الأجهزة المتدخلة في مسطرة الانقاذ والتسوية والتصفية القضائية



مقدمة

تتعدد مفاهيم المقاولة لدى جل الباحثين بين ما هو قانوني واقتصادي انطلاقا من العناصر المكونة لها، وكذا المكانة التي تحتلها داخل النسيج الاقتصادي الوطني وكذا الدولي، وكما هو معلوم فالمقاولة عند تسييرها وتدبير نشاطها الاقتصادي من طرف ممثلين قانونيين أو فعليين، قد تعترضها بعد المشاكل التي ربما تحول دون استمراريتها، لذلك قامت التشريعات المختلفة بوضع نصوص قانونية تساعد المقاولة على تجاوز الصعوبات التي قد تمر بها والمغرب بدوره عمل على نفس المنوال حيث أصدر مجموعة من القوانين التي تؤطر الموضوع كان أهمها قانون 15.95 الذي يحتوي على مساطر تعوض تلك التي كان ينظمها نظام الإفلاس لسنة 1913، بحيث أصبحت المقاولة مخاطبة بأحكام هذا القانون المستقى من القانون الفرنسي ل 25 يناير 1985 المتعلق بالتسوية والتصفية القضائية للمقاولة، الذي يعد مصدرا تاريخيا له.

وجاء هذا النظام نظرا للمساوئ التي كانت تحوم حول النظام القديم المعتمد سنة 1913 حيث أحدثت هذه المساطر قطيعة مع نظام الإفلاس بتكريسها منظومة جديدة من المفاهيم التي حظيت باهتمام الكثير من الباحثين والمهنيين ذلك أن هذا الأخير أصبح عاجزا عن مواكبة التطور الذي عرفه الاقتصاد العالمي، بسبب اعتماده على تصفية أموال المدين المتوقف عن الدفع وهو ما كان يؤدي إلى الإضرار بمجموعة من المؤسسات المعنية، وعلى رأسها مؤسسة التشغيل، وبهذا يكون نظام الإفلاس قد أثبت إفلاسه لأنه لم يكن يهتم
بالمقاولة رغم أهميتها، ولم يولي أهمية للصعوبات التي تعانيها، وما يبرر ذلك أنه كان بمجرد توقفها عن تسديد ديونها يلجأ مباشرة إلى تصفية أصولها بين الدائنين، ففي ظل هذا الوضع كان من اللازم التفكير في إيجاد صيغة قانونية لمواجهته، خصوصا أن هذا القانون عمر وقتا طويلا بحيث لم يلحقه أي تعديل إلا في سنة 1951 بموجب ظهير 10 فبراير1951 المأخوذ عن القانون الفرنسي المؤرخ في 8 غشت 1935.

لذلك استغنى المشرع المغربي في مدونة التجارة عنه، وانتقل إلى العمل بنظام صعوبات المقاولة، هذا الأخير بدوره لم يسلم بدوره كباقي القوانين للانتقادات وذلك لغموض بعض المفاهيم وعدم فعالية بعض مساطره، وصعوبة الوصول إلى المبتغى الذي يسعى إليه
هذا القانون، ما أدى إلى تعديله بآخر هو القانون 73.17 الذي حاول فيه المشرع تصحيح بعض الإنتقدات الموجة إليه فعمل على وضع مساطر جديدة وأضاف أجهزة أخرى كل ذلك من أجل جعل هذا النظام يتلاءم مع البيئة التجارية المغربية .

فالمقاولة تمر بمراحل متعددة حينما تخضع لنظام صعوبات المقاولة لعل أهمها مرحلة التسوية القضائية التي تأتي بعد مرحلة التوقف عن الدفع حيث تقوم جميع الأجهزة المتدخلة في هذه المسطرة بمحاولات لإسعاف المقاولة قبل اختلالها بشكل لا رجعة فيه، عبر آليات فرضتها طبيعة وأهداف هذه المسطرة كما فرضها أيضا الانسجام الذي يجب أن يحصل بين الوظيفة الاقتصادية للقضاء التجاري مع هذا النوع من القضايا.

إلا أنه بالرجوع للقانون 73.17 نجده جاء بمستجد يتعلق بمرحلة تدخل بعض هذه الأجهزة في هذا النظام حيث خول للقاضي المنتدب والسنديك التدخل ولو بصفة غير مؤثرة قبل توقف المقاولة عن الدفع وذلك خلال المسطرة الجديدة المسماة بمسطرة الإنقاذ وسوف نحاول الإشارة لبعض إختصاصاتهم في هذه المسطرة إلى جانب مسطرة التسوية والتصفية.



شاركه على جوجل بلس
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق