صعوبة تنفيذ الأحكام العقارية



مقدمة:

إن حق التقاضي حق كوني جعله الله سبحانه وتعالى لعباده الذين اعتدي على حق من حقوقهم، وجعل من رسله و أنبيائه حكاما بين الناس، إذ قال في محكم كتابه :" لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط".

وفي عصرنا هذا قد تطورت مؤسسة القضاء وأصبح لدينا قضاء متخصص، ومبادئ تحكم التفاضي وهي العلانية والمجانية والتقاضي على درجتين و استقلال السلطة القضائية والهدف من اللجوء إلى القضاء هو استصدار حكم فاصل في النزاع؛ إذ لا يمكن للأطراف أن يقتضوا حقوقهم بنفسهم. واستصدار حكم من القضاء هو ليس غاية في حد ذاته إذ لا فائدة و لا جدوى من صدور حكم دون تنفيذه؛ والتنفيذ يعتبر أهم مرحلة من مراحل التقاضي وأعقدها وأطولها، حيث يجمع شراح و دارسي القوانين المسطرية أن أكثر المسائل تعقيدا في قانون المسطرة المدنية هي التبليغ و التنفيذ إذ لتنفيذ الحكم يحتاج الأمر إلى سنين أن تم تنفيذه؛ والتنفيذ هو ثمرة الحكم و يعزز هذا الأمر أي أهمية التنفيذ ما جاء في رسالة سيدنا عمر رضي الله عنه الموجهة إلى أبي موسى الأشعري بمناسبة توليه القضاء، حين قال :" لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له ".

لهذا فعدم تنفيذ الحكم فيه إهانة للقضاء والقضاة الذين اجتهدوا من أجل الوصول إلى الحقيقة، وكل ذلك من أجل إنصاف المظلوم وإحقاق الحق، ولا يخفى على دارس القانون ولاسيما المهتم بالمجال العقاري المشاكل التي تعترض تنفيذ الأحكام العقارية، وبخاصة تلك المتعلقة بالعقار المحفظ، إذ تكون هذه المهمة معقدة وقد تستحيل في بعض الأحيان.

إن تنفيذ الأحكام العقارية قد تعترضه صعوبات قانونية أو واقعية وقتية أو موضوعية تحول دون اتمامه أو على الأقل تأجيله إلى وقت لاحق، وهذه الصعوبة هي على أنواع إذ قد تكون صعوبة وقتية وتعرض على محكمة الرئيس إما بصفته قاضي المستعجلات أو بصفته تلك حسب الأحوال؛ وذلك من أجل وقف التنفيذ إلى حين بت محكمة الموضوع في الجوهر، أو قد تكون صعوبة موضوعية وتعرض على محكمة الموضوع من أجل النظر في النزاع، وهنا ينازع مثير الصعوبة في أصل التنفيذ، إذ ينكر على من يريد التنفيذ حقه في ذلك، وقد تكون هذه الصعوبة واقعية أو قانونية فأما الصعوبة الواقعية تتكون من الوقائع التي تحدث بعد صدور الحكم وليست تلك التي سبق عرضها أمام المحكمة، إذ في هذه الحالة لا يمكن لأي كان أن يثير صعوبة واقعية بشأن وقائع نص من نصوص القانون الشكلية أو الموضوعية؛ كأن لا يتم احترام إجراءات التبليغ أو كأن يتم الاعتراف بحق شخص ما في ملكية عقار يدخل ضمن الأملاك العامة للدولة.

ولرفع صعوبة التنفيذ لابد من توافق شروط معينة، وتنقسم إلى شروط عامة يلزم توافرها في سائر الدعاوى وشروط خاصة بإثارة صعوبة التنفيذ، هذا وقد حدد الفصل 436 من ق.م.م الأشخاص الذين يحق لهم إثارة صعوبة التنفيذ وهم: أطراف النزاع و مأمور التنفيذ وقد وقع اختلاف في إمكانية إثارة صعوبة التنفيذ من طرف الغير الذي تضررت مصالحه، والجهة المختصة فى نظر دعوى
صعوبة التنفيذ هي ليست واحدة، بل يختلف الأمر حسب ما إذا كانت الصعوبة عادية أم تجارية أم إدارية؟ وهل هي محكمة أول درجة أم محكمة استئنافية؟ إذ على هذا الأساس يتم تحديد الاختصاص في نظر دعوى صعوبة التنفيذ.

من كل ما سبق دراستنا هذه إلى فقرتين على الشكل التالي:
الفقرة الأولى : ماهية صعوبة التنفيذ وشروطها
الفقرة الثانية : أطراف صعوبة التنفيذ والجهة المختصة بالبت فيها


شاركه على جوجل بلس
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق