لقد عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة إصلاحات هامة في إطار ترسيخ نظام اللامركزية وتدعيم أسس الديمقراطية المحلية، من خلال توسيع نطاق اختصاصات المجالس المحلية في مجال تدبير الشأن المحلي حتى يتسنى لهذه الأخيرة القيام بالاختصاصات المنوطة بها كفاعل وشريك حيوي للدولة والقطاع الخاص في مجال التنمية المحلية، وقد كان لهذه الإجراءات التي توجت بدخول الميثاق الجماعي حيز التطبيق، أثر كبير انعكس بالإيجاب على تدخل الوحدات الترابية في مجالات التنمية المحلية.
ويندرج إصلاح جبايات الجماعات المحلية ضمن مسلسل الإصلاحات المعتمدة من طرف الحكومة والهادفة إلى تطوير وتعزيز نظام اللآمركزية ووضع الترسانة القانونية والمالية رهن إشارة الوحدات الترابية لمساعدتها على تحسين مستوى تدخلاتها والاضطلاع على الوجه المطلوب بالدور المنوط بها في مجال التنمية الشاملة وترسيخ سياسة القرب.
ومن هذا المنطلق؛ فإن وزارة الداخلية أدرجت إصلاح جبايات الجماعات المحلية المتعلقة بالعقارات سواء المبنية أو غير المبنية ضمن الأولويات في إطار ورش الإصلاحات الجوهرية التي يجب القيام بها في هذا المجال.
ويعتبر مفهوم الجباية المحلية مفهوم جديد بالنسبة للمغرب بحيث قبل الحماية لم يعرف المغرب ضريبة محلية ذات طابع محلي، وهكذا تميزت مرحلة ما قبل الحماية بغياب نظام جبائي محلي إذ كانت مختلف الضرائب القائمة تعود حصيلتها إلى موارد الدولة.
أما مرحلة الحماية فهي فترة بداية تأسيس النظام الجبائي المحلي، ومع الاستقلال، أولى المغرب اهتماما كبيرا للجماعات المحلية وكانت الخطوات الأولى لبناء نظام جبائي محلي حديث، إذ بتاريخ 23 مارس 1962 صدر أول ظهير ينظم الرسوم المحلية، وتوالت بعد ذلك إصدارات العديد من الظهائر والقوانين في نفس السياق وصولا إلى قانون 89.30 والذي شكل قفزة نوعية، ولكنه عرف مجموعة من الإكراهات والصعوبات خاصة من حيث التطبيق نظرا لتعدد وتشعب الضرائب والرسوم المحلية وضعف مردودية بعضها وتقاطع بعضها مع الضرائب الرئيسية للدولة مما جعله محل انتقاد من طرف المختصين.
ومن أجل تجاوز سلبيات مرحلة تطبيق هذا القانون تم تبني قانون جديد يحمل رقم 47.06 وذلك لمواكبة التطورات الاقتصادية والمالية والإدارية الوطنية والدولية. وتبعا لذلك فقد تضمن قانون 47.06 العديد من التعديلات التي تنصب أهمها على تقليص عدد
من الرسوم المحلية وتبسيط هذه المساطر وإعادة هيكلة النصوص القانونية.
والمتأمل في بنية النظام الجبائي المحلي يلاحظ أن الجباية العقارية تحتل مكانة بارزة، بحيث تشكل حجر الزاوية في مالية الجماعات المحلية، وذلك لكون أوعيتها قد عرفت نوع من الاستقرار والثبات، وتزايدا مستمرا تماشيا مع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية داخل كل جماعة.
ويعرف الجباية العقارية على أنه مجموع الضرائب والرسوم التي تتخذ العقار مادة ضريبية لها سواء كان مبنيا أو في طور البناء أو غير مبني أو عقار مجزأ أو خاضعا للتقسيم أو تلك المرتبطة بالملك الجماعي العام والموجودة داخل دوائر الجماعات الحضرية أو المناطق المحيطة بها وكذا المراكز المحددة.
ومن هنا تبرز أهمية الموضوع المتمثلة في مدى تنظيم هذا القانون لجبايات الجماعات المحلية المنصبة على العقارات نظرا لكون العقار من أهم المواد الأساسية التي تخضع للاقتطاع الضريبي، وبالتالي فتنمية الجماعات المحلية مرتبطة بهاته المادة ارتباطا وثيقا.
ومن هنا نطرح تساؤل المتمثل في: ماهية مختلف الرسوم المحلية ذات الطابع العقاري؟ وكيف يتم استخلاصها من جهة وتصفيتها وتحصيلها من جهة أخرى؟.
وبهذا سنتطرق من خلال موضوعنا بالدراسة والتحليل للرسوم المحلية المفروضة على العقار غير المبني من جهة أولى (المبحث الأول)؛ والرسوم المحلية المفروضة على العقار المبني من جهة ثانية (المبحث الثاني).
0 التعليقات:
إرسال تعليق