الذي يطرح هو مدى جواز مراقبة الشروط الموضوعية والشكلية للتعرض من قبل قضاء التحفيظ، وبصيغة أخرى مدى إمكانية الحكم بعدم قبول الدعوى من قبل هذا الأخير.
عرف موضوع البت في التعرضات تطورا هاما منذ دخول ظهير التحفيظ العقاري إلى المغرب في عهد الحماية؛ وذلك في النقطة المتعلقة بالمبادئ التي تحكم البت في التعرضات، بحيث أن هذه الأخيرة كانت في بداية الأمر مجرد اجتهادات قضائية تواثر القضاء الفرنسي آنداك على البت في منازعات التعرضات وفقها إلى أن ارتقى بها المشرع إلى مقتضيات قانونية تجسدت في الفصل 37 من ظ ت ع، ومن جانب آخر يعتبر أول من انتبه إلى هذه المبادئ التي تحكم قضاء التحفيظ أثناء بته في دعوى التعرضات، الباحث الفرنسي "جاك كاي" في أحد بحوثه الجامعية.
ويكتسي موضوع خصوصيات منازعات التعرضصات الواردة على العقار في طور التحفيظ أهمية جوهرية إن على المستوى النظري أو على المستوى العملي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق