دة. حليمة بن حفو
أستاذة بكلية الحقوق - ابن زهر أكادير
يرتبط موضوع الاستحقاق بالملكية، ويقصد به رفع ملك بثبوت ملك قبله، وهو يقوم على أساس حماية المالك من التعدي على أمواله وتمكينه من استعمال الشيء واستغلاله والتصرف به.
وقد اخترنا موضوع الاستحقاق "دراسة مقارنة" نظرا لأهمية الملكية من الناحية القانونية والاقتصادية والاجتماعية.
فمن الناحية القانونية نجد أن القانون خول المالك حق توجيه دعوى الاستحقاق ضد المعتدي على حقه وطلب استرداد ملكه، أو الحصول على التعويض عند الاقتضاء. وكذلك خول للمتصرف إليه حق الرجوع على المتصرف بضمان الاستحقاق والاستفادة من مزاياه.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن الملكية تلعب دورا مهما في تنمية الاقتصاد. ذلك أن المالك لا يدخر جهدا في تحسين مردودية ملكه، واستثماره بكيفية تدر عليه أكبر ربح، غير أن مساهمة الملكية في التنمية الاقتصادية، يتوقف على إحاطتها بمجموعة من الضمانات ومن بينها دعوى الاستحقاق ثم دعوى ضمان الاستحقاق.
وأما من الناحية الاجتماعية، فإن مساهمة الملكية في تنمية المجتمع وتوفير فرص الشغل، وتحسين ظروف العيش، وتوفير السكن اللائق، يقتضي الحفاظ على الاستقرار داخل المجتمع ومنع الفوضى.
كما أننا اخترنا هذا الموضوع ليس فقط بالنظر لأهمية الملكية بل أيضا لكثرة التصرفات الواردة عليها من بيع وكراء وهبة وغيرها، وكذلك بسبب ارتفاع عدد القضايا المتعلقة بالاستحقاق والمعروضة على القضاء.
وركزنا في معالجتنا لهذا الموضوع على رصد العمل القضائي في مادة الاستحقاق من خلال الرجوع إلى القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى منذ 1958 إلى غاية 2001، وبالتالي إبراز موقف القضاء وكيفية معالجته لمنازعات الاستحقاق طيلة هذه المدة.
كما تقدمنا بالدراسة المقارنة، لأن الاقتصار على القانون المغربي غير كاف بل لابد من الانفتاح على القانون المقارن، وخاصة القانون المصري والقانون الفرنسي ومعرفة موقفهما. وأيضا بالرجوع إلى قواعد الفقه الإسلامي لاستجلاء الجوانب التي أغفلها المشرع المغربي.
ويطرح موضوع الاستحقاق مجموعة من الإشكالات على المستوى القانوني والعملي؛ فالالمام به يقتضي لزوما الرجوع إلى قانون الالتزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية وقانون التحفيظ العقاري والتشريع المطبق على العقارات المحفظة والقانون الدولي الخاص، بالاضافة إلى مجموعة من النصوص القانونية ذات الصلة بالموضوع، وكذلك ضرورة الإطلاع على قواعد الفقه الإسلامي لأنه وضع مجموعة من الضوابط الكفيلة بحماية الملكية، وخاصة على مستوى العقار غير المحفظ. وأيضا رصد موقف القضاء نظرا لكثرة منازعات الاستحقاق وتشعبها.
فالاستحقاق يهدد استقرار الملكية، ويفرض تحديد القواعد الواجبة التطبيق على نوازله، ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ازدواجية البنية العقارية، وكذلك طبيعة المنقول المنازع في ملكيته، هذا من جهة، ومن جهة أخرى مراعاة اختلاف المركز القانوني للمدعي والمدعى عليه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق