إشكالية إثبات النسب ونفيه بالوسائل العلمية في مدونة الأسرة

 رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص 
  إعداد :                                    
الطالبة : نجاة العز وان                 
 الأستاذ المشرف : 
الدكتور : إدريس الفاخوري

 السنة الجامعية 2005- 2006

 
 

مقدمــــــــة


يعتبر النسب أحد الكليات الخمس التي جاءت أحكام الشريعة الإسلامية للمحافظة عليها ، وهو مقوم أساسي من مقومات الأسرة بل هو أقوى عامل في تماسكها و وحدة أفرادها[1] ، و قد جعلت الشريعة الإسلامية ثبوت النسب حقا للولد يدفع به العار و الضياع عن نفسه ، وحقا لأمه تدرأ به الفضيحة والرمي بالسوء، و حقا لأبيه يحفظ به امتداده من أن يضيع أو ينسب لغيره [2] .

لأجل هذا يحتاط لإثبات النسب ويثبت بأدنى دليل ، ويلزم من ذلك التشديد في نفيه وأنه لا ينتفي إلا بأقوى الأدلة[3] ، لأن الشارع يتشوف إلى ثبوت الأنساب مهما أمكن ولا يحكم بانقطاع النسب إلا حيث يتعذر إثباته[4] ، تشوفا منه للحوق النسب ، ورغبة منه في أن يكون لكل طفل نسب يعرف به .

و استلهم المشرع المغربي وسائل إثبات النسب و نفيه من أحكام الشريعة الإسلامية ، وإذا كان قد حدد وسائل إثباته على سبيل الحصر ، فإنه جعل أمر نفيه ممكنا بجميع الوسائل المقررة شرعيا ، فاسحا المجال بذلك للقضاء ليستخلص الوسائل التي يراها مناسبة لنفي النسب ، فكان من نتيجة ذلك أن استثنى القضاء المغربي الخبرة الطبية ولم يجعلها من بين وسائل نفي النسب ، فجاءت أحكامه وقراراته منافية للحقيقة والواقع .

وأمام انتقادات الفقهاء لهذا الموقف القضائي ، وبعد أن فرض التقدم البيولوجي نفسه في شتى مناحي الحياة ، بادر المشرع المغربي في مدونة الأسرة للاستفادة من نتائجه الباهرة وأقر الخبرة الطبية التي تعتمد على مقارنة البصمات الوراثية [5] كوسيلة جديدة لا لنفي النسب فقط وإنما لإثباته أيضا ، غير أن تطبيق الخبرة الطبية في مجال النسب أمام المحاكم واجهته عدة صعوبات وأثار مجموعة من الإشكاليات .

 

إشكالية البحث :


لم يكن للخبرة الطبية في مجال النسب أي مركز قانوني في ظل مدونة الأحوال الشخصية ، فلا التشريع ولا القضاء كان يعترف لها بأية مكانة بين وسائل إثبات النسب ونفيه ، وبصدور مدونة الأسرة أصبح للخبرة الطبية أساس قانوني ورغم ذلك ظل تطبيقها أمام المحاكم تواجهه عدة صعوبات ويثير مجموعة من الإشكاليات ترجع أساسا إلى قصور تشريعي في تنظيم اللجوء إليها من جهة وإلى تنازعها مع الأدلة الشرعية لإثبات النسب ونفيه من جهة أخرى ، فأين يتجلى ذلك كله ؟ وكيف يعرقل إعمال الخبرة الطبية في مجال النسب أمام المحاكم ؟

لمقاربة هذه الإشكالية كان لابد من الإجابة عن التساؤلات الفرعية التالية:

ما هو السند الشرعي للخبرة الطبية ؟ وما هي المراحل التي عرفها تطور مركز   الخبرة الطبية ؟ و كيف تأصلت الخبرة الطبية في ميدان النسب في التشريع المغربي ؟

 

أهمية البحث ودوافع اختياره :


تكمن أهمية هذا البحث في بيان مدى تأثير التقدم البيولوجي في تطور قانون الأحوال الشخصية المغربي خصوصا ما يتعلق منه بإثبات النسب ونفيه ، ورصد الصعوبات التي تعترض اللجوء إلى الخبرة الطبية أمام المحاكم ، والإشكاليات التي تثيرها .

وأهم ما دفعني إلى اختيار هذا الموضوع هو أنه موضوع متجدد يأخذ في كل عصر أبعادا لم تكن له من قبل ، وغايتي هو التدرج معه والتطلع إلى معرفة المزيد عن الخبرة الطبية التي تعتمد على مقارنة البصمات الوراثية لإثبات النسب ونفيه من حيث سندها الشرعي وضوابطها العلمية والشرعية والقانونية .

 

صعوبات البحث :


         بعد المعاناة من أجل جمع المراجع التي تلامس الموضوع بشكل متفاوت، كان لابد من دراستها دراسة متأنية ، واستنباط ما يفيدني من معلومات في الموضوع .

        وهذه العمليات أخذت مني وقتا طويلا ، غير أن أكبر صعوبة واجهتني هي إيجاد خيط رابط يربط بين هذه المعلومات في نسق علمي متماسك نظرا لأن هذا الموضوع حديث جدا ، ولم أعثر على دراسة شاملة أستنير بها .

        لكنني استطعت تخطي هذه الصعوبات بمساعدة أستاذي المشرف الذي لم يبخل علي بعلمه الغزير وبخبرته الواسعة في ميدان البحث العلمي ، والذي أثرى مكتبتي ومكتبات كل طلبة الوحدة بالعديد من المراجع .

 

خطة البحث :


        ارتأيت أن أعالج موضوع " إشكالية إثبات النسب ونفيه بالوسائل العلمية " من خلال إبراز تطور الوسائل العلمية ومركزها في القانون المغربي والمقارن قبل التطرق إلى مختلف الصعوبات التي تعيق تطبيقها في مجال النسب أمام المحاكم .

        وهكذا فقد قسمت هذا الموضوع إلى مدخل عام وفصلين :

-         خصصت المدخل العام لدراسة الأحكام العامة للنسب من خلال مطلبين: تناولت في المطلب الأول أدلة إثبات النسب ، بينما استعرضت في المطلب الثاني وسائل نفي النسب .

-         أما الفصل الأول فقد خصصته لتطور الوسائل العلمية لإثبات النسب ونفيه من خلال مبحثين : تناولت في المبحث الأول تطور الوسائل العلمية لإثبات النسب ونفيه من القيافة إلى البصمة الوراثية ، وتعرضت في المبحث الثاني لتطور مركز الخبرة الطبية في مجال  النسب في القانون المغربي والمقارن .

-         وخصصت الفصل الثاني لإبراز مختلف الصعوبات التي تعيق تطبيق الخبرة الطبية في مجال النسب أمام المحاكم وكذا الإشكاليات التي يثيرها إعمالها، حيث تعرضت في المبحث الأول منه للصعوبات الناجمة عن القصور التشريعي  وما ترتب عنه  من إشكاليات ، بينما تطرقت في المبحث الثاني للصعوبات الناجمة عن تنازع الخبرة الطبية والأدلة الشرعية لإثبات النسب ونفيه .

 

منهجية البحث :


لمقاربة موضوع " إشكالية إثبات النسب ونفيه بالوسائل العلمية في مدونة الأسرة " عدت إلى مصادر الحديث والفقه وإلى مراجع فقهية وقانونية أخرى للاطلاع  على آراء فقهاء المذاهب السنية الأربعة بالإضافة إلى المذهب الظاهري فيما يخص الأدلة الشرعية لإثبات النسب ونفيه في محاولة للتأصيل للخبرة الطبية في ميدان النسب ، ثم ارتأيت أن أتناول التطور التاريخي للخبرة الطبية في ميدان النسب بدءا من القيافة إلى البصمة الوراثية مرورا بالمقارنة الأنتروبومترية[6]  للأجسام ، ومقارنة فصائل الدم ، ثم تعرضت لتطور مركز الخبرة الطبية في القانون المغربي والمقارن معتمدة في كل هذا على المنهج التاريخي الوصفي .

وبعد ذلك تصديت بالدراسة والتحليل للصعوبات والإشكاليات التي تعترض تطبيق الخبرة الطبية في ميدان النسب أمام المحاكم مستندة في ذلك على المنهج التحليلي الاستقرائي .

 

الإعلان عن الخطة :


        مدخل عام : الأحكام العامة للنسب .

        الفصل الأول : تطور الوسائل العلمية لإثبات النسب ونفيه.

        الفصل الثاني : الصعوبات التي تعيق تطبيق الخبرة الطبية في مجال                

                        النسب أمام المحاكم .

مدخل عام:الأحكام العامة للنسب

 
أولت الشريعة الإسلامية النسب عناية فائقة ، وخصته بتنظيم محكم ، حتى يتمتع كل إنسان بنسب شرعي طاهر . لذلك لا يثبت النسب إلا في حالة تنسل الولد من أبويه بطريقة شرعية :  أي في حالة ارتباط الأبوين بعلاقة زواج حقيقة أو حكما . غير أنه قد يعترف بالنسب في حالات استثنائية خارج العلاقة الزوجية[7].  وذلك أخذا بالقاعدة الفقهية القائلة بأن الشرع متشوف للحوق النسب حفظا للأنساب والأعراض.

وإذا ثبت أنه لا خلاف بين الفقهاء على أن النسب في الشريعة الإسلامية يثبت لصاحب الماء في إطار العلاقة المشروعة ، فإن الأمر لا يزال محيرا في كيفية إثبات هذه العلاقة الخاصة بين الزوجين والقائمة على الستر ، فكان من الضروري إثباتها بعلامة ظاهرة تدل في أغلب الأحوال عليها ، فتوجه الفقهاء إلى الأدلة الظاهرة لإثبات الفراش وليس لإثبات النسب ، لأن النسب يكون اتفاقا بالفراش[8]. وعليه سأخصص المطلب الأول من هذا المبحث لبسط أدلة إثبات الفراش الذي منه النسب .

وإذا كانت الشريعة الإسلامية متساهلة في إثبات النسب بأدنى الأسباب وأيسرها، كما سيأتي بيانه في المطلب الأول ، فإنها متشددة في نفيه وإبطاله متى ثبت بأحد الطرق المشروعة[9]حيث لم تقبل الشريعة الإسلامية نفي النسب بعد ثبوته، مهما كان الدافع إلى ذلك ، إلا من خلال طريقين سأعرض لهما في المطلب الثاني المخصص لنفي النسب .

 

المطلب الأول: أدلة إثبات الفراش

 

لا بد من التأكيد على أن الفراش ما هو إلا تعبير عن حالة اجتماع الرجل بالمرأة في إطار شرعي . وهذه الحالة يتعذر إثباتها شرعا وعقلا إلا من جهة الزوجين ، لأن علاقتهما قائمة على الستر . فتم الاكتفاء بمظنة الفراش  وهو قيام حالة الزوجية في الواقع المشاهد . ويعبر الفقهاء عن هذا الدليل بقولهم دليل الفراش[10] حتى ظن البعض أن الفراش دليل لإثبات النسب ، في حين أن الفراش ما هو إلا تعبير عن قيام حالة الزوجية وإشارة مهذبة إلى الجماع المشروع.

ولما كان النسب ذا أهمية بالغة ، سواء بالنسبة للطفل أو للأبوين أو للمجتمع ككل ، فقد اتجهت الشريعة الإسلامية إلى التوسعة في طرق إثباته ،  تشوفا لشمول جميع الأطفال برعاية والديهم . لهذا تعددت أدلة إثبات الفراش لتشمل حسب جمهور الفقهاء بالإضافة إلى قيام حالة الزوجية ( الفقرة الأولى) ، الإقرار ( الفقرة الثانية ) ، وبينة الشهادة ( الفقرة الثالثة ) ، والقيافة التي ارتأيت تأجيل دراستها إلى الفصل الأول نظرا لارتباطها بالخبرة الطبية .

 

الفقرة الأولى : قيام حالة الزوجية ( دليل الفراش )

الفراش لغة : مفرد الفرش ، يقال فرش الشيء يفرشه ، ويفرشه فرشا ، وفرشه فانفرش وافترشه : بسطه ، والفراش ما افترش ، والجمع أفرشة وفرش ، وقد يكنى بالفرش عن المرأة[11] ، ومنه قوله تعالى :"وَفُرُشٍ مَرْفُوعَة "[12] فقوله عز وجل "فُرُشٍ" أي نساء أهل الجنة ذوات الفرش ، وقوله جل وعلا " مَرْفُوعَة " أي رفعت بالجمال عن نساء أهل الدنيا[13].

أما اصطلاحا فيقصد به كون المرأة متعينة للولادة لشخص واحد[14]. كما يعرف أيضا بأنه الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة[15].

وكون المرأة  فراشا للزوج لا يتحقق إلا بالزواج الصحيح ، وما ألحقه به الفقهاء استثناء أي الزواج الفاسد والوطء عن طريق الشبهة[16] . وسيأتي تفصيل ذلك فيما يلي :

أولا : إثبات النسب من الزواج الصحيح  :

أجمع الفقهاء على أن الولد الذي تأتي به المرأة المتزوجة زواجا صحيحا ينسب إلى زوجها ، استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم : " الولد للفر اش"[17]  .  وسبب ذلك أن الزواج الصحيح يجعل الزوجة مختصة بزوجها ،  و إذا جاءت بولد فهو منه ، واحتمال أنه من غيره احتمال مرفوض ، إذ الأصل حمل أحوال الناس على الصلاح حتى يثبت العكس[18].

غير أنه يجب التمييز بين حالتين : حالة قيام الزوجية الصحيحة ، وحالة الفرقة بعد الزواج الصحيح .

 

1- حالة الزواج الصحيح :

الزواج الصحيح هو الزواج المستجمع لسائر أركانه وكل شروط  صحته ونفاذه[19].

ونفس التعريف تبنته مدونة الأسرة في المادة 50 التي ورد فيها ما يلي:  " إذا توافرت في عقد الزواج أركانه وشروط صحته وانتفت الموانع  يعتبر صحيحا ..."

فإذا ولدت الزوجة ثبت نسب المولود من زوجها ،  دون حاجة إلى إقرار منه ، أو إقامة بينة من طرف  الزوجة على ذلك[20] ، لأن الزواج الصحيح يثبت به الفراش ، ويعتبر العقد فيه سببا لثبوت النسب[21] إذا توافرت شروط ثلاثة هي  : مضي أقل مدة الحمل، و إمكانية اتصال الزوجين ، وتصور إمكانية حصول الولد من الزوج .

أ- مضي أقل مدة الحمل :


أجمع  الفقهاء على أن أقل مدة الحمل التي يتكون فيها الجنين ويولد بعدها حيا هي ستة أشهر[22] .  واستندوا في ذلك إلى واقعة حدثت زمن خلافة عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ،  مفادها  أن رجلا تزوج امرأة فولدت بعد ستة أشهر من إبرام عقد الزواج ، فهم الخليفة عثمان رضي الله عنه برجمها . فعارضه ابن عباس قائلا : ( لو خاصمتكم بكتاب الله لخصمتكم  ، فإن الله تعالى يقول : " وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا "[23] ، ويقول عز وجل : " وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ"[24] ، فإذا ذهب للفصال عامان لم يبق للحمل إلا ستة أشهر) . فمنع عثمان، رضي الله عنه، الحد عنها وأثبت النسب[25].

وهذا ما استقر عليه  رأي المشرع المغربي في مدونة الأحوال الشخصية  وفي مدونة الأسرة ، حيث جاء في الفصل 84 من مدونة الأحوال الشخصية ما يلي : " أقل مدة الحمل ستة أشهر ..." دون تحديد تاريخ بداية احتسابها .

وفسر المجلس الأعلى هذه المدة بستة أشهر قمرية تعد ابتداء ا من تاريخ العقد ، حيث جاء في قرار له ما يلي : " التقويم المعتبر لدى الفقهاء لاحتساب أقل مدة الحمل هو التقويم القمري لا التقويم الشمسي "[26] . وجاء في قرار آخر له ما يلي " إذا ثبت للمحكمة أن المرأة قد أتت بالحمل لأكثر من ستة أشهر من تاريخ العقد ... فألحقته بأبيه ، فإن حكمها بذلك يكون مطابقا للقانون "[27] .

أما  مدونة الأسرة فقد حددت تاريخ بداية احتساب هذه المدة ، إذ جاء في المادة 154 ما يلي : " يثب نسب الولد بفراش الزوجية :

1- إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد ..." 

ب‌-   إمكانية اتصال الزوجين بعد العقد :


ويطلق على هذا الشرط إمكانية الاتصال المادي[28] أو العادي[29] ، وقد انقسمت حوله آراء الفقهاء إلى ثلاثة ، سأوردها اتباعا من الرأي الأكثر تساهلا في لحوق النسب إلى الأكثر تشددا على النحو التالي:

- يرى أبو حنيفة[30] أن عقد الزواج الصحيح كاف لإثبات النسب بالفراش ، ولم يشترط توفر إمكانية الاتصال بين الزوجين، إذ قال بثبوت نسب المولود ولو لم يكن الاتصال ممكنا،  بأن كان الزوج مغربيا والزوجة مشرقية بينهما مسافة سنة ولم يسبق لهما أن التقيا ، وولد لستة أشهر من تاريخ العقد .

وهذا الرأي يخالف العقل والمنطق إذا وضعناه في نسقه التاريخي ، غير أنه يبدو أكثر واقعية في عصرنا الحالي مع ظهور التلقيح الاصطناعي وإمكانية تجميد النطفة الذكرية ، إذ يمكن لزوج يستحيل اتصاله المباشر بزوجته ، كأن يوجد على محطة مدارية تدور حول الأرض مثلا ، أن يرسل نطفته المجمدة بواسطة مكوك إلى زوجته الموجودة على الأرض ، فتلقح بها وتأتي بولد رغم عدم اتصال زوجها بها بشكل مباشر .    

- و يرى جمهور الفقهاء[31]  من المالكية والشافعية والحنابلة أنه لا يكفي وجود عقد الزواج الصحيح لثبوت النسب ،  بل يشترطون الدخول أو إمكانيته  .

 - أما عند ابن تيمية[32] وتلميذه ابن القيم الجوزية [33]  فلا يثبت نسب الولد من الأب إلا بالدخول الحقيقي ، أما إمكانية الدخول فلا تكفي عندهما لثبوت الفراش الذي يتحقق به النسب .

 ويبدو أن مدونة الأسرة  قد اختارت رأيا وسطا ، وهو رأي الجمهور،  إذ نصت في المادة 154 على ما يلي : " يثبت نسب الولد بفراش الزوجية إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد ، وأمكن الاتصال ".

وسار المجلس الأعلى على نفس النهج  : حيث جاء في قرار له  ما يلي: " الولد للفراش ولو لستة أشهر من عقد الزواج وهي أدنى مدة الحمل إن أمكن الاتصال وإلا فلا يلحق نسبه "[34].

وأعتقد أن المشرع و القضاء المغربيين كانا موفقين في اختيارهما ، إذ أن الاكتفاء بإمكانية الاتصال بين الزوجين مما تفرضه قواعد المنطق  ، ذلك  أن الحمل ، عادة[35] ،لا يمكن تصوره إلا بالوطء ، والوطء قائم على الستر ، فاكتفي بمظنته وهي الإمكانية . وفي إمكانية الاتصال مزية أخرى هي حفظ الأنساب ،  على عكس اشتراط الدخول الحقيقي الذي قد يؤدي إلى ضياع كثير من الأنساب .

هذا وقد سار المشرع الموريتاني على نفس النهج إذ نص في المادة 59 من مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية[36]  على ما يلي : " ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج شرعيا وأمكن الاتصال ..."

كما جاء في المادة 121 من قانون الأحوال الشخصية اليمني وتعديلاته[37] ما يلي : " يثبت نسب الولد لأبيه بالفراش وهو الزواج الصحيح المستوفي لأركانه وشرائطه وما يلحق به وهو المنصوص عليه في المادة 134 مع إمكان الوطء ..."

ج- تصور إمكانية حصول الولد من الزوج :


 ويطلق على هذا الشرط إمكانية الاتصال المعنوي[38] أو الشرعي[39] ، ويقصد به إمكانية الإنجاب لدى الزوج ، ولا يتحقق هذا الشرط إلا إذا كان الزوج بالغا وخاليا من العيوب التي تجعل حصول الولد منه غير ممكن .

فبالنسبة للبلوغ ،  فقد أجمع  الفقهاء[40]  على أن زوجة الصغير غير البالغ ، دون عشر سنين ،  إذا أتت  بولد ، لم يلحقه نسبه ، لأنه لم يعرف أحد بلغ دون عشر سنين ، واتفقوا على جعل السن علامة على البلوغ  ، إذا لم تظهر علامة من العلامات الطبيعية الدالة عليه[41]، غير أنهم اختلفوا في تحديد هذه السن: وهكذا يرى الشافعية والحنابلة[42] أن البلوغ يتم ببلوغ الصبي والفتاة خمس عشرة سنة قمرية وعند المالكية[43] يتم البلوغ بدخول الفتى  سن الثامنة عشرة من عمره وأدنى سن البلوغ عند الحنفية[44] بتمام ثماني عشرة سنة بالنسبة للغلام وسبع عشرة سنة بالنسبة للفتاة  .

وقد كانت مدونة الأحوال الشخصية تشترط صراحة توفر البلوغ  في المقبلين على الزواج  ، حيث جاء في الفصل 6 منها ما يلي : " يجب أن يكون كل من الزوجين عاقلا بالغا ... ". أما مدونة الأسرة  فلم تذكر البلوغ بصريح العبارة ، بل  يستفاد ضمنيا من اشتراطها في المادة 13 أهلية الزوج والزوجة ، ومن المادة 19 التي تنص على أن أهلية الزواج تكمل بإتمام الفتى والفتاة 18 سنة شمسية :ذلك أن تحديد أهلية الزواج في 18 سنة شمسية يعني بالضرورة أن الزوج بالغ .       

وعلى غرار مدونة الأحوال الشخصية المغربية، فإن المشرع الليبي اشترط البلوغ في الرجل والمرأة اللذين يقدمان على الزواج[45] في حين اكتفى المشرع التونسي[46] ونظيره الموريتاني[47] بتحديد سن الزواج القائم مقام البلوغ.

خلاصة القول أن مسألة نفي النسب بسبب عدم تصور إمكانية حصول الولد من الزوج ، لعدم بلوغه ، لم تعد مطروحة في ظل معظم التشريعات العربية المعاصرة ، ومن بينها التشريع  المغربي ، نظرا لكونها لا تسمح بالزواج ، في الحالات العادية ، لمن هم دون سن ثماني عشرة سنة  ، وهي سن يتحقق معها البلوغ لا محالة ، ونظرا أيضا لعزوف الشباب عن الزواج في سن مبكرة في المجتمعات المعاصرة .

أما فيما يخص خلو الزوج من العيوب التي تجعل حصول الولد منه غير ممكن،  فقد تحدث الفقهاء عن الجب ، والخصاء ، والعنة .

وقد اتفق الفقهاء[48]على أن الخصي المجبوب لا يلحقه نسب الولد ، وينفى عنه من غير لعان ، لأن مقطوع الذكر والأنثيين معا يستحيل أن ينزل مع قطعهما، واختلف الفقهاء[49] اختلافا كبيرا في مقطوع الأنثيين فقط و في مقطوع الذكر فقط وفي العنين أيضا، فمنهم من يلحق بهم النسب ومنهم من ينفيه عنهم.  في حين يرى مالك[50] أن يرجع في شأنهم إلى أهل المعرفة  فإن قالوا يولد له ثبت النسب منه وإن قالوا لا يولد له لم يثبت النسب منه.

هذا فإن المشرع المغربي وإن لم يذكر صراحة  العيوب المانعة لثبوت النسب ، فإن بعض الفقه[51] فسر عبارة " وأمكن الاتصال " الواردة في الفصـل 85[52]من مدونة الأحوال الشخصية والمادة 154 [53]من مدونة الأسرة بإمكانية الاتصال العادي وهي إمكانية الاتصال بين الزوجين ، التي سبقت مناقشتها ، وإمكانية الاتصال الشرعي وهي أن تكون نشأة الولد من هذا الاتصال .

2- حالة الفراق :
إذا حصلت الفرقة بالطلاق أو وفاة الزوج  ، ثم جاءت الزوجة بولد، فإن نسبه لا يثبت من الزوج إلا إذا تحققت شروط ثبوت النسب الثلاثة السالفة الذكر وبخاصة شرط المدة . والفرقة قد تكون قبل الدخول أو بعده .

فإذا كانت الفرقة قبل  الدخول وقبل الخلوة  ، فلا يثبت نسب الولد الذي تأتي به الزوجة بعد الطلاق من المطلق إلا إذا علم يقينا أنه منه ،  بأن تحققت شروط ثبوت النسب الثلاثة وبخاصة  شرط المدة :  أي أن تكون الولادة لستة أشهر من تاريخ الطلاق ولمثلها أو أكثر منها من تاريخ عقد الزواج ، أما إذا تمت الولادة بعد مضي ستة أشهر من تاريخ الطلاق ، فلا يثب نسبه منه لاحتمال أن يكون من غيره لأن طلاق قبل الدخول طلاق بدون عدة فلا يتيقن من حدوث الحمل قبل حصول الفرقة[54] .

أما إذا حصلت الفرقة بعد الدخول أو الخلوة  ، سواء بطلاق رجعي أو بائن أو بوفاة ، فإن الولد الذي تأتي به الزوجة بعد هذه الفرقة  ، لا يثبت نسبه من الزوج المفارق إلا إذا كانت ولادته قبل مضي أقصى مدة الحمل من يوم الطلاق أو الوفاة.

وأقصى مدة الحمل عند المالكية أربع سنوا ت[55] وهو أيضا قول الشافعية والحنابلة[56] غير أن للمالكية قول آخر وهو خمس سنوات وقيل ست  سنوات وقيل سبع سنوات ،  وذهب محمد بن الحكم من المالكية إلى أنها سنة قمرية[57].

في حين يرى الحنفية أن أقصى مدة الحمل سنتين. [58]

ويرى الظاهرية أن أقصى مدة الحمل تسعة أشهر،  مستدلين بالقاعدة الفقهية التي تقول أن الحكم للغالب لما هو ثابت في واقع الناس من ولادة غالب النسوة في تسعة أشهر[59] .

وقد أثبتت الدراسات العلمية أن هذه المدد الطويلة غير واقعية ، فكان أول من تصدى لهذا الاجتهاد الفقهي البعيد عن الواقع هو المشرع المصري[60] حين حدد أقصى مدة الحمل في سنة  شمسية بمقتضى المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 م الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية [61]  لتشمل جميع الحالات النادرة ، حسب المذكرة التوضيحية المرفقة بهذا القانون  . وتبنت  السودان ،عام 1935 ،  النص المصري حرفيا  . وبالنسبة للدول المغاربية التي ينتشر فيها المذهب المالكي ، فباستثناء المشرع الجزائري الذي حدد أقصى مدة الحمل في عشرة أشهر، حيث تنص المادة 43 من مدونة الأسرة الجزائري على ما يلي : " ينسب الولد لأبيه إذا وضع الحمل خلال عشرة (10) أشهر من تاريخ الانفصال أو الوفاة . " ، فإن المشرع التونسي حددها في سنة قمرية [62] ، أما المشرعين  الموريتاني والمغربي -  قبل صدور مدونة الأسرة  -  فإنهما قد حددا  أقصى مدة الحمل في سنة  ، لكن هذه المدة قد تطول أكثر من سنة في حالة الريبة في الحمل[63]. غير أن المشرع المغربي تراجع عن مفهوم الريبة بعد صدور مدونة الأسرة ،  حيث نص في المادة 154 منها على ما يلي : " يثب نسب الولد بفراش الزوجية :...2- إذا ولد خلال سنة من تاريخ الفراق "

كما ورد في المادة 135 منها ما يلي :  " أقصى مدة الحمل سنة من تاريخ الطلاق أو الوفاة " .

 

ثانيا : إثبات النسب من الزواج غير الصحيح :

الزواج غير الصحيح نوعان : زواج باطل وزواج فاسد .

الزواج الباطل : يكون الزواج باطلا ،  حسب مدونة الأسرة ، إذا اختل فيه أحد أركان الزواج من إيجاب وقبول مطابق له ، وإذا وجد بين الزوجين أحد موانع الزواج [64] . وهذا النوع من الزواج هو ما كان يصنف فقهيا ضمن الزواج الفاسد المجمع على فساده [65] .

يترتب عن الزواج الباطل ، بعد الدخول ، عند حسن النية ، لحـوق النسب[66] أما إذا كان الزوجان سيئي القصد وتعمدا الدخول بأن كانا يعلمان مسبقا بأن زواجهما باطل ، فلا يلحق الأبناء بنسب أبيهم. وإذا كان أحد الزوجين حسن القصد دون الآخر ، عومل كل منهما حسب قصده فيلحق النسب بالزوج متى كان حسن القصد ولا تستحق الزوجة الصداق متى كانت سيئة القصد والعكس صحيح[67] .

 الزواج الفاسد  : يكون الزواج فاسدا ، حسب مدونة الأسرة ، إذا اختل فيه شرط من شروط صحته[68] ويشمل الزواج الفاسد لصداقه والزواج الفاسد لعقده المختلف في فساده  .

يترتب عن الزواج الفاسد ، بعد الدخول ، آثار العقد الصحيح[69] ومن بينها ثبوت النسب بكيفية مطلقة  سواء كان الزوج حسن النية أو سيئها[70] .

هذا وقد ساوت مدونة الأسرة بين الزواج الفاسد والصحيح فيما يتعلق بشروط ثبوت النسب ، حيث جاء  في المادة 154ما يلي : " يثبت نسب الولد بفراش الزوجية : 1- إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن الاتصال ، سواء أكان العقد صحيحا أم فاسدا ..."  

     و يثبت نسب المولود  بعد الفرقة من زواج فاسد  ،  طبق شروط ثبوت نسب المولود بعد الفرقة من زواج صحيح  .

  

ثالثا : إثبات النسب من الوطء بشبهة :

ألحق الفقهاء الوطء بشبهة بالفراش ، واعتبروا أن الحمل الناتج عنه لاحق بالواطئ .

والشبهة حسب بعض الفقه[71] هي الاتصال غير الشرعي بين رجل وامرأة مع اعتقاد الرجل شرعية الاتصال  ، إما نتيجة غلط في الواقع كتزوجه بمن تحرم عليه نسبا أو رضاعا أو مصاهرة وهو لا يعلم ذلك ، وإما نتيجة غلط في الحكم الشرعي كجهل الرجل منع الشريعة وطء مطلقته في عدة طلاق بائن.   فلا تعتبر الشبهة زنا ولا ملحقة  به ، كما لا تكون بناء على نكاح صحيح أو فاسد[72] .

والشبهة ثلاثة أنواع : شبهة الحل وشبهة الفعل وشبهة العقد[73].

وطبقا للمادة 155 إذا نتج عن الاتصال بشبهة حمل  وولدت المرأة ما بين أقل مدة الحمل وأكثرها ، ثبت  نسب الولد من المتصل  . 

ولم تشترط  المادة 155 أعلاه  صراحة خلو المرأة من الزوج ، كما كان الحال عليه في ظل مدونة الأحوال الشخصية[74] غير أنه قد يفهم ضمنيا أن المقصود هنا هي الخالية من الزوج ، لأن المتزوجة الموطوءة بشبهة إذا ولدت ، ينسب ولدها لصاحب الفراش .

وحسب الفقرة الأخيرة من المادة 155 السالفة الذكر فإن النسب الناتج عن الشبهة يمكن إثباته بجميع الوسائل المقررة شرعا . ومن بين هذه الوسائل الخبرة الطبية .

وقد وسعت  مدونة الأسرة  مفهوم الشبهة فشملت فترة الخطوبة  ، إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في المادة 156 [75]، لأن  واقع الخطوبة عند المغاربة لها أعراف وتقاليد تجعلها تقوم مقام الزواج بشروطه التي وضعهـا الفقهاء [76] .

 

الفقرة الثانية : الإقرار

الإقرار لغة : الإذعان للحق والاعتراف  به[77] .

واصطلاحا عرفه ابن عرفة بأنه " خبر يوجب حكم صدقه على قائله فقط بلفظه أو بلفظ نائبه "[78] وفي ميدان النسب يعرف بأنه : " ادعاء المدعي أنه أب لغيره "[79] . وقد أجمع الفقهاء  على الأخذ بالإقرار في ثبوت النسب ،  غير أنهم اختلفوا في حدود تطبيقه وشروطه . فما هي شروط الإقرار المثبت للنسب ؟ وما هي وسائل إثباته ؟ ثم ما مدى إمكانية رجوع المقر عن إقراره ؟

أولا : حدود تطبيق الإقرار المثبت للنسب وشروطه :

يرى فقهاء المالكية[80] والحنفية[81] أن الإقرار لا يصح إلا من الأب وحده دون غيره من الأقارب .

وهذا هو موقف المشرع المغربي في م . أ.ش[82] و م.أ[83]. بينما يقبل الحنابلة[84] والشافعية[85] إقرار الأقارب أيضا بشروط خاصة لا يتسع المجال لذكرها هاهنا[86].

وبالنسبة لإقرار الأم فلا يقبل عند المالكية[87] والشافعية[88] بأي وجه من الوجوه، وهذا ما عبر عنه المشرع المغربي في الفصل 92 من مدونة الأحوال الشخصية الذي جاء فيه ما يلي : " ...1- أن يكون المقر ذكرا ..." 

ولا يقبل إقرار الأم عند الحنفية أيضا إلا إذا صدقها الزوج أو تشهد  امرأة على الولادة ، لأن إقرارها بالولد فيه حمل نسب غيره على غيره وهو نسب  الولد على الزوج  ،  وأضاف بعض فقهاء الحنفية إذا شهدت لها امرأة وصدقها الولد[89]،  أما الحنابلة فالمشهور عندهم جواز إقرار الأم المزوجة [90].

والظاهر أن المشرع المغربي في مدونة الأسرة تخلى عن شرط الذكورة في الإقرار وأخذ بالمشهور من المذهب الحنبلي فيما يخص إقرار الأم : إذ جاء في المادة 147 ما يلي : " تثبت البنوة بالنسبة للأم عن طريق:

- إقرار الأم ..."     

واستنبط المشرع المغربي شروط ثبوت النسب بالإقرار من المذاهب السنية الأربعة[91]  وخصص لها المادة 160 من مدونة الأسرة التي جاء فيها ما يلي :  " يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقر به ولو في مرض الموت ، وفق الشروط الآتية :

1-        أن يكون الأب المقر عاقلا ،

2-        ألا يكون الولد المقر به معلوم النسب ،

3-        ألا يكذب المستلحق – بكسر الحاء عقل أو عادة ،

4-        أن يوافق المستلحق – بفتح الحاء – إذا كان رشيدا حين الاستلحاق ، وإذا استلحق قبل أن يبلغ سن الرشد ، فله الحق في أن يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سن الرشد " 

وطبقا لنفس المادة لا يطعن في صحة توفر شروط الاستلحاق إلا إذا كان المستلحق لا زال على قيد الحياة . وإذا عين المستلحق الأم ، أمكنها الاعتراض بنفي الولد عنها ،  أو الإدلاء بما يثبت صحة الاستلحاق .

ويثبت الإقرار بالنسب ، حسب المادة 162 من مدونة الأسرة ، بوسيلتين اثنتين أولاهما إشهاد رسمي بأن يشهد المستلحق عدلين على إقراره، وثانيهما  أن يكتب المستلحق  إقراره بخط يده الذي لا يشك فيه.

ومتى رجع المقر في إقراره أو أنكر أبوته ممن سبق له أن أقر ببنوته ما صح تراجعه[92] ، وليس للقاضي أن يسمع دعوى إنكاره ، كما ليس لضابط الحالة المدنية أن يصحح وثائقها استنادا إلى ذلك الإنكار[93] .

 

ثانيا : الإقرار بالنسب بين مدونة الأسرة وقانون الحالة المدنية :

بالرغم من أن الإقرار يعتبر وسيلة من وسائل إثبات النسب ، إلا أنه  يصبح معطلا تماما من الناحية العملية[94] ، بفعل عدم تناسق قانون الحالة المدنية وقانون الأحوال الشخصية و خصوصا ما يتعلق فيها بالإقرار :  ذلك أنه صدرت مناشير ومراسيم[95]تتعلق بتطبيق قانون الحالة المدنية ، آخرها  مرسوم حديث  صادر في 7 يونيو 2004 م[96] ، تؤكد كلها على ضرورة الإدلاء ، عند كل تصريح بالولادة ، بنسخة من عقد زواج والدي الطفل. 

فالإدلاء بنسخة من عقد الزواج عند التصريح بولادة الأبناء يعتبر شرطا أساسيا لتسجيل الولد في دفتر الحالة المدنية ، مما يفرغ الإقرار بالنسب من محتواه ، ذلك أن المقر بالولد لا يستند إلى عقد الزواج في إقراره ، وبالتالي فسوف يتعذر عليه تسجيل المقر له في كناش الحالة المدنية ، مما سيضطره ، إذا كان مصرا على إقراره ، للجوء إلى القضاء لإصدار حكم يقضي بلحوق نسب المقر له بالمقر . وهذا كما لا يخفى على أحد يتطلب وقتا وتنقلا ومصاريف ، فتكون النتيجة هي إما التنصل من النسب وذلك بالرجوع عن إقراره  أو عدم الإقرار مطلقا ، أو عدم تسجيل المقر له بكناش الحالة المدنية رغم إقراره به أمام الجميع ، وآثار ذلك معروفة لا تحتاج إلى بيان[97] ومما يزيد الأمر تعقيدا هو عدم اعتراف بعض المحاكم بالإقرار كدليل لإثبات النسب ، إذ تلجأ لإصدار حكم قضائي بثبوت زوجية المقر وأم المقر به[98] ، قبل الحكم بثبوت النسب  .

 

الفقرة الثالثة : بينة الشهادة :

البينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره[99]. و يمكن التمييز بين معنيين للبينة، معنى عام وهو الدليل أيا كان سواء كان كتابة أو شهادة أو قرينة ، ومعنى خاص وهو شهادة الشهود دون غيرها من الأدلة . وقد كانت الشهادة في الماضي هي الدليل الغالب وكانت الأدلة الأخرى لا تذكر بجانب الشهادة ، فانصرف لفظ البينة إلى الشهادة دون غيرها[100] .

وبالمعنى الخاص للبينة أخذت مدونة الأسرة حيث جاء في المادة 158 منها ما يلي: " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين أو ببينة السماع ... "

والبينة المعتبرة شرعا لإثبات النسب هي شهادة العدلين وشهادة السماع ، فما المقصود بكل منهما ؟

 

أولا : شهادة العدلين :

الشهادة في اللغة من شهد ، وشهد الشاهد عند الحاكم أي بين ما يعلمه وأظهره[101].  

والشهادة في الاصطلاح الفقهي " إخبار صدق لإثبات حق بلفظ الشهادة في مجلس القاضي "[102]

والقاعدة العامة أن شهادة الشهود التي يثبت بها النسب في الفقه الإسلامي عموما ، والفقه المالكي على وجه الخصوص ، هي شهادة رجلين أو شهادة رجل وامرأتين ، إلا أنه متى تعلق الأمر بإثبات الولادة التي قد تؤدي إلى إثبات النسب، خاصة بالنسبة للمرأة ، فيمكن أن يقع الإثبات بشهادة امرأتين فقط لأن الولادة مما لا يطلع عليها إلا النساء[103] .

ويشترط في الشاهد شروط عدة[104] أهمها العدالة ، والعدالة لدى جمهور الفقهاء هي صفة زائدة على الإسلام أي أن يكون الشخص ملتزما لواجبات الشرع ومستحباته مجنبا للمحرمات والمكروهات[105] .

و الظاهر من خلال استقراء المادة 158 من مدونة الأسرة السالفة الذكر، أن المشرع المغربي يقصد باشتراط العدالة عند قوله : " أو شهادة عدلين " من ينتسب إلى سلك الموثقين التقليديين ، إذ الملاحظ في الحياة العملية أن القضاء تخلى عن استعمال طريقة التزكية لإضفاء صفة " العدل " بالمفهوم الفقهي على الشاهد العادي ، كما أنه من ناحية ثانية لم يعد يملك  تجريد الموثق من صفة العدل ، ما دام يمارس هذه المهمة بصفة رسمية وإن لا حظ عليه القاضي بعض الأوصاف التي يعتبرها الفقه منافية لوصف العدالة[106] .

 

ثانيا : شهادة السماع :

شهادة السماع عند ابن عرفة هي : " لقب لما يصرح الشاهد فيه بإسناد شهادته لسماع من غير معين "[107]

فشهادة السماع أو التسامع استفاضة الخبر واشتهاره بين الناس[108]

وقد اتفق جمهور الفقهاء على جواز إثبات  النسب بشهادة السماع[109]، ودليلهم أن النسب من الأمور التي لا يطلع عليها إلا خواص الناس . فإذا لم تجز فيها شهادة السماع ، أدى إلى الحرج وتعطيل الأحكام المترتبة عليها كالإرث وحرمة الزواج[110]. فإذا شهدت بينة السماع  بأنها لا تزال تسمع أن فلانا ابن فلان، فإن النسب يثبت بذلك .  فإذا نفاه عنه شخص ، حد لأنه يعتبر أنه قذفه[111]

وقد اعتبر بعض الفقه[112] أن المقصود بشهادة السماع في مدونة  الأحوال الشخصية  ومدونة الأسرة هي  شهادة اللفيف ، التي يشهد فيها اثنا عشر شاهدا بأنهم يسمعون سماعا فاشيا بين الناس بالواقعة موضوع الشهادة.

وشهادة اللفيف من الأمور التي خلفها العمل القضائي بالأندلـس والمغرب[113]. غير أن بعض الفقه المعاصر يرى أن شهادة اللفيف لم تعد ذات مصداقية في هذا الزمن الذي فسدت فيه ذمم الناس[114] .

وتسهيلا لثبوت النسب ببينة السماع ، فإن المشرع المغربي غير صيغة شهادة السماع الواردة في الفصل 89 من مدونة الأحوال الشخصية كما يلي : " ...أو بينة السماع بأنه ابنه ولد على فراشه من زوجته ."فأصبحت صيغتها في المادة  158 من مدونة الأسرة على النحو التالي : " ... أو ببينة السماع ... " دون ذكر عبارة : " ولد على فراشه من زوجته " .

 

المطلب الثاني : نفي النسب

 

وسائل نفي النسب في الشريعة الإسلامية هي اللعان  واختلال شرط من شروط الفراش . وهذا ما قصده المشرع في الفصل 91 من م . أ . ش ، الذي جاء فيه ما يلي : " يعتمد القاضي في حكمه على جميع الوسائل المقررة شرعا في نفي النسب " . وأضافت مدونة الأسرة بمقتضى المادة 153[115] وسيلة جديدة تتمثل في الخبرة القضائية . 

استنادا لما سبق سأخصص الفقرة الأولى من هذا المطلب لنفي النسب عن طريق اختلال شرط من شروط الفراش ، بينما سأتناول في الفقرة الثانية نفي النسب عن طريق اللعان ، أما الخبرة القضائية فسأبسطها في الفصل الأول  نظرا للضرورة المنهجية .

 

الفقرة الأولى : نفي النسب عن طريق اختلال شرط من شروط الفراش:

"الولد للفراش "[116] ليست قاعدة مطلقة وإنما هي مقيدة بشرطين هما : إمكانية الاتصال ، وولادة الولد خلال المدة الشرعية للحمل .  فمتى اختل أحد هذين الشرطين ، انتفى نسب الولد عن الزوج  دون حاجة إلى لعان .

 

أولا : عدم إمكانية الاتصال :

ويقصد بها عدم الإمكانية المادية أي عدم إمكانية اتصال الزوجين ، وعدم الإمكانية المعنوية أي عدم إمكانية تصور حصول حمل الزوجة من زوجها، كما سبق بيان ذلك[117].

 

1- عدم إمكانية اتصال الزوجين[118] :    

متى تزوج رجل امرأة ، ولم يتلاقيا بعد العقد ، أو لم تتح لهما عمليا فرصة الاتصال ،  كما لو كان الزوج يقطن بالخارج وتزوج عن طريق الوكالة [119]، وأثبت أنه لم يغادر محل إقامته من قبل إبرام العقد إلى حين علمه بحمل زوجته  أو وضعها في  المدة المقررة شرعا ،  لم يثبت نسب هذا الولد للزوج.

ونظرا لصعوبة إيراد قواعد أو وقائع محددة ومضبوطة تنتفي بها إمكانية الاتصال ، فيبقى الأمر إذن موكولا إلى تقدير المحكمة[120] ، التي تكتفي بوجود احتمال إمكانية الاتصال ، مهما كانت ضآلته ، لتفادي النطق بالحكم بنفي النسب بناء على اختلال شرط إمكانية الاتصال . وهكذا جاء في قرار للمجلس الأعلى ما يلي :  " يكفي عن إثبات الاتصال بين الزوجين لثبوت النسب ووجوب النفقة ، الوضع المتفق على حصوله بعد مرور أمد الحمل الشرعي على عقد الزواج ."[121]   كما جاء في قرار آخر ما يلي : " يتحقق إمكان الاتصال بعدما ثبت أن الزوج المقيم بالخارج كان يتردد على المغرب حيث تقيم الزوجة خلال قيام العلاقة الزوجية "[122] .

 

2- عدم إمكانية تصور حصول حمل الزوجة من زوجها :  

ويقصد به  انعدام إمكانية الإنجاب لدى الزوج[123]. فإذا أثبت الزوج أنه غير مؤهل أصلا للإنجاب ، كما لو كان مخصيا أو مجبوبا[124] ، لم يثبت نسب الولد المزداد بعد العقد وبعد مضي أقل مدة الحمل  . كما يمكن أن يدخل عقم الزوج بقوة المنطق ضمن دائرة مفهوم عدم إمكانية الاتصال المعنوي . غير أن القضاء المغربي قضى بعكس ذلك في ظل مدونة الأحوال الشخصية إذ جاء في قرار للمجلس الأعلى ما يلي : " لا ينتفي نسب الحمل أو الولد المستند إلى فراش الزوجية إلا بسلوك مسطرة اللعان بشروطها الشرعية ، ولا يعتمد العقـم في نفيه."[125].

وفي هذا إهدار لحقوق العديد من الآباء ، إذ ينسب لهم من هم ليسوا من أصلابهم ويلزمون بأداء أعبائهم المادية وهذا مناف للعدالة والمنطق السليم ، ومخالف لقوله تعالى  : " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ " [126] .

 

ثانيا : الولادة خارج المدة الشرعية :

سبق أن ذكرنا أن أقل مدة الحمل ستة أشهر من تاريخ العقد ،  وأقصاها سنة من تاريخ الفراق .

أ- فإذا أتت الزوجة بالولد ، بعد العقد ، قبل مضي أقل مدة الحمل ، فالنسب لا يلحق بالزوج لقيام المانع الشرعي على نفيه .

وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس الأعلى ما يلي : " من المتفق عليه أن الوضع لأقل من ستة أشهر ينفي النسب بغير لعان لقيام المانع الشرعي على نفيه "[127] .

وجاء في قرار آخر له  ما يلي : " .. . وفي المعيار الجديد : من تزوج امرأة فأتت بولد غير سقط لأقل من ستة أشهر من يوم العقد عليها قلة زائدة عما يمكن أن تنقصه الشهور كستة أيام ينتفي عنه ذلك الولد بغير لعان لقيام المانع الشرعي على نفيه ..."[128] .  يستفاد من القرار أعلاه أن أقل مدة الحمل هي ستة أشهر قمرية إلا ستة أيام أي  مائة وأربعة وسبعون  يوما ( 174) وفي هذا المقتضى مزيد من الاحتياط من نفي النسب .

و بعد صدور مدونة الأسرة ، حدث تحول جدري في موقف المشرع والقضاء المغربيين : إذ أصبح من الممكن عدم نفي نسب  الولد المزداد قبل مضي أقل مدة الحمل عن الزوج  ، إذا تم إثبات أن الحمل كان في فترة الخطبة ، وتوفرت في هذه الخطبة الشروط المنصوص عليها في المادة 156 من مدونة الأسرة[129].       

وهكذا جاء في حكم لمحكمة قضاء الأسرة بطنجة ما يلي : " وحيث علل الطلب بأنه أثناء إعداد الوثائق اللازمة لتوثيق الزواج حصل الاختلاط والخلوة ونتج عنها الحمل . وحيث تبين للمحكمة من خلال وثائق الملف أن البنت مزدادة بتاريخ 20/04/2005 م وأن عقد الزواج أبرم بتاريخ 23/02/2005 م . وحيث أنه طبقا للفصول 152و156و160من مدونة الأسرة فإن النسب يلحق بإقرار الأبوين وبالشبهة في الحمل الناتج خلال مرحلة الخطوبة الأمر الذي يتعين معه  التصريح  بقبول الطلب "[130]

ب - وإذا جاءت الزوجة بالولد بعد مضي سنة من تاريخ الفراق ، لا ينسب للزوج طبقا لمقتضيات المادة 154 المذكورة أعلاه والمادة 135 التي تنص على ما يلي : " أقصى أمد الحمل سنة من تاريخ الطلاق أو الوفاة " . وتجدر الإشارة إلى أن هذه المدة أصبحت غير قابلة للتمديد بسبب الريبة في الحمل كما كان عليه الأمر في ظل مدونة الأحوال الشخصية[131]. رغم  أن المادة 134 من مدونة الأسرة أشارت إلى الريبة في الحمل حيث جاء فيها ما يلي : " في حالة ادعاء المعتدة الريبة في الحمل ؛ وحصول المنازعة في ذلك ، يرفع الأمر إلى المحكمة التي تستعين بذوي الاختصاص من الخبراء للتأكد من وجود الحمل وفترة نشوئه لتقرر استمرار العدة أو انتهاءها." إلا أن مجال إعمال هذه المادة هو حالة ادعاء المطلقة أو المتوفى عنها الريبة في الحمل  خلال المدة الشرعية للعدة وحصلت المنازعة في ذلك حيث تستعين المحكمة بالخبرة الطبية للتأكد ، ليس فقط  من وجود الحمل أو عدمه ، وإنما للتأكد أيضا من فترة نشوئه ، لتقرر المحكمة استمرار العدة أو انتهاءها بناء على معطيات علمية دقيقة .  وما يؤيد هذا الطرح هو أن المشرع لم يحل على المادة 134 حين حدد أقصى أمد الحمل في المادتين 1135و154من مدونة الأسرة السالفتي الذكر . 

     

الفقرة الثانية : نفي نسب الولد عن طريق اللعان :

اللعان لغة : من لعنه يلعنه لعنا : طرده وأبعده ، واللعن الإبعاد والطرد من الخير ، ومن الخلق السب والدعاء ، واللعنة الاسم والجمع لعان ولعنات [132]

و شرعا : عرفه الفقيه المالكي ابن عرفة بأنه حلف الزوج على زنا زوجته أو نفي حملها اللازم له وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض[133].

فقول ابن عرفة " حملها اللازم له " يخرج به الحمل غير اللازم كما لو أتت بالولد لأقل من ستة أشهر من يوم العقد أو بعد مضي أكثر مدة الحمل من تاريخ الطلاق أو إذا كان الزوج خصيا أو مجبوبا فإنه لا لعان فيه[134].

ويجد اللعان سنده في قوله تعالى : " وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ(6) وَالْخَامِسَةُ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ(7) وَيَدْرَؤُواْْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ(8) وَالْخَامِسَةُ أَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ(9)"[135].

ومن بين ما قيل في سبب نزول هذه الآية ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن هلال بن أمية قذف زوجته عند رسول الله صلى الله  عليه وسلم بشريك ابن سمحاء ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " البينة أو حد في ظهرك " فقال : يا رسول الله إذا  رأى أحدنا على امرأته رجلا ، أينطلق يلتمس البينة ؟ فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " البينة أو حد في ظهرك " فقال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد . فنزل جبريل عليه السلام وأنزل عليه قوله تعالى : " وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُم ْ شُهَدَاءُ...... مِنْ الصَّادِقِينَ " فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم إليها ، فجاء هلال فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله  يعلم أن أحدكما كاذب هل منكما تائب ؟ . وشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا إنها الموجبة قال ابن عباس :  فتلكأت ونقصت حتى ظننا أنها ترجع ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الإليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سمحاء . " فجاءت به كذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لولا ما مضى من كتاب الله لكان   لي ولها شأن "[136].

ويكون اللعان لسببين :

أ‌-            أن يدعي الزوج أنه رأى زوجته تزني .

ب - أن ينفي حملها منه .

وما يهمنا هو السبب الأخير وقد نصت مدونة الأحوال الشخصية السابقة ومدونة الأسرة على إمكانية نفي الولد عن طريق اللعان حيث جاء في المادة 153 من مدونة الأسرة ما يلي : " يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان ..."

فما هي شروط نفي الولد عن طريق اللعان ؟ وما هي آثاره ؟ وما حكم النكول عنه ؟

 

أولا : شروط نفي الولد عن طريق اللعان :

لا يكون اللعان إلا بناء على حكم القاضي به[137] ، استنادا إلى دعوى يقيمها الزوج[138] . إذ لا بد أن يكون الشخص الذي اتهم المرأة زوجا لها .  سواء كان الزواج مبنيا على عقد صحيح أو فاسد ،  وسواء كان الزوجة في عصمته أو كانت في عدة طلاقه الرجعي أو البائن ، بل له أن يلاعنها لنفي ولدها عنه ولو بعد انتهاء عدتها[139] أو حتى بعد وفاتها[140] .

ولكن ليس للقاضي أن يستجيب للزوج  إلا بعد تحققه من شروط اللعان التي سنقتصر على ذكرها وفق المذهب المالكي ،  لأن مدونة الأسرة وقبلها مدونة الأحوال الشخصية  مستمدة أساسا من هذا الفقه .وهذه الشروط[141] هي :      

1- أن يكون الولد لاحقا شرعا بالزوج ،  أما إذا كان غير لاحق شرعا به ، فلا لزوم للعان .  ويكون الولد غير لاحق بالزوج إذا لم يستوف أحد شروط الفراش المذكورة أعلاه.

وهكذا فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى ما يلي :"من المتفق عليه أن الوضع لأقل من ستة أشهر ينفي النسب بغير لعان لقيام المانع الشرعي على نفيه"[142]

2- أن يبادر الزوج  إلى طلب ملاعنة زوجته فور علمه بالحمل أو الوضع ، فلو علم بالوضع ، أو رأى الحمل يوما أو يومين ، فسكت ، ثم انتفى منه بعد ذلك، لم يقبل منه[143]. إلا أن يكون له عذر[144].

وفي هذا الصدد قرر المجلس الأعلى ما يلي : " يحق للزوج أن ينفي نسب الحمل بمجرد علمه به ، أما إذا سكت بعد علمه فلا يحق له ذلك "[145].

3- ألا يعترف الزوج لا صراحة ولا ضمنا بالولد[146]. ويعتبر اعترافه ضمنيا بالمولود ، قبول التهنئة بالولد[147]، والإنفاق على الولد وعلى أمه مدة النفاس[148].

وهذا ما ذهب إليه قرار للمجلس الأعلى جاء فيه : " المدعي لم يطعن في النسب إلا بعد الولادة وأداء النفقة للمولود مما تعتبر معه الدعوى لم ترفع في أوانها"[149]

4- ألا يطأ الزوج زوجته بعد الرؤية أو العلم بالوضع أو الحمل[150] ، وأن يستبرأها بحيضة واحدة[151].

وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى  ما يلي : " وإن وطئ أو أخر لعانه بعد علمه بوضع أو حمل اليوم واليومين بلا عذر امتنع لعانه"[152] .

وجاء في قرار آخر له ما يلي : " وحيث إن قواعد الفقه المالكي تشترط لتمكين الزوج من ملاعنة زوجته عند ادعائه الزنى ونفي الحمل ، أن يتقدم ذلك استبراء الزوجة بالوسائل الشرعية ، وأنه ما لم يتم هذا الاستبراء فإنه لا يجوز الحكم بنفي نسب الولد "[153] .

وإذا كان الفقه الإسلامي يصدق الزوج في ادعائه عدم المساس دون تكليفه بإثبات ما يدعيه حتى ولو كان يعيش مع زوجته خلال فترة تكون الحمل ، فإنه في الوقت الحاضر الذي فسدت فيه الذمم أصبح من الملائم تكليفه بإثبات ادعائه عدم الاتصال بزوجته التي يساكنها وإلا لم يقبل منه طلب اللعان[154] وإن كانت إمكانية الإثبات هذه صعبة جدا .

5- إذا قرن الزوج نفي الحمل باتهام زوجته بالزنى ، فيجب أن يكون قد اعتزل معاشرتها منذ الاتهام ، وأن يوضع الولد داخل أمد الحمل بالنسبة لتاريخ الاتهام بالزنى[155] .

 

ثانيا : آثار اللعان وحكم النكول عنه :

 

إذا توفرت  شروط اللعان وحكم القاضي به وتمت تأديته كما ورد في آية اللعان فانه ترتب عن اللعان نفي نسب الولد فلا ينتسب إ ليه ولا يتوارثان .[156]

غير أنه إذا حلف الزوج بعض الأيمان ونكل عن الباقي ولو عن يمين واحدة فقط فإن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والظاهرية ، يرون أن يحد حد القذف ويلحق به الولد الذي نفاه[157] بل يلحق به الولد حتى ولو أكذب نفسه بعد تمام اللعان[158] .

وبما أن مدونة الأسرة لم تتطرق لأحكام اللعان فيرجع في شأنها للفقه المالكي لأن المادة 400 من مدونة الأسرة تنص على ما يلي : " كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي ....." 
 

الفصل الأول : تطور الوسائل العلمية لإثبات النسب ونفيه

 

حاول  الإنسان منذ القدم التمييز بين أفراد جنسه ، معتمدا في البداية على الاختلافات الشكلية الظاهرية ، وأدرك القدماء أن الأوصاف الشكلية الظاهرة تنتقل بالوراثة من الأصول إلى الفروع . وظهرت عند العرب بالخصوص فئة  من الأشخاص تدرك الشبه بين فردين أكثر من غيرهم هم القافة ، وكان يلجأ إليهم في حالات التنازع في أمور النسب .

وفي ظل الإسلام أخضع الفقهاء عمل القافة لقواعد دقيقة ، واعتبر جمهور الفقهاء من  المالكية[159] والشافعية[160] والحنابلة[161] والظاهرية[162] القيافة من بين الأدلة الشرعية لثبوت النسب ونفيه وكان ذلك مجديا في ذلك العهد إلى حد ما.

وفي العصر الحاضر ، وأمام التطور الباهر الذي عرفته العلوم في ميدان الهندسة الوراثية واكتشاف البصمة الجينية وأهميتها في قضايا إثبات النسب ونفيه بشكل قاطع أو يكاد ، أصبح من الضروري أن تواكب الأنظمة القانونية لمختلف الدول ، ومن بينها المغرب ، هذا التطور حتى تستفيد من نتائجه في قضايا إثبات النسب ونفيه .

وهكذا فبعد أن كانت مدونة الأحوال الشخصية تحصر وسائل إثبات النسب في الفراش والإقرار والبينة[163] دون إعارة الخبرة الطبية أي اعتبار في هذا المجال ، أصبحت مدونة الأسرة تنص صراحة على الخبرة الطبية كوسيلة علمية لإثبات النسب[164] ، وبعد أن كانت مدونة الأحوال الشخصية تجعل نفي النسب ممكنا بجميع الوسائل المقررة شرعا[165] التي فسرها القضاء المغربي تفسيرا ضيقا مقصيا بذلك الخبرة الطبية ، نصت مدونة الأسرة  على الخبرة الطبية كوسيلة موازية للعان لنفي النسب[166] .

والأمر ذاته ينطبق على قوانين الأحوال الشخصية للعديد من الدول العربية .  

ولعل ما سهل لجوء المغرب والعديد من الدول العربية إلى تعديل قوانين أحوالها الشخصية لتلجأ إلى تحاليل البصمة الوراثية في قضايا النسب ، هو أن الفقهاء المعاصرين يرون في البصمة الوراثية امتدادا وتطورا عظيما في مجــال القيافة[167] الذي تعتد به جمهرة المذاهب في إثبات النسب المتنازع فيه كما سنرى ذلك لاحقا.

فما هي مراحل تطور الخبرة الطبية من القيافة إلى مقارنة البصمات الوراثية  ؟ وكيف تطور مركز الخبرة الطبية كوسيلة علمية لإثبات النسب ونفيه في القانون المغربي والمقارن ؟

للإجابة على هذه التساؤلات سأقسم هذا الفصل إلى مبحثين : سأتناول في الأول الوسائل العلمية لإثبات النسب ونفيه كامتداد للقيافة ، وسأخصص المبحث الثاني لتطور مركز الخبرة الطبية في مجال النسب في القانون المغربي والمقارن.
 

المبحث الأول : الوسائل العلمية لإثبات النسب ونفيه كامتداد للقيافة

 

إن اقتناع العرب مند القدم بالقيافة في كشف أوجه الشبه بين شخصين أو انعدامها ، ومن ثم إثبات النسب أو نفيه ،  لدليل على أنهم كانوا يدركون بالحس والملاحظة أن الشبه ينتقل بالوراثة من السلف إلى الخلف . وهذه حقيقة أقرها العلم الحديث كما هو معروف . وتمت الاستفادة منها في ميدان النسب عن طريق التحليل الجيني أو ما يعرف بالبصمة الوراثية .

والفرق بين القيافة وتقنيات التحليل الجيني هو أن القيافة تعتمد على المقارنة العيانية الخارجية لأعضاء جسمي الشخصين . أما التحاليل الجينية فتعتمد على مقارنة مجهرية لجزيئات ADN للشخصين . لذا يمكن القول أن الخبرة الطبية التي تعتمد تحاليل البصمة الوراثية هي امتداد وتطور للقيافة ، خاصة وأن هذه الأخيرة تخضع هي الأخرى لمبادئ المنهج العلمي الذي يقوم على الملاحظة الدقيقة والتجريب ، وأن فقهاء السلف يقدمون الأوصاف الخفية على الأوصاف الظاهرة في ثبوت  النسب لأن في ذلك زيادة حذق وبصيرة [168]. الشيء الذي يتوفر في تحاليل البصمة الوراثية بامتياز .

وعليه فسأتطرق في المطلب الأول للقيافة كدليل لإثبات النسب ونفيه ، بينما سأخصص المطلب الثاني للبصمة الوراثية وضوابط العمل بها ومدى تأثيرها على بعض المجالات المرتبطة بالنسب .


المطلب الأول: القيافة كدليل لإثبات النسب ونفيه

 

تقوم القيافة والخبرة الطبية في ميدان النسب على مبدإ واحد توصل إليه العرب بالخصوص عن طريق الحدس والممارسة ، وأقرها العلم منذ خروج نظرية ماندل[169] إلى أرض الواقع ، هذا المبدأ مفاده أن المميزات الشخصية تنتقل عن طريق الوراثة من الآباء إلى الأبناء . لذلك يمكن القول أن الخبرة الطبية هي وجه حديث للقيافة . وقد عرفت الخبرة الطبية تطورا متلازما مع التطور العلمي والبيولوجي والتكنولوجي .

وعلى ضوء ما سبق سأقسم هذا المطلب إلى فقرتين : أخصص أولاهما لأحكام القيافة، والثانية للخبرة الطبية في النسب كتطور للقيافة .
 

الفقرة الأولى : أحكام القيافة : 

تعد القيافة من أدلة إثبات النسب و نفيه ، يلجأ إليها عند التنازع حول طفل مجهول النسب ولم توجد بينة عند أحد المتنازعين  أو وجدت لكنها تعارضت أو تساوت.

وسأتناول اتباعا في هذه الفقرة : تعريف القيافة ، وسندها الشرعي، وشروطها وموقف الفقه الإسلامي والقانون المغربي من العمل بها .


أولا : مفهوم القيافة :

القيافة لغة مصدر مشتق من فعل  قاف : بمعنى تتبع  أثره ليعرفه ، يقال فلان يقوف الأثر ويقتافه قيافة[170] ، والقائف هو الذي يتتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه [171] فالقيافة لغة إذن هي الاستدلال بهيأة الإنسان وجسده وشبهه على نسبه وقرابته لغيره .

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي للقيافة عن المعنى اللغوي المتعلق بتتبع الأثر ومعرفة الشبه ، فقد عرف ابن رشد المالكي القافة بأنهم : " قوم كانت عندهم معرفة بفصول تشابه أشخاص الناس "[172] ، كما عرف الإمام الجرجاني الحنفي القائف بأنه الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود[173].

والقائف يقوم بجمع الأدلة ، ويكشف عنها ، مع النظر فيها بنوع من خبرة لا تتاح إلا بالتعلم والتمرس ومداومة النظر والدراسة[174] .

وتقوم القيافة على النظر المنطقي التجريبي حسبما يتضح من شروط العمل بها[175] والتي سأتعرض لها لا حقا . 

ثانيا : موقف الفقهاء من الأخذ بالقيافة في إثبات النسب ونفيه :

الأصل في اعتبار القيافة دليلا يعتمد عليه في الحكم بإثبات النسب ما رواه  البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال : " ألم تري أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال إن هذه الأقدام بعضها مـن بعض"[176]

وفي لفظ أبي داود والنسائي  ورواية لمسلم  : " ألم تري أن مجززا المدلجي رأى زيدا وأسامة قد غطيا رؤوسهما بقطيفة وبدت أقدامهما ، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض"[177]. وذكر أبو داود أن أسامة كان شديد السواد مثل القار ، وكان زيد شديد البياض مثل القطن[178].

واختلف الفقهاء في اعتبار القيافة دليلا لإثبات النسب على رأيين : رأي يقول بعدم جواز القيافة في إثبات النسب ، ورأي آخر يقول بجوازها .

وفيما يلي بيان ذلك :

1-        الرأي الذي لا يأخذ بقول القافة : يرى الحنفية[179] أنه لا يجوز الاعتماد  على رأي  القافة في إلحاق الولد وإثبات نسبه ممن يشبهه للحديث الصحيح : " الولد للفراش وللعاهر الحجر"[180] ، فأساس ثبوت النسب عندهم هو الفراش . أما القافة فيعتمدون على الشبه ، والشبه قد يتحقق بين الأجانب وينتفي بين الأقارب فلا يصح لإثبات النسب .

وحديث مجزز المدلجي لا حجة فيه ، لأن نسب أسامة من زيد كان ثابتا بالفراش ،  ولم يثبت بقول مجزز ، وسرور النبي صلى الله عليه وسلم بما قال مجزز إنما كان لقضائه على تمادي الناس في نسب أسامة وخوضهم فيه ، مما كان يتأذى به النبي صلى الله عليه وسلم .

ويرى الحنفية أنه إذا تنازع  اثنان على نسب صغير ، فإن كان أحدهما صاحب فراش قضي له بنسب الصغير،  وإن لم يكن أحدهما صاحب فراش ولا مرجحا ، ألحق الولد بهما وثبت نسبه منهما  .

2-        الرأي الذي يأخذ بقول القافة :يرى المالكية[181] والشافعية[182] والحنابلة[183] والظاهرية[184] أنه يعمل بقول القافة في إلحاق الولد وثبوت  نسبه ، أخذا بحديث مجزز المذكور ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقر قول مجزز وسر به ، ولو لم يكن حجة في ثبوت النسب لما أقره ، إذ لا يقر إلا ما هو حق .


ثالثا : شروط العمل بالقيافة :

يمكن تقسيم هذه الشروط إلى نوعين : النوع الأول الشروط الواجب توفرها في القائف ، والنوع الثاني شروط القيافة .
 

1- الشروط الواجب توفرها في القائف :

 

يشترط في القائف شرعا للعمل بقوله  شروطا معينة أهمها :

أ- الإسـلام[185] : فلا يقبل قول القائف الكافر[186] ، لأن القائف حاكم أو قاسم .

ب - العدالة[187] :  ويقصد بها جمهور الفقهاء صفة زائدة على الإسلام وهو أن يكون ملتزما لواجبات  الشرع ومستحباته ، مجنبا للمحرمات والمكروهات ، وقال أبو حنيفة : يكفي في العدالة ظاهر الإسلام ، وأن لا تعلم منه جرحة[188] .

ج- التجربة : فكما لا يولى القاضي القضاء إلا بعد معرفة علمه بالأحكام فلا يسمع قول قائف إلا بعد تجربته[189].  وتتم تجربة القائف بعرض الولد عليه  في نسوة ليس فيهن أمه ثلاث مرات  ثم مرة أخرى في نسوة فيهن أمه فان أصاب في الكل فهو مجرب - بفتح الراء -[190] أو بعرض الولد مع عشرة رجال من غير مدعيه، ويرى القائف ، فإن ألحقه بأحدهم سقط قوله ، وإن نفاه عنهم يجعل الولد مع عشرين فيهم مدعيه ، فإن ألحقه بمدعيه ، علمت إصابته[191]. 

د- الذكورة : وهذا الشرط مختلف فيه من طرف الفقهاء ، إذ اشترطــه معظمهم[192]، وخالفهم البعض إذ أجازوا قيافة المرأة الواحدة[193].

ﻫ - أن يكون بصيرا[194]: وهذا شرط بديهي لأن القيافة تقوم على النظر بفراسة وتمعن في وجوه الشبه بين شخصين ، والاستدلال بثبوت النسب أو نفيه بالشبه في الخلقة بين الأب والولد الذي يلحقه به القائف[195] .

و- أن يكون ناطقا : وهذا الشرط أيضا مختلف فيه إذ اشترطه معظمهم[196]، بينما ذهب بعضهم إلى جواز قيافة الأخرس إذا فهم جميع الناس إشارته [197].

ز- أن يكون القائف غير محجور عليه [198]: لأن الحجر يقوض الإرادة ، في حين أن استقلال القرار مطلوب في هذا الموضوع بالخصوص . 

ح - ألا يكون عدوا لمن ينفى عنه الولد ولا وليا لمن يلحق به الولد لأنه شاهد أو حاكم [199]، وهذا الشرط مطلوب حتى لا يتأثر حكم القائف بما يكنه من عداء لمن ينفي عنه الولد ولا بما يكنه من ولاء لمن يلحق به الولد .

ط- التعدد : ويقصد به تعدد القافة ، وهذا الشرط مختلف فيه أيضا ، حيث روي عن الإمام مالك في قول[200] والإمام الشافعي[201] والإمام أحمد في قول[202] : أنه يجوز أن يكون القائف واحدا ، لأن قول القائف حكم و يقبل في الحكم قول الشخص الواحد .

وفي رواية أخرى عن الإمام مالك[203] وقول للإمام أحمد[204] لا يصح أن يكون القائف واحدا ، بل لا بد أن يكون على الأقل اثنين ، لأن قول القائف بمثابة الشهادة على ثبوت النسب ولا تقبل الشهادة من واحد . 


2- شروط القيافة :

يشترط في القيافة لإلحاق النسب شروطا بعضها متفق عليه بين الفقهاء القائلين بالقيافة وبعضها مختلف فيه بينهم . وسوف أعرض لهذه الشروط مع الإشارة إلى اختلافهم كلما كان هناك اختلاف . وأهم هذه الشروط هي :

 أ‌-  صدور أمر القاضي بالقيافة أو تنفيذه إذا ألحق القائف الولد قبل أن يحكم القاضي بأنه  قائف . وهذا الشرط اشترطه  الشافعية[205].

 ب‌-  حياة من يراد إثبات نسبه بالقيافة وهو شرط عند المالكية[206] ، ولم يشترط الشافعية حياة المقوف إذ يجوز عندهم إثبات نسب المقوف الميت بالقافة ما لم يتغير أو يدفن[207].

ج- حياة من يلحق به النسب ، فإن مات فلا قول للقافة في ذلك من جهة قرابته   إذ لا تعتمد على شبه غير الأب إلا إن مات ولم يدفن ، وهذا الشرط اشترطه المالكية[208] ، ولا يشترط الإمام الشافعي هذا الشرط[209] ، كما لا يشترطه الإمام أحمد بن حنبل[210] إذ يرون أن يعرض الولد على القافة مع كل مدع موجود أو مع أقارب المدعي كأبيه وجده وأخيه وابنه وابن ابنه إن كان المدعي ميتا .


رابعا : موقف القانون المغربي من الأخذ بالقيافة :

بالرجوع إلى قانون الأحوال الشخصية المغربي الملغى ، نجد أن مدونة الأحوال الشخصية  قد حصرت وسائل إثبات النسب  ،  وليس من بين هذه الوسائل وسيلة القيافة ، فقد جاء في الفصل 89 ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين أو ببينة السماع بأنه ابنه ولد على فراشه من زوجته. "

فرغم أن مدونة الأحوال الشخصية  مستمدة أساسا من الفقه المالكي الذي يعتمد القيافة كدليل لإثبات النسب  ، إلا أنها خالفته ولم  تأخذ بالقيافة لإثبات النسب ، لا في وجهها التقليدي المعروف عند الفقهاء ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ولا في وجهها المعاصر الذي هو الخبرة الطبية . فجاء موقف المشرع المغربي موافقا في هذه المسألة لموقف الحنفية السالف الذكر.

أما مدونة الأسرة الحالية فقد تبنت نوعا من المرونة فيما يخص إثبات النسب حيث جاء في المادة 158 ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين أو ببينة السماع ، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية " فعبارة  " وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا " تعني جميع وسائل إثبات النسب التي قررها الفقه الإسلامي ، ولا يمكن أن تستثنى القيافة ، التي أخذ بها جمهور الفقهاء من  هذه الوسائل . والمقصود طبعا بالقيافة في عصرنا الحالي ليست هي القيافة التقليدية ، كما كانت معروفة عند السلف ، وإنما هي القيافة في وجهها المعاصر أي الخبرة الطبية .

 

الفقرة الثانية : الخبرة الطبية في النسب كتطور للقيافة :

يمكن تمييز مرحلتين أساسيتين في مسلسل تطور الخبرة الطبية في ميدان النسب ، المرحلة الأولى وتمتد من العقد التاسع من القرن التاسع عشر إلى العقد التاسع من القرن العشرين[211]،  وكان يعتمد خلالها على الوسائل التقليدية للتحقق من الهوية والنسب ، والمرحلة الثانية التي بدأت منذ الاكتشاف الباهر للبصمة الوراثية الذي توصل إليه العالم إليك جيفري سنة 1985م[212] ، ويعتمد خلال هذه الفترة على التحاليل الجينية لإثبات أو نفي النسب .

 

أولا : الوسائل التقليدية للخبرة الطبية في إثبات النسب ونفيه :

تتمثل هذه الوسائل في المقارنة الفيزيولوجية لأجسام الخصوم مع جسم الولد المتنازع عليه ، ومقارنة فصائل الدم .

 

1- المقارنة الفيزيولوجية لأجسام الخصوم مع جسم الولد المتنازع عليه:

قبل اكتشاف الفصائل الدموية والبصمة الوراثية ، كان تحري النسب في حالة النزاع عليه قائما على هذه الوسيلة[213]، حيث كان الطبيب الشرعي يقارن ملامح أعضاء جسم الولد المتنازع عليه ، بملامح من يدعون أبوته أو أمومته[214] كما كان يفصل القائف قديما ، ثم تطور الأمر بعد اكتشاف التصوير الفوتوغرافي والتصوير بالأشعة السينية إلى مقارنة صور أعضاء جسم الطفل المتنازع عليه بصور جميع أفراد الأسرتين المتنازعتين عليه مقارنة قياسية[215] أنتروبومترية أي قياس الأعضاء قياسا دقيقا .

ويمكن الاعتماد على أخذ صور جانبية وأمامية لجميع أفراد الأسرتين والطفل المتنازع عليه ، والبحث عن نقط التشابه بينه وبين أفراد العائلتين . ثم يفحص المدعون والطفل بتمام الدقة ويلاحظ كل تشويه في الخلقة ، ولون العينين، والشعر،  والجلد ،  وشكل ونسب أبعاد الرأس ، وشكل صيوان الأذن والحلمة ، وكذلك شكل انتهاء الشعر فوق الجبهة وبالقفا ، والحاجبين وشكلهما وتقوسهما وزوايا العينين وشكل الأنف وفتحتيه ، وشكل الشفة العليا والسفلى وسمكهما وإن كان بهما انقلاب للخارج أم لا وشكل الذقن ، ويلزم فحص باقي الجسم خصوصا أطراف الأصابع والأظافر وشكل اليدين والقدمين[216] . من هذه المعلومات يمكن تقرير أيا من الطرفين يشبهه الطفل.

ومن الأفيد الاطلاع على شهادتي ميلاد الطفل إن كانت بحوزة المدعين ، ثم تقدير سن الطفل بالطرق الطبية[217] بفحص الأسنان والعظام والجلد[218] كما أنه قد يكون من الضروري فحص الأم والأب من كل عائلة.

بالنسبة للأم يتم البحث عن أية مظاهر تدل على وجود عيوب خلقية قد تمنعها من الإنجاب كعدم وجود رحم أو وجود إصابات مشوهة تمنع حدوث الإنجاب . وقد يحسم النزاع عند هذه المرحلة .

وبالنسبة للزوج تجرى له فحوصات ، الهدف منها التعرف على وجود عيوب خلقية، أو أنه تعرض للإصابة بحالات مرضية قديمة أو حديثة تجعله غير قادر على الإنجاب خلال فترة ميلاد الطفل المتنازع عليه[219].

بتجميع كل نتائج الفحوصات والقياسات يمكن تقرير لأية أسرة ينتمي الطفل بكيفية تكاد تكون حاسمة ، لأن تجميع هذه القرائن يشكل ما يعرف بمبدإ تساند الأدلة[220] الذي قد يولد قناعة لدى القاضي لحسم النزاع .

 

2- مقارنة فصائل الدم:

توصل العالم النمساوي كارل لاند ستايز في مطلع القرن العشريـــن ( 1900 م ) إلى أن دم الإنسان يتنوع إلى أربع فصائل هي A و B   AB و O حسب خصائصها البيوكيمياوية  .  ومعنى ذلك أن الفصيلة الواحدة يشترك فيها مئات الملايين من البشر[221].

وقد أجمع علماء الطب على صحة نظرية ما ندل[222] القائلة بأن فصيلة دم الولد تتركب من فصيلتي دم أبويه معا ، وأن عدم تجانس فصيلة دمه مع فصيلة دم أحدهما دليل قاطع على نفي صلته به ، وأن هاته القاعدة لا تقبل طبيا حجة مضادة لأنها ليست بنتيجة اجتهاد قد يخطئ صاحبه وقد يصيب ، وإنما هي نتيجة عملية حسابية مضبوطة كواحد وواحد يساوي اثنين ذلك أن الجنين يرث بصفة  وجوبية المميزات الشكلية والخلقية من دم أبويه معا، وانعدام مميزات دم أحدهما في دمه دليل قاطع على كونه لم يتكون من صلبه[223].

وقد حدد الأطباء الفصائل الممكنة والمستحيلة بالنسبة لدم الطفل تبعا لنوع فصيلة دم أبويه[224] وفق الجدول المبسط التالي[225] :

فصيلتي دم الأبوين                    O + O                     A + O

الفصيلة الممكنة لدم الإبن                O                        A أو O

الفصيلة المستحيلة  لدم الطفل      AB – B - A                 B-AB



يؤدي تحليل فحص فصائل[226] دم الزوج والزوجة والطفل إلى إحدى النتيجتين التاليين :

أ- النتيجة الأولى : أن تكون فصيلة دم الطفل مخالفة لقواعد تناسل فصيلتي دم الزوجين فهذا يعني أن الولد ليس ابن الزوج قطعا .

ب - النتيجة الثانية : أن تكون فصيلة دم الطفل متوافقة مع قواعد تناسل فصيلتي الزوجين، فهذا لا يعني بالضرورة أن الزوج هو الأب الحقيقي للطفل ، لأن الزوج قد يشترك مع غيره في نوع الفصيلة الدموية ، أو قد تكون فصيلة دم الأب الحقيقي مخالفة لفصيلة دم الزوج لكنها تتوافق معها من حيث قواعد التناسل. 

كمثال على ذلك :

إذا كانت فصيلة دم الزوج A وفصيلة دم الأم O وجاء دم الولد من فصيلة B، فإن الولد ليس ابن الزوج قطعا ، أما إذا جاء دم الولد من فصيلة A فهذا لا يعني أن الزوج هو الأب الحقيقي لهذا الولد ، لاحتمال أن يكون من رجل آخر يشترك مع الزوج في فصيلة الدم A ، أو قد يكون الأب الحقيقي من فصيلة دم AB . لأنه ، حسب معطيات الجدول أعلاه ، إذا كانت  فصيلة دم أحد الأبوين AB ، و الآخر فصيلة دمه  O ، فإنه من المحتمل أيضا أن تكون فصيلة دم  الولد A.

وخلاصة القول أنه  يمكن الاعتماد على مقارنة فصائل الدم لنفي النسب بكيفية قاطعة ، ولا يمكن الاعتماد عليها في الحالة التي يراد فيها إثبات النسب. وهنا يمكن اللجوء إلى تقنية جد متطورة وحديثة تعتمد على التحليل الجيني أو ما يعرف بالبصمة الوراثية .  

 

ثانيا : البصمة الوراثية كأحدث وسيلة للخبرة الطبية في ميدان النسب :

البصمة الوراثية مركب وصفي من كلمتين :" البصمة "و" الوراثية "[227].

فالبصمة لغة مشتقة من بصم بصما أي ختم بطرف أصبعه ، والبصمة أثر الختم بالأصبع[228] .

الوراثية مشتقة من فعل ورث ، وورث الشيء بمعنى صار إليه بعد الموت ، والوراثة : انتقال الممتلكات والحقوق من شخص لآخر بعد الهلاك[229] .

كما يقصد بالوراثة : وراثة الأبناء لصفات آبائهم[230] ، وهذا التعريف الأخير هو الأقرب إلى موضوع بحثنا الذي هو البصمة الوراثية فيكون المراد من البصمة الوراثية لغة : العلامة أو الأثر الذي ينتقل من الآباء إلى الأبناء أو من الأصول إلى الفروع[231].

ومن الناحية الاصطلاحية عرفها المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة بأنها : " البنية الجينية ( نسبة إلى الجينات أي المورثات ) التي تدل على هوية كل إنسان بعينه "[232]

وقد توصل العلماء إلى أن البصمة الوراثية موجودة على الحمض النووي الريبوزي المختزل ( Acide DésoXY Ribo Nucléique ) المعروف اختصارا ب ADN ( الدنا ) .

وهو على هيئة شريطين ملتفين حول بعضهما ليشبها السلم الملفوف ، الذي تتكون جوانبه من جزيئات السكر والفوسفات ، وتتكون درجاته من مجموعة من القواعد الآزوتية[233]

ويمتاز جزيء ADN بكونه متطابق في كل خلايا جسم الفرد ، ولا يتغير أثناء الحياة [234] ، ويقاوم الزمن بشكل خارق للعادة[235] . غير أن تركيبته تختلف من شخص لآخر لدرجة يستحيل معها أن تتطابق عند شخصين باستثناء التوائم الحقيقية .

وقد أثبتت الدراسات العلمية المتخصصة أن الطفل يرث نصف صفاته الوراثية من الأب عن طريق الحيوان المنوي ، والنصف الآخر من الأم عن طريق البويضة[236] . على هذا الأساس تستعمل البصمة الوراثية لإثبات النسـب أو نفيه بشكل يقيني أو يكاد .

وهكذا فيمكن إثبات النسب أو نفيه عن رجل معلوم عن طريق مقارنة البصمة الوراثية للطفل مع بصمة كل من الأم وهذا الرجل ، ذلك أنه بمقارنة البصمتين الوراثيتين للطفل والأم ، تكون السمات المتبقية منحدرة قطعا من الأب الحقيقي[237] .

 

المطلب الثاني: البصمة الوراثية : ضوابط العمل بها ومدى تأثيرها على بعض المجالات المرتبطة بالنسب :

 

ما أن اكتشفت البصمة الوراثية حتى تصدى لها الفقهاء والباحثون والأطباء والخبراء بالدراسة والتحليل ، فأثبتت مختلف الدراسات المنجزة حولها أن نتائجها قطعية في إثبات نسب  الأولاد إلى الوالدين أو نفيهم عنهما ، وأن الخطأ في البصمة الوراثية ليس واردا من حيث هي وإنما الخطأ في الجهد البشري  أو عوامل التلوث ونحو ذلك[238] ، ولهذا فقد أقرت بعض المجمعات الفقهية[239] شرعية استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب شريطة الالتزام ببعض الضوابط . فما هي هذه الضوابط ؟ ( الفقرة الأولى ) وما مدى تأثير البصمة الوراثية على بعض المجالات المرتبطة بالنسب ؟ ( الفقرة الثانية)

 

الفقرة الأولى : ضوابط العمل بالبصمة الوراثية :

يمكن تقسيم هذه الضوابط إلى : ضوابط علمية ، وضوابط شرعية ، وضوابط قانونية .

 

أولا : الضوابط العلمية[240] :

يمكن حصر هذه الضوابط فيما يلي :

أ- القبول العام لدى أهل الاختصاص : وهذا الضابط هو ضابط عام في كل الأمور العلمية ، ويعني عدم التسرع في القبول بنتائج البصمة الوراثية في ميدان النسب إلا بعدما تصير مقبولة لدى أهل الاختصاص قبولا تاما ، وهذا ما حدث فعلا ، إذ أن البصمة الوراثية لم تقبل لإثبات النسب أو نفيه إلا بعد ما ثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن نتائجها قطعية .

ب - الاحتراس من الثقة الزائدة في التكنولوجيا : ويقصد به عدم التسليم المطلق بنتائجها قبل اختبار الموضوعية والوقوف على طبيعة عدة التقنية ، لأنه كلما ازدادت قدرة التكنولوجيا كلما قل فحصها كما يجب ، في حين أن الدراسات أثبتت أن الأخطاء في المعامل الإكلينيكية في كل الميادين تحدث بمعدلات تقدر نسبها بما بين 1 % و% 5  [241]  .

ج-  أن يكون الأخصائيون في  البصمة الوراثية ذوي أهلية علمية وخبرة عالية في ميدان تخصصهم[242] ، وأن يتصفوا بصفات الأمانة والخلق الحسن، حتى لا يؤدي ذلك إلى تدهور النتائج الفنية[243] أو التلاعب فيها حفاظا على حقوق الناس من الضياع .

يذكرنا ما سبق  بما قرره السلف الصالح حين اشترطوا إخضاع القائف للتجربة من أجل التأكد من خبرته في الميدان ، فإن أصاب قبل قوله.

د- التعدد : ويقصد به تعدد الخبراء الفنيين القائمين على العمل في البصمة الوراثية . وقد تمت الدعوة إلى هذا الضابط من طرف شركة سيلمارك[244] الأمريكية المختصة في تحاليل البصمة الوراثية ،  إثر كشفها عن خطإ في تحاليل البصمة الوراثية كان قد نتج عن خلط بين عينتين ، حيث قام أحد المحللين بوضع نفس العينة في حارتين مختلفتين ، في حين كان عليه أن يضع في إحدى الحارتين إحدى العينتين وفي الحارة الأخرى العينة الأخرى  ، ومنذ ذلك الحين أكدت هذه الشركة على ضرورة أن يشهد شخصان بدء نقل كل جزيء ADN ، وأن يشهد هذان الشخصان الانتهاء من تحليله أيضا .

وهذا الشرط اشترطه جمهور الفقهاء القائلين بالقيافة الذين يعتبرون القيافة شهادة لا يصح فيها قول القائف الواحد بل لابد من قائفين اثنين على الأقل[245]   

ﻫ- معاودة اختبار جزيء ADN في أكثر من موضع منه للتيقن من نتائجه ، وأن تضاعف عينة إيجابية للمقارنة ، وهذا الأمر يرفع من معدل دقة الاختبارات ، وبالتالي تفادي كل التباس واستبداله باليقين ، مما يجعل القضاء والأطراف مطمئنين لسلامة النتيجة.

و - تفادي الاستخدام المتحيز : ويقصد به التزام الحياد عند إجراء تحاليل البصمة الوراثية ، وعدم التأثر بما يريده المدعي أو الدفاع .

وهذا الشرط أيضا اشترطه بعض الفقهاء حين قرروا ألا يكون القائف عدوا لمن ينفي عنه الولد ولا وليا لمن يلحقه به[246] حتى لا يشك أحد في انحيازه إلى طرف دون الآخر .  

وكيفما كانت التقنية المستعملة ، فكل بحث يرمي إلى تحديد الأبوة ، لا بد أن يبدأ بالتأكد من غياب انتفاء الوالدية بين الطفل والرجل المعنيين[247] .
 

ثانيا : الضوابط الشرعية  :

أقر الفقهاء المعاصرون[248] هذه الضوابط ، بعد دراستهم للبصمة الوراثية من الناحية الشرعية ، حيث اعتبروها تطورا عصريا ضخما في مجال القيافة التي تعتد به جمهرة المذاهب الفقهية  .

وتتمثل هذه الضوابط الشرعية فيما يلي :

أ - تقديم النصوص والقواعد الشرعية على البصمة الوراثية[249] . ومن ثم لا يجوز التحقق بالبصمة الوراثية من النسب حال ثبوته واستقراره بالطرق الشرعية[250] . لكن ما الحل إذا اكتشف الزوج بعد أمد معين أن ما جاءت به زوجته ليس من صلبه؟

ب - ألا تخالف نتائج تحاليل البصمة الوراثية العقل والمنطق والحس والواقع ، فلا تقبل نتيجة البصمة الوراثية التي أثبتت النسب لمن لا يولد لمثله لصغر سنه أو لكونه مقطوع الذكر والأنثيين ، إذ من لا يولد لمثله لا يعقل أن يأتي بولد ، وبالتالي تكون نتيجة تحاليل البصمة الوراثية قد اعتراها الخطأ أو التلاعب[251] .

ج - أن تستعمل تحاليل البصمة الوراثية في الحالات التي يجوز فيها التأكد من إثبات النسب لعدم ضياعه ، وللمحافظة عليه ، وذلك كاختلاط المواليد وأصحاب الجثث المتفحمة أو إذا دعت الضرورة لذلك[252]

د - أن تمنع الدولة القطاع الخاص الهادف إلى الربح من مزاولة الفحص الخاص بالبصمة الوراثية لما يترتب عن ذلك من مخاطر كبرى[253] .

ويستنتج مما سبق  أن تحاليل البصمة الوراثية يجب أن تتم في مختبرات تابعة للدولة . وهذا أمر فيه نظر : فمن ناحية من الصعب جدا ، في بلادنا، أن يتابع مواطن عادي  المختبرات التابعة للدولة في حالة خطإ جسيم ،  كمختبر الدرك الملكي بالرباط ، وهو مختبر تابع لقطاع عسكري ، والمختبر الوطني للشرطة العلمية بالدار البيضاء، وهو مختبر تابع لإدارة الأمن الوطني . الشيء الذي يولد لدى الأخصائيين العاملين بهذه المختبرات شعورا بنوع من الحصانة التي قد تؤدي بهم إلى نقص في الحيطة والحذر أثناء مزاولتهم لعملهم . ومن ناحية أخرى فإذا كانت  المختبرات التابعة للدولة هي المحتكرة للسوق ، فإنها لا تسعى إلى تحسين جودة خدماتها عن طريق اقتناء معدات جديدة والاعتماد على خبراء ذوي كفاءة عالية كما تفعل المختبرات الخاصة الخاضعة للمنافسة. غير أنه من الضروري إخضاع المختبرات الخاصة لمراقبة الدولة .

ﻫ  - أن يرضى الأطراف ، بمن فيهم الولد إذا كان بالغا عاقلا ، بإجراء التحاليل ، إلا في حالات خاصة يرى القاضي ضرورة إجرائها[254] .

    أعتقد أن هذا الضابط يوازن ما بين احترام مبدإ حرمة الجسد والحق في إثبات النسب ونفيه .

و - " تكوين لجنة خاصة بالبصمة في كل دولة يشترك فيها المتخصصون الشرعيون والأطباء والإداريون ، وتكون مهمتها الإشراف على نتائج البصمة الوراثية واعتماد نتائجها"[255] .

ومن الناحية العملية قد يكون من الأفيد تكوين لجنة وطنية خاصة بالبصمة الوراثية ولجان محلية تحت إشراف القضاء ،  مهمتها التأكد من هوية الأطراف المعنية بتحليل البصمة الوراثية ، وبخاصة هوية الطفل مع تحديد عمره ، وكذلك أخذ العينات وإرسالها إلى اللجنة الوطنية الخاصة بالبصمة الوراثية . وتقوم هذه الأخيرة بجمع وترميز العينات التي ترد عليها من مختلف اللجان المحلية ، وإرسالها على دفعات إلى المختبرات المختصة دون أن تعلم هذه الأخيرة هوية أصحابها ولا العلاقة بينها . وبعد تحليلها والتأكد من وجود أو عدم وجود علاقة بين أطرافها وتحرير تقارير مفصلة في شأنها ،  ترسل هذه التقارير إلى اللجنة الوطنية ، التي تتأكد من خلوها من أخطاء  ظاهرة كإلحاق ولد أرسلت عينته من منطقة معينة إلى رجل أرسلت عينته من منطقة أخرى . وتتولى اللجنة الوطنية إرسال هذه التقارير إلى المحاكم المعنية .

والغرض من هذه الإجراءات هو ضمان حياد المختبرات ، وجعلها تتوخى الحيطة والحذر قبل إقدامها على اتخاذ قراراتها .

 

ثالثا : الضوابط القانونية :

    تتميز الخبرة الطبية في ميدان النسب عن غيرها من الخبرات بخطورة بالغة ، ذلك أنه تتعلق بها أربعة حقوق وهي : حق الله تعالى مصداقا لقوله تعالى : "ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ "[256] ، وحق الطفل والأم والأب أيضا ، فهي لا تحتمل الخطأ، لأن مجرد خطإ بسيط في هذا النوع من الخبرة يترتب عنه ضياع حقوق كل الأطراف ، بخلاف الخبرات الأخرى التي  يترتب عن الخطإ فيها ضياع حق طرف واحد فقط .

 ورغم هذا فإن المشرع المغربي لم يخصص لها نصوصا قانونية تنظمها، بل أخضعها للنصوص المنظمة للخبرة بشكل عام ، وهي الفصول من 55 إلى 66 من قانون المسطرة المدنية ، بالإضافة إلى المادة 153 من مدونة الأسرة. ويستفاد من هذه النصوص أن الخبرة الطبية تخضع للضوابط القانونية الآتية :

أ- أن يكون الخبير مسجلا بجدول الخبراء ، ويشترط للتسجيل في هذا الجدول أن  تتوافر في الخبير شروط معينة لم ينص عليها المشرع المغربي صراحة ، بل يمكن استنتاجها من الوثائق التي يلزم الخبير بإرفاقها بطلب التقييد في جدول الخبراء[257] ، ومن بين هذه الشروط : خلو الخبير من السوابق الجنائية ، والتوفر على المؤهلات العلمية والفنية ، وأن يتمتع بالسلامة البدنية[258] . غير أنه في حالة عدم وجود خبير مدرج بالجدول ، فيمكن للقاضي بصفة استثنائية أن يعين خبيرا من خارج الجدول طبقا لمقتضيات الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية[259] .

ب- أن يؤدي الخبير اليمين أمام المحكمة على أن يقوم بالمهمة المسندة إليه بأمانة وإخلاص وبكل تجريد واستقلال ، وذلك بعد قبول تسجيله بالجدول مباشرة ، أما في حالة تعيين خبير من خارج الجدول فإنه يؤدي اليمين نفسه أمام الهيئة القضائية التي انتدبته قبل قيامه بالمهمة المسندة إليه بالنسبة لكل قضية على حدة[260] ما لم يعف باتفاق الأطراف[261] .

ج- صدور أمر قضائي بإجراء الخبرة طبقا لمقتضيات الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية[262] ومقتضيات المادة 153 من مدونة الأسرة ، يحدد فيه القاضي مهام الخبير والآجال المحددة لإجراء مهمته ، وإذا لم تسعفه الآجال الممنوحة له يمكن للخبير أن يطلب آجالا إضافية[263] ، كما يحدد  القاضي في الأمر بالخبرة  مبلغا جزافيا لحساب مصاريف الخبير وأتعابه[264] ، ويمنع على الخبير تسلم مبلغ مصاريف الخبرة وأتعابه مباشرة من الأطراف تحت طائلة التشطيب عليه من جدول الخبراء[265] ، واشترطت المادة 153من مدونة الأسرة لصدور الأمر القضائي بإجراء الخبرة الطبية لنفي النسب أن يدلي الزوج  المعني بالأمر بدلائل قوية على ادعائه.

د- قيام الخبير بأعمال الخبرة شخصيا[266] ، بحيث لا يجوز له تكليف غيره بالقيام بها نيابة عنه ، ما عدا فيما يمكن أن تفرضه عليه طبيعة القضايا في الاستعانة بغيره من الأخصائيين في بعض الجوانب[267] .

هذا ويسأل  الخبير عن أخطائه مسؤولية مدنية ، وجنائية .

فبالنسبة للمسؤولية المدنية للخبير ، فيمكن تقسيمها إلى مسؤولية مهنية ومسؤولية تقصيرية .

فالمسؤولية المهنية للخبير تقوم في حالة عدم استجابته  للحكم الذي انتدبه وللآجال التي حددها له القاضي لإنجاز مهمته ، كما تقوم في حالة تجاوزه لحدود الأمر القضائي[268] .

أما المسؤولية التقصيرية للخبير فتقوم في حالة صدور خطإ منه أثناء مزاولته لمهمته كخبير  ينتج عنه ضرر مادي أو معنوي للأطراف أو الغير ، ويقع عبء إثبات الضرر والعلاقة السببية بين الخطأ وهذا الضرر على عاتق المتضرر[269]  .

وتقوم مسؤولية الخبير الجنائية إذا ارتكب أفعالا تعد جرائم بالمفهوم الوارد في القانون الجنائي ، ومن بينها الرشوة وشهادة الزور وإفشاء السـر المهني[270] 

و" ما دامت المحكمة غير ملزمة بالأخذ بنتيجة تقاريرهم – أي الخبراء -  ويمكنها أن تستبدلهم في أية مرحلة من مراحل الدعوى ، فالمحكمة إذن هي التي تتحمل كامل المسؤولية . وبعد صدور الحكم وصيرورته نهائيا باتا ، يتمتع الخبير بحصانة ضد كل متابعة من أجل أي شكل من أشكال المسؤولية ، إذ أن نتائج خبرته قد أدمجت في ذلك الحكم الذي صار حائزا لقوة الشيء المقضي به "[271] .


الفقرة الثانية : البصمة الوراثية وبعض المجالات المرتبطة بالنسب  :

يتشكل الفرد  نتيجة اندماج المادة الوراثية لشخصين هما الأم والأب ، فيكون نصف صفاته الوراثية متطابقا مع الصفات الوراثية للأم ، ونصفها الآخر متطابقا مع الصفات الوراثية للأب ، ومع ذلك فإن كل إنسان يعد نسخة وحيدة لا مثيل لها في العالم إذ ينفرد بصفات خاصة لا يشترك معه  فيها أحد من البشر . ولكن وعلى الرغم من هذه الحقيقة ، فإننا نتشابه مع أقاربنا بأشياء كثيرة ، وحدود هذا التشابه والاختلاف ترجع إلى درجة القرابة فيما بين بعضنا بعضا[272]

وعلى هذا الأساس يمكن الاستفادة من البصمة الوراثية في مجال النسب للتحقق من الهوية الشخصية بصفتها الذاتية ( أولا ) والتحقق من الهوية الشخصية بصفتها المرجعية ( ثانيا ) والتحقق من العلاقة البيولوجية بين الإخوة  ( ثالثا ) كما يمكن الاستفادة منها لإعادة النظر في مسألة اللقيط  والابن الغير الشرعــي ( رابعا ) .
 

أولا : التحقق من الهوية بصفتها الذاتية :   

لكل شخص بصمة وراثية خاصة تميزه عن غيره من الناس ، ولا تتطابق البصمة الوراثية سوى في حالة التوائم المتماثلة . تستغل هذه الحقيقة للاستفادة من البصمة الوراثية في التعرف على هوية الشخص بصفتها الذاتية.

لهذا الغرض بدأت العديد من الدول في إنشاء بنوك لقواعد معلومات تستند على الحمض النووي  كأساس للتعريف بجميع مواطنيها [273] كأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ونيوزيلندا . وتفيد هذه المعلومات في التحقق من هوية المفقودين والجثث ، خاصة المتحللة أو المتفحمة ، في حالة الكوارث الطبيعية أو الحروب أو الحوادث ، كما يستفاد منها لمنع انتحال شخص هوية غيره من أجل القيام بأعمال غير مشروعة ، كالاستيلاء على المال عن طريق الإرث مثلا ، أو التسلل إلى تراب دول بكيفية متخفية أو الهروب من العدالة ... وتفيد أيضا في التعرف على هوية تاركي الأطفال حديثي الولادة والرضع على قارعة الطريق ، حيث تؤخذ عينة من الشخص أو الجثة  المراد التحقق من هويتها ويتم مقارنتها إما بقواعد البيانات المسجلة بها البصمة الوراثية لجميع أشخاص المجتمع أو مقارنتها بعينات من الدم للأشخاص المشتبه في قرابته لهم[274].

ونظرا لارتفاع تكلفة إنشاء بنوك قواعد معلومات للتحقق من هوية المواطنين اعتمادا على بصماتهم الوراثية ،  فإن العمل بهذه التقنية في بلد كالمغرب يبقى بعيد المنال .
 

ثانيا : التحقق من الهوية الشخصية بصفتها المرجعية :

أثبتت تحاليل البصمة الوراثية أن الإنسان يرث  نصف مورثاته من أمه  والنصف الآخر من أبيه ، ولذا فإن نتائجها تكاد تكون قطعية في إثبات نسب الأولاد إلى الوالدين ، حيث تؤخذ عينات من الدم أو اللعاب أو غيرهما  من الأم والطفل ومن الشخص  المفترض أن يكون أبا للطفل  ، وتتم مقارنة أجزاء من الحمض النووي ADN، فإذا أظهرت التحاليل  أن الطفل يحمل بصمة وراثية تتطابق  في نصفها مع البصمة الوراثية للأم ونصفها الآخر مع البصمة الوراثية لهذا الرجل فإنه يمكن الجزم بأن هذا الأخير هو الأب الحقيقي لهذا الولد[275].

فإذا توفرت الشروط المطلوبة في خبراء البصمة ومختبراتها فإن نتائجها تكون يقينية أو تكاد ، ومن ثم فإن البصمة الوراثية أقوى من القيافة التي اعتد بها جمهور الفقهاء ، فمن باب أولى أن تستعمل البصمة الوراثية في ميدان النسب في الحالات التالية[276] :

أ- حالات  التنازع على مجهول النسب[277] بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها أو كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه .

ب- حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات[278] ومراكز رعاية الأطفال ونحوها وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب .

ج - حالات فقدان أو ضياع الأطفال[279].

د- حالة ادعاء ميلاد طفل من علاقة زواج غير موثق[280].

ﻫ - حالة تصحيح نسب المتبنى[281] امتثالا لقوله عز وجل : "وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ(4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ  "[282] .

و - الشك بين فراش وشبهة[283] كما إذا تزوجت المرأة في عدة طلاق أو وفاة  وولدت في وقت يصلح أن ينسب فيه الولد للزوج الأول أو الثاني حسن النية كما إذا كانت الولادة داخل سنة من انتهاء معاشرتها مع الأول وبعد ستة أشهر من دخول الثاني بها[284].

ففي هذه الحالات يمكن للبصمة الوراثية أن تثبت بشكل قاطع هوية الولد بصفتها المرجعية ، أي إثبات نسب الولد لأبيه الحقيقي أو نفيه عن الشخص الذي لم ينحدر منه.
 

ثالثا : التحقق من العلاقة البيولوجية بين الإخوة :

سبقت الإشارة إلى أن كل شخص ينفرد بخصائص تميزه ، لكنه  يتشابه مع أقاربه في صفات كثيرة .  وحدود هذا التشابه والاختلاف ترجع إلى درجة القرابة فيما بين بعضهم البعض .

وكنتيجة لذلك يمكن الاعتماد على تحاليل البصمة الوراثية لتحديد العلاقة البيولوجية بين الإخوة  . ففي دعوى إثبات نسب طفل طبيعي رفعتها خليلة رجل متزوج أب لثلاثة أطفال شرعيين ،  بعد وفاته . لجأت محكمة الاستئناف بباريس لخبرة طبية خضع لها الأبناء الشرعيون الثلاثة وأمهم من جهة ،  والإبن الطبيعي من جهة أخرى[285] ، الغرض منها هو التأكد من وجود علاقة أبوة بين ذلك الرجل وهذا الطفل أو عدمها ، عن طريق معرفة ما إذا كانت توجد علاقة بيولوجية بين هذا الطفل والإخوة الثلاثة .

والملاحظ أن محكمة الاستئناف الفرنسية قد لجأت إلى الخبرة الطبية لإثبات الأبوة استنادا إلى العلاقة البيولوجية بين الإخوة رغم أن نتائج الخبرة الطبية لم تكن قطعية في ذلك الوقت ، عكس ما هو عليه الحال اليوم مع البصمة الوراثية .

والهدف من الاستشهاد بموقف القضاء الفرنسي السالف الذكر ليس هو إثبات نسب طفل عن طريق مقارنة بصمته الوراثية مع أبناء من يشتبه فيه أنه أبوه ، وإنما الغرض من ذلك هو إبراز دور البصمة الوراثية وأهميتها في لم شمل الإخوة – حالة  وفاة أبيهم وتعذر أخذ بصمته الوراثية – في حالات الكوارث الطبيعية أو الحروب ، وإرجاع المفقودين إلى ذويهم في حال العثور عليهم أحياء أو أمواتا .
 

رابعا : إمكانية إعادة النظر في مسألة اللقيط  والابن غير الشرعي :  

تنصب الدراسة في هذه الفقرة على إمكانية إعادة النظر في مسألة اللقيط والابن غير الشرعي .
 

1- إمكانية إعادة النظر في مسألة اللقيط :

 اللقيط هو كل مولود حي طرحه أهله خوفا من العيلة أو التهمة  ، ويطلق أيضا على الصبي الصغير غير البالغ وإن كان مميزا[286].

ويدخل مع اللقيط  في حكم التنسيب كل مجهول النسب .

وقد اختلف الفقهاء في مسألة تنسيب اللقيط ومن في حكمه  كما يلي :

أ- إذا ادعاه شخص واحد ولم ينازعه فيه أحد يثبت نسبه منه ، إن أمكن كونه منه ودل ظاهر الحال على صدقه ، وإلى هذا القول ذهب الشافعية[287] والحنابلة[288] وبه قال الحنفية استحسانا[289] وهو قول للمالكية[290]، وذهب المالكيــة في المشهور[291] إلى عدم قبول ادعائه حتى يتقدم له على أمه نكاح وهو مذهب الحنفية قياسا[292] .

ب - إذا تنازعه اثنان فأكثر يثبت  نسبه بالقيافة ، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية[293] والشافعية[294] والحنابلة[295]، ويرى الحنفية الحكم بالولد لمن وصف علامة في جسده فإن لم تكن علامة وتساويا في البينة حكم بالولد لهما معا ، وإن أقام أحدهما البينة حكم به لمن أتى بالبينة[296].

يتضح مما سبق أن "  شأن مجهول النسب قد حير الفقهاء ذلك أنهم  لا يريدون تنسيبه إلا بحق عن طريق الاستيثاق من صلة الوالدية، وفي نفس الوقت هم يريدون تنسيبه وإلحاقه بأهله للقيام بتربيته والإنفاق عليه"[297]  . وهذا هو قصد المشرع المغربي في المادة 160 من مدونة الأسرة[298] حين اشترط ضرورة موافقة  المستلحق – بفتح الحاء – على استلحاقه ، إذا كان رشيدا حين الاستلحاق، وحين خول له رفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سن الرشد ، إذا استلحق قبل بلوغه هذه السن .

ومن البديهي أن تعتمد المحكمة على تحاليل البصمة الوراثية قبل البث في دعوى نفي النسب المذكورة أعلاه . وقد يغلق هذا الإجراء الباب في وجه أولئك الأبناء الذين يتنكرون لآبائهم عندما يشتد عضدهم ، ويحاولون التنصل من واجباتهم تجاه آبائهم عند الهرم والحاجة .

كما أن على المحكمة أن تعتمد على تحاليل البصمة الوراثية في الدعوى التي ترفعها الأم لنفي الولد عنها حالة تعيينها من طرف المستلحق .

واللقيط أو مجهول النسب ليس بالضرورة عديم النسب ، فقد يكون أهله يبحثون عنه ، ويبذلون النفس والنفيس للوصول إليه . ولهذا فالبصمة الوراثية قد تساعد في العثور على ذويه ؛ كما قد تساعد في  فض النزاع حول نسب اللقيط عند ادعاء نسبه من طرف أكثر من مدع واحد .
 

2- إمكانية إعادة النظر في قطع نسب ابن الزنى :

اختلف الفقهاء حول نسب ابن الزنى على ثلاثة آراء على النحو التالي:

أ- الرأي الأول : يقول بعدم انتساب ولد الزنى لأبيه الزاني بأي حال من الأحوال وهو رأي جمهور الفقهاء[299] من المالكية والشافعية والحنابلة .

ب- الرأي الثاني : وهو رأي أبي حنيفة ، حيث قال : " لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها ، والولد ولد له[300].

ج- الرأي الثالث : يرى إلحاق ولد الزنى بالزاني إذا أقيم عليه الحد ولم يكن مولودا على فراش يدعيه صاحبه وادعاه الزاني ، وهذا رأي إسحاق بن راهوية الذي أول قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " على أنه حكم بذلك عند تنازع الزاني وصاحب الفراش[301] ، وهذا ما قال به أيضا الحسن البصري وعروة بن الزبير وسليمان ابن يسار وابن قيم الجوزية الذي يرى أن القياس الصحيح يقتضي لحوق ابن الزنى بأبيه الزاني لأنه إذا كان يلحق بأمه وينسب إليها ، مع أنه تكون من ماء الزانيين وقد اشتركا فيه واتفقا على أنه ابنهما فما المانع من لحوقه بالأب إذا لم يدعه غيره ؟[302]

والعلة في إجماع الفقهاء على نسب ابن الزنى لأمه هي التحقق المادي لواقعة انتساب الطفل إلى أمه عن طريق الولادة[303] وهذا ما أكده الفصل 83 من مدونة الأحوال الشخصية الذي ينص على ما يلي : " البنوة غير الشرعية ملغاة بالنسبة للأب فلا يترتب عليها شيء من ذلك إطلاقا، وهي بالنسبة للأم كالشرعية لأنه ولدها".   ثبتت هذه البنوة ماديا للأم بالولادة فأقر الفقهاء نسب الولد لها ، ولاستحالة إثبات تكون الطفل من صلب الأب الزاني ، قال أغلب الفقه بنفي النسب عنه ، وهذا ما جعل كثيرا من الفقهاء ينسبون ابن الزنى لأبيه الزاني متى كان هذا الأب معروفا[304].

واليوم أصبحت البصمات الوراثية تثبت بصفة يقينية بنوة الأب للطفل مثل ما تفعله الولادة بالنسبة للأم فأصبح التعليل الذي أسس عليه الفقهاء رأيهم في تنسيب ابن الزنى لأمه  ينطبق على الأب أيضا، لأنه ولده حيث تثبت ولادته إياه بالبصمات الوراثية ، مثل ما تثبت ولادة الأم له بالولادة الطبيعية المعروفة[305].

وعلى هذا فلم يعد هناك أي سبب لرفض نسب ابن الزنى لأبيه الزاني في الحالة التي لا يوجد فيها فراش يعارض هذا الإلحاق ، سواء ادعى الزاني الولد  أو لم يدعه ، وأثبتت تحاليل  البصمة الوراثية أبوته له كما في حالة الاغتصاب .

ورغم أن صدور مدونة الأسرة جاء في الوقت الذي شاع فيه استعمال البصمة الوراثية في ميادين عدة ومن ضمنها ميدان النسب ، إلا أنها ظلت وفية لرأي الجمهور ولسابقتها مدونة الأحوال الشخصية[306] ، حيث جاء في المادة 148 منها ما يلي " لا يترتب على البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية ".

وهذه المادة صريحة في التمييز بين البنوة الشرعية وغير الشرعية بالنسبة للأب ، ولا يمكن للبنوة غير الشرعية أن تصير شرعية اعتمادا على إثبات العلاقة البيولوجية بين الأب والابن بواسطة الخبرة الطبية فقط ودون الاستناد إلى الأسباب الشرعية للنسب وهي الفراش والإقرار والشبهة[307] ، ولا إلى باقي الأدلة الشرعية لثبوت النسب المنصوص عليها في المادة 158 من م . أ . ورغم ذلك فإن المحكمة الابتدائية بالمحمدية قضت بثبوت نسب بنت إلى أبيها معتمدة في ذلك فقط على اطمئنانها إلى نتائج الخبرة الطبية المثبتة للعلاقة البيولوجية بينهما ، رافضة إثبات الزوجية .

ومما جاء في حيثيات هذا الحكم ما يلي :

 " حيث أن الطلب يرمي إلى الحكم بثبوت نسب الطفلة ( ف . ز ) للمدعى عليه .

وحيث أنكر المدعى عليه أن تكون البنت المذكورة أعلاه من صلبه أو ازدادت على فراشه .

وحيث أمرت المحكمة بإجراء خبرة قضائية عهد بها إلى المختبر الشرعي التابع للشرطة القضائية بالدار البيضاء .

وحيث أنجزت الخبرة من طرف المختبر المذكور أعلاه وجاء فيه أنه يتبين من خلال نتائج الخبرة الجينية ثبوت بنوة الطفلة (ف.ز) للمسمى (م .ص) .

وحيث أن المحكمة اطمأنت إلى نتائج الخبرة أعلاه ويتعين تبعا لذلك الاستجابة لهذا الطلب (…)  

حكمت المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا وحضوريا (...)

1-      برفض الشق المتعلق بثبوت الزوجية (... ) 

2-      الحكم بثبوت نسب الطفلة (ف.ز) إلى المدعى عليه (م.ص) وتحميل هذا الأخير الصائر"[308] .

وفي حالة عدم تعرض هذا الحكم للطعن من طرف محكمة الاستئناف فسيكون سابقة في العمل القضائي المغربي ، إذ ألحق نسب بنت إلى أبيها البيولوجي في غياب أية علاقة شرعية تربطه بأمها ودون التستر وراء أدنى الأسباب من خطبة أو شبهة ، مخالفا بذلك ما تواتر عليه القضاء المغربي إذ جاء في قرار للمجلس الأعلى ما يلي :"لا يلحق نسب البنت المولودة قبل عقد النكاح وإن أقر الزوج ببنوتها لأنها بنت زنا وابن الزنا لا يصح الإقرار ببنوته ولا استلحاقه..."[309]

أما المشرع التونسي ، وبعد صمت دام ما يفوق الأربعين سنة عن سن مجلة الأحوال الشخصية التونسية ، أصدر في 28 أكتوبر 1998  قانونا يتعلق بإسناد لقب عائلي للأطفال المهملين أو مجهولي النسب وهو في الواقع يتعلق بإثبات البنوة الطبيعية[310] استنادا إلى عدة وسائل من بينها وسيلة التحليل الجيني . وبهذا يكون المشرع التونسي قد خالف الآراء الثلاثة للفقهاء السالفة الذكر، ذلك أنه لم يشترط إقامة الحد على الزاني قبل إلحاق الولد به ، كما أنه لم ينسب ابن الزنى للزاني بناء على إقراره فقط ، وإنما قرر إثباته له حتى جبرا استنادا إلى التحليل الجيني.

والجدير بالذكر  أن المحكمة الابتدائية بقفصة عملت قبل صدور هذا القانون ، على إلحاق ابن الزنى بأبيه الزاني بناء على تصريح الزاني بأنه ابنه من الزنا مع تدعيم دعواه بنسخة من الحكم الجزائي الذي قضى عليه وعلى والدة الطفل بالإدانة[311] ، مخالفة  بذلك ما استقرت عليه محاكم الموضوع ومحكمة التعقيب التونسية من أن الإقرار المبرز للعلاقة غير الشرعية بين والدي الطفل لا يمكن أن يثبت النسب[312]  .

في حين سكت المشرع الجزائري عن تنظيم  نسب الطفل غير الشرعي في قانون الأسرة[313] ، لكن القضاء الجزائري  اتخذ موقفا صريحا مطابقا لموقف القضاء المغربي إذ قضى بعدم إلحاق الولد غير الشرعي للزاني حيث جاء في قرار للمحكمة العليا الجزائرية  ما يلي : " ابن الزنا لا ينسب إلى أبيه "[314] .

خلاصة القول أن الفقه الحديث بدأ يفكر بجدية في مسألة ابن الزنى ، فمنهم[315] من بلغت قناعته إلى المطالبة بنسبه لأبيه الزاني ، خصوصا بعد ظهور البصمة الوراثية التي تمكن من معرفة علاقة الأبوة بشكل يقيني بين الزاني والولد المنحدر منه . ومنهم[316]  من اكتفى بالمطالبة بإلزام الزاني بالإنفاق على ابنه من الزنى.

  

المبحث الثاني : تطور مركز الخبرة الطبية في مجال النسب في القانون المغربي والمقارن

 

من المعلوم أن قوانين الأحوال الشخصية في المغرب وفي معظم الدول العربية مستمدة من الشريعة الإسلامية السمحاء وخصوصا ما يتعلق منها بميدان النسب ، ومع ذلك فلم تأخذ هذه القوانين بالقيافة رغم أنها تعتبر من بين الوسائل الشرعية لإثبات ونفي النسب ولا بالخبرة الطبية التي تعتبر امتدادا وتطورا لها كما سبق بيانه .

غير أنه كان لتطورات العلوم في الميدان البيولوجي وللنتائج الباهرة التي حققتها نتائج الخبرة الطبية المعتمدة على تحاليل البصمات الوراثية في ميدان النسب أثر كبير على التشريع المغربي ومعظم التشريعات العربية ، حيث عمدت معظم الدول العربية ومن بينها المغرب إلى إدخال تعديلات على قوانين أحوالها الشخصية حتى تنسجم مع التطورات والتقدم البيولوجي في ميدان النسب فاسحة المجال بذلك لإثبات أو نفي النسب اعتمادا على أحدث النتائج التي يوفرها الطب الحديث  وهي البصمة الوراثية .

وتبعا لما سبق فسأخصص المطلب الأول من هذا المبحث لتطور مركز الخبرة الطبية في مجال النسب في القانون المغربي ، بينما سأخصص المطلب الثاني لمركز الخبرة الطبية في مجال النسب في القانون المقارن  .
 

المطلب الأول : تطور مركز الخبرة الطبية في مجال النسب في القانون المغربي :

 

في ظل مدونة الأحوال الشخصية لم يكن للخبرة الطبية في مجال النسب أي مرتكز قانوني فلا التشريع ولا القضاء كان يعترف لها بأية مكانة بين وسائل إثبات النسب ونفيه ( الفقرة الأولى ) وبصدور مدونة الأسرة أصبح للخبرة الطبية في مجال النسب أساس قانوني ، ومن ثم بدأت الخبرة الطبية تلعب دورا هاما في دعاوي إثبات النسب ونفيه على حد سواء ( الفقرة الثانية )
 

الفقرة الأولى : مركز الخبرة الطبية في ظل مدونة الأحوال الشخصية  : 

 
حددت مدونة الأحوال الشخصية وسائل إثبات النسب على سبيـل الحصر[317] ، إذ ورد في الفصل 89 منها ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين أو ببينة السماع بأنه ابنه ولد على فراشه من زوجته " . يتضح من هنا أن المشرع المغربي لم يأخذ بالخبرة الطبية ولا بالقيافة التي تعتبر سندها الشرعي[318] بالرغم من أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة أخذوا بالقيافة في إلحاق الولد كما سبقت الإشارة إلى ذلك[319].

وبالمقابل فإن المشرع المغربي لم يعمد إلى حصر وسائل نفي النسب[320]  حيث ورد في الفصل 90 من مدونة الأحوال الشخصية : " لا ينتفي الولد عن الرجل  أو حمل الزوجة منه إلا بحكم القاضي "  كما جاء في الفصل 91 ما يلي : " يعتمد القاضي في حكمه على جميع الوسائل المقررة شرعا في نفي النسب " .

وإذا كانت صياغة الفصل 89 واضحة وصريحة ولا تثير أي إشكال حول موقف المشرع المغربي من اعتماد نتائج الخبرة الطبية في إثبات النسب على اعتبار أن هذا الفصل كما سبق وأشرنا إلى ذلك حدد حصريا وسائل إثبات النسب وليس من بينها وسيلة الخبرة الطبية ، فإن صياغة الفصل 91 تثير إشكالا فيما يخص المقصود بالوسائل الشرعية.

فإذا كان المقصود بالوسائل الشرعية أحكام الفقه الإسلامي ، فبالرجوع إليها نجدها تقتصر على وسيلتين اثنتين هما : اختلال شرط من شروط الفراش واللعان[321]  ، فلا مجال لاعتماد نتائج الخبرة الطبية في نفي النسب لأن الطب في زمن التنظير الفقهي لم يكن متطورا بالشكل الكافي الذي يسمح باللجوء إلى الخبرة الطبية في نفي النسب[322].

أما إذا كان المقصود بالبينة الشرعية كل وسيلة إثبات يراها القاضي مناسبة ومحققة للعدل والإنصاف[323] الذي هو أسمى غايات الشريعة الإسلامية والمشرع الوضعي على حد سواء ، فيمكن اعتبار الخبرة الطبية من الوسائل التي يمكن للقاضي أن يستأنس بها في قضايا نفي النسب ، خاصة وأن الخبرة تقتصر مهمتها على مساعدة القاضي على فحص الوقائع والوصول إلى الحقيقة، فلا يعتمدها في حكمه حتى يطمئن إلى نتائجها، ويتيقن من صحة بياناتها [324] ، ومما يؤيد هذا الطرح القائم على أن الخبرة الطبية من الوسائل الشرعية لنفي النسب هو أن الفقه المالكي كان يعتمد رأي أهل المعرفة في مسألة إلحاق الولد بالخصي ، حيث كان يقول إذا رأى أهل المعرفة بأنه يولد لمثله لزمه وإذا رأوا استحالة ذلك لم يلزمه[325]، ويرى بعض فقهاء المذهب أن المقصود بأهل المعرفة هم حذاق الأطباء[326]، فإذا كان هذا هو رأي الفقه المالكي في اعتماد الخبرة الطبية القائمة على مجرد التجربة الظاهرة والمحدودة بطبيعتها ، فيكون من الصعب القول بأن التحليل  الطبي ، بما وصل إليه من تقدم ويقين في إثبات نسبة الأبناء إلى الوالدين أو نفيهم عنهما ، ليس من الوسائل الشرعية لنفي النسب[327] ، ويعزز هذا الطرح أيضا اعتداد جمهور الفقهاء بالقيافة[328] ، وكما سبق القول فإن الخبرة الطبية ما هي إلا امتداد وتطور للقيافة التي تعتمد على الشبه الظاهري بينما الخبرة الطبية وخصوصا البصمة الوراثية فتعتمد على الشبه الخفي المجهري الجيني ، وبما أن الفقه الإسلامي يعتبر القيافة من وسائل إثبات ونفي النسب فالأولى اعتبار الخبرة الطبية من الوسائل الشرعية لإثبات  ونفي النسب .

يتبين مما سلف أن نصوص مدونة الأحوال الشخصية لم توضح موقف المشرع المغربي من اعتماد الخبرة الطبية في مجال نفي النسب ، كما أنها لا تتضمن أية إشارة صريحة إلى استبعادها في مجال إثبات النسب .

وفي غياب نص صريح يبقى الأرجح الأخذ بالرأي الثاني واعتبار الخبرة الطبية وسيلة من الوسائل الشرعية لنفي النسب .

غير أن القضاء المغربي كان له رأي مخالف ، إذ عمل على تفسير عبارة " الوسائل المقررة شرعا" الواردة في الفصل 91 من مدونة الأحوال الشخصية السالف الذكر تفسيرا ضيقا حيث قصر تلك الوسائل على اللعان وما تقتضيه قاعدة الولد للفراش[329] ، أما التحاليل الطبية فلم يعتبرها وسيلة من الوسائل المقررة شرعا ، إذ جاء في إحدى قرارات المجلس الأعلى ما يلي : "... ما قضى به الحكم المطعون فيه يجد أساسه في الفصل 91 من مدونة الأحوال الشخصية الذي ينص على أن القاضي يعتمد في حكمه على جميع الوسائل المقررة شرعا في نفي النسب وليس من بين هاته الوسائل وسيلة التحليل الطبي ..."[330] ، كما صدر عن القضاء المغربي بمختلف درجاته قرارات متواترة تؤكد أن التحليلات الطبية سواء المنصبة على إثبات أو نفي الأبوة البيولوجية ، أو المنصبة على إثبات العقم، ليست وسيلة شرعية لإثبات النسب أو نفيه ، وهكذا فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى مـا يلي : " إن قاعدة "الولد للفراش" لا يجوز دحضها إلا بالوسائل المقررة شرعا لنفي النسب ، وذلك عن طريق اللعان ، ولا يجدي لنفيه الاستناد للخبرة الطبية لإثبات عدم قابلية الزوج للإخصاب "[331] .

كما جاء في قرار آخر للمجلس الأعلى : " إن محكمة الاستئناف التي عللت قرارها بأن الولد للفراش وفسرت مضمونه وردت الشهادة الطبية التي جاء فيها بأن "قدرة الطاعن المدعى عليه على الإنجاب ضعيفة جدا ومنعدمة تقريبا"  بأنها غير عاملة في نفي نسب المولود إلى المدعى عليه لمخالفتها للقواعد الفقهية المعمول بها تكون قد طبقت الفصل 89 من المدونة تطبيقا سليما"[332].

ولعل أبرز قضية عرضت على أنظار القضاء المغربي في ميدان النسب، والتي أثارت جدلا كبيرا داخل المغرب وخارجه ، قضية السيد ( ب ) الذي حكمت له محكمة المنازعات العليا بمولهوز ( Tribunal de Grand Instance de Mulhouse ) بفرنسا بنفي نسب البنت ( أ ) من مطلقته السيدة ( ل ) وذلك  اعتمادا على تحاليل البصمة الوراثية  ، وأثناء سريان الدعوى أمام القضاء الفرنسي، لجأت مطلقته إلى المحكمة الابتدائية بالجديدة ، طالبة الحكم لها بمستحقاتها ومستحقات ابنتها . ورغم أن المحكمة الابتدائية بالجديدة استجابت لطلب السيد ( ب ) الرامي إلى إيقاف البث في القضية إلى أن تقول محكمة مولهوز كلمتها ، مستندا في ذلك إلى مقتضيات الاتفاقية المغربية الفرنسية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي الموقعة بالرباط في 10/08/1981 خاصة الفصل 11 منها[333] ، إلا أنها استبعدت الحكم الصادر عن القضاء الفرنسي والقاضي بنفي نسب البنت ( أ ) إلى السيد ( ب ) اعتمادا على نتائج الخبرة الطبية[334] ، بل وحكمت بلحوق نسب البنت إلى السيد ( ب ) وأيدت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي ، وسايرهما في ذلك المجلس الأعلى المنعقد بجميع غرفه معللا قراره بمخالفة الحكم الفرنسي للنظام العام استنادا إلى الفصل 4 [335] من المقتضيات العامة للاتفاقية المغربية الفرنسية المذكورة أعلاه[336] .

وانقسم رأي الفقه حول  قرار المجلس الأعلى المذكور أعلاه بين مؤيد ومعارض نوجزه كما يلي :

يرى من يؤيد هذا القرار أن الاتجاه الذي سار فيه المجلس الأعلى  ينسجم مع أحكام  ومبادئ وأسس قانون الأحوال الشخصية الإسلامي ، إذ ما دامت وسائل إثبات النسب محددة انطلاقا من الحديث النبوي " الولد للفراش " ، فلا داعي لإضافة وسائل أخرى مستحدثة ، بدعوى التقدم العلمي أو التطور التكنولوجي ، إذ لا اجتهاد مع مورد النص[337] .

في حين يرى من يعارض هذا القرار أن الاختصاص ينعقد للقضاء  الفرنسي بحكم الجنسية الفرنسية لطرفي النزاع وازدياد البنت بفرنسا . هذا من جهة . ومن جهة أخرى ، فإن الخبرة الطبية شرعية حتى حسب مدونة الأحوال الشخصية وأن تفسير المجلس الأعلى لعبارة " جميع الوسائل المقررة شرعا" الواردة في الفصل 91 منها كان تفسيرا ضيقا ، واستبعاد الخبرة الطبية رغم قطعيتها كان في غير محله، وأن فكرة النظام العام التي استند إليها القرار السالف الذكر لا محل لها في هذا المجال ، وأن الخبرة الطبية والوسائل العلمية والأخذ بها غير متعارض مع مقتضيات النظام العام[338] .

غير أنه ينبغي الإشارة إلى أنه إذا كان المجلس الأعلى لم يأخذ بنتائج الخبرة الطبية متى كانت متعارضة مع الفراش الصحيح ، فإنه اعتبرها من بين الوسائل المعتمد عليها شرعا إذا كان الغرض منها التأكد من أن الولادة كانت داخل الأمد المعتبر شرعا  إذ جاء في قرار له ما يلي : " وأنه وأمام اختلاف الزوجين بشأن تاريخ ازدياد الابن المذكور فإنه كان على المحكمة أن تبحث بوسائل الإثبات المعتمدة شرعا ومنها الخبرة التي لا يوجد نص قانوني صريح يمنع المحكمة من الاستعانة بها "[339]

يبدو مما سبق أن مواقف المجلس الأعلى تناقضت إزاء الخبرة الطبية في مجال النسب حيث قدم تعليلين متناقضين ، تارة لعدم الأخذ بالخبرة الطبية وتارة أخرى للأخذ بها في مجال النسب : ذلك أنه جاء في قرار له : " أن القاضي يعتمد في حكمه على جميع الوسائل المقررة شرعا في نفي النسب وليس من بين هاته الوسائل وسيلة التحليل الطبي " [340] وجاء في قرار آخر : " كان على المحكمة أن تبحث بوسائل الإثبات المعتمدة شرعا ومنها الخبرة التي لا يوجد نص قانوني صريح يمنع المحكمة من الاستعانة بها "[341].
 

الفقرة الثانية : مركز الخبرة الطبية في ظل مدونة الأسرة:

 
تقليصا للهوة الناجمة عن جمود النصوص القانونية والتطورات المتسارعة التي فرضت نفسها في الميدان البيولوجي[342] ، عزز المشرع المغربي وسائل إثبات ونفي النسب القديمة  بوسيلة علمية حديثة تتمثل في الخبرة الطبية ، مستفيدا بذلك مما حققه التطور العلمي الباهر في مجال العلوم البيولوجية ، وخطى بذلك خطوة جريئة مسايرا  روح العصر ومتطلباته ومستجيبا لتطلعات  بعض الفقه المعاصر[343] ، الذي كان يلح على إعمال الخبرة الطبية في مجال النسب حفاظا على الأنساب من الضياع وحماية لحقوق الأبناء والأمهات والآباء[344].

وفيما يلي سأدرس الخبرة الطبية لإثبات النسب ( أولا ) ثم لنفيه ( ثانيا )
 

أولا : الخبرة الطبية لإثبات النسب :


جاء في المادة 158 من مدونة الأسرة  ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين ، أو ببينة السماع ، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية " .

فبعد تضييق وسائل إثبات النسب وحصرها في أربع هي : الفراش والإقرار وشهادة العدلين وبينة السماع ، حسب ما ورد في الفصل 89 من مدونة الأحوال الشخصية السالف الذكر، فإن المشرع  المغربي لم يحدد وسائل إثبات النسب حصرا في المادة 158 من مدونة الأسرة ، حيث ذكر الوسائل الأربع السالفة وأضاف عبارة : " وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية " ، والمقصود هنا بالخبرة القضائية الخبرة الطبية مثل تحليل الحامض النووي الذي يعبر عنه بالبصمات الوراثية[345] .

ويبدو أن المشرع المغربي تفادى استعمال لفظ الخبرة الطبية في المادة 158 السالفة الذكر ، واستعمل لفظ الخبرة القضائية ، والهدف من ذلك في نظري هو تقييد الخبرة الطبية بضرورة صدور أمر قضائي بها ، حيث لا يلتفت للخبرة الطبية المنجزة بدون أمر قضائي .

هذا وقد وسعت مدونة الأسرة دائرة إثبات النسب بالخبرة الطبية فلم تبق على تلازمية ثبوت النسب مع ثبوت عقد الزواج ، ما دام أنها سمحت بإثبات نسب الابن لأبيه حتى في المرحلة السابقة على إبرام عقد الزواج أي مرحلة الخطبة[346]،  طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 156 [347] ، بل أكثر من ذلك أصبحت تعتمد نتائج الخبرة الطبية لإثبات النسب كقرينة على ثبوت العلاقة الزوجية غير الموثقة حسـب المادة 16 [348] .

وبهذا يكون المشرع المغربي قد فسح المجال أمام كل التطورات العلمية والبيولوجية التي قد تفيد في إثبات النسب .

ومسايرة لمقتضيات مدونة الأسرة ، أصبح القضاء المغربي لا يتردد في الاعتماد على نتائج تحاليل البصمة الوراثية  للحكم بإثبات النسب طبقا لمقتضيات المواد 16 و155 و 156 و 158من مدونة الأسرة  .

ففيما يخص إثبات النسب بالخبرة الطبية ومنه الحكم بثبوت العلاقة الزوجية طبقا لمقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء قسم قضاء الأسرة ما يلي : " ... وحيث أن من القرائن التي يمكن اعتمادها كذلك لوجود العلاقة الزوجية الخبرة المثبتة لعلاقة البنوة إلى المدعى عليه (حسب ما ورد بالدليل العملي لمدونة الأسرة الصفحة 27 ) ، بالإضافة إلى الاستماع إلى الشهود .

 وحيث أنه تبعا لذلك أمرت المحكمة بإجراء خبرة طبية حول وجود علاقة بيولوجية بين المدعى عليه والبنت ( س ) المزدادة بتاريخ : 13/06/1989 مع استعمال جميع الوسائل العلمية والطبية التي من شأنها إثبات ما هو وارد أعلاه.

 وحيث أنجز تقرير طبي من طرف المختبر الوطني للشرطة العلمية مؤرخ في : 21/02/2005 ، الذي جاء فيه أنه تم أخذ عينة لعاب لكل من السيدة (ج.خ) المدعية والسيد ( و . ب ) المدعى عليه والطفلة ( س) لإجراء خبرة جينية لتحديد العلاقة البيولوجية ما بين الطفلة ( س) بنت ( ج . خ ) والمسمى ( و.ب). 

وبناء عليه يتبين من خلال نتائج الخبرة الجينية ثبوت بنوة الطفلة ( س )  للمسمى ( و.ب ) بنسبة تفوق 99,99 % .

وحيث أن تقرير الخبرة أعلاه لم يكن محل طعن من طرف المدعى عليه.

وحيث أنه ثبت للمحكمة من خلال الاستماع للشهود المذكورين أعلاه،  أن المدعية كانت في حوزة المدعى عليه بعد القيام بحفل الزفاف وكذلك من خلال تقرير الخبرة الطبية المشار إليه أعلاه ، قيام علاقة زوجية بين المدعية والمدعى عليه ، وبما أن هذا الأخير ، والذي كان سببا دون إبرام عقد الزواج في وقته (...) فإنها تحكم بثبوت الزوجية بينهما ، وبثبوت نسب البنت المذكورة أعلاه بالمدعى عليه طبقا للمادة 158من مدونة الأسرة "[349]

أما فيما يخص إثبات النسب الناتج عن الشبهة طبقا لمقتضيات المادة 155من مدونة الأسرة ، فقد جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بابن سليمان قسم قضاء الأسرة ، وهي تنظر في دعوى تهدف إلى الحكم بإثبات نسب ابن ازداد خلال فترة مراجعة الزوج لزوجته دون توثيق عقد المراجعة نظرا لصعوبة حصول الزوج على الإذن بالتعدد ومن ثم صعوبة الحصول على الموافقة لإبرام رسم مراجعة مع المدعية ، وإنكار المدعى عليه أية علاقة بالمدعية وبالابن المراد إثبات نسبه له ، ما يلي : " ... واعتبارا لتصريحات الشهود المسطرة أعلاه ، ولأن النسب يثبت بالشبهة والخبرة القضائية فقد أمرت المحكمة بإجراء خبرة طبية للحامض النووي ADN ما بين المدعية والمدعى عليه والابن ( س ) عهد بها إلى المختبر الوطني للشرطة العلمية بمدينة الدار البيضاء .

وحيث خلصت نتائج الخبرة المنجزة إلى القول بثبوت علاقة البنوة والأبوة ما بين المدعى عليه (ص.ع) والابن (س) .

وحيث تبعا لما تقدم وتطبيقا للمواد 153 و 158 و152 م . أ . س ولأن النسب يثبت بالظن ، وأن الشرع شواف للحوق الأنساب لقوله تعالى : " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ " بذلك يكون الطلب مؤسسا قانونا ويتعين الاستجابة له . (...)

وتطبيقا للفصول 1 – 3 – 32 – 45 – 50 – 124 من ق . م . م والمواد 153 إلى 162 م . أ س (...) في الموضوع : التصريح بلحوق نسب الابن (س) للمدعى عليه (ص.ع) والحكم عليه بتسجيله بسجلات الحالـــة المدنية "[350] .

وأما بخصوص إثبات النسب استنادا إلى المادة 156 من مدونة الأسرة فقد جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بميسور قسم قضاء الأسرة وهي تنظر في دعوى إلحاق نسب المولود المزداد أثناء فترة الخطوبة للخاطب ما يلي : " حيث التمست المدعية الحكم بلحوق نسب الطفل ( أ ) للمدعى عليه لكون المنوب عنها كانت مخطوبة له لمدة سنتين مع النفاذ المعجل وتحميله الصائر .

وحيث أنه طبقا للمادة 156 من مدونة الأسرة فإنها تنص على أنه تبقى الشبهة المفضية إلى نسبة الحمل للخاطب إذا توفر الإيجاب والقبول وإشهار الخطبة بين الناس وحمل المخطوبة أثناء هذه الخطبة وفي حالة إنكار الخاطب أن يكون الحمل منه رغم توفر الشروط أمكن إثبات النسب بجميع الوسائل القانونية ومنها الخبرة الطبية  .

وحيث أن الخطبة تمت واشتهرت بين الناس لمدة خمس سنوات حسب شهادة الشاهد المسمى ( أ . د ) والذي صرح بعد نفيه لموانع الشهادة وأدائه اليمين القانونية أن المدعى عليه صرح أمامه بعد ازدياد الابن أنه له ، وهذا يعد قرينة على أن الابن ازداد داخل فترة الخطوبة .

وحيث أمام إنكار الزوج بذلك فإن المحكمة ترى اللجوء إلى خبرة قضائية طبقا للمادة المذكورة أعلاه ، وكذا المادة 158 من مدونة الأسرة "[351]
 

ثانيا : الخبرة الطبية لنفي النسب :


تنص المادة 159 من مدونة الأسرة على ما يلي : " لا ينتفي الولد عن الزوج أو حمل الزوجة منه إلا بحكم قضائي طبقا للمادة 153 أعلاه " .

وبالرجوع إلى المادة 153 نجدها تنص على ما يلي : " ..... يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان ، أو بواسطة خبرة تفيد القطع بشرطين :

- إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه .

- صدور أمر قضائي بهذه الخبرة . " .

وتستلزم المادة 153 أن تخضع الخبرة الطبية لمعيار القطعية كتحاليل البصمة الوراثية على سبيل المثال[352] ، وهذا أمر مطلوب من أجل تفادي نفي النسب استنادا إلى خبرات يشك في نتائجها[353] .

وبتنصيص هذه المادة على الخبرة - أي الخبرة الطبية - يكون المشرع المغربي قد حل الإشكال الذي كان مطروحا في ظل مدونة الأحوال الشخصية ، والمتعلق بتفسير عبارة : " جميع الوسائل المقررة  شرعا " السالف الذكر ، وبالتالي لم يعد القضاء المغربي يجد أي مبرر لرفض الدعاوي الرامية إلى نفي النسب استنادا إلى الخبرة الطبية .

وفي هذا الصدد قبل القضاء المغربي النظر في عدة دعاوي ترمي إلى نفي النسب اعتمادا على نتائج الخبرة الطبية ومن بينها الدعوى التي رفعها  المدعي ( ع . د ) أمام ابتدائية اليوسفية والتي يعرض فيها أنه بتاريـــــخ 25/03/ 1997 تزوج بالمدعى عليها ( ب . م ) ، وأنه فوجئ بعد ذلك بكونها حامل منذ 22 أسبوعا ، لتضع بعد ذلك مولودا بتاريخ 29/09/1997. وطلب فيها نفي نسب الولد ( أ ) بناءا على خبرة طبية جينية ، معززا طلبه  بعدة وثائق من بينها قرار جنحي صادر عن محكمة الاستئناف بآسفي بتاريخ 29/12/1999م يدين المدعى عليها بالفساد ،  فاستجابت له المحكمة وكلفت المختبر الوطني للشرطة العلمية بالدار البيضاء  بإجراء الخبرة الجينية ، وخلص التقرير الطبي إلى  أن الولد المنسوب إليه ليس من صلبه ولا يعتبر ولدا له ، فقضت المحكمة بنفي نسب الولد عن المدعي تطبيقا للمادة 153 من مدونة الأسرة بانية حكمها على الحيثيات التالية  : "وحيث إنه تطبيقا لمقتضيات المادة 153 من مدونة الأسرة فإن الفراش يعتبر حجة على ثبوت النسب لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان أو بواسطة خبرة تفيد القطع بشرطين :

-             إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه .

-             صدور أمر قضائي بهذه الخبرة .

وحيث إن باطلاع المحكمة على الخبرة المدلى بها في الملف والمنجزة  من قبل المختبر للشرطة العلمية والمؤرخة (...) يستفاد منها أنه بناء على الإنابة القضائية عدد (...) الصادرة عن السيد رئيس المحكمة الابتدائية باليوسفية موضوع طلب خبرة تخص ال " آدي إن " ( الحامض النووي الريبوزي ) وبعد الحصول على  عينات من لعاب المعنيين بالأمر ( ع . د ) – ( ب . م ) – الإبن ( أ ) (...) التي خلصت إلى غياب قرابة أبوية ل (ع . د ) مع الطفل ( أ ) .

وحيث إن المدعى عليها لم تنازع في موضوع هذه الخبرة ولا في نتائجها ، وأسندت النظر إلى هيئة المحكمة .

وحيث إن المحكمة بعد اطلاعها على وثائق الملف ومستنداته يتبين بأن الطلب مرتكز على أساس سليم ويتعين الاستجابة له "[354] . 


المطلب الثاني : مركز الخبرة الطبية في مجال النسب في القانون المقارن 

 
بدأت بعض الدول العربية ، خصوصا منها دول المغرب العربي ، تغير قوانين أحوالها الشخصية بإدخال الوسائل العلمية كدليل لإثبات ونفي النسب ، بعد أن كانت مقتصرة على الأدلة الشرعية كما كان الحال عليه بالنسبة للمشرع المغربي في ظل مدونة الأحوال الشخصية .

فقانون الأسرة الجزائري[355] ، قبل تعديله [356]، لم  يكن يعترف بالخبرة الطبية كوسيلة لإثبات النسب إذ كانت المادة 40 منه تنص على ما يلي : " يثبت النسب بالزواج الصحيح وبالإقرار وبالبينة وبنكاح الشبهة وبكل نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32 و33 و34 من هذا القانون "  ، حيث كان يحدد وسائل إثبات النسب على سبيل الحصر في  : الزواج الصحيح وما يلحقه من زواج فاسد وزواج باطل ، كما يستفاد من المواد 32 و 33 و 34 من نفس القانون ، ونكاح الشبهة ، والإقرار ، والبينة ،  بينما لم يكن يعتبر الخبرة الطبية من بين وسائل إثبات النسب  .

إلا أنه بعد تعديل 2005 أصبح قانون الأسرة الجزائري ينص صراحة على الخبرة الطبية كوسيلة علمية لإثبات النسب ، حيث أصبحت  المادة 40 منه تنص على ما يلي : " يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة أو بكل زواج تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32 و33 و34 من هذا القانون.

يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب " .

أما بالنسبة لنفي النسب ، فقد كان قانون الأسرة الجزائري قبل تعديله  يجيز للزوج ، طبقا للمادة  41 منه[357] ،  نفي النسب بالطرق المشروعة التي يمكن حسب بعض الفقه [358] أن يفهم من عمومها أن المشرع الجزائري لم يعترض على الوسائل الحديثة لنفي النسب ومن بينها التحاليل الطبية ، إذ أن استعمال المشرع لصيغة الجمع – " الطرق " – في هذه العبارة يقتضي أنه لم يقصر نفي نسب الطفل على اللعان فقط بل ترك للقاضي إمكانية الأخذ بكل الوسائل الأخرى التي تساعد على إبراز الحقيقة .

وأرى أن عدم استعمال المشرع الجزائري لعبارة الطرق الشرعية ، واستبدالها بعبارة " الطرق المشروعة " فيه تزكية للرأي السابق لأن عبارة الطرق الشرعية قد تفسر بالوسائل المقررة في الشريعة الإسلامية ، أما عبارة الطرق المشروعة فقد يستفاد منها الوسائل المقررة قانونا ، وتعد الخبرة الطبية إحدى هذه الوسائل .

ومما يؤكد صحة ما ذهب إليه هذا الرأي الفقهي أن المشرع الجزائري لم يعمد إلى تعديل المادة 41 ، مما يعني أن نيته قبل التعديل كانت تنصرف إلى اعتبار الخبرة الطبية وسيلة من وسائل نفي النسب .

ونفس النهج الذي كان المشرع الجزائري يسلكه قبل التعديل التزمه المشرع التونسي حيث أنه حصر وسائل إثبات النسب في الفراش وإقرار الأب وشهادة شاهدين من أهل الثقة فأكثر[359] ، وترك الباب مفتوحا لنفي النسب بكل وسائل الإثبات الشرعية[360]، غير أن المشكل الذي طرحه هذا الفصل هو المقصود بوسائل الإثبات الشرعية ، وهو نفس المشكل الذي أثاره الفصل 91 من مدونة الأحوال الشخصية المغربية الملغاة[361].

فإذا كان المقصود بها الوسائل التي جاء بها الشرع الإسلامي فإن التحليل الدموي لا يمكن أن يعتبر وسيلة شرعية لنفي النسب ، أما إذا كان المقصود بها الوسائل القانونية فيبقى باب الاجتهاد مفتوحا أمام القضاء لاعتبار التحليل الدموي وسيلة قانونية لنفي النسب[362] .

وهكذا فعلى خلاف القضاء المغربي في ظل مدونة الأحوال الشخصية[363] اعتبر القضاء التونسي وسيلة التحليل الطبي من الوسائل الشرعية لنفي النسب ، إذ جاء في قرار لمحكمة التعقيب التونسية ما يلي : " .... بل يجب الاعتماد على الأبحاث والاختبارات الطبية التي يكون لها تأثير سواء سلبي أو إيجابي ومن ذلك وسيلة تحليل دم كل من الزوج والزوجة والمولود المطالب بنفي نسبه وأنه لا شيء يمنع من اعتماد تلك الوسيلة التي حقق علماء الطب الشرعي صحتها والتي تعد طريقة علمية قاطعة وهو ما درج عليه فقه قضاء هذه المحكمة وأن عدم استجابة محكمة الموضوع لهذا الدفع يعتبر إفراطا في السلطة وإهدارا لحق الدفاع مع سوء تأويل القانون ."[364]

و جاء في قرار آخر للمحكمة ذاتها ما يلي  : " أحكام الفصلين 75 و 76 من مجلة الأحوال الشخصية  اقتضت إمكانية القيام بطلب نفي النسب استنادا إلى كافة وسائل الإثبات ومنها وسيلة تحليل الدم التي هي حجة قاطعة يمكن الاستناد إليها في طلب نفي  النسب ."[365]

كما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بسوسة ما يلي : " الاعتماد على التحاليل الطبية لنفي النسب - لا لإثباته - اعتماد على وسائل إثبات شرعية ما دام الطب الحديث في استطاعته اليوم القطع بنفي أبوة شخص لآخر حسب تحاليل خاصة تؤدي إلى نتيجتها بدون شك أو جدل "[366] .

         والجدير بالذكر أن المشرع التونسي أصدر قانون عدد 75 لسنة 1998 المؤرخ في 28 أكتوبر 1998 المتعلق بإسناد لقب عائلي للأطفال المهملين أو مجهولي النسب ، و هو في الواقع يتعلق بإثبات البنوة الطبيعية[367] ، متبنيا فيه مبدأ  إثبات النسب بكل الوسائل العلمية كالتحليل الدموي والجيني .

أما المشرع الكويتي فقد نص صراحة على الخبرة الطبية كوسيلة لنفي النسب من رجل غير مخصب بمقتضى المادة 168 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي[368] التي تنص على  ما يلي : " لا يثبت النسب من الرجل إذا ثبت أنه غير مخصب ، أو لا يمكن أن يأتي منه الولد لمانع خلقي أو مرضي ، وللمحكمة عند النزاع في ذلك أن تستعين بأهل الخبرة من المسلمين ". ويدخل هذا الإجراء ضمن ما عبر عنه الفقه الإسلامي بعدم إمكانية الاتصال الذي يحول دون تنسيب الولد لصاحب الفراش حتى ولو كان هذا الأخير صحيحا .

أما في غير هذه الحالة فلم يعتد المشرع الكويتي بالخبرة الطبية لا لإثبات النسب ولا لنفيه ، الأمر الذي نتج عنه تردد القضاء الكويتي في الأخذ بنتائج فحوص البصمة الوراثية ، ولإبراز هذه المسألة نورد رأي محاكم الكويت بدرجاتها الثلاث في الدعوى التالية :

تقدم زوج بدعوى نفي نسب الولد " م " والبنت "  ش " ضد مطلقته ، وجاء بتقرير البصمة الوراثية : " أنه طبقا لأسس علم الوراثة تبين أنه يستبعد أن يكون كل من الولد المدعو" م " والبنت المدعوة " ش " من نسل المدعي نتيجة تزاوجه من المدعى عليها " . إلا أن محكمة أول درجة لم تلتفت إلى نتائج الخبرة الطبية لمعارضتها لأدلة الشرع وهي الفراش والإقرار من الزوج الذي استنبطته من استخراج الزوج لشهادة ميلاد الولدين حيث جاء في منطوق حكمهـا ما يلي : " ولا ينال من ذلك ما انتهت إليه نتيجة تحليل الدم بأن لا يمكن ولادة الأبناء المطلوب نفي نسبهما نتيجة تزاوج المدعي بالمدعية لأنه لا يقبل من الزوج أن ينفي نسب الولد بعد إقراره بنسبه ."[369]

واستأنف الزوج الحكم السابق استنادا إلى إقرار مطلقته بأنها كانت حاملا من رجل آخر قبل الزواج بالمدعي ، وعلى هذا الأساس وليس على نتائج البصمة الوراثية قررت محكمة الاستئناف نفي نسب البنت " ش "  عنه رغم تراجع المطلقة عن هذا الإقرار، بينما قررت ثبوت نسب الولد لأنه ولد خلال المدة الشرعية [370] ، مع العلم  أن تحاليل البصمة الوراثية كما سبق القول أثبتت استحالة أن يكون الولد والبنت معا من الزوج المدعي .

إلا أن قرار محكمة الاستئناف القاضي بنفي نسب البنت عن الزوج لم يلق قبولا من محكمة التمييز الكويتية لأنه مخالف لقاعدة الولد للفراش ومتضارب مع أدلة الشرع وهي الفراش والإقرار ، حيث ولدت " ش " داخل المدة القانونية ولم يتخذ الزوج إجراءات دعوى اللعان خلال الميعاد المقرر قانونا ، ولم تعقب محكمة التمييز الكويتية على تقرير البصمة الوراثية[371].

في حين نجد أن المشرع الليبي لا يعتد بالخبرة الطبية لا لإثبات النسب ولا لنفيه ، فالمادة 53 من قانون الزواج والطلاق الليبي[372] وآثارهما تنص على ما يلي : " ...  ب - يثبت نسب الولد إلى أبيه في الزواج الصحيح إذا مضى على عقد الزواج أقل مدة الحمل ولم يثبت عدم إمكانية التلاقي بين الزوجين بصورة محسوسة .

ج- إذا انتفى أحد هذين الشرطين فلا يثبت نسب الولد من الزوج إلا إذا أقر بـه أو ادعاه .

د- إذا توافر هذان الشرطان لا ينفى نسب المولود عن الزوج إلا باللعان . "

يتضح من هذه المادة أن المشرع الليبي أشار إلى وسيلتين لإثبات النسب هما : الزواج الصحيح والإقرار ، كما أنه حدد وسيلة وحيدة لنفي النسب الثابت بالفراش وهي اللعان ، مما يمكن معه القول بأن المشرع الليبي لا يعتد بالخبرة الطبية لا لإثبات النسب ولا لنفيه .

إلا أن أحد الباحثين الليبيين[373] يرى أنه  بالرجوع إلى المادة 72 من قانون الزواج والطلاق الليبي وآثارهما  والتي تنص على ما يلي : " ...ب - فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون . " ، يمكن الاعتماد على الخبرة الطبية كوسيلة لإثبات النسب ونفيه إذا اعتبرناها من الوسائل الشرعية وكانت ملائمة لروح قانون الزواج والطلاق الليبي وآثارهما .

هذا فقد سبق للقضاء الليبي أن استعان بنتائج التحاليل الطبية لنفي النسب منذ سنة 1976م ، حيث جاء في قرار للمحكمة العليا الليبية ما يلــــــي : ".... وعرض الطاعن وزوجته والطفلة المتنازع عليها على الطبيب لفحص دمائهم فانتهى في تقريره إلى أن فصيلة دم الطفلة مغايرة لفصيلة دم الطاعن وزوجته فلا يمكن أن تكون بنتا للطاعن من زوجته المذكورة . "[374]
 

خلاصة :


يتضح مما سبق أنه رغم ما قد يبدو من جمود في معظم  التشريعات العربية إزاء التطور البيولوجي ، فإن المتتبع  يلاحظ أن رياح التغيير في قوانين الأحوال الشخصية لمعظم الدول العربية بدأت تهب ، وأنه ليس إلا مسألة وقت ليحصل الاقتناع لدى المشرعين العرب لتعزيز مركز الخبرة الطبية في مجال النسب مستفيدين من معطيات التقدم البيولوجي دون أدنى تعارض مع مقتضيات الشريعة الإسلامية السمحاء ، خاصة وأن سلفنا الصالح عمل بالقيافة دليلا لإثبات النسب ونفيه ، وما القيافة التي ترتكز على الشبه الظاهري سوى مرحلة بدائية للخبرة الطبية التي تعتمد على تحاليل البصمة الوراثية كما سبق بيانه .

 

الفصل الثاني: الصعوبات التي تعيق تطبيق الخبرة الطبية في مجال النسب أمام المحاكم

 

عمرت مدونة الأحوال الشخصية زهاء نصف قرن ، كان القضاء في ظلها لا يعترف بالخبرة الطبية كدليل لإثبات النسب أو نفيه ، وأدى ذلك إلى إصداره أحكاما وقرارات متعلقة بإثبات ونفي النسب مجانبة لروح العدالة . فتصدت أقلام الفقهاء[375] بالانتقاد البناء لموقف القضاء ، منادية بفسح المجال أمام الخبرة الطبية للقيام بدورها كدليل لإثبات و نفي النسب ، خاصة بعد التقدم المذهل الذي عرفته العلوم البيولوجية ، حيث أصبحت نتائج تحاليل البصمة الوراثية في غاية الدقة لدرجة لا يكاد ينفذ إليها الشك في مسائل إثبات أو نفي النسب .

كل هذا دفع المشرع المغربي إلى التنصيص في مدونة الأسرة على الخبرة الطبية كوسيلة علمية لإثبات النسب ونفيه .

غير أن أمر تطبيق تلك الوسيلة العلمية في ميدان النسب أمام المحاكم ظلت تعترضه صعوبات  ناتجة إما عن قصور في النصوص المنظمة للخبرة الطبية في مجال النسب ، وإما عن تنازع الخبرة الطبية و الأدلة الشرعية لإثبات النسب و نفيه ، ونتج عن ذلك استفادة القضاء من سلطة تقديرية واسعة في هذا المجال .

استنادا لما سبق سأقسم هذا الفصل إلى مبحثين : سأتناول في المبحث الأول الصعوبات الناجمة عن القصور التشريعي وما ترتب عنه من إشكاليات ، بينما سأخصص المبحث الثاني للصعوبات الناجمة عن تنازع الخبرة الطبية والأدلة الشرعية لإثبات النسب ونفيه .
 

المبحث الأول : الصعوبات الناجمة عن القصور التشريعي وما ترتب عنه من إشكاليات 

 

أمام بطء تطور القاعدة القانونية ، وتسارع وتيرة التقدم التكنولوجي والبيولوجي ، وما له من أثر على النسب والإنجاب ، يجد القاضي نفسه أمام وضعيات  تنعدم فيها النصوص القانونية أو يتعذر إعمالها على حالها ، فيضطر إلى سلوك طريق التحليل والبحث والتأويل ، ويضيف عناصر جديدة من إبداعه[376] ما استطاع من أجل التغلب على مختلف الصعوبات الناجمة عن القصور التشريعي كما هو الحال عند مواجهته للغموض الذي يكتنف المادة 153 من مدونة الأسرة ( المطلب الأول ) ، أو عند تعارض الخبرة الطبية مع مبدإ معصومية الجسد ( المطلب الثاني ) ، أو حين يواجه فراغا عميقا في التشريع  قد لا يجدي معه الاجتهاد كما هو الحال بالنسبة للتلقيح الاصطناعي  والاستنساخ   وإن كان هذا الأخير لم يطبق بعد على البشر ( المطلب الثالث ) .
 

المطلب الأول: الصعوبات التي يطرحها تطبيق المادة 153 من مدونة الأسرة

 
رغم أن المادة 153 من مدونة الأسرة [377] نصت على الخبرة الطبية كوسيلة علمية لنفي النسب ، إلا أنها ضيقت إمكانية اللجوء إليها بشكل يجعل من الصعب الاستفادة منها ، نظرا لكونها تنطوي على عقبتين كؤودتين اثنتين هما :

 أ- اشتراطها شرطين متلازمين هما : إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه وصدور أمر قضائي بهذه الخبرة : إذ يمكن للقاضي أن يرفض إصدار أمر قضائي بهذه الخبرة مهما كانت قوة دلائل الزوج ، ذلك أن للقاضي سلطة واسعة في تقدير قوة الدلائل التي يدلي بها الزوج ، وهو ليس مجبرا على إصدار أمر بالخبرة الطبية ، لأن هذه المسألة مسألة واقع لا مسألة قانون[378] ، وبالتالي فلا رقابة للمجلس الأعلى عليها ، وإن كانت تحتاج إلى تعليل منضبط[379] .

فسلطة القاضي في تقدير مدى قوة الدلائل سلطة واسعة ، إذ حتى في الحالة التي يكون فيها القاضي مقتنعا بالخبرة الطبية ، فإن بإمكانه أن يحجم عن إصدار أمر قضائي بهذه الخبرة ، مبررا ذلك بأن الدلائل التي قدمها الزوج ليست قوية بما يكفي ، أما في الحالة التي يكون فيها القاضي لا يدخل في حسبانه وقناعاته الخبرة الطبية ويفضل عليها اللعان ، فمهما كان إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه فإن القاضي لن يستجيب له ، فالأقوال توزن بموازين مختلفة[380] ، فما يعتبره أحد القضاة دليلا قويا على ما يدعيه الزوج ، قد لا يعتبره قاض آخر كذلك .

ب - قصر حق طلب نفي النسب على الزوج وحده مادام حيا  دون غيره[381] حتى ولو كان عديم الأهلية أو ناقصها ، وفي هذا الصدد رفضت المحكمة الابتدائية بمراكش طلب الورثة الهادف إلى نفي نسب المدعى عليه عن مورثهم استنادا إلى أن مورثهم كان عقيما فاضطر إلى تبني المدعى عليه ، معللة رفضها بما يلي : " وحيث ولئن كان النسب يثبت بالظن ولا ينتفي إلا بحكم قضائي وفق المادة 151من مدونة الأسرة فإن المشرع قد حدد أسباب لحوق النسب بشكل حصري وهي الفراش والإقرار والشبهة ، وجعل نفي النسب حكرا على الزوج وحده الذي يمكنه – قيد حياته – أن يطعن في نسب الولد إليه عن طريق المطالبة باللعان أو بخبرة طبية تفيد القطع بوجود أو عدم وجود العلاقة البيولوجية بينه وبين الطفل المعني ، وذلك مثل تحليل الحامض النووي الذي يعبر عنه بالبصمات الوراثية ولا يقبل من الزوج طلب الخبرة الطبية إلا إذا عزز ادعاءه بقرائن ترجح صدقه فيه وفقا لمقتضيات المادتين 153 و159 من مدونة الأسرة .

      وحيث في نازلة الحال فإن المدعين ليست لهم الصفة في طلب نفي نسب المدعى عليه طالما أن المشرع الأسري خول هذا الحق للوالد وحده طيلة حياته ، وأن الملف خال من أي دليل يفيد سلوكه هذا الإجراء قبل وفاته من أجل نفي نسب المدعى عليه ، ومن ثمة فإن مقال الدعوى أعلاه جاء مختلا من الناحية الشكلية لمخالفته لمقتضيات الفصل 1 من ق . م . م والمواد المشار إليها أعلاه ويكون بالتالي حريا بالتصريح بعدم قبوله..."[382] .

كما جاء في حكم آخر لنفس المحكمة ما يلي : "...وأن المدعي بصفته نائبا شرعيا على المحجور لا صفة له في رفع دعوى نفي النسب نيابة عنه ، طالما أن الزوج المعني بالأمر فاقدا  للأهلية ، ولا يدري أفعاله وأقواله  الصادرة عنه ..."[383] .

وفي هذا المقتضى مساس بحق المحجور في الحماية القانونية بتركه عرضة للنصب والاحتيال وانتهاك كرامته . وأرى أنه من الضروري أن يعيد المشرع النظر في صياغة المادة 153 بشكل يسمح للنائب الشرعي للمحجور أن يرفع دعوى نفي النسب نيابة عن محجوره ، خاصة وأنه سمح للمستلحق – بفتح الحاء - الذي استلحق قبل بلوغه سن الرشد أن يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه هذه السن طبقا للمادة 160من مدونة الأسرة[384] والذي يمكنه الاعتماد في دعواه على نتائج الخبرة الطبية . 

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، لم يحدد المشرع المغربي في المادة 153 من مدونة الأسرة السالفة الذكر مدة تقادم دعوى نفي النسب عن طريق الخبرة الطبية ، شأنه في ذلك شأن المشرع التونسي[385] ، بخلاف المشرع الفرنسي الذي حددها في الفصل 316 من القانون المدني[386] في ستة أشهر من تاريخ الولادة أو من تاريخ الحضور إن كان الزوج غائبا ، أو من تاريخ اكتشاف التدليس إذا تم إخفاء واقعة الولادة عنه .

أمام هذا الفراغ التشريعي لم يجد القضاء المغربي – بما له من سلطة تقديرية – حرجا في قبول دعوى نفي النسب استنادا إلى الخبرة الطبية ، كلما أدلى الزوج بدلائل قوية على ادعائه ، مهما كان سن الولد أو الأولاد المراد نفي نسبهم.

وهكذا أصدرت المحكمة الابتدائية باليوسفية حكما[387] يقضي بنفي نسب ولد يناهز عمره سبع سنوات وقت رفع الدعوى استنادا إلى نتائج تحاليل الخبرة الطبية .

كما قبل قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بطنجة دعوى رفعت إليه بتاريخ 15 نونبر 2005 م [388] تهدف إلى نفي نسب ثلاثة أولاد – ابن وبنتين – ازدادت أصغرهم سنا بتاريخ 25 نونبر 1977 م ، حيث كان عمرها يناهز 28 سنة وقت رفع الدعوى ، وأثبتت التحاليل الجينية أن البنتين ليستا من صلب الزوج المدعي ، بينما امتنع الولد عن الخضوع للخبرة الطبية ، وطالبت الزوجة بإجراء خبرة مضادة[389] ، وما زالت القضية رائجة أمام المحكمة .

وهذا ما سبق أن استقر عليه القضاء التونسي ، إذ جاء في قرار لمحكمة التعقيب ما يلي : " دعاوي نفي النسب تتعلق بالحقوق الشخصية المحضة ، فلا ينالها التقادم للحق مهما بلغت مدته ."[390] .

وهكذا فقد ترك هذا الموقف القضائي الباب مفتوحا لرفع دعوى نفي النسب دون تحديد في الزمان[391] ، حتى لا يحرم الزوج من استبعاد ما ألحق به ، إذا وقع ضحية خيانة ولم يكتشف الحقيقة إلا بعد مرور زمن طويل[392] ، لأنه إذا كان النسب حقا لصيقا بالإنسان ، يثبت متى توفرت شروطه وثبتت أسبابه وإن طال الزمان ، لتعلق حق الخلف في الانتساب لسلفه[393] ، فإن من حق السلف أيضا أن يطمئن إلى أن ما ينسب إليه من صلبه ، وفي هذا استجابة لقوله تعالـــى : " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ" [394] .

غير أن هذا الموقف لم يحظ بإجماع القضاء المغربي ، حيث يرى محمد أكديد رئيس غرفة بالمجلس الأعلى[395] أنه لا نقاش في أن الزوج إذا كان عالما بالحمل أو بالولادة و سكت ، و لم يصدر منه ما يدل على عدم قبوله به ، دون وجود مانع يمنعه من ذلك ، فيعتبر ذلك إقرارا منه بالولد ، و لا يقبل منه بعد ذلك المطالبة بإجراء خبرة لنفيه.

فحسب هذا الرأي فإن الوسيلة العلمية لنفي النسب المتمثلة في الخبرة الطبية ما هي إلا مظهرا جديدا للوسيلة الشرعية المتمثلة في اللعان ، فأخضعها لشروط مستوحاة من شروط اللعان من أجل الحد من اللجوء إليها .

وهذا يتعارض مع نية المشرع حين نص في المادة 153 السالفة الذكر على الخبرة الطبية كوسيلة لنفي النسب مستقلة عن اللعان وموازية له ، حيث يبدو من استقراء تلك المادة أن نية المشرع انصرفت إلى تخطي المأزق الذي وقع فيه القضاء المغربي في ظل مدونة الأحوال الشخصية ، نتيجة ترك اللعان في التطبيق وانصراف  العمل القضائي عنه[396] حيث لم يستجب القضاء المغربي في أية قضية لطالب اللعان نظرا لشروطه التعجيزية رغم ثبوت صحة دعوى الطالب واقعيا و طبيا بما لا يدع مجالا للشك[397] .

يضاف إلى هذا إشكال آخر ، ينبثق عن إمكانية الاختيار بين اللعان والخبرة الطبية  التي أتاحها المشرع المغربي في المادة أعلاه  للزوج الراغب في نفي  المولود على فراشه ،  يتجلى هذا الإشكال في مدى تقيد الزوج بالاختيار الذي عبر عنه في المقال الافتتاحي للدعوى ، بمعنى آخر :  فإن اختار اللعان كطريق لنفي نسب الولد ، وبث القضاء بجميع درجات التقاضي ، وشعر الزوج بعدم الإنصاف ، فهل يمكنه الرجوع إلى الخبرة الطبية ، أم أن المحكمة مقيدة بالبث في حدود طلبات الأطراف ؟[398] ، وفي هذا الصدد يرى أستاذنا محمد الكشبور[399] أن للزوج أن يختار إحدى الوسيلتين ، وهو إن اختار لا يرجع ، والمحكمة مقيدة بالطلب القضائي ، طبقا للفصل 3 من ق . م . م[400]  بعد التحقق من شروطها .

يتبين مما سبق أن استعمال الخبرة الطبية في مجال النسب تعيقه صعوبات ناجمة عن الفراغ التشريعي على عدة مستويات ، وكنتيجة لذلك تتقوى السلطة التقديرية للقاضي ، مما يؤدي إلى عدم احترام مبدإ مساواة المواطنين أمام القضاء ، لذلك فإن المجلس الأعلى مدعو للتدخل من أجل إصدار اجتهاد يوحد العمل القضائي في جميع محاكم الوطن .
 

المطلب الثاني : الخبرة الطبية والتمسك بمبدأ معصومية الجسد

 

يقتضي إجراء الخبرة الطبية لإثبات النسب أو نفيه عن طريق مقارنة البصمات الوراثية الحصول على عينة من نسيج خلوي أو من سائل[401] من جسم الإنسان ، وقد يرفض الخصم الخضوع للتحليل الجيني ، بحجة مساسه بالحرية الفردية ومعصومية الجسد .

نعم إن مبدأ حرمة الجسد يمثل إحدى القيم العليا لأي مجتمع متحضر[402]، لكن  ألا يتضمن رفض الخضوع لهذا الفحص باسم مبدأ حرمة الجسد تعديا شديدا على حق الطفل في النسب ؟ ومن ثم ألا يحق للطفل بدوره أن يتشبث بحقه في احترام خصوصيته ؟

بديهي أن كل متقاض لا يدافع عن مصلحة غيره ، وإنما يبذل قصارى جهده لتحقيق مصلحته الخاصة ، من هنا ، قد يرفض أحد الخصوم الخضوع للخبرة الطبية ، مستندا في ذلك إلى حقه في سلامته الجسدية ، واحترام خصوصيته التي تكفلها له المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية : فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان[403] ينص في المادة 12 منه على ما يلي : " لا يعرض أحد للتدخل التعسفي في حياته الخاصة  (... ) ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل... " ، وينص  الدستور المغربي لسنة 1996 م[404] على أن : " المنزل لا تنتهك حرمته ولا تفتيش ولا تحقيق إلا طبق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون "[405] ، وأنه : " لا تنتهك سرية المراسلات "[406] ، ومعلوم أن حرمة المنزل مستمدة من حرمة أصحابه ، والمراسلات من الأمور الخاصة بالفرد والمنفصلة عن الذات ، ومن ثم فإن حرمة الجسد مضمونة دستوريا من باب أولى .

ويرى البعض [407] أن أخذ عينة من الشخص من أجل إجراء تحاليل البصمة الوراثية لا يتعدى ألم وخز إبرة ، لكن الأمر ليس بمثل تلك البساطة ، حتى ولو تم الاعتماد في تحاليل البصمة الوراثية على بعض مخلفات الجسم كاللعاب- كما هو الحال في المغرب[408] - حيث لا يمس الجسم بأدنى خدش ، إذ أن تحاليل البصمة الوراثية قد لا تقف عند تحديد علاقة الأبوة من عدمها ، وإنما قد تؤدي إلى الحصول على معلومات ذات طابع شخصي جدا نظرا لكونها معلومات وراثية[409] ، فتحاليل البصمة الوراثية قد تكشف عن طباع الشخص وعن استعداداته للإصابة بأمراض وراثية ، الأمر الذي قد ينجم عنه استغلال هذه المعلومات ضد مصلحة الماثل للتحليل ، سواء في إطار علاقات العمل أو في مجال التأمين وغيرهما ، وقد يترتب عن ذلك  حرمان الشخص إما من تقلد بعض الوظائف والمهام ، أو من الحصول على فرصة التأمين ضد المرض مثلا أو التأمين عن الموت .

من هنا تظهر جسامة المخاطر التي قد تنجم عن الانحراف في استخدام تحاليل البصمة الوراثية[410] ، مما يفسر أن رفض الخضوع لتحاليل البصمة الوراثية قد يكون صائبا في بعض الأحيان ، وليس المقصود منه التهرب من العدالة فقط ، وتفاديا لمثل هذه المخاطر نظم الإعلان العالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان التصرف في المجين البشري[411] تنظيما محكما ، إذ اشترط في المادة 5 منه[412] الحصول على الموافقة الصريحة من الشخص المعني بالأمر أو من نائبه الشرعي في حالة عدم أهليته للإعراب عن هذا القبول ، وأكد في المادة 7 منه[413] على ضرورة حماية سرية البيانات الوراثية الخاصة بشخص يمكن تحديد هويته والمحفوظة أو المعالجة لأغراض البحث أو لأي غرض آخر ، كما نص على أنه : " لا يجوز لأي بحث يتعلق بالمجين البشري ، ولا لأي من تطبيقات البحوث ولا سيما في مجالات البيولوجيا وعلم الوراثة والطب ، أن يعلو على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والكرامة الإنسانية لأي فرد أو مجموعة أفراد " [414] .

 وعدلت فرنسا قانونها المدني ليتلاءم مع روح هذا الإعلان ، حيث ورد في المادة 11-16منه[415] أنه لا يلجأ إلى إثبات هوية شخص بواسطة بصماته الوراثية ، في المادة المدنية ، إلا في إطار مسطرة التحقيق المأمور بها من طرف القاضي الذي ينظر في دعوى تهدف إلى إثبات أو نفي النسب أو الحصول على النفقة أو إسقاطها . ويتعين الحصول مسبقا على الموافقة الصريحة للمعني بالأمر".

وحرصا من المشرع الفرنسي على سرية المعلومات الوراثية ، ومكافحة للتجاوزات في استخدامها لأغراض غير التي أجريت من أجلها ، فقد نص في الفصل 26 – 226 من القانون الجنائي على ما يلي : " يعاقب على واقعة تحويل المعلومات الوراثية لشخص ، تم الحصول عليها لغرض التطبيب أو البحث العلمي، عن الغاية التي أجريت من أجلها بسنة سجنا وغرامة مالية قدرها 15000 أورو ."[416].

أما القانون المغربي فلا يتضمن – لحد الآن - أي نص صريح حول هذا الموضوع ، لكن باعتبار المغرب عضوا فعالا في المنتظم الدولي ، فإنه يتعهد بالتزام ما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات ، ويؤكد تشبثه بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا[417] ، بما في ذلك الإعلان العالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان .

 إلا أن هذا لا يعفي المشرع المغربي من أن يتدخل بنصوص صريحة تنظم طرق إجراء تحاليل البصمة الوراثية ، وتضمن عدم تحويل المعلومات الوراثية للأشخاص عن الأغراض التي أجريت من أجلها .

غير أن رفض الخصم الخضوع للخبرة الطبية بناء على تشبثه بمبدإ حرمة الجسد يصطدم مع حق الطفل في النسب ، والتصور هنا ينصرف إلى الحالة التي ترفع فيها الأم دعوى إثبات نسب ولدها ، فحق الطفل في النسب ومعرفة إلى من ينتمي في هذا الوجود[418] تكفله له المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية ، حيث جاء في المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 م[419] أن  للطفل الحق ، قدر الإمكان ، في معرفة والديه وتلقي رعايتهما[420] ، كما نصت المادة 54 من مدونة الأسرة على ما يلي : " للأطفال على أبويهم الحقوق التالية :...3- النسب والحضانة طبقا لأحكام الكتاب الثالث من هذه المدونة ... "

وبالمقابل أليس من حق الولد أن يرفض هو أيضا الخضوع لتحاليل البصمة الوراثية التي يكون الهدف من إجرائها حرمانه من نسبه الثابت بالفراش والمعروف به لدى محيطه[421] ، خاصة أن من بين الضوابط الشرعية لإجراء تحاليل البصمة الوراثية في مجال النسب رضاء كل الأطراف بمن فيهم الولد إذا كان بالغا عاقلا بإجراء تلك التحاليل[422] ؟ وهل يجوز للأب الذي رفع دعوى نفي نسب ابنه الثابت بالفراش أن يوافق نيابة عنه على إخضاعه لتحاليل الخبرة الطبية مستغلا حقه في الولاية عليه متى كان هذا الولد قاصرا ؟

صحيح أن للأب الأسبقية في الولاية على ولده القاصر ، وبإمكانه أن يتصرف نيابة عنه ، إلا أن المنطق السليم لا يقبل أن تستمر ولاية الأب على ولده في حالة رفعه دعوى نفي نسبه الثابت بالفراش ، ومن ثم الموافقة على إخضاع الولد للخبرة الطبية ، ضد مصلحة هذا الأخير ، استناد إلى حقه في الولاية .

فالاعتراف بحق الولاية للأب في هذه الحالة ومن ثم حقه في أن يوافق نيابة عن ولده على إخضاعه للخبرة الطبية فيه اعتداء على حق الولد في احترام حياته الخاصة ، وحقه في أن يعيش في كنف أسرة ترعاه ، إذ من المحتمل أن يتنافى النسب البيولوجي للولد مع نسبه القانوني الثابت بالفراش ، ومن ثم فقد يكون من المنطقي أن تسقط ولاية الأب على ابنه جزئيا ، بمجرد رفعه دعوى نفي نسبه وطيلة مدة سريانها أمام المحاكم ، بحرمانه من التصرف في أموال الابن ، ومنعه من التصرف نيابة عنه ، دون إعفائه من المسؤولية المدنية عن أخطاء الابن ، وأن ينتقل هذا الجزء من الولاية إلى الأم – إن وجدت – خاصة وأن المادة 238 من مدونة الأسرة[423] تمنح الولاية للأم في حالة عدم وجود الأب بسبب وفاة أو غياب أو فقدان للأهلية أو بغير ذلك ، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه بإلحاح ، ويحتاج إلى تمحيص دقيق وتفكير عميق ، هو ما إذا كانت المادة 238 من مدونة الأسرة تشمل انتقال الولاية من الأب إلى الأم بسبب رفع الأب لدعوى نفي النسب ؟[424] ومع ذلك يبقى الإشكال قائما ، حتى في حالة انتقال الولاية للأم في هذه الحالة - وهذا ما يحدث عمليا إذ ترفع دعوى نفي النسب ضد الأم وليس ضد الولد – فهل من حقها هي أيضا أن توافق نيابة عن ولدها على إخضاعه للخبرة الطبية ؟ خاصة ، وكما سبق القول ، أن نتائج الخبرة قد تأتي مؤيدة للأب المدعي ، وضد مصلحة الولد . 

استنادا لكل ما سبق فهل يمكن إجبار الممتنع على الخضوع لتحاليل الخبرة الطبية ؟

أمام غياب نص قانوني في التشريع المغربي يبيح إخضاع الممتنع لتحاليل الخبرة الطبية جبرا ، يرى البعض أنه من البديهي أن يكون الجواب بالرفض ، لأن الأمر يتعلق بمسألة مدنية بحتة ليس فيها ما يبيح خرق مبدأ حرمة الجســد[425] ، و هذا ما أكدته محكمة استئناف باريس إذ جاء في قرار لها ما يلي : " إن المبدأ

الأساسي وهو حرمة الجسم الإنساني يتعارض مع لجوء القاضي المدني إلى إجراء الضغط و الإجبار ، حتى و لو كان هذا الإجراء من طبيعة مالية لحمل  الشخص على الخضوع للمساس بجسمه ، و حتى و لو كان هذا المساس بسيطــا..."[426]. لذا ، يبقى الأمر موكولا للقضاء ليستخلص ما يراه مناسبا من ذلك الامتناع ،  وفي هذا الصدد تقول زهور الحر[427]:"عندما يرفض الزوج إجراء الخبرة فلا يسعنا إلا أن نعتبر بأن ذلك اعتراف ضمني بنسب الطفل (...) ولنا أحكام عديدة صدرت في هذا الشأن ، وتم تأييدها من طرف الاستئناف " .

فهل يجد هذا الحل الذي لجأ إليه القضاء المغربي  سنده في الفصل 406 من قانون الالتزامات والعقود المغربي الذي ينص على ما يلي : " يمكن أن ينتج الإقرار القضائي عن سكوت الخصم ، عندما يدعوه القاضي صراحة إلى الإجابة عن الدعوى الموجهة إليه فيلوذ بالصمت ، ولا يطلب أجلا للإجابة عنها "[428] ؟ إذ يستفاد من عبارة " يمكن أن ينتج الإقرار " أن هذا النص لا يلزم القاضي أن يستنتج الإقرار القضائي من سكوت الخصم  كما يفهم من تصريح زهور الحر، بل يمنحه  هامشا من السلطة لاستخلاص ما يراه مناسبا إذا دعا القاضي الخصم وسكت هذا الأخير ولم يطلب أجلا.

وهذا ما ذهبت إليه محكمة التعقيب التونسية في قرار لها جاء فيه ما يلي: " حيث اقتضى الفصل 429 م . ا . ع . أن الإقرار الحكمي ينتج عن سكوت الخصم في مجلس الحكم إذا دعاه الحاكم ليجيب عن الدعوى الموجهة عليه وأصر على سكوته ولم يطلب أجلا للجواب .

وحيث يؤخذ من هذا النص القانوني أن عدم الجواب عن الدعوى من قبل المطلوب لا يعد إقرارا منه بصحتها ووجاهتها إلا متى دعته المحكمة للجواب وسكت ولم يطلب أجلا للجواب .

وحيث لما كان الاختبار المأذون به وسيلة استقراء الغرض منها البحث عن الحقيقة فإن الحكم التحضيري القاضي بإجرائه لا يشكل حتى بطريق الاستنتاج دعوة من المحكمة للمطلوب للجواب عن الدعوى الموجهة عليه .

وحيث أن محكمة القرار المطعون فيه لما اعتبرت أن عدم خضوع المستأنف عليه لإجراء التحليل الجيني يعد إقرارا منه بثبوت نسب البنت إليـــه ( هكذا ) دون بيان إن كانت قد دعته للجواب عن الدعوى الموجهة عليه وسكت ولم يطلب أجلا للجواب تكون قد خرقت أحكام الفصل المشار إليه .الأمر الذي يستوجب النقض من هذه الجهة "[429] .

وجاء في قرار آخر  لها ما يلي : " وحيث بالرجوع إلى الحكم المنتقد تبين أن المحكمة استخلصت من نكول المدعى عليه اعترافا ضمنيا بالأبوة وهو أمر موكول لاجتهادها المطلق ولا تثريب عليها في ذلك واستنتاج منطقي معقول يتماشى وروح التشاريع في هذا المجال ولا خرق به للنصوص المحتج بها مثل ما يدعيه الطاعن إذ لو كان الأمر على خلاف ذلك لتقدم المعقب للتحليل الجيني دون تردد ..."[430] . 

وإذا كان المنطق يسعف القضاء في استخلاص اعتراف الزوج بنسب ابنه من امتناعه عن الخضوع للخبرة الطبية ، فإنه من الصعب أن يسحب ذات الاستنتاج على الولد الممتنع عن إجراء الخبرة الطبية المأمور بها في إطار دعوى ترمي إلى نفي نسبه ، وفي هذا الصدد فقد أيدت محكمة النقض الفرنسية قرارا استئنافيا  رفض استنتاج انعدام علاقة الأبوة من امتناع ولدين يزيد عمرهما عن عشرين سنة عن الخضوع للتحاليل الدموية التي أمرت بها المحكمة في إطار دعوى نفي نسبهما المرفوعة من طرف أبيهما [431] .      
 

المطلب الثالث :الصعوبات والإشكاليات المرتبطة بالنسب الناجمة عن تطبيقات  تكنولوجيا الإنجاب

 

عرفت العقود الأخيرة تطورا هائلا في الميدان التكنولوجي والبيولوجي على حد سواء ، وخصوصا في الميدان الجيني والإخصاب الاصطناعي والاستنساخ ، الشيء الذي أدى إلى طرح إشكالات جديدة على المستوى الأخلاقي والاجتماعي والقانوني لم تعهدها البشرية من قبل ، ولم تستطع العديد من الأنظمة القانونية مواكبة هذا التطور ومن بينها النظام القانوني المغربي ، غير أن الفقه تصدى للإنجاب الاصطناعي بعد تهافت الناس عليه كحل لمشكلة العقم[432] ، كما أنه اهتم بالاستنساخ البشري حتى ولو لم يكن متداولا إلى حد الآن .

وفيما يلي سأعرض للصعوبات المرتبطة بالنسب التي يطرحها كل من التلقيح الاصطناعي ( الفقرة الأولى ) والاستنساخ ( الفقرة الثانية ) .        
 

الفقرة الأولى :  التلقيح الاصطناعي وتداعياته على النسب   :

 من الضروري تعريف التلقيح الاصطناعي ، وبيان أنواعه ، وموقف الفقه منه ، قبل التعرض إلى مختلف الصعوبات والإشكاليات التي يطرحها نسب الطفل الناتج عن التلقيح الاصطناعي .
 

أولا : تعريف التلقيح الاصطناعي وموقف الفقه منه :

التلقيح الاصطناعي هو كل طريقة أو صورة يتم فيها التلقيح والإنجاب بغير الاتصال الجنسي الطبيعي بين الرجل والمرأة [433] .

والغرض من التلقيح الاصطناعي هو إيجاد حلول لمشكلة العقم[434] والحصول على الذرية[435] ، وهو ليس وليد اليوم كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان، وإنما عرف منذ عهد بعيد ، وناقشه بعض الفقهاء[436] تحت مسمى الاستدخال الذي يقصدون به إدخال المني إلى المرأة بغير جماع ، ورتبوا عليه أحكاما كالعدة وثبوت النسب إذا كان المني حال الاستدخال محترما وقت خروجه ، كأن كان من الرجل لزوجته وهي تعلم أنه ماء زوجها  .

كما عرف بطريقة بدائية لا علمية ولا تقنية[437]عند بعض المجتمعات من بينها المغرب[438] ومصر[439] بما يسمى بالصوفة[440] .

والتلقيح الاصطناعي نوعان : داخلي وخارجي. 

فالتلقيح الداخلي هو الذي يتم بالحصول على مني الرجل وحقنه في رحم المرأة لتصل الحيوانات المنوية إلى البييضة فتلقحها لتكمل بعد ذلك البييضة المخصبة تكوينها الطبيعي[441]  .

أما التلقيح الخارجي  فيتم باستخراج الحيوان المنوي واستخراج البويضة، والجمع بينهما في أنبوب الاختبار ليتحدا ، ثم تستدخل النطفة ( اللقيحة ) إلى الرحم  [442] .

وقد تجمد نطفة الرجل[443] أو البويضة الملقحة[444] ولا يتم استعمالها في التلقيح إلا بعد مدة زمنية قد تطول أو تقصر .

وقد أجمع الفقهاء[445]على جواز التلقيح الاصطناعي بين الزوجين سواء كان التلقيح داخليا أو خارجيا ، ووضعوا لذلك شروطا[446]وهي :

 أ - أن يتم التلقيح الاصطناعي بين الزوجين .

 ب - أن يتم برضاهما .

ج - أن يتم تلقيح البويضة وزرعها في رحم الزوجة خلال الحياة الزوجية .

د - أن يكون التلقيح الاصطناعي هو الوسيلة الوحيدة الممكنة للإنجاب.

         أما صور التلقيح الاصطناعي الداخلي أو الخارجي التي يتدخل فيها طرف ثالث أجنبي من غير الزوجين فهي محرمة بإجماع الفقهاء[447] ، سواء كان هذا التدخل ببييضة أو برحم أو بنطفة ذكرية أو ببويضة ملقحة ، وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمود شلتوت : " إنها جريمة منكرة وإثما عظيما ، يلتقي مع الزنا في إطار واحد ، جوهرهما واحد ، ونتيجتهما واحدة، وهي وضع ماء رجل أجنبي قصدا في حرث ليس بينه وبين ذلك الرجل عقد ارتباط بزوجية شرعية ، يظلها القانون الطبيعي والشريعة السماوية"[448] .

والجدير بالذكر أن المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي أجاز في دورته السابعة المنعقدة بمكة المكرمة سنة 1404 ﻫ صورة التلقيح الاصطناعي التي تزرع فيها بويضة مخصبة من زوجين في رحم الزوجة الثانية لهذا الزوج ، وقرر أن نسب المولود يثبت من الزوجين مصدر البذرتين ، أما الزوجة المتطوعة بالحمل عن ضرتها فتكون في حكم الأم المرضعة للمولود لأنه اكتسب من جسمها وعضويتها أكثر مما يكتسب الرضيع من مرضعته في نصاب الرضاع الذي يحرم به ما يحرم من النسب ، ثم تراجع عن هذا القرار في دورته الثامنة المنعقدة سنة 1405 ﻫ مبررا تراجعه باحتمال وقوع حمل ثان للزوجة حاملة اللقيحة قبل انسداد الرحم من معاشرة الزوج لها ثم تلد توأما ، ولا يعلم ولد اللقيحة من ولد معاشرة الزوج ، كما قد تموت علقة أو مضغة أحد الحملين ولا تسقط إلا مع ولادة الآخر الذي لا يعلم أهو ولد اللقيحة أم حمل الزوجة الثانية من معاشرة زوجها[449].

وإذا كان السبب الرئيسي في سحب مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لمنظمة العالم الإسلامي لحالة جواز زرع البويضة المخصبة للزوجين في رحم الزوجة الثانية لهذا الزوج ، هو احتمال اختلاط الأنساب من جهة الأم ، فإنه لم يعد لهذا التبرير أي أساس خاصة وأن المجمع الفقهي ذاته تبنى في قراره السابع جواز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في حالات الاشتباه في أطفال الأنابيب[450]  .
 

ثانيا : الصعوبات التي يطرحها نسب الطفل الناتج عن التلقيح الاصطناعي  :

تقوم أحكام النسب على قاعدة طبيعية مفادها أن الإنجاب هو النتيجة الطبيعية للاتصال الجنسي بين الزوجين ، وقد أثبت الواقع في العصر الحالي أنه يمكن الإنجاب بوسيلة اصطناعية بدون جماع ، بل يمكن تلقيح البويضة وتجميدها لعدة شهور أو سنين لتزرع من جديد ويستمر نموها في الرحم ، ولتقنيات التلقيح الاصطناعي وتجميد الحيوانات المنوية والبويضات المخصبة تداعيات خطيرة على قواعد النسب ، سواء في حالات التلقيح الاصطناعي الجائزة شرعا أو في حالات التلقيح الاصطناعي غير الجائزة شرعا .

 

1- حالة التلقيح الاصطناعي المجمع على جوازه  : 

لا يثير التلقيح الاصطناعي بين الزوجين ، بنوعيه الداخلي والخارجي ، أي إشكال إذا تم أثناء قيام العلاقة الزوجية ، لأن نسب الولد الناتج عنه ثابت للزوج[451] شرعا وقانونا وحقيقة ، طبقا لقاعدة " الولد للفراش "  ، وعلى أساس أن الولد منحدر بيولوجيا من الزوج والزوجة ، خاصة وأن مدونة الأسرة لم تشترط لثبوت النسب أن يكون إنجاب الولد نتيجة للتلقيح الطبيعي ، ومن ثم يستوي في نظر القانون المغربي أن يكون التلقيح قد حدث طبيعيا أو اصطناعيا .

لكن الإشكال يثور حينما يتم اللجوء إلى تجميد البويضة المخصبة ، فأمام غياب نصوص قانونية تنظم التلقيح الاصطناعي بالمغرب ، قد تلجأ الزوجة إلى زرع البويضة المخصبة في رحمها بعد الفرقة بالطلاق أو الوفاة ، فينجم عن هذا التصرف إشكال متصل بتجزيء مدة الحمل إلى مرحلتين : إحداهما قبل زرع البويضة الملقحة ، والثانية بعد عملية الزرع [452] ، وقد يؤثر ذلك على نسب المولود المتخلق من هذه اللقيحة ، فيثبت نسبه للزوج إذا جاءت به قبل مضي أقصى مدة الحمل وهي سنة من تاريخ الفراق طبقا لمقتضيات المادة 154 من مدونة الأسرة[453] ، أما إذا جاءت به بعد مضي هذه المدة فينتفي نسبه عن الزوج رغم أنه تخلق من مائه حقيقة ، وحتى ولو تمت عملية الزرع برضى الزوج قبل الطلاق أو الوفاة ، لأن أقصى مدة الحمل من تاريخ الفراق قرينة قوية على أن الولد لم يتخلق من ماء الزوج على أساس أن الإنجاب وقت وضع هذه القرينة لم يكن يطلب إلا بالوسيلة الطبيعية ، وتطرح هذه الحالة إشكالا قضائيا إذا رفعت الزوجة دعوى إثبات نسب وليدها استنادا إلى تحاليل البصمة الوراثية التي ستأتي نتائجها مؤيدة لطلبها حتما ، لأن اللقيحة من نطفة زوجها ، لكن كل ما في الأمر أن الفرقة حدثت خلال فترة  " سبات " اللقيحة عن طريق تجميدها ، ولم يتم زرعها في رحم الزوجة إلا بعد الفرقة ، الأمر الذي يجعل القاضي في حيرة من أمره : فمن ناحية سيثبت له بما لا يدع مجالا للشك أن الولد ولد الزوج ، ومن ناحية أخرى أن الولادة تمت بعد مضي أقصى مدة الحمل .

وهكذا يبدو أنه مع ظهور التلقيح الاصطناعي في عصرنا الحالي انقلبت الأسس التي تقوم عليها القواعد الشرعية للنسب ، ومن هنا فالحاجة ملحة إلى اجتهاد فقهي معاصر يرفع التناقض بين الحقيقة البيولوجية والحقيقة القانونية الشرعية ، يهتدي به المشرع أثناء سده الفراغ التشريعي في هذا الميدان .

والجدير بالذكر أن المشرع الجزائري نظم أحكام التلقيح الاصطناعي بكيفية لا يقوم معها هذا الإشكال : إذ جاء في المادة 45 مكرر من قانون الأسرة الجزائري[454] ما يلي :

 " يجوز للزوجين اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي .

يخضع التلقيح الاصطناعي للشروط الآتية :

        - أن يكون الزواج شرعيا .

        - أن يكون التلقيح برضى الزوجين وأثناء حياتهما ."

 

2- حالة التلقيح الاصطناعي غير الجائز شرعا  :

المقصود هنا هو كل صور التلقيح التي يتدخل فيها الغير سواء بنطفة ذكرية أو ببييضة أو برحم أو بلقيحة . وأمام الفراغ التشريعي في هذا الميدان ، قد يلجأ البعض إلى هذا النوع من التلقيح رغم أنه محرم شرعا ، وفيما يلي بعض انعكاسات كل صورة من هذه الصور على النسب حسب طبيعة تدخل الغير . 

أ – حالة تدخل الغير بالنطفة الذكرية :


وفيها فرضان إما أن تكون صاحبة البويضة متزوجة أو غير متزوجة :

فإذا كانت صاحبة البييضة غير متزوجة ينسب الولد إلى أمه لأنه لم يولد على فراش الزوجية ، ويعتبر الولد مجهول النسب من جهة الأب ، رغم أنه ليس كذلك ، لأن الهيئة الطبية التي سهرت على التلقيح تعلم علم اليقين هوية أبيه البيولوجي وهو الشخص المتبرع بنطفته .

فإذا كان بإمكان الأب البيولوجي للولد أن يضفي، بإرادته المنفردة ،  الصفة القانونية على العلاقة التي تربطه بالولد عن طريق الإقرار حسب المواد 152 و 158 و 160 من مدونة الأسرة ، فإن طلب الولد أو أمه إثبات النسب من المتبرع ، طبقا للقواعد العامة للنسب ، لا يخلو من صعوبات لانعدام الفراش والتقاء هذا النوع من التلقيح مع الزنى في جوهره ونتيجته[455] رغم أن نتائج تحاليل البصمة الوراثية ستكون في صالح الطالب .

 أما إذا كانت صاحبة البييضة متزوجة ، فإن الولد ينسب إلى الزوج لأنه ولد على فراشه من زوجته ، فيكون للولد أب قانوني وهو الزوج العقيم الذي لا بذرة في مائه ، وأب بيولوجي وهو المتبرع بالنطفة ،هذه الوضعية غير سليمة لأنها تخلق مفارقة غريبة بين القانون والواقع [456] في الوقت الذي يفترض فيه أن يضفي القانون الشرعية على العلاقة الحقيقية بين الرجل والولد الذي تخلق من مائه .

لكن هل يمكن للزوج أن ينفي نسب الولد عنه رغم موافقته على تلقيح زوجته بنطفة الغير ؟

من المعلوم أن المادة 153 من مدونة الأسرة  تفتح أمام الزوج طريقين لنفي النسب هما اللعان أو الخبرة الطبية ، فهل يوصد باب اللعان دونه إذا أثبتت الزوجة أن تلقيحها بنطفة الغير كان برضاه  ؟ بعبارة أخرى فهل يعتبر علم الزوج ورضاه بحمل زوجته عن طريق تلقيحها بنطفة رجل آخر إقرارا ضمنيا منه بالنسب يمنعه من اللعان ؟ ومن ناحية أخرى فهل يستجاب لطلب الزوج الرامي إلى نفي الولد استناد إلى الخبرة الطبية ؟  ثم ألا يضعف رضى الزوج بحمل زوجته من نطفة رجل آخر الأدلة التي يعزز بها طلبه مهما كانت قوتها ؟ أم أن رضاء الزوج بتلقيح زوجته بنطفة الغير لا أثر له أمام قواعد النسب التي تعتبر من النظام العام فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها ؟

تلك هي الإشكاليات التي يطرحها هذا النوع من التلقيح الاصطناعي . 

ب – حالة تدخل الغير بالبويضة :


في هذه الحالة يبدو لأول وهلة أن لا صعوبة في لحوق الولد بالزوج ، لأنه تخلق من مائه وولد على فراشه من زوجته ، ولا يمكن للزوج أن ينفي نسب الولد عنه استنادا للقواعد العامة للنسب ، لأنه ولده قانونا وحقيقة : قانونا لأنه ولد على فراشه ، وحقيقة لأنه تخلق من مائه[457] . أما بالنسبة للأم ،  فالأمومة تثبت بواقعة الولادة في ظل التصور الذي يقوم على أساس الربط بين الإنجاب والاتصال الجنسي ، لكن التلقيح الاصطناعي هدم هذه القاعدة ، لأنه يقوم على الفصل بين الإنجاب والاتصال الجنسي ، ومن ثم أصبح من الممكن أن تكون المرأة التي حملت الطفل وولدته ليست هي صاحبة البويضة الملقحة ، وبالتالي ليست هي الأم البيولوجية للولد ، وفي ظل هذا الوضع الذي لم يتصوره واضعوا أحكام النسب[458] ثار التساؤل حول ثبوت نسب الطفل لجهة الأم[459] .

اختلف الفقهاء في الإجابة على هذا التساؤل ، وانقسموا في ذلك إلى فريقين : فريق يرى أن الأم هي صاحبة البويضة وهي المرأة المتبرعة ، وفريق آخر يرى أن الأم هي التي حملت ووضعت – وهي الزوجة في هذه الحالة – ولكل من الفريقين حججه[460] .

ولتحديد الأم أهمية بالغة ، لما له من انعكاسات على تحديد نسب الولد من جهة الأب ، ذلك أنه حسب الرأي الفقهي الذي يرى أن الأم هي التي حملت وولدت – وهي الزوجة – فإن الولد ينسب إلى الزوج لأنه تخلق من مائه وولد على فراشه من زوجته ، لكن ألا يمكن للمرأة المتبرعة بالبويضة أن تطلب إثبات بنوتها للولد استنادا إلى نتائج الخبرة الطبية طبقا للمادة 147من مدونة الأسرة التي جاء فيها أنه : " تثبت البنوة بالنسبة للأم عن طريق : ... صدور حكم قضائي بها ... " خاصة وأن حجية واقعة الولادة انهارت أمام تجزيء الأمومة بين امرأتين عن طريق هذا النوع من التلقيح الاصطناعي .

أما حسب الرأي الفقهي الذي يقول بأن الأم هي صاحبة البويضة ، فإن الولد لا ينسب للزوج ، لأنه لا وجود لرابطة شرعية تربطه بأم المولود - أي صاحبة البويضة - وإنما ينسب لهذه الأخيرة وحدها[461] . والملاحظ أن مستنتجات هذا الموقف الفقهي تتصادم مع القواعد العامة للنسب[462] خصوصا قاعدة الولد للفراش. 

ج – حالة تدخل الغير  بالرحم :


تلقح في هذه الحالة بييضة زوجة بنطفة زوجها ، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة أخرى ، وتثير هذه الوضعية الصعوبات ذاتها التي أثارتها الوضعية السابقة ، ويعزى ذلك إلى تجزيء الأمومة ، على غير العادة ، بين امرأتين : الزوجة صاحبة البييضة والمرأة المتبرعة بالحمل ، وإلى عدم حسم الفقهاء في النقاش الدائر حول تحديد الأم كما تقدم .

 فحسب الرأي الفقهي الذي يقول بأن الأم هي صاحبة البييضة ، ينسب الولد للزوج صاحب النطفة ، لوجود رابطة زواج بينه وبين الأم صاحبة البيضة ، بينما لا ينسب له حسب الرأي الآخر الذي يرى أن الأم هي التي حملت وولدت الولد لانعدام الرابطة الشرعية أو الشبهة بينه وبين المتبرعة بالحمل ، حيث ينسب الولد لأمه وحدها وهي المتبرعة بالحمل .

 

د – حالة تدخل الغير باللقيحة :


في هذه الحالة تلقح بييضة امرأة ما بنطفة رجل ما ، ثم تزرع في رحم امرأة متزوجة .

لقد أحدث هذا النوع من التلقيح الاصطناعي شرخا كبيرا بين مارسا عليه الفقه وأقرته التشريعات وتعارف عليه الناس من جهة ، وبين الواقع الذي أفرزته التقنيات البيولوجية المستحدثة في مجال التلقيح الاصطناعي من جهة أخرى : فلا الفراش[463] ولا بينة الشهادة[464] حافظا على قوة حجيتهما في ثبوت نسب الولد من جهة الزوج ، ولا واقعة الولادة أمست حجة غير عليلة لإثبات بنوة الولد من جهة الأم .

لتوضيح ما سبق نورد المثال الآتي :

نفترض أن زوجين مغربيين عقيمين ، توجها إلى الديار الأوربية كسائحين في الظاهر ، لكن غرضهما في الواقع هو الحصول على ولد عن طريق التلقيح الاصطناعي ، فزرعت لقيحة في رحم الزوجة ثم عادا إلى المغرب ، بعد مدة ظهر الحمل على الزوجة ، وشاهده الأقارب والجيران ، ووضعت الزوجة في إحدى المصحات أو في مستشفى عمومي ، وسلمت لها شهادة الولادة ، واستدعى الزوج  الناس لحضور حفل العقيقة ، فمن الناحية القانونية ينسب الولد للزوج بحجة الفراش وبينة الشهادة طبقا للمواد 152 و 154 و 158 من مدونة الأسرة ، وتثبت بنوة الولد بالنسبة للأم بواقعة الولادة طبقا للمادة 147من مدونة الأسرة ، لكن في الحقيقة فالولد ليس ولدهما لأنه لم يتخلق من بذرتيهما .
 

الفقرة الثانية : الاستنساخ وتداعياته على النسب :

ما أن أعلن عن ميلاد الشاة " دولي " في 23 فبراير 1997عن طريق تقنية الاستنساخ ، حتى دب التخوف من أن تطال هذه التقنية بني البشر ، فبادرت العديد من المؤسسات الدينية والمنظمات الدولية إلى إصدار ردود فعل مناهضة للاستنساخ البشري . فما المقصود بالاستنساخ ؟ وما هو موقف الفقه الإسلامي والمنتظم الدولي من تطبيقه على البشر ؟ وما هي الإشكاليات المرتبطة بالنسب التي يطرحها هذا المستجد ؟ 
 

أولا : تعريف الاستنساخ :

الاستنساخ هو تكوين مخلوق – أو أكثر – انطلاقا من كائن ، بحيث يكون كل مخلوق نسخة إرثية من الكائن الأصل[465] ، وهو نوعان[466] :

الأول : الاستتآم أو شق البييضة ، ويبدأ ببييضة مخصبة ، تنقسم إلى خليتين ، فتحفز كل منهما إلى البدء من جديد وكأنها الخلية الأم ، وتصير كل منهما جنينا مستقلا ، غير أنهما متماثلان لصدورهما عن بيضة واحدة .

والثاني : الاستنساخ العادي الذي لا يعتمد على الخلايا الجنسية وإنما يكون بوضع نواة خلية مضغية أو خلية جسدية داخل غلاف بويضة منزوعة النواة. وتتكاثر الخلية الناتجة إلى جنين هو نسخة إرثية تكاد تكون طبق الأصل من صاحب الخلية .

وما يهمنا هنا هو الاستنساخ البشري الذي أصبح أمر تحقيقه قاب قوسين أو أدنى خاصة بعد أن صرح بعض العلماء أنهم قرروا إخراج طفل مستنسخ إلى الوجود[467] .
 

ثانيا : موقف الفقه الإسلامي والمنتظم الدولي من الاستنساخ البشري :

لا ريب أن الإسلام يشجع العلم ويحث عليه شريطة أن يجلب هذا الأخير مصالح الناس ويدرأ عنهم المفاسد ، لذلك لا يسمح بدخول تطبيقات نتائج العلم في الحياة العامة إلا بعد أن تمر على مصفاة الشريعة لتمرر المباح وتحجز الحرام[468] وهذا هو الهدف من عقد عدة مؤتمرات فقهية للنظر في تطبيقات الاستنساخ البشري ، ومن بينها الندوة الفقهية الطبية التاسعة التي دعت لها المنظمة الإسلامية والمنعقدة بالدار البيضاء من 14 إلى 17 يونيو 1997 م ، والدورة العاشرة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي بجدة من 28 يونيو إلى 3 يوليوز 1997 بشأن الاستنساخ البشري .

والملاحظ أن وجهات نظر المشاركين في ندوة الدار البيضاء من جهة والمؤتمر العاشر المنعقد بمكة المكرمة من جهة أخرى ، قد اختلفت اختلافا جوهريا حول حكم الاستنساخ البشري : ذلك أن مجلس مجمع الفقه الإسلامي قرر تحريم الاستنساخ البشري بطريقتيه المذكورتين أعلاه الاستتآم والاستنساخ العادي أو بأي طريقة أخرى تؤدي إلى التكاثر البشري ، مستعملا مصطلحا شرعيا هو التحريم[469] ، بينما أوصت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بمنع الاستنساخ البشري العادي ، وسكتت عن الاستتآم . وقد يفهم من ذلك أن المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية تبيح الاستتآم كطريق للاستنساخ ، واستعملت بدل التحريم مصطلحا قانونيا وهو المنع[470] .

وفيما عدا هذا الاختلاف يسجل تطابق في وجهات النظر بين الندوتين المذكورتين[471] حول النقط الأخرى من بينها على الخصوص :

أ – تحريم كل الحالات التي يقحم فيها طرف ثالث على العلاقة الزوجية ، سواء أكان رحما أم بويضة أم حيوانا منويا أم خلية جسدية للاستنساخ .

ب – مناشدة الدول الإسلامية إصدار القوانين والأنظمة اللازمة لغلق الأبواب المباشرة وغير المباشرة أمام الجهات المحلية والأجنبية والمؤسسات البحثية والخبراء الأجانب ، للحيلولة دون اتخاذ البلاد الإسلامية  ميدانا لتجارب الاستنساخ البشري والترويج لها .

ج – التأكيد على المتابعة المشتركة لموضوع الاستنساخ ومستجداته العلمية وضبط مصطلحاته ، وعقد الندوات واللقاءات اللازمة لبيان الأحكام الشرعية المتعلقة به، مما يفيد استعدادهما لتغيير موقفهما السابق الرافض للاستنساخ حسب مستجدات البحث العلمي في الميدان .

وسار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث على نفس النهج ، حين منع  الاستنساخ البشري ، حتى ولو كان من الزوجين لعدم وجود دليل يبرر الاستثناء . وأضاف أنه إذا ما استجد في الأمر ما يدعو إلى النظر فإن المجلس سيدرسه في حينه ويصدر فيه القرار المناسب[472] .

أما على المستوى الدولي فقد بادرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة إلى إصدار إعلان عالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان بتاريخ 11 نونبر1997 ، ونصت في المادة 11 منه على أن الاستنساخ البشري من أجل التكاثر مهين للكرامة الإنسانية ولا يجوز السماح بممارسته[473] .

واتفقت جميع الدول على منع الاستنساخ من أجل التكاثر ، غير أنها اختلفت حول الاستنساخ من أجل العلاج[474] . وانتقل هذا الخلاف إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حيث طالبت الولايات المتحدة الأمريكية بمعية الفاتكان ودول أمريكا اللاتينية والفلبين وإثيوبيا وغيرها بمنع جميع أشكال الاستنساخ سواء كان من أجل التكاثر أو من أجل العلاج ، بينما طالبت بلجيكا وبريطانيا والصين وعدة دول أخرى بمنع الاستنساخ من أجل التكاثر والسماح باللجوء إلى تقنية الاستنساخ من أجل العلاج [475]  .

وكان من الصعب التوصل إلى صياغة إعلان عالمي يمنع الاستنساخ البشري [476] ، وفي 8 مارس 2005 تم التصويت على إعلان الأمم المتحدة بشأن الاستنساخ البشري بأغلبية 84 صوتا مقابل 34 صوتا ، وامتناع 37 دولة عن التصويت[477] ، وحثت منظمة الأمم المتحدة من خلال هذا الإعلان، غير الملزم[478]  الدول الأعضاء على منع الاستنساخ البشري بشكليه التكاثري والعلاجي .

أما على المستوى الأوروبي ، فقد أصدر المجلس الأوروبي اتفاقية من أجل حماية حقوق الإنسان وكرامة الكائن البشري في مواجهة التطبيقات الطبية والبيولوجية بتاريخ 4 أبريل 1997 م[479] .

وكرد فعل لنجاح الاستنساخ على الحيوان ، أراد المجلس الأوربي أن يمنع أي انحراف مستقبلي بتطبيق تقنية الاستنساخ على الإنسان ، وألحق بروتوكولا إضافيا بالاتفاقية المذكورة أعلاه بتاريخ 12 يناير 1998م ، يمنع فيه الاستنساخ البشري[480] ، حيث تنص الفقرة الأولى من الفصل الأول منه على ما يلي : " يحظر كل تدخل يستهدف خلق إنسان مطابق جينيا لغيره من الأشخاص حيا كان أو ميتا " [481] .

وهكذا بادرت الدول الأوربية إلى ملاءمة قوانينها الداخلية مع الاتفاقية والبروتوكول السابق الذكر ، ومنعت الاستنساخ البشري من أجل التكاثر[482] .

أما على المستوى العربي ، فإلى حدود يونيو 2004 م ،لم تتجاوز الدول العربية بعد مرحلة المشاورات وتدارس مشروع اتفاقية عربية لمنع الاستنساخ البشري ، تقدمت به وزارة العدل الجزائرية لمجلس وزراء العدل العرب ، يتكون من ثمان مواد تتضمن المنع البات للاستنساخ البشري لأغراض التناسل أو لأغراض تجريبية[483] .

أما فيما يخص المغرب ، فمازالت تشريعاته – لحد الآن – خالية من أية نصوص تنظم تطبيقات نتائج التطور البيولوجي ، وتحمي كرامة الفرد والأسس التي تقوم عليها الأسرة باعتبارها عماد المجتمع ، من  مخاطر الاستنساخ البشري.

لكن هذا الفراغ على عمقه لا يمنع من التأكيد على أن الاستنساخ محرم وفقا للنظام القانوني المغربي في شموليته واحتسابا لروحه وجوهره[484] .

غير أن غنى الترسانة القانونية المغربية لا تعفي المشرع المغربي من سن نصوص قانونية جديدة تجرم الاستنساخ البشري صراحة . وهكذا تم الإعلان عن أن وزارة العدل المغربية ستنكب على إعداد مشروع قانون بشأن الاستنساخ ، على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية والقيم الأخلاقية ، يمنع الاستنساخ البشري من أجل التكاثر ، ويجيز الاستنساخ الجزئي من أجل العلاج بإنتاج عضو من أعضاء الجسم [485] .

وتجدر الإشارة إلى أن كل المجتمعات بمختلف مرجعياتها الدينية والثقافية والفلسفية ناهضت الاستنساخ البشري من أجل التكاثر معتمدين على نفس الحجج والأسانيد تقريبا . ويفسر لوسيان سفيز Lucien Sfez هذا الإجماع بقوله : " إن المنع المفروض على الاستنساخ له طابع ديني بالدرجة الأولى . فوراء كل موقف إنساني يكمن موقف ديني . ويظل الموقف الديني قويا عكس ما قد يتبادر إلى الأذهان . "[486].
 

ثالثا : الصعوبات التي يطرحها نسب الطفل الناتج عن الاستنساخ  :

للاستنساخ تداعيات خطيرة على الأسس التي تقوم عليها الأسرة والمجتمع : فعلى المستوى  الأنثروبولوجي لا يمكن أن نعرف ما إذا كان الشخص المستنسخ ابنا أو أخا للمستنسخ منه ، الشيء الذي يؤدي إلى هدم مفهوم النسب ونهاية مؤسسة الأسرة[487] ، و نهاية منع زواج المحارم[488].

و رغم كل هذا يحلو للبعض[489] أن يسير ضد التيار ، و يجيز الاستنساخ البشري من أجل التناسل بين الزوجين بشروط معينة[490] في حالة العقم التام للزوج، بزرع نواة خليته في بويضة زوجته .

فإذا افترضنا نجاح هذه العملية على المستوى التقني ، و خرج الطفل المستنسخ إلى الوجود ، فإنه بإمكان أربعة أشخاص أن يدعوا والديته[491] وهم الزوجان وأم وأب الزوج ذلك أنه إذا نظرنا إلى قرينتي الفراش وواقعة الولادة ، فإنه ينسب إلى أب الزوج وأمه لأن نصف صفاته الوراثية منحدرة من هذا والنصف الآخر من تلك ، وبالتالي فالمستنسخ لا يعدو أن يكون سوى توأم ابنهما – وهو الزوج في هذه الحالة – فهل ينسب المستنسخ إلى الزوج أم إلى أب الزوج؟  ، وهل تعتبر الزوجة الأم الحقيقية للمستنسخ لأنها  حملت به وولدته ، أم أن أم الزوج هي أم المستنسخ باعتبار أنه اكتسب نصف مادته الوراثية منها ؟ ألا يؤدي الاستنساخ إلى تجزيء الأمومة[492] بين الزوجة وأم الزوج تجزيئا لا يمكن للعقل أن يتصوره ؟ ثم هل سيكون الاستنساخ علاجا حقيقيا للعقم أم أنه تجارة في أوهام الإنجاب ؟[493] .

هذه هي بعض الإشكاليات التي يطرحها ذلك النوع من الاستنساخ البشري الذي أجازه بعض الفقهاء المسلمين[494] ، وتزداد هذه الإشكاليات تعقيدا كلما ازداد عدد المانحين في الاستنساخ ، حيث قد يصل عدد الأشخاص المدعين والدية المستنسخ أبوة وأمومة إلى ثلاثة عشر شخصا[495] . 

 

المبحث الثاني : الصعوبات الناجمة عن تنازع الخبرة الطبية والأدلة الشرعية لإثبات النسب ونفيه

 

لا شك أن الرأي الفقهي يعتبر من بين المصادر التي يستفيد منها القاضي لتكوين قناعته حول قضية معينة ، خاصة إذا لم يجد نصا تشريعيا صريحا يطبقه، أو اجتهادا قضائيا ينير طريقه .

وهذه الوضعية قد يجد القاضي المغربي نفسه فيها كلما تعلق الأمر بإعمال الخبرة الطبية عند تنازعها مع الأدلة الشرعية لإثبات النسب ونفيه ، ذلك أن المشرع المغربي لم يحدد موقفه من الخبرة الطبية لإثبات النسب ونفيه في هذه الحالة ، مانحا بذلك هامشا من الحرية للعمل القضائي لتنظيم هذه المسألة ، إلا أن هذا الأخير ما زال في بداياته في هذا المجال حيث لم يراكم بعد ما يكفي من التجربة للتصدي للصعوبات التي قد تنجم عن هذا التنازع .

وسأبرز في المطلب الأول من هذا المبحث الصعوبات الناجمة عن تنازع الخبرة الطبية والأدلة الشرعية لإثبات النسب ، بينما أتعرض في المطلب الثاني للصعوبات الناجمة عن تنازع الخبرة الطبية كدليل نفي علمي للنسب واللعان كدليل نفي شرعي . 
 

المطلب الأول: الصعوبات الناجمة عن تنازع الخبرة الطبية والأدلة الشرعية لإثبات النسب

 
تنحصر الأدلة الشرعية لإثبات النسب في الفراش والإقرار والبينة ، وقد يحدث تنازع بينها وبين الخبرة الطبية.

وفيما يلي سأتعرض لتنازع الخبرة الطبية مع الفراش ( الفقرة الأولى ) وتنازعها مع الإقرار ( الفقرة الثانية ) ومع البينة الشرعية ( الفقرة الثالثة ) ، وأثر ذلك كله على العمل القضائي في ميدان النسب .
 

الفقرة الأولى : تنازع الخبرة الطبية والفراش :

يواجه العمل بالبصمة الوراثية في ميدان النسب عائق كبير ، يتمثل في معارضة أغلب الفقه المعاصر للأخذ بها عند تنازعها مع الفراش المستجمع لشروطه[496] ، لأن الفقهاء السابقين اعتبروه  أقوى أدلة إثبات النسب ، استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش "[497] ، ذلك أنه متى وجد الفراش المستجمع لشروطه قدم على سائر وسائل إثبات النسب الأخرى ، ومن بينها القيافة الثابتة شرعا ، والبصمة الوراثية الثابتة بالقياس الأولى على القيافة[498] .

لتوضيح هذا الإشكال سأورد آراء بعض الفقهاء المعاصرين المناوئين للعمل بالبصمة الوراثية في ميدان النسب حالة قيام الفراش المستجمع لسائر شروطه :

       يقول الأستاذ إبراهيم بحماني ما يلي : " عندما يمكن نسبة الولد إلى والده شرعا ، فإنه لا يمكن اللجوء إلى التحليل الطبي لأن البنوة الشرعية تثبت بالفراش وبالوسائل المنصوص عليها فقها وفي المادة 152 [499] من المدونة "[500] .

ويقول نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا : " إن أدلة ثبوت النسب من الفراش الذي هو قيام حالة الزوجية والبينة أو الشهادة والإقرار إذا وجدت كلها أو بعضها فإنها تقدم على البصمة الوراثية ...." [501] .

      ويقول علي محي الدين القرة داغي : " فإمكانية إثبات النسب بالبصمة الوراثية واردة في غير الحالات التالية : 1- الفراش ، حيث عند وجوده لا يمكن للبصمة أن تدخل في إثبات النسب أو نفيه ..." [502] .

يفهم من قوله أنه لا يلتفت للبصمة الوراثية مع وجود الفراش ، حيث يرى أنه لا ينبغي فتح الباب لإثبات النسب أو نفيه بالبصمة الوراثية مع وجود الفراش ، لأن ذلك يؤدي إلى نزاعات ومشاكل حسمها الإسلام من خلال ثبوت النسب بالفراش وعدم نفيه إلا عن طريق اللعان[503] .

كما قرر المجمع الفقهي الإسلامي أن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لا بد أن يحاط بمنتهى الحذر والحيطة والسرية ، ولذلك لا بد من أن تقدم النصوص والقواعد الشرعية على البصمة الوراثية[504] ، ومعنى ذلك أنه في حالة تعارض نتائج تحاليل البصمة الوراثية مع دليل الفراش  يقدم هذا الأخير باعتباره أقوى الأدلة الشرعية لثبوت النسب .

والأمر ذاته سبق تقريره من طرف اللجنة العلمية المنبثقة عن المجمع الفقهي الإسلامي التي تشكلت بناء على قرار من المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الخامسة عشر ، إذ ورد في تقريرها عن البصمة الوراثية ما يلي : " إن نصوص الشريعة ودلالتها هي الأساس  فلا يقدم شيء عليها "[505] ، وأضاف التقرير  :  "  أن استعمالها في مجال النسب لا بد أن يحاط بمنتهى الحذر والحيطة ، ولذلك لا بد أن تقدم على البصمة الوراثية القواعد والمبادئ الشرعيـة ( مثل الولد للفراش وللعاهر الحجر، وأن نفي النسب الثابت بالفراش لا يكون إلا باللعان ) ، ولذلك لا بد أن يمنع استعمال البصمة الوراثية في نفي النســب الثابت "[506] .

وحسب خليفة علي الكعبي ، فإنه متى كان الفراش قائما ويقبل اللعان فلا يجب أن يعارضه ما هو أضعف منه ، ومعنى هذا أن كل نسب قائم على الفراش ويقبل اللعان فلا أثر للبصمة الوراثية عليه ، ومتى كان الفراش قائما ولا يقبل اللعان ، كالذي لا يولد لمثله أو مقطوع الخصيتين ، فراشهما ثابت وقائم لكنهما لا ينجبان بالاتفاق ، فينتفي الولد هنا بغير ملاعنة ، وإذا انتفى الولد بغير ملاعنة فلا أثر للبصمة الوراثية نهائيا ، لأن الحكم أقيم على حكم آخر وهو اختلال شرط من شروط ثبوت النسب ، وهو أن يولد لمثله ، فلما انعدم هذا الشرط كان منفيا بغير لعان ، فما دور البصمة الوراثية إذن هنا ؟ [507] .

والجدير بالذكر أن الآراء الفقهية المذكورة أعلاه لا ترفض العمل بالبصمة الوراثية في ميدان النسب بكيفية مطلقة ، وإنما تدعو إلى إعمالها في الحالات التي تعمل فيها القيافة ، كحالة التنازع حول مجهول النسب في غياب أي دليل آخر من الأدلة الشرعية أو عند تعارضها ، لأن البصمة الوراثية تستمد شرعيتها من القياس الأولى على القيافة التي كان يعمل بها السلف الصالح استنادا إلى الحديث النبوي الشريف فعن عائشة رضي الله عنها قالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال : " ألم تري أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال إن هذه الأقدام بعضها مـن بعض " [508].

غير أن بعض الفقه المغربي[509] ذهب إلى أبعد من ذلك : حيث دعا إلى عدم إعمال الأدلة العلمية في ثبوت النسب ونفيه ، وذكر بمناسبة التعليق على أحد قرارات المجلس الأعلى سالف الذكر[510] - القاضي برفض طلب نفي نسب بنت مزدادة بعد الطلاق داخل المدة الشرعية رغم أن تحاليل البصمة الوراثية تؤكد أنها ليست من صلب الزوج المطلق - أن : " الاتجاه الذي سار فيه المجلس الأعلى ، بمقتضى الحكم الحالي ، هو الذي ينسجم مع أحكام ومبادئ وأسس قانون الأحوال الشخصية الإسلامي ، إذ ما دامت وسائل إثبات النسب محددة انطلاقا من الحديث النبوي المشار إليه ، فلا داعي لإضافة وسائل أخرى مستحدثة ، بدعوى التقدم العلمي أو التطور التكنولوجي ، إذ لا اجتهاد مع مورد النص ، واعتبارا لأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) ، وبهذه المناسبة نؤيد ، من جهتنا ، حكم المجلس الأعلى ، الماثل ، فيما ذهب إليه ، بل وندعوه إلى أن يبدي نفس الحرص والصرامة والوضوح في أي حكم من أحكام مدونة الأسرة يمكن احتمالا ، أن يكون مخالفا لنص شرعي ، قطعي الثبوت والدلالة "[511] .

وما يميز هذا الرأي عن سابقيه هو رفضه الجازم للخبرة الطبية في ميدان النسب ، ليس فقط في ظل مدونة الأحوال الشخصية التي لم تتبن موقفا صريحا من إثبات النسب ونفيه بالخبرة الطبية ، بل حتى بعد صدور مدونة الأسرة التي نصت صراحة على  إمكانية اللجوء للخبرة الطبية في ميدان النسب إثباتا ونفيا ، ويتجلى هذا في تفسيره لموقف المجلس الأعلى في قراره السالف الذكر كما يلي : " إن حكم الغرف المجتمعة بالمجلس الأعلى ، صدر بالهيئة التي صدر عنها وبالدقة والوضوح اللذين ميزا لغته وحيثياته بعد نفاذ القانون رقم 70 لسنة 2003 بمثابة مدونة الأسرة التي أجازت في المادتين 16 و 153 منها إثبات النسب أو نفيه بجميع الوسائل وخاصة منها الخبرة ، الشيء الذي يؤكد بكل بداهة وجلاء ، أن إرادة المجلس الأعلى اتجهت إلى قطع الطريق في وجه أي اتجاه يرغب في اعتماد أي وسيلة أخرى من الوسائل الشرعية لإثبات النسب وخاصة منها الخبرة الطبية ، إذ أن من شأن الانحراف عن وسائل الإثبات الشرعية واعتماد الخبرة في النسب نسف للحديث النبوي الشريف  " الولد للفراش "[512] ، ومن ثم حرص المجلس الأعلى على تفسير أحكام مدونة الأسرة بالنسبة لمجال النسب ، بشكل يتم فيه غض الطرف عن الخبرة ، واعتبارها وكأنها غير موجودة "[513] .

هذا الرأي المناوئ للخبرة الطبية إذا اقتنع به  بعض المختصين من رجال القانون كالقضاة  ، فإنهم سيتلكؤون في إعمال النصوص القانونية التي تحيل على إمكانية اعتماد الخبرة الطبية لإثبات النسب ونفيه مستغلين الغموض الذي يكتنف بعضها ، كما مر معنا سابقا[514] ، هذا من جهة .

ومن جهة أخرى ، فقد يرسخ مثل هذا الرأي لدى عامة الناس عدم الاقتناع بالبصمة الوراثية كدليل لإثبات النسب ونفيه ، ومن ثم الشعور بانعدام العدالة وعدم الثقة في الجهاز القضائي كلما تم اللجوء إلى الخبرة الطبية في مجال النسب ، بدعوى أن القضاء يحكم بما لم تقره الشريعة الإسلامية .

كل هذا يؤدي إلى إضعاف مركز الخبرة الطبية التي تعتمد البصمة الوراثية في قضايا النسب .
 

الفقرة الثانية : تنازع الخبرة الطبية والإقرار

أخذا بآراء فقهاء الشريعة الإسلامية ، اعتبرت مدونة الأسرة الإقرار  سببا من أسباب لحوق النسب ، إذ جاء في المادة 152 منها ما يلي : "أسباب لحوق النسب :

1-  الفراش ؛

2-  الإقرار؛

3-  الشبهة "

كما اعتبرته وسيلة من وسائل إثبات النسب ، حيث جاء في المادة 158 منها ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب ..."

واستنبطت  مدونة الأسرة شروط الإقرار من المذاهب السنية الأربعة[515] حيث ورد في المادة 160 من مدونة الأسرة ما يلي :" يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقر به ولو في مرض الموت ، وفق الشروط الآتية : 

1-  أن يكون الأب المقر عاقلا ؛

2-  ألا يكون الولد المقر به معلوم النسب ؛

3-  أن لا يكذب المستلحق – بكسر الحاء – عقل أو عادة ؛

4-  أن يوافق المستلحق – بفتح الحاء – إذا كان رشيدا حين الاستلحاق ، وإذا استلحق قبل أن يبلغ سن الرشد ، فله الحق في أن يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سن الرشد .

إذا عين المستلحق الأم ، أمكنها الاعتراض بنفي الولد عنها أو الإدلاء بما يثبت صحة الاستلحاق . لكل من له المصلحة أن يطعن في صحة توفر شروط الاستلحاق المذكورة ، ما دام المستلحق حيا ."

والإقرار وسيلة ظنية لإثبات النسب ، لا تفيد القطع ولا اليقين لأن المقر قد لا يكون صادقا في إقراره[516] ، لذلك اشترط المشرع المغربي حسب المادة 160السالفة الذكر أن لا يكذب المقر عقل أو عادة ، ولا مفهوم للعقل أو العادة ، فالذي يؤخذ من الاجتهاد الفقهي هو عدم قبول الاستلحاق متى وجدت قرائن أو قامت بينة على كذبه ، ومؤدى هذا أن يكون الإقرار قائما على قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس[517] ، كأن يكون سن المقر مقاربا لسن المقر له أو أن تكون هناك استحالة لتلاقي المستلحق بأم الولد المستلحق[518] .

 وأضاف المشرع المغربي قيدا آخر على الإقرار يتمثل في موافقة المستلحق – بفتح الحاء - إذا كان رشيدا عند الاستلحاق ، أما إذا استلحق قبل بلوغ سن الرشد فقد منحت له المادة أعلاه الحق في أن يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه هذه السن ، وإذا كان المشرع المغربي لم يحدد الوسائل التي يمكن اعتمادها لدحض الإقرار فله أن يستند في دعواه إلى كل وسيلة من الوسائل الشرعية بما في ذلك الخبرة الطبية[519] التي تثبت استحالة تنسله من مستلحقه . 

وفي هذا الصدد أيدت محكمة الاستئناف الشرعية بعمان حكما لمحكمة أول درجة بعمان القاضي بإلحاق نسب البنت المدعية ( ن . ر) إلى أبيها وأمها الحقيقيين ( ر + ع ) المدعى عليه الثاني وزوجته ونفي نسبها عن مستلحقهـــا ( ص ) وزوجته ( ش ) المدعى عليه الأول وزوجته – الأبوين غير الحقيقيين – ومما جاء في حيثيات هذا القرار ما يلي : " وحيث ثبت بتقرير  الطبيب المؤيد بشهادته بأن الفحوصات الجينية المعروفة بالبصمة الوراثية تثبت بشكل حاسم ، أن المدعى عليه الأول وزوجته المدعوين ( ص – ش ) لا يمكن أن يكونا والديها أي والدي البنت .

فهذه الخبرة الطبية اليقينية تجعل الإقرار بالنسب مجروحا ولم تكتمل به شروط صحة الإقرار بالنسب ، ذلك أن الحقائق العلمية المسلم بها في الطب الشرعي الصحيح والتي لا يرقى إليها الشك تعتبر قرينة قاطعة في نفي النسب وليس في إثباته ، وحيثما ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان ، فثم شرع الله ودينه ، ولما كانت الخبرة الطبية قد أسفرت بشكل حاسم وقاطع ، عدم إمكانية  ثبوت نسب المدعية للمدعى عليهما  ( ص – ش ) المذكورين ، فيغدو الحكم بنفي المدعية منهما صحيحا" [520] .

أما بالنسبة للأم التي عينها المستلحق ، فإن المشرع المغربي خول لها إمكانيتين اثنتين :

 إما أن تنفي الولد عنها بالاعتماد على جميع الوسائل المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة الطبية لإثبات مثلا أنها لم يسبق لها أن ولدت لكونها بكرا أو عاقرا، أو أن تثبت أن لهذا الولد أما معروفة .

وإما أن تدلي بما يثبت صحة الاستلحاق ، الشيء الذي يمكن معه القول أن المشرع المغربي لم يخول الأم حق رد الإقرار عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للولد المستلحق .

وما لم ينتبه إليه المشرع المغربي هي الحالة التي يكون فيها المستلحق – بفتح الحاء – معروف الأم واستلحقه شخص تعلم الأم يقينا أنه ليس أباه ، لأن الطفل مولود من أحشائها وهي أدرى الناس بنسبه وأقرب الناس إليه بيولوجيا ونفسيا وعاطفيا[521] ، لذلك فهي لا تستطيع أن تنفي الولد عنها ، ولا أن تدلي بما يثبت صحة هذا الاستلحاق ليقينها بكذبه ، فهل من المعقول أن تحرم الأم من رد الإقرار وتجبر على انتظار بلوغ ابنها سن الرشد للقيام بذلك ؟ وهل من العدل حرمانها من اللجوء إلى تحاليل البصمة الوراثية مرتين : مرة لإثبات النسب الحقيقي[522] لابنها، ومرة أخرى لدفع النسب المزور عنه ؟ خاصة وأن العدل يقضي والحق يوجب نسبة الابن إلى أبيه الحقيقي لا لأبيه المزور ، والإسلام دين الحق والعدل[523] .

وما دام المشرع المغربي لم يبين الحل في هذه المسألة فيبقى الأمر موكولا للقضاء الذي قد يحجم عن الاستجابة لطلب الأم رد الإقرار الزائف خصوصا أن أغلب الفقه المعاصر[524] يرى أن الإقرار بالنسب يقدم على النفي بالبصمة الوراثية .

فالدكتور علي محي الدين القرة داغي يقول : " إمكانية إثبات النسب بالبصمة الوراثية واردة في غير الحالات التالية : ...2- ثبوت النسب بالبينة من الإقرار والشهادة ونحوهما ، حيث إذا ثبت بأية طريقة مقبولة شرعا فلا ينبغي التشكيك فيها ، وبعبارة أخرى : لا يجوز استخدام البصمة الوراثية لإبطال الأبوة الثابتة "[525] .

فحسب هذا الرأي ، لا يجوز إبطال نسب المستلحق – بفتح الحاء – استنادا إلى نتائج تحاليل البصمة الوراثية .

ويرى عمر بن محمد السبيل أنه في حالة ما إذا أقر رجل بنسب مجهول النسب ، وتوفرت شروط الإقرار بالنسب فإنه يلتحق به ، للإجماع على ثبوت النسب بمجرد الاستلحاق مع الإمكان ، فلا يجوز عندئذ عرضه على القافة لعدم المنازع فكذا البصمة الوراثية كالقافة في الحكم هنا[526] .

ويقول  نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا : " إن أدلة ثبوت النسب من الفراش الذي هو قيام حالة الزوجية والبينة أو الشهادة والإقرار إذا وجدت كلها أو بعضها فإنها تقدم على البصمة الوراثية "[527] .

فمتى كان القاضي مقتنعا بهذه الآراء الفقهية ، فإنه سيحاول ما أمكن تفادي اللجوء إلى تحاليل البصمة الوراثية لرد الإقرار، وقد يعمد بدل ذلك لتكليف المدعي بإثبات دعواه بوسائل الإثبات الأخرى ، خاصة أن المشرع المغربي لم يبين في المادة أعلاه الوسائل الممكن اعتمادها لرد الإقرار .

إشكال آخر قد يعيق اعتماد نتائج تحاليل البصمة الوراثية لنفي النسب الثابت بالإقرار،  يتمثل في عدم قبول فقهاء الشريعة الإسلامية رجوع المقر عن إقراره مهما كان الدافع على هذا الرجوع[528] ، فما العمل في حالة ما إذا أقر رجل بمجهول النسب ، وبعد فترة ثبت له يقينا أن ذلك الولد ليس ابنه ولا يمكن أن يكون من صلبه ، فطلب نفي نسبه عنه اعتمادا على نتائج تحاليل البصمة   الوراثية[529] ؟.

من الناحية الفقهية لا يقبل رجوع المقر عن إقراره ،  كما أن الفقه المعاصر يقدم الإقرار على البصمة الوراثية[530] ، ومن الناحية القانونية ليس هناك  نص صريح في مدونة الأسرة يسمح للمقر بالتراجع عن إقراره أو يمنع هذا التراجع ، وهذا يعني أن الأمر متروك لسلطة القاضي ، فإذا كان يؤمن بأن تراجع المقر عن إقراره غير ممكن ولا يلتفت إليه ، فإنه لن يستجيب لطلب المقر الراجع عن إقراره،  وسيعتمد المادة 400 من مدونة الأسرة التي تنص على ما يلي : " كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة ، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف " كدليل قانوني لرفض هذه الدعوى ، لأن الفقه المالكي لا يسمح بالرجوع عن الإقرار بالنسب ، وتغليبا لحق الطفل المجهول النسب والذي تدعمه قاعدة أن الشرع متشوف للحوق النسب [531].

أما إذا رأى القاضي أن دلائل الراجع عن إقراره قوية ، فإنه سيعمل على الاستجابة لطلب المقر الراجع عن إقراره ، ويمكنه الاستناد في ذلك  إلى كون المشرع المغربي منح الزوج حق نفي نسب ولده الثابت بفراش الزوجية استنادا إلى نتائج تحاليل البصمة الوراثية كلما أدلى بدلائل قوية على ادعائه ، فمن باب أولى قبول طلب المقر الراجع عن إقراره فربما كان إقراره نتيجة غلط أو جهل أو تدليس ...، كما يمكنه الاستناد إلى مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 160 من مدونة الأسرة لقبول هذه الدعوى ، إذ جاء فيها ما يلي : " لكل من له المصلحة ، أن يطعن في صحة توفر شروط الاستلحاق المذكورة ، ما دام المستلحق حيا " . فما دام المشرع منح لكل ذي مصلحة حق الطعن في توفر شروط الاستلحاق ، فمن باب أولى أن يكون للمقر حق الرجوع عن إقراره .

يضاف إلى كل ما سبق إشكال آخر يتمثل فيما لو أقر رجل بنسب ولد مجهول النسب وحكم القاضي بثبوت نسبه للمقر ، وصار الحكم نهائيا ، وتم تسجيل الولد المستلحق بكناش الحالة المدنية للمقر ، وبعد مدة جاء رجل آخر يدعي أبوته لذلك الولد طالبا من المحكمة الاعتماد على تحاليل البصمة الوراثية لإرجاع ولده إليه ، فهل من المتجه أن تستجيب المحكمة لطلبه أم أنه يمكنها رفض طلبه استقرارا للمعاملات ، وترجيحا للإقرار على البصمة الوراثية ؟

هذا الإشكال بدوره لم يرد بشأنه نص صريح في مدونة الأسرة ، وعليه فيبقى الأمر متروكا للقضاء الذي سيتأرجح موقفه بين قبول الدعوى واعتماد نتائج تحاليل البصمة الوراثية ، وبين رفض الدعوى حسب مدى اقتناعه بآراء أغلب الفقه المعاصر السالف الذكر .
 

الفقرة الثالثة : تنازع الخبرة الطبية والبينة الشرعية :

 أخذت مدونة الأسرة في المادة 158بالمعنى الخاص[532] للبينة وهو الشهادة  ، إذ جاء فيها ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب ، أو بشهادة عدلين ، أو ببينة السماع ، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية ".

والبينة أقوى من القيافة عند الجمهور[533] ، وقد تأثر معظم الفقهاء المعاصرين[534] بهذا الرأي ، فقدموا دليل الشهادة على الخبرة الطبية التي تعتمد البصمة الوراثية معللين رأيهم بأن الشهادة ثابتة بالقرآن والسنة والإجماع ، وتقديم البصمة الوراثية على الشهادة فيه تعطيل للنصوص الشرعية .

وهذا الرأي الفقهي يشكل عائقا أمام اعتماد البصمة الوراثية كدليل لإثبات النسب  .

ونجد هذا الرأي الفقهي بارزا في موقف المشرع المغربي من البصمة الوراثية : إذ يبدو من التأمل في نص المادة 158 أعلاه أن المشرع المغربي لم يقتنع بها تمام الاقتناع كدليل لإثبات النسب ، حيث لم يذكرها إلا عند نهاية هذه المادة في معرض تفسيره لعبارة : " وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا " ، مقدما عليها الإقرار الذي قد يحتمل الكذب وكذا شهادة من يجوز عليه الغلط والكذب والوهم[535] ، كما أنه لم يجعل منها وسيلة مستقلة بذاتها لإثبات النسب ، حين ذكرها معطوفة – بواو العطف - على أضعف وسيلة وهي بينة السماع لتتساندا معا وتنشئا دليلا شرعيا قويا لإثبات النسب حيث جاء في المادة 158 من مدونة الأسرة ما يلي :" ...أو بينة السماع ، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية ".

وبالمقابل هناك آراء فقهية[536] تقول بتقديم البصمة الوراثية على الشهادة ، لأن البصمة الوراثية تقوم على المشاهدة الحقيقية للصفات الوراثية القطعية دونما تشكك في ذمم الشهود ، و" لأن الأمر يرجع إلى كشف آلي مطبوع مسجل على صورة واقعية حقيقية للصفات الوراثية للإنسان ، والتي تتطابق في نصفها مع الأم الحقيقية ، ونصفها الآخر مع الأب الطبيعي ، فهل بعد ذلك يجوز أن نلتجئ لأدلة الظن ونترك دليل القطع ؟

إن وسائل إثبات النسب ليست أمورا تعبدية حتى نتحرج من تأخيرها بعد ظهور نعمة الله تعالى بالبصمة الوراثية "[537] .

وهذا الرأي الأخير مطابق إلى حد كبير لرأي الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله حيث قال : " إن الشبه نفسه من أقوى البينات ، فإنها اسم لما يبين الحق ويظهره ، وظهور الحق هاهنا بالشبه أقوى من ظهوره بشهادة من يجوز عليه الوهم والغلط والكذب ، وأقوى بكثير من فراش يقطع بعدم اجتماع الزوجيــن فيه"[538] .

فابن قيم الجوزية يقدم الشبه على الشهادة ، لأن الشهادة يمكن أن تقوم على الوهم والغلط والكذب ، أما الشبه ففي نظره بينة من أقوى البينات ، رغم أن استقراء الشبه آنذاك كان من اختصاص القافة بناء على الملاحظة العيانية الخارجية لأجسام الخصوم وجسم الولد المتنازع عليه ، مما يعني أن القائف قد يصيب وقد يخطئ ، فما بالنا اليوم وقد تمكن العلم من أن يكشف عن الشبه استنادا إلى المقارنة الجينية الباطنية التي لا مجال فيها للخطإ إلا من حيث الجهد البشري، ولكن لو تم التزام الضوابط السالفة الذكر[539] ، بما فيها تكرار تحاليل البصمة الوراثية ، وتعدد القائمين عليها وتوفرهم على الأهلية العلمية والخلقية ، فإن نتائجها ستكون مضمونة وسيطمئن إليها القضاء والمتقاضون .

وفي اعتقادي فإن الخبرة الطبية التي تعتمد تحاليل البصمة الوراثية أرقى من بينة الشهادة للأسباب التالية :

         أ - إذا كان الشاهد ملزما بأداء اليمين فإن الطبيب الخبير مطالب باليمين أيضا حسب الفصل59 من قانون المسطرة المدنية[540] .

         ب - إذا كانت بينة الشهادة التي يثبت بها النسب تقتصر على شهادة رجلين أو شهادة رجل وامرأتين[541] فإن تحاليل البصمة الوراثية تجرى بفريق من المختصين حسب تقرير للخبرة الطبية منجز من طرف المختبر الوطني للشرطة العلمية بالدار البيضاء[542] ، وحسب تصريح بعض المختصين في مختبر إدارة الأدلة الجنائية التابع لوزارة الداخلية بالسعودية ، فإن الانتقال من مرحلة الأخذ إلى مرحلة الفحص إلى مرحلة الاستكشاف إلى الوصول إلى النتائج يحتاط فيها من حيث وجود الشهود ، وعملية التسلم والتسليم حتى لا يحدث التزوير والانتحال أو غير ذلك ، كما أن التقرير الأخير  يوقع من طرف أربعة أشخاص من المسؤولين المباشرين للعمل ، إضافة إلى توقيع المدير[543] .

         ج - وإذا كانت الشهادة تقبل من كل شخص من عامة الناس ، فإن الخبراء القائمين على البصمة الوراثية يمتازون على الشهود العاديين بزيادة علمهم وحسن سلوكهم وأخلاقهم[544]  .
 

المطلب الثاني: الصعوبات الناجمة عن تنازع البصمة الوراثية واللعان

 

من المعلوم أن الذي يوجب اللعان هو القذف بالزنا للزوجة ، وهو نوعان: أحدهما بغير نفي الولد ، والثاني بنفي الولد ، وما يهمنا في هذا المطلب هو اللعان من أجل نفي الولد ، وهذا النوع هو الذي قصده المشرع المغربي في المادة 153 من مدونة الأسرة التي جاء فيها ما يلي : " يثبت الفراش بما تثبت به الزوجية .

يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب ، لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان ، أو بواسطة خبرة تفيد القطع بشرطين :

-              إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه .

-              صدور أمر قضائي بهذه الخبرة " .

فهذه المادة يتنازع فيها عاملان : عامل فراش الزوجية بشروطه المشددة المثبت للنسب ، وعامل اليقين الحاصل للزوج بزنى زوجته وبأن الولد ليس ولده [545] ، ولا شهود له على ذلك اليقين ، ففي هذه الحالة وضع الله سبحانه وتعالى للأزواج مخرجا وهو اللعان المفضي إلى سقوط النسب ، وأضاف المشرع المغربي ، في هذه المادة ،  للزوج حلا آخر ، يتمثل في طلب إجراء الخبرة الطبية القائمة على مقارنة البصمات الوراثية .

فحسب هذه المادة ، يكون القاضي أمام وسيلتين لنفي النسب : اللعان والخبرة الطبية . فما موقف الفقه المعاصر من اعتماد الخبرة الطبية كوسيلة موازية للعان لنفي النسب ؟

انقسمت مواقف الفقه المعاصر حول هذه المسألة إلى ثلاثة آراء أساسية ،  تتراوح ما بين التمسك باللعان وحده دون الالتفات إلى الخبرة الطبية ، والتمسك بالخبرة الطبية وحدها دون اعتبار اللعان ، مرورا بموقف وسط متمسك بالقواعد الشرعية المتمثلة في اللعان ومنفتح في ذات الوقت على أحدث نتائج العلم .

سأورد هذه المواقف على النحو التالي :

1- الرأي الأول : يرى أنه لا يجوز شرعا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب ولا يجوز تقديمها على اللعان[546] ، وفي هذا السياق يقول  عمر السبيل  : " فإن أصر الزوج على طلب اللعان للانتفاء من نسب المولود على فراشه فذلك حق له لا يجوز منعه منه بناء على ما ظهر من نتائج البصمة الوراثية من كون المولود المراد نفيه هو ابنه " [547] . ويؤكد الدكتور محمد التاويل ما يلي : " أما اعتماد الخبرة لنفي الولد عن الزوج فهو مخالف لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقضائه وقضاء الخلفاء من بعده ومذهب الصحابة وإجماع الأمة ، كما أنه مخالف لروح الشريعة الإسلامية ومقاصدها والقواعد الأصولية "[548] .

واستدل أصحاب هذا الرأي بأدلة منها :

       أ - أن قوله تعالى : "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعَ شَهَادَات " [549] صريح في لزوم اللعان ووجوبه في حالة إنكار الحمل ونفيه ، لأن قوله عز وجل : " فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ " مبتدأ خبره محذوف أي لازمة أو واجبة ، فتقدير الآية : " فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعَ شَهَادَات " لازمة وواجبة ، وبذلك تكون الآية الكريمة نصا قاطعا في وجوب اللعان ويتعين الاحتكام إليه في حال إنكار الزوج ولده ، أما الالتجاء إلى الخبرة الطبية وحدها دونه فبدعة منكرة ومخالفة واضحة لكتاب الله وتجاوز سافر لحكمه وإعـراض عنه[550] .

      ب - أن الأحكام الشرعية الثابتة لا يجوز إلغاؤها ، أو إبطال العمل بها إلا بنص شرعي يدل على نسخها ، وهو أمر مستحيل ، فكيف يجوز إلغاء حكم شرعي بناء على نظريات طبية مظنونة ؟[551]  والله عز وجل يقول : "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ "[552] .

      ج - أن اعتماد الخبرة الطبية مخالف لقضائه صلى الله عليه وسلم فيمن قذف زوجته وأنكر ولدها منه ، فإنه صلى الله عليه وسلم لاعن بين رجل وامرأته انتفى من ولدها ، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بأمه ، ولم يأمر صلى الله عليه وسلم بعرض الولد الذي نفاه الزوج على القافة لتلحقه بالزوج أو تنفيه عنه ، رغم أن القيافة كانت معروفة عند العرب قبل مجيء الإسلام ، وكانت محل ثقة واحترام عندهم ، يعتبرونها علما من علومهم ، يحتكمون إليها في إثبات النسب ، ولا يعترضون على أحكامها وقراراتها ، حتى جاء الإسلام وأقر ذلك على تفصيل ، وثقة الناس اليوم بالخبرة الطبية لا تقل عن ثقة العرب بالقيافة ، ورغم ذلك فلو كان العمل بها في نفي الولد مشروعا لرجع إليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولما لم يقض بعرض الولد على القافة ، دل ذلك على عدم اعتمادها في نفي من ولد على فراش الزوجية ، وأنه لا ينتفي إلا باللعان كما قضى الله ورسوله [553].

     د - أن الرسول صلى الله عليه وسلم ألغى الشبه ولم يعتد به ، وهو عمدة القافة الذي تعتمد عليه في إلحاق الولد بأبيه ، فدل ذلك على أنه لا عبرة بالشبه مع وجود الفراش ، وهو ما يدل عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن ولدت امرأته غلاما أسود ، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض بنفيه فلم يرخص له في الانتفاء منه ، وقال له : "هل لك من إبل ؟ " قال : نعم . قال : " فما ألوانها ؟ " قال : حمر .  قال : " هل فيها من أورق ؟ " قال : نعم . قال : " فأنى ذلك ؟ " قال: لعله نزعة عرق . قال : " فلعل ابنك هذا نزعة عرق" [554] . فإذا لم يصح الاعتماد على الشبه والقيافة في نفي الولد مع وجود الفراش ، لم يصح الاعتماد على الخبرة لنفي الولد مع وجود الفراش أيضا [555].

2 - الرأي الثاني : ومفاده أن الخبرة الطبية تغني عن اللعان[556] ، سواء أيدت نتائجها الزوج في ادعائه أو كذبته .

فحسب هذا الرأي الفقهي ، فإن النسب ينتفي عن الزوج استنادا إلى نتائج الخبرة الطبية من غير حاجة إلى اللعان ، مستندا على ما يلي :

 أ - أن فقهاء الشريعة الإسلامية قرروا أن الولد ينتفي من غير لعان إذا كان من ينسب إليه الولد لا يتصور نسبته إليه كالصبي[557] أو أن تأتي المرأة بالولد لأقل من ستة أشهر من العقد مع إمكانية الاتصال[558] ، وقد عللوا ذلك بأن اللعان يمين، واليمين إنما وضعت لتحقيق ما يحتمل الوقوع وعدمه ، وفي حالة تأكيد نتائج الخبرة الطبية أن الولد لا يحتمل أن يكون من الزوج ، فلم يحتج لنفيه إلى لعان.[559]

ب- أن اللعان يكون لسببين هما نفي الولد من الزوجة ، وإثبات الزنا لها ، وقد اشترط الفقهاء لتحقق هذين السببين انعدام الدليل الشرعي لدى الزوج ، فإن كان الزوج يمتلك الدليل الشرعي على ما يدعيه ، فلا وجه لإجراء اللعان، مصداقا لقوله تعالى:" وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ"[560]، فاشترطت عدم وجود الدليل الشرعي ، وإذا ثبت يقينا بالبصمة الوراثية أن الحمل أو الولد ليس من الزوج ، فما وجه إجراء اللعان ؟[561] ما دام الأطباء بإمكانهم إقامة البينة على ثبوت النسب أو نفيه ، فإنه لا معنى لتجاوز الخبرة في حل الإشكال إلى اللعان[562] .

هذا وقد ذهب بعض الفقه[563] إلى أبعد من ذلك ، بمطالبته بإلغاء اللعان كوسيلة لنفي النسب ، سيما وأن اللعان معطل عملا ، مبررا رأيه بما يلي :

-              أن اللعان يعتبر من الأحكام المعبر عنها بالوسيلية الصرفة ، وهي أحكام تتميز بكونها ليست مقصودة لذاتها نهائيا ، ومن ثم فهي قابلة للتغيير إذا فقدت الوسيلة قيمتها ووظيفتها ، أو تيسرت وسائل أخرى أفضل منها وأكثر تحقيقا للمقصود ، وهو ما ينطبق ولا شك على اللعان ، ذلك أنه كان ملائما لمستوى التطور الاجتماعي حين إقراره ، أما وقد أتيح لنا اليوم بفضل تطور العلم تنظيم هذه التدابير الوسيلية الصرفة ببدائل أكثر نجاعة وفاعلية ومصداقية ، فإن إقرار أحكامها وإحلالها محل ما جرى به العمل في الصدر الأول عمل مشروع وغير ممنوع ، لأن ما تم تغييره لم يكن تعبدا ولم يكن مقصودا ولا مصلحة في ذاته وإنما مصلحته بما يفضي إليه.

-               أن اللعان يحتكم في نفي النسب إلى الضمير ، وإلى الوازع الديني ، حين لم تكن هناك وسيلة أخرى توفر العلم والإثبات اليقينيين ، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لمتلاعنين : " الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما من تائب "[564]، أما وإن كان العلم يوفر وسيلة إثبات أو نفي قاطعة ، في الوقت الذي تأكد فيه فساد كثير من الذمم ، وتراجع فيه الوازع الديني لدى غير قليل من الناس، فإن المفروض أن نطبق قاعدة أن الشك يزول باليقين ، فيكون الأولى التمسك بما يفيد القطع والجزم[565] ، أي بنتائج تحاليل البصمة الوراثية .

3- الرأي الثالث : وهو رأي وسط يتموقع بين الرأيين السابقين ، حيث يتمسك باللعان كوسيلة شرعية لنفي النسب ، ولا يهمل نتائج الخبرة الطبية [566] ، وفيه اتجاهان : أولهما يقول بإجراء الخبرة الطبية قبل تمكين الزوج من اللعان ، فإن جاءت نتائجها مؤيدة للزوج مكن من اللعان ، وإن جاءت نتائجها مكذبة له منع منه، وثانيهما يقول بالاستجابة لطلب الزوج بشأن اللعان ، ثم يحتكم إلى الخبرة الطبية ، فإن جاءت نتائجها مؤيدة لادعاء الزوج انتفى الولد باللعان ، وإن جاءت نتائجها على عكس ذلك لا ينتفي الولد عن الزوج بلعانه وإنما يقتصر أثر اللعان على الفرقة بين الزوجين . وفيما يلي تفصيل ذلك :

           أ-  فالاتجاه الأول : يرى أن يجبر القاضي الزوج العازم على اللعان على إجراء اختبار البصمة الوراثية ، فإذا أظهرت نتيجة الخبرة أن الولد ولده لا يمكنه من اللعان ، وإذا أظهرت عكس ذلك فعليه اللعان [567] .

فنتائج البصمة الوراثية ، حسب هذا الاتجاه الفقهي ، تستغل لمنع اللعان إذا جاءت نتيجتها مؤكدة نسب الولد من الزوج الراغب في الملاعنة ، أما إذا أثبتت نتائج البصمة الوراثية أن الولد ليس ولده ، فلا ينتفي هذا الولد عنه إلا باللعان ، فرغم إجبار الزوج الراغب في الملاعنة على إجراء تحاليل البصمة الوراثية ، إلا أن نتيجة البصمة الوراثية تكون عاملة فقط في حالة إثباتها أن الولد منحدر من هذا الزوج ، حيث يمنع الزوج من اللعان ، أما نفي النسب فلا يكون نتيجة ما كشفت عنه تحاليل البصمة الوراثية من أن الولد ليس ولده ، وإنما يكون نفيه لزوما باللعان، وبمعنى آخر لا يمكن للبصمة الوراثية أن تحل محل اللعان في نفي النسب، وإنما يقتصر دورها على منع اللعان إذا أثبتت انحدار الولد من الزوج الراغب في اللعان . وقد علل رأيه بقوله : " صحيح أن الفقهاء قالوا إن لعان الزوج شرع لدرء حد القذف عن الزوج ، ولعان الزوجة لدرء العار والجلد عنها ، ولكنهم متفقون على أن النسب بعد ثبوته بالفراش لا ينفى شرعا إلا باللعان ، لما بني على اللعان من التغليظ للردع والزجر ، ولذلك شرع أن يكون في المسجد وأمام الناس ، ولما يحمله من حكم ومقاصد معتبرة للشارع ، وردع كبير لمنع التسرع في نفي النسب ، فلو فتح هذا الباب – وهو الاعتماد على البصمة الوراثية لنفي النسب والاكتفاء بها دون اللجوء إلى اللعان – لأدى ذلك إلى حالات خطيرة من حيث استسهال هذا اللجوء ، والتساهل في نفي النسب ، الذي يعتبر الحفاظ عليه من الضروريات ، وبالتالي إلى فوضى واضطراب في هذا الأمر الخطير ، الذي تترتب على أي تساهل فيه مفاسد عظيمة ، ولذلك لا بد من سد هذا الباب ومنع هذه الوسيلة والذريعة المؤدية إلى ذلك"[568] .

وإلى أقرب من هذا ذهب الدكتور يوسف القرضاوي حين قال : "إذا طلبت الزوجة من القاضي الشرعي أو من المحكمة الشرعية  الاحتكام إلى البصمة الوراثية ، فالواجب أن نستجيب لها[569] ، رعاية لحقها في إثبات براءتها ، وحق ولدها في إثبات نسبه ، وعملا على إراحة ضمير زوجها ، وإزالة الشك عنه "[570] .

ويفهم من هذا الرأي الأخير أنه لا يلجأ لتحاليل البصمة الوراثية إذا لم تطالب الزوجة بإجرائها لرغبتها في الستر ، وإنما يمكن الزوج من اللعان دون الاحتكام إلى البصمة الوراثية ، فتستفيد المرأة في هذه الحالة من شبهة اللعان . 

        ب - الاتجاه الثاني[571] : يرى أنه لا تعارض بين استخدام تحاليل البصمة الوراثية وبين اللعان ، فيكون للقاضي أن يجري الملاعنة بين الزوجين دون أن يعوقه ذلك في الاستجابة لطلب إجراء تحاليل البصمة الوراثية لمعرفة ما إذا كان الزوج الملاعن هو الأب الحقيقي للولد أم لا ، فإن جاءت نتيجة تحاليل البصمة الوراثية مؤكدة انتفاء النسب فلا مشكلة ، حيث يصبح اللعان سببا موجبا للفرقة بين الزوجين ، وينتفي به الولد عن الزوج ، فيتحد أثر اللعان في نفي النسب مع أثر تحاليل البصمة الوراثية التي أفادت أيضا انتفاء النسب ، وإن جاءت نتيجة تحاليل البصمة الوراثية تؤكد ثبوت النسب من الزوج الملاعن ، حكم القاضي بلزومه النسب ، دون أن يتعارض مع بقاء اللعان قائما كسبب للفرقة بين الزوجين، بل ليس هناك ما يمنع من سريان نفس الحكم ، حتى ولو كان القاضي قد سبق وقضى بترتيب اللعان لأثره في نفي النسب[572] .

وقد علل هذا الاتجاه موقفه بما يلي[573] :   

-              أن فقهاء الشريعة الإسلامية متفقون على أن للزوج أن يجري الملاعنة لنفي الولد عنه إذا لم يكن قد سبق له أن أقر بنسب ذلك الولد لا صراحة ولا ضمنا ، وإذا فرض أن عاد الزوج بعد الإقرار بالولد وتنصل منه ، كان للزوجة الحق في طلب إجراء اللعان ، وذلك لأن رجوعه في الإقرار بالنسب يعد اتهاما لها بالزنا ، ومن ثم فلها أن تدفع عنها هذا الاتهام بطلب إجراء الملاعنة بينها وبين زوجها ،  إلا أن إجراء الملاعنة لا يؤدي إلى قطع النسب عن الزوج ، فيبقى الولد منسوبا إليه ويجرى اللعان دفعا للعار عن الزوجة .

-              أن فقهاء الشريعة الإسلامية متفقون على أن الزوج إذا كذب نفسه بعد الملاعنة ، ترتب عن هذا التكذيب ثبوت النسب منه ، رغم استمرار اللعان سببا للفرقة بين الزوجين ، مما يعني أن إجراء اللعان يبقى قائما صحيحا بالنسبة للفرقة بين الزوجين ، لكن أثره في نفي النسب يتعطل .

والأمر ذاته ينطبق على تحاليل البصمة الوراثية : ذلك أنه إذا جاءت نتيجتها مؤكدة أن الزوج هو الأب البيولوجي للطفل ، يعد هذا تكذيبا للزوج ، يجب أن يؤدي إلى لزوم النسب رغم سبق إجراء اللعان ، بل وحتى ولو سبق وقضى القاضي بترتيب اللعان لأثره في نفي النسب[574] .

-              أن انتفاء النسب بطريق اللعان يقوم على الشك لا على اليقين ، ذلك أنه حتى في حالة ترتيب اللعان لأثره في نفي النسب ، فإن فقهاء الشريعة الإسلامية حددوا مركز الولد في مواجهة الزوج الملاعن بطريقة تلائم احتمال كذب هذا الأخير أو خطئه وتسرعه في ادعاءاته ، حيث اعتبروا ولد الملاعنة في علاقته بالملاعن كالإبن في غير الأحكام المتعلقة بالنفقة والإرث ، فلا تقبل مثلا شهادة الملاعن وأصوله لمن نفى نسبه باللعان ، ولا شهادة هذا الأخير وفروعه لمن نفاه ولا لأصوله ، كما لا يقتل الملاعن في الولد الذي نفاه باللعان كما لو قتل الأب ولده .

وقد جاء هذا الرأي الفقهي موافقا لرأي دار الإفتاء المصرية في قضية عرضت على القضاء المصري تتعلق بنفي نسب البنت ( ب ) استنادا إلى كون الدخول كان والمرأة حامل من أربعة أشهر ، حيث استجابت المحكمة لطلب الزوج بنفي نسب البنت عن طريق اللعان ، وتمت الملاعنة فعلا ، وبعد ذلك ، أجابت المحكمة الزوجة لطلبها الرامي إلى إجراء تحاليل البصمة الوراثية ، حيث أحالت الزوجة والزوج والطفلة إلى الطب الشرعي الذي أثبت أن البنت بنت للزوج الملاعن ، فقررت المحكمة عرض القضية على دار الإفتاء المصرية ، وقد جاء قرارها كالتالي :

أ – يفرق بين الزوجين المتلاعنيين ولا يجتمعان أبدا .

ب - يثبت نسب الطفلة إلى والدها ولا ينتفي عنه [575] .

حيث قصرت أثر اللعان لدرء الحد عن الزوج والتفريق بين الزوجين ، وأعملت نتيجة التحاليل الطبية لإثبات نسب الطفلة إلى والدها ، مستندة في ذلك إلى أنه لا يوجد ما يمنع من نسب الطفلة إلى كل من أبويها ، لأنه يعمل بالدليل العلمي قياسا على إثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم النسب بالشبه للزوج صاحب الفراش في الشكل ، كما هو واضح في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن هلال بن أمية حيث قال : " إن جاءت به أصيهب أريضخ أثيبج حمش الساقين فهو لهلال ، وإن جاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين سابغ الإليتين فهو للذي رميت به – وهو شريك ابن سمحاء كما في رواية البوخاري – فجاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين سابغ الإليتين - أي شبيها لشريك بن سمحاء الذي رميت به – فقال صلى الله عليه وسلم: " لولا الأيمان لكان لي ولها شأن "[576] ، حيث أفاد هذا الحديث أنه حتى ولو تمت الملاعنة بين الزوجين وولد الطفل شبيها بالزوج صاحب الفراش فإنه ينسب له ولا ينتفى عنه ، ويقاس على ذلك من باب أولى ما يقرره العلم عن طريق  الفحوصات والتحاليل الطبية المثبتة للنسب لأنه أقوى من مجرد التشابه في الشكل الذي أخذ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات النسب .

يتجلى مما سبق أن الجدل الدائر بين الفقهاء المعاصرين في شأن العلاقة بين الخبرة الطبية كوسيلة علمية لنفي النسب واللعان بوصفه وسيلة شرعية لنفيه ، وتشعب آرائهم أحيانا وتناقضها أحيانا أخرى  ، لدليل قاطع على عمق الإشكالية المرتبطة بإعمال الخبرة الطبية كوسيلة لنفي النسب أمام المحاكم .

لهذا يمكن القول بأن المشرع المغربي كان صائبا حين فسح المجال أمام الزوج الراغب في نفي النسب للاختيار بين الطريقة الشرعية المتمثلة في اللعان ، والطريقة العلمية المتمثلة في مقارنة البصمات الوراثية ، وحين مكن الزوجة من حقها في المطالبة بالخبرة الطبية في حالة اقتصار الزوج علــى طلب اللعان [577] ، وذلك من أجل صيانة عرضها ونسب ابنها ، والحفاظ على كيان الأسرة بالتخفيف من غضب الزوج إذا جاءت نتيجة الخبرة الطبية مكذبة له، أو على الأقل الحفاظ على نسب الطفل فقط ، لأن الابن قد يكون من صلب الزوج رغم تيقن الزوج من واقعة زنى زوجته .

بناء على هذا ، فعلى القضاء المغربي أن يضع في الحسبان أن قاعدة الشرع متشوف للحوق النسب ، تقابلها قاعدة أخرى لا تقل عنها أهمية ألا وهي أن الشارع متشوف إلى الحقيقة [578] ، ومؤدى ذلك أن على القضاء المغربي أن يسهر على لحوق النسب الحقيقي ، ولن يتأتى له ذلك إلا بالأخذ بالوسيلتين معا : اللعان والخبرة الطبية من غير الانتصارلا لهذه ولا لتلك .



خاتمـــــة

 

ختاما يمكن القول أن المشرع المغربي أحسن صنعا حين نص في مدونة الأسرة على أحد أهم نتائج التقدم البيولوجي ألا وهو البصمة الوراثية كوسيلة لإثبات النسب ونفيه إلى جانب وسائل الإثبات أو النفي الشرعية ، خاصة وأن فقهاء الشريعة الإسلامية كانوا يعتمدون على أهل الخبرة ، وهم القافة ، للفصل  في دعاوي النسب كلما تعذر الاحتكام إلى الأدلة الأخرى ، أو تساوت البينات أو تعارضت على ما سبق بيانه .

فكما لا يخفى على أحد يعود استعمال هذه الوسيلة العلمية في ميدان النسب بعظيم الفائدة على الطفل والأسرة والمجتمع ككل ، لولا ارتفاع تكاليفها ، وعوز شرائح واسعة من المجتمع المغربي .

فهي تمكن الطفل من حقه في الانتساب إلى من تسبب في إيجاده في هذه الدنيا ، وتحميه من أن يتعرض للتشرد والضياع ، وتحمي الأب من أن ينسب إليه من ليس من صلبه ، وتقي الأم من أن تكون عرضة للاتهام وسوء الظن ، ومن تنكر الخاطب أو الزوج لها في حالة الزواج غير الموثق ، ومن ثم التقليل من  آفتين خطيرتين وهما ظاهرة الخيانة الزوجية وظاهرة الأطفال المتخلى عنهم .

إلا أن الخوض في غمار هذا البحث المتواضع كشف لنا عن قصور تشريعي في تنظيم إعمال هذه الوسيلة العلمية في ميدان النسب ، وهذا يستدعي تدخل المشرع المغربي  من أجل :

أ - التنصيص صراحة على مبدأ حرمة الجسد مع إيراد حل موحد يهتدي به القضاء المغربي في حالة امتناع الخصم عن الخضوع لتحاليل البصمة الوراثية من أجل إثبات النسب أو نفيه .

ب - ضمان مساواة المواطنين أمام القضاء من خلال سد الفراغ التشريعي بنصوص ملائمة للواقع وواضحة الدلالة من أجل التقليص من السلطة التقديرية للقاضي حين ينظر في دعاوى نفي النسب .

ج - التنصيص صراحة على عدم تقادم دعوى إثبات النسب أو نفيه مهما طالت المدة الفاصلة بين تاريخ ازدياد المولود وتاريخ رفع الدعوى.

د -  تجريم اللجوء إلى التحاليل الجينية خارج الإطار القضائي من أجل التحقق من النسب ، ومنع المختبرات غير المرخص لها من إجراء التحاليل الجينية الرامية إلى التحقق من النسب .

 ﻫ - تنظيم اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي ، خاصة وأن اللجوء إليه أصبح واقعا وحقيقة لا خيالا واحتمالا .

وحتى يتسنى للمشرع مسايرة التطورات التكنولوجية والبيولوجية أرى من الضروري تأسيس لجنة أخلاقية تتكون من خبراء من اختصاصات مختلفة ، دورها مساعدة المشرع المغربي على سن نصوص قانونية تضبط تطبيقات التطور التكنولوجي والبيولوجي حتى لا تنتهك كرامة الإنسان وحقوقه .

وأخيرا لا أدعي أنني استوفيت هذا الموضوع حقه من الدراسة والتحليل  لأنه وإن كان يبدو لأول وهلة ضيقا ، غير أنه كلما غصت فيه ازداد اتساعا  وتشعبا وارتباطا بمواضيع أخرى ، فهو بالتالي يستحق دراسة أكثر عمقا وشمولية. 

 

 


[1] أنور محمود دبور – إثبات النسب بطريق القيافة في الفقه الإسلامي –طبعة 1985م دار الثقافة العربية – القاهرة – ص 3 .

[2] -أستاذنا الحسين بلحساني – قواعد إثبات النسب و التقنيات الحديثة – المجلة المغربية للاقتصاد و القانون –العدد السادس –أكتوبر 2002م – ص 75 .  2002م – ص 75 . 

- محمد عقله – نظام الأسرة في الإسلام – ج . 2 و 3 – الطبعة الأولى – 1983 م – مطبعة الشرق ومكتبتها – عمان – ص 275

[3]  موفق الدين بن قدامة – المغني – ج . 6 – الطبعة الأولى – 1985 م – دار إحياء التراث العربي – ص . 47 .

[4] ابن قيم الجوزية – الطرق الحكمية  – دون رقم الطبعة ولا تاريخها – نشر مكتبة دار البيان – ص . 191 .

[5] وزارة العدل – دليل عملي لمدونة الأسرة –منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية –سلسلة الشروح و الدلائل –العدد الأول – طبعة 2004-مطبعة فضالة –المحمدية-  ص 99 .

[6]  ويقصد بها قياسة الإناسية أي أقيسة الجسم البشري

- جبور عبد النور ، سهيل إدريس – المنهل ، قاموس فرنسي عربي – الطبعة العاشرة 1989 – دار العلم للملايين – بيروت – ص 53

- القياسات الانترويومترية هي طريقة للتحقق من هوية الأشخاص ترتكز على قياسات طول القامة والرأس وطول الوسطى ، والخنصر والذراع والقدم ...وتسمح هذه القياسات بتصنيف الأشخاص إلى مجموعات .

-                     Samuel Bertrand -   Modelisation  Geometrique 3 D in Vivod  Du Tronc Humain à partir de

L 'imageur basse Dose EOS-  Thèse présentée pour obtenir le grade de Docteur de l' école nationale supérieure D 'arts et Métiers spécialité  Biomécanique  - centre de paris-  N° d 'ordre 2005  / 20 soutenue le 17 octobre 2005 - p 4 .

[7]أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج 2 –  آثار الولادة والأهلية والنيابة القانونية - الطبعة الأولى 1994 – مطبعة المعارف الجديدة – الرباط – ص 6 .

[8] سعد الدين مسعد هلالي – البصمة الوراثية وعلاقتها الشرعية ، دراسة فقهية مقارنة 2001 م – مجلس النشر العلمي – جامعة الكويت –ص 295 وما بعدها .

[9] عمر بن محمد السبيل – البصمة الوراثية ومدى مشروعية استخدامها في النسب والجناية – مجلة المجمع الفقهي الإسلامي –العدد     15 - السنة 13- 2002 م– ص51  .

[10]  سعد الدين مسعد هلالي – م س – ص . 298 وما بعدها  .

[11]  محمد بن  منظور  – لسان العرب – ج 6 – دون طبعة ولا سنة الطبع –  دار صادر-  بيروت – لبنان - ص 326  .

[12]  الآية 34 من سورة الواقعة  .

[13]  محمد بن منظور – م . س – ج .6 --ص 327 .

[14]  الشريف علي بن محمد الجرجاني – التعريفات – طبعة 1995 - دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – ص 166  .

[15] محمد مصطفى شلبي – أحكام الأسرة في الإسلام دراسة مقارنة بين فقه المذاهب السنية والمذهب الجعفري والقانون – الطبعة الرابعة – 1983 م – الدار الجامعية للطباعة والنشر – بيروت - ص 703 .

[16] أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية – الطبعة الخامسة – 2000 م – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء –  ص 397  .

-          محمد عزمي البكري – موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية – طبعة 1990 م / 1991 م– دار محمود للنشر والتوزيع – ص 449 .

-          علي حسين الفطناسي – دراسات في النسب – الطبعة الأولى 1985 م – التعاضدية العمالية للطباعة والنشر – صفاقس – تونس – ص 95 .

[17] - البخاري- صحيح البخاري- ضبط : صدقي جميل العطار – المجلد الرابع – كتاب الأحكام -  طبعة 2003 م – دار الفكر – بيروت – لبنان –  حديث رقم 7182  - ص . 362 . 

[18] محمد مصطفى شلبي – م . س . – ص 704 .

-          محمد محي الدين عبد الحميد – الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية مع الإشارة إلى مقابلها في الشرائع الأخرى – الطبعة الثانية – 1958م – م . السعادة بمصر – ص 368 .

-          عبد الله الدرقاوي – إثبات النسب بين الشريعة والقانون على ضوء قانون الأسرة – مجلة البحوث – العدد  الرابع – السنة الثالثة – يونيو 2005 م – ص 107 .

[19] - محمد محي الدين عبد الحميد – م . س – ص 39 .

      - عبد القادر لطفي – الحالة المدنية وإثبات النسب – مجلة الدفاع – العدد 3 - فبراير 2002 م – ص 47 .

[20] عبد الله الدرقاوي – م . س – ص 107 .

[21] أحمد فراج حسين – أحكام الأسرة في الإسلام – طبعة 1998م – الدار الجامعية – بيروت – ص 247 .

[22]- زين الدين  بن نجيم – البحر الرائق شرح كنز الدقائق –ج . 4 – الطبعة الثانية – دون تاريخ الطبعة -  دار الكتاب الإسلامي– ص . 170 .

- كمال الدين بن الهمام –– فتح القدير – ج . 4 -  دون طبعة ولا تاريخ الطبعة– ص 363 .

-  علاء الدين المرداوي – الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل – تحقيق محمد حامد الفقي – ج . 9 – الطبعة الأولى – 1957 م -  دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان– ص . 274 .

[23]  الآية 15 من سورة الأحقاف .

[24]  الآية 14 من سورة لقمان .

[25]  أبو بكر الكاساني – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – ج . 3 – الطبعة الثانية – 1986 م – دار الكتب العلمية – ص . 211  .

[26] قرار عدد 7 صادر بتاريخ 18 / 1 / 1994 في الملف العقاري رقم 6251 / 92 – أورده : خالد بنيس –  قاموس الأحوال الشخصية والميراث – طبعة 1998م- ص 50 .

[27]  قرار رقم 47 صادر بتاريخ 24 / 6 / 1972 - أورده :عبد العزيز توفيق – التعليق على مدونة الأحوال الشخصية بقضاء المجلس الأعلى ومحاكم النقض العربية خلال أربعين سنة – الطبعة الأولى – 1998 م – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء -  ص . 88 .

[28]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 – م . س – ص 38 .

[29]  أحمد الغازي الحسيني – الولد للفراش - مجلة القضاء والقانون – العدد129 – السنة الثامنة عشرة – يوليوز 1979 – ص 34

[30] -  كمال الدين  ابن الهمام– م . س – ج . 4 -  ص 351 .

     - زين الدين  بن نجيم – م . س – ج . 4 - ص . 170 .

[31] - محمد بن رشد القرطبي – بداية المجتهد ونهاية المقتصد – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة – 1978 م -  دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت – لبنان – ص 358 .  

-  ابن قيم الجوزية – زاد المعاد في هدي خير العباد – تحقيق شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط – ج 5 – الطبعة الرابعة عشرة 1986 – مؤسسة الرسالة – بيروت – ص 415 .

[32]  ابن تيمية – الاختيارات الفقهية – تحقيق محمد حامد الفقه – دون طبعة ولا تاريخ الطبع -  دار المعرفة – بيروت – ص 278 . 

[33] ابن قيم الجوزية – زاد المعاد في هدي خير العباد – م . س -   ج 5  –   ص 415 .

[34] قرار رقم 1303 بتاريخ 22/10/1991 – ملف أحوال شخصية عدد 6596/89 – قرارات المجلس الأعلى - من أهم القرارات الصادرة عن غرفة الأحوال الشخصية والميراث - 1962 ، 1995 – منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين – مطبعة المعارف الجديدة – الرباط – ص 145 .

[35] هناك طريق آخر للحمل غير الطريق العادي {أي الوطء } وهو التلقيح الاصطناعي .

[36]  قانون رقم 2001 – 052 الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2001 يتضمن مدونة الأحوال الشخصية الموريتاني .

[37]  قانون رقم 20 لسنة 1992 بشأن الأحوال الشخصية وتعديلاته اليمني .

[38]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية - ج . 2  - م . س -  ص 39  .

[39]  أحمد الغازي الحسيني – الولد للفراش –م . س - ص 34 .

 -[40] موفق الدين بن قدامة – المغني – ج . 8 -  الطبعة الأولى – 1985 م– دار إحياء التراث العربي – ص 100 وما بعدها .

-          منصور بن يونس البهوتي – كشاف القناع عن متن الإقناع – ج . 5 – طبعة 1982 م – دار الفكر - بيروت– ص .  408 وما بعدها .

-          كمال الدين  بن الهمام – م . س – ج . 4 – ص 351 .

-          علاء الدين  المرداوي –– م .س – ج . 9 -  ص 260 و ص 273 .

-          زين الدين بن نجيم – م . س – ج .4 – ص .170 .

[41] للاطلاع على آراء الفقهاء حول علامات البلوغ أنظر – أبو عبد الله محمد  القرطبي – الجامع لأحكام القرآن – المجلد الثالث – الجزء الخامس – 1967 – طبعة مصورة عن  طبعة دار الكتب – دار الكاتب العربي للطباعة والنشر – القاهرة – ص 34 وما بعدها .

[42]  - جلال الدين السيوطي – الأشباه والنظائر في الفروع وبهامشه كتاب المواهب السنية على شرح الفرائد البهية نظم القواعد الفقهية للعلامة أبي بكر الأهدل اليمني الشافعي – دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بدون طبعة ولا تاريـخ الطبعة– ص 144 . 

    - فخر الدين الزيلعي – تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق – ج . 5 – الطبعة الأولى – 1310 ه – المطبعة الكبرى الأميرية – بولاق – مصر المحمدية – ص 203 .

[43] محمد عليش - منح الجليل شرح  مختصر خليل – ج 3 -  طبعة 1989 م – دار الفكر – ص166 وما بعدها . 

[44] - موفق الدين بن قدامة – المغني -  طبعة 1985 م -  م . س – ج . 4 -  ص . 298 وما بعدها .

      - أبو بكر الكاساني – م . س   - ج . 7–  ص . 173 .

[45] جاء في الفقرة أ من المادة السادسة من القانون الليبي رقم 10 لسنة 1984 الصادر في 19 أبريل 1984 بشأن الزواج والطلاق   وآثارهما ما يلي : " يشترط في أهلية الزواج العقل والبلوغ . "

[46] جاء في الفصل 5 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية  ما يلي : " يجب أن يكون كل من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية وزيادة على ذلك فكل من لم يبلغ عشرين سنة كاملة من الرجال وسبع عشرة سنة كاملة من النساء لا يمكنه أن يبرم عقد الزواج . وإبرام عقد الزواج دون السن المقرر يتوقف على إذن خاص من الحاكم ، ولا يعطي الإذن المذكور إلا لأسباب خطيرة وللمصلحة الواضحة للزوجين ."

[47]  تنص المادة 6 من القانون رقم 2001 – 052 الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2001 يتضمن مدونة الأحوال الشخصية الموريتاني على ما يلي : " تكمل أهلية الزواج بالعقل وإتمام الثماني عشرة من العمر . " 

[48]  - موفق الدين بن قدامة – المغني – طبعة 1985 م – م . س  – ج .8  – ص  . 100 وما بعدها

     - -علاء الدين المرداوي – م . س – ج . 9 – ص . 261 .

[49]  - الشيرازي – المهذب في فقه الإمام الشافعي  –  ج 2 –  دون طبعة ولا تاريخ الطبعة – دار الفكر - ص 154 .

    - منصور بن يونس البهوتي – كشاف القناع عن متن الإقناع -  م . س – ج . 5 – ص 407 .

[50] الإمام  مالك ابن أنس الأصبحي رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوفي عن الإمام عبد الرحمان بن قاسم – المدونة الكبرى – ج . 5  -  دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بدون طبعة ولا تاريخ الطبعة –  ص 126 و ما بعدها  .

[51]  أحمد الغازي الحسيني – الولد للفراش –م . س - ص 34 .

[52]جاء في الفصل 85 من مدونة الأحوال الشخصية ما يلي:" الولد للفراش إن مضى على عقد الزواج أقل مدة الحمل وأمكن الاتصال ..."

[53]جاء في المادة  154 من مدونة الأسرة ما يلي : " يثبت نسب الولد بفراش الزوجية :

           1- إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن الاتصال ..."

[54] - الإمام الباجي - المنتقي شرح موطأ  الإمام مالك  - ج . 4 - الطبعة الأولى – 1332 ه – دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان– ص 82 .

     -  أبو بكر الكاساني –   م . س  - ج . 3 – ص 211 وما بعدها 

    - محمد رشدي محمد إسماعيل – أحكام الحمل في الشريعة الإسلامية – الطبعة الأولى  - 1977  و 1978 – مطبعة الجبلاوي – شبرا – ص 33 .

 - محمد مصطفى شلبي  - -م .س -  ص 709 .

[55] شمس الدين  بن عرفة الدسوقي – حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير المسمى منح القدير على مختصر خليل – ج . 2 بدون طبعة ولا تاريخ الطبعة -– المكتبة التجارية الكبرى – توزيع دار الكتب – بيروت – ص 130 .

[56]- علاء الدين المرداوي – م . س – ج . 9 – ص .274 .

     - ابن قدامة – المغني – طبعة 1985 م -  م . س – ص 476 و ما بعدها  .

[57] محمد بن رشد القرطبي – م . س  – ج 2 – ص 358 .

[58] كمال الدين بن الهمام – م . س – ج . 4 – ص . 363

[59] ابن حزم – المحلى– تحقيق الشيخ أحمد شاكر – ج . 10 – دون طبعة ولا تاريخ الطبعة -  دار الفكر – بيروت – ص 316 و 317 

[60] François-paul blan- le désaveu de paternité en droit marocain-serment d' anathème ou preuve génétique-remald-.n.56-mai 2004-p173.

[61] تنص المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 م الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المصري على ما يلي : " لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها ولا لولد المطلقة المتوفى عنها زوجها أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة ." 

 [62]ينص الفصل 69 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية على ما يلي : " لا يثبت النسب عند الإنكار لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها ولا لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها أو من وفاته أو من تاريخ الطلاق "

 - [63]تنص المادة 61 من القانون رقم 052- 2001 الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2001 م يتضمن مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية على ما يلي : " أقصى أمد الحمل سنة قمرية

غير أنه إذا كانت هناك ريبة في الحمل بعد هذه المدة رفع المعني أمره إلى القاضي ليستعين بالخبرة الطبية "

     - ينص الفصل 76 من مدونة الأحوال الشخصية المغربية على ما يلي : " أقصى أمد الحمل سنة من تاريخ الطلاق أو الوفاة فإذا انقضت السنة وبقيت الريبة في الحمل رفع من يهمه الأمر أمره إلى القاضي ليستعين ببعض الخبراء من الأطباء على التوصل إلى الحل الذي يفضي إلى الحكم بانتهاء العدة أو امتدادها إلى أجل يراه الأطباء ضروريا لمعرفة ما في البطن هل علة أم حمل "

[64] تنص المادة 57 من مدونة الأسرة على ما يلي : "  يكون الزواج باطلا :

    1 – إذا اختل فيه أحد الأركان المنصوص عليها في المادة 10 أعلاه ،

    2 – إذا وجد بين الزوجين أحد موانع الزواج المنصوص عليها في المواد 35 إلى 39 أعلاه ،

     3 – إذا انعدم التطابق بين الإيجاب والقبول . "

[65] إبراهيم بحماني – نسب الأبناء في الزواج الفاسد – مجلة القضاء والقانون – العدد 149 – السنة 31 –  ص . 26 .

[66] تنص المادة 58 من مدونة الأسرة على ما يلي : " ...كما يترتب عليه عند حسن النية لحوق النسب وحرمة المصاهرة . "

[67]أستاذنا إدريس الفاخوري – الزواج والطلاق في مدونة الأحوال الشخصية وفقا لآخر التعديلات ، ظهير 10/ 9 / 1993 – الطبعة السادسة  -  1999 م – دار النشر الجسور – وجدة – ص 207 .

[68]جاء في المادة 59 من مدونة الأسرة ما يلي : " يكون الزواج فاسدا إذا اختل فيه شرط من شروط صحته ..."

[69] تنص المادة 64 من مدونة الأسرة على ما يلي : ..." وتترتب عنه بعد البناء آثار العقد الصحيح ."

[70]  - أستاذنا محمد الكشبور –  الوسيط في قانون الأحوال الشخصية - م . س – ص 402

      - محمد الشافعي – أحكام الأسرة في ضوء مدونة الأحوال الشخصية – الطبعة الثانية 1998م – دار وليلي للطباعة والنشر – مراكش – ص 239 .

[71] أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية -  ج . 2 -  م . س – ص 51 .

[72] وهبة الزحيلي – الفقه الإسلامي وأدلته – ج 7 – الطبعة الثالثة – 1989 م – دار الفكر – دمشق – ص 688 .

[73] للتوسع في الموضوع أنظر : - فخر الدين الزيلعي – م . س  – ج .3 – ص 175 .

     - محمد محي الدين عبد الحميد – م . س – ص 375 .

      – عبد الكريم شهبون – شرح مدونة الأحوال الشخصية المغربية – ج 1 – طبعة 1987م – مكتبة المعارف – الرباط -  ص 355

و بعدها . 

[74] ينص الفصل 87 على ما يلي : " الخالية من الزوج إذا وطئت بشبهة وجاءت بولد ما بين أقل مدة الحمل وأكثرها يثبت نسبه من الواطئ. "

[75] تنص المادة 156 على ما يلي : إذا تمت الخطوبة ، وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة ، ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط التالية :

    أ – إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ووافق ولي الزوجة عند الاقتضاء ،

   ب – إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة ،

   ج – إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما .

  تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن .

 إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه ، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب . "

[76]  سعاد رحائم – مدونة الأسرة بين الاجتهاد الشرعي والنص القانوني – مكتبة الأمة – الدار البيضاء – ص 87 و ما بعدها  .

[77]  ابن منظور – م . س – ج . 5 – ص  88 .

[78] محمد الأنصاري الرصاع – شرح حدود ابن عرفة – الموسوم الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية  - تحقيق محمد أبو الأجفان والطاهر المعموري – ج 2 – الطبعة الأولى -  1993 م – دار الغرب الإسلامي – بيروت لبنان –  ص 443 .

[79]  محمد الأنصاري الرصاع –  ج 2 – م . س – ص 446 .

[80]   محمد عليش -   م . س  – ج . 6 – ص . 472 وما بعدها  .

 [81] أبو بكر الكاساني – م . س -  ج . 7 – ص 229  . 

[82] ينص الفصل 93 من مدونة الأحوال الشخصية على ما يلي : " الإقرار بما فيه تحميل النسب على الغير كابن الإبنة والجد والأخوة والعمومة وبنوة العم لا يثبت به النسب ..."

[83] تنص المادة 161 من مدونة الأسرة على ما يلي : " لا يثبت النسب بإقرار غير الأب "

[84] علاء الدين  المرداوي – ج . 12 –  ص  149  .  

[85] أبو يحيى زكريا الأنصاري الشافعي – أسنى المطالب شرح روض الطالب -  ضبط نصه وخرج أحاديثه وعلق عليه الدكتور محمد تامر – ج . 5 – الطبعة الأولى 2001 –  دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – ص 178 وما بعدها .

[86] لمزيد من الإيضاح أنظر:-أبو يحيى زكريا الأنصاري الشافعي – م. س – ج .5 – ص . 171 وما بعدها .

- محمد أكديد – الاستلحاق في الفقه والقانون – الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة -  سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية – العدد 5  – شتنبر2004 م – طبع مكتبة دار السلام – الرباط – ص 43 .

[87]  محمد عليش -  م . س – ج . 6 – 473 .

[88] أبو يحيى زكريا الأنصاري الشافعي –  م . س -  ج . 5 –  ص 178 وما بعدها .

[89] السرخسي - المبسوط –طبعة 1989 م – دار المعرفة – ج . 17 – ص . 119 وما بعدها  .

[90]علاء الدين المرداوي – م . س – ج . 12 – ص . 154 .

[91]  - محمد عليش -  م . س – ج . 6 – ص . 474 وما بعدها  .

       - ابن قدامة  - المغني – تحقيق : عبد الله بن عبد المحسن التركي و عبد الفتاح محمد الحلو – الطبعة الثانية – 1992 م – هجر للطباعة والنشر – ص 318

- علاء الدين الكاساني – م . س  – ج . 7 –  ص 229 .

       -  أبو يحيى زكريا الأنصاري الشافعي –  م . س -  ج . 5 –  ص 171 وما بعدها .

[92]  ابن قدامة – الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل – تحقيق : محمد حسن إسماعيل الشافعي وشارك في التحقيق أحمد محروس جعفر – ج  . 4  – الطبعة الأولى - 2001 م – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – ص . 370 .

[93]  أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية - م . س – ص 421 .

[94]  أستاذنا الحسين بلحساني – قواعد إثبات النسب والتقنيات الحديثة – المجلة المغربية للاقتصاد والقانون – العدد 6 – 2002 م -  ص 111 .

[95] - منشور رقم 159 م ج م . ق ح م / 1 صادر بتاريخ 19 رمضان 1403 ه (1 يوليوز 1983 ) بخصوص شهادات ثبوت الزوجية موجه لضباط الحالة المدنية جاء فيه : " يشرفني أن أذكركم بأن الإدلاء بنسخة من عقد الزواج عند التصريح بولادة الأبناء يعتبر شرطا أساسيا لا يمكن التساهل فيه بتاتا ..." 

 - المادة 17 من المرسوم رقم 665 . 99 . 2 الصادر في شعبان 1423 ( 9 أكتوبر 2002 ) لتطبيق القانون رقم 99. 37 المتعلق بالحالة المدنية .   

[96] مرسوم رقم 331. 04 . 2 صادر في 18 من ربيع الآخر 1425 ( 7 يونيو 2004 ) يتمم بموجبه المرسوم رقم 665 . 99 . 2 بتاريخ 2 شعبان 1423 ( 9 أكتوبر 2002 ) لتطبيق القانون رقم 99 . 37 المتعلق بالحالة المدنية .

 [97] أحمد الخمليشي – وجهة نظر – ج . 2 – طبعة 1998 م -  دار نشر  المعرفة – الرباط – ص 80 .

[98]أولاد حميد ليلى- رعاية حقوق الطفل أثناء الحياة الزوجية وعند انتهائها- الحلقة الدراسية الجهوية المنظمة لفائدة قضاة الأسرة بتطوان- المنظمة من طرف المعهد العالي للقضاء ورابطة التربية على حقوق الإنسان- أيام  5 ، 6 ، 7 ، 8 ، دسمبر 2005 م  بتطوان – ص 1 .

[99]  – ابن فرحون –  تبصرة الحكام في أصول الأقضية و مناهج الأحكام – ج  . 1  – الطبعة الأولى – المطبعة العامرية الشرقية بمصر سنة 1301 ه  – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان  -   ص 162 . 

[100]  عبد الكريم شهبون – م . س – ج . 1 -  ص 368 .

[101]  ابن منظور – م . س – ج . 3 – ص 239  .

[102]   كمال الدين ابن الهمام – فتح القدير – دون طبعة ولا تاريخ الطبعة – دار الفكر – ج . 7 – ص . 364 وما بعدها . 

[103]  أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية -  م . س – ص 428 .

[104]  للاطلاع على هذه الشروط انظر : ا بن رشد القرطبي – م . س  – ج . 2 –  ص 462 وما بعدها .

[105]  ابن رشد القرطبي – م . س  – ج . 2 –  ص 462 .

[106]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية –  ج . 2 -  م . س – ص 60 .

[107]  ميارة الفاسي – شرح ميارة الفاسي على تحفة  الحكام – ج . 1 – بدون سنة الطبع ولا رقم الطبعة – دار الفكر – ص 85 .

     - الحطاب – مواهب الجليل لشرح مختصر خليل – الطبعة الثانية -  1978 م – دار الفكر – ص 192 .

[108]  وهبة الزحيلي  - م . س – ص 696 .

[109]     - ابن قدامة – المغني –  طبعة 1992 م  - ج . 14 - م . س -  ص 141 .

 - الكاساني – م . س  – ج . 6 – ص 266 .

 - المواق – التاج والإكليل لمختصر خليل بهامش مواهب الجليل للحطاب – ج 6 – م . س – ص 194 .

[110]  وهبة الزحيلي – م . س – ص 696 .

[111]  محمد ابن معجوز – وسائل الإثبات في الفقه الإسلامي  – طبعة 1995م – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء - ص 75 . 

[112]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية –  ج . 2 - م . س – ص 61 .

[113]  أحمد عبيا – شهادة اللفيف – مجلة القضاء والقانون – العدد150 - السنة 32 – ص 120 وما بعدها .

[114] - أحمد الخمليشي – وجهة نظر – ج . 2 – م . س – ص 268 .

      - أستاذنا  الحسين بلحساني – قواعد إثبات النسب والتقنيات الحديثة  - م . س  – ص . 109 .

[115] جاء في المادة 153 من مدونة الأسرة  ما يلي : " ... يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب ،لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان أو بواسطة خبرة تفيد القطع ..."

[116] البخاري – م . س -  المجلد الرابع – كتاب الأحكام –   حديث رقم 7182 –  ص . 362 .

[117]  راجع  ص 7 من هذا البحث وما بعدها .

[118]  راجع أقوال الفقهاء ورأي المشرع المغربي فيما يخص شرط إمكانية الاتصال في الصفحة  7 من هذا البحث وما بعدها .

[119]  أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية - م . س – ص 442 .

[120]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 -  م . س – ص 39 .

[121]قرار عدد 84 – 99 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 16 / 02 / 1999 في الملف الشرعي عدد 6263 – 94 – أورده : الحسن البوعيسى – كرونولوجيا الاجتهاد القضائي في مادة العقار والأحوال الشخصية – الطبعة الأولى – 2004 م – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – ص . 199 .

[122] قرار عدد 488 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 09 / 05 / 2000 م في الملف الشرعي عدد 572 / 2 / 2 / 95 – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى – العدد المزدوج 59 ، 60 – السنة 24 – يناير ، يوليوز 2002 م – ص 163 وما بعدها .

[123]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 -  م . س – ص 39.

[124]  أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية  - م . س – ص 442

[125] قرار رقم 821 صادر يتاريخ 7 / 9 / 2000 م في الملف الشرعي عدد 122 / 2 / 1 / 98 – مجلة قضاء المجلس الأعلى – العدد 61 -  السنة 25  - ينلير 2003 م – ص . 77 وما بعدها .

[126]  الآية 5 من سورة الأحزاب .

[127]  قرار المجلس الأعلى عدد 464 صادر بتاريخ 19/06/2002 منشور بمجلة القصر - العدد 7  - يناير 2004 م –  ص 77 وما بعدها .

[128] قرار 145 صادر بتاريخ 3 / 2 / 1987 في الملف الشرعي عدد 5420 / 85 – أورده : خالد بنيس -  م . س – ص 50 .

[129]  راجع نص المادة 156  ص 14  من هذا البحث . 

[130]  حكم رقم 1216 صادر بتاريخ 16/06/2005 م ملف رقم 1067 / 05 عن المحكمة الابتدائية بطنجة قسم قضاء الأسرة  ( غير منشور ) .

[131] راجع نص الفصل 76 من مدونة الأحوال الشخصية بخصوص إمكانية تمديد أقصى مدة الحمل بسبب الريبة في الحمل  ص 12 من هذا البحث  .

[132]  ابن منظور – م . س – ج .13 – ص 387 .

[133]  الرصاع -  شرح حدود ابن عرفة – طبعة 1992 م - مطبعة فضالة -  المحمدية  – ص 289 .

[134] - أبو عبد الله محمد الخرشي– الخرشي على مختصر سيدي خليل –ج .4 – المجلد 2– الطبعة الثانية 1317 ﻫ- بيروت– ص 124 

- محمد ابن معجوز- أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية– الطبعة الثانية –1980م– ص 284 وما بعدها .

- عبد الكريم شهبون – م . س – ص 372 وما بعدها .

[135]  الآيات 6 و 7 و 8 و 9 من سورة النور .

[136]  البخاري – صحيح البخاري – م . س – المجلد الثالث – كتاب تفسير القرآن– حديث رقم  4747  – ص . 227. 

[137]  محمد بن معجوز المزغراني  - أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية – م . س – ص 283

[138]  أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية - م . س – ص 447 .

[139]  محمد ابن معجوز- أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية – م . س – ص 283 .

[140]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – الجزء الأول – الزواج والطلاق – الطبعة الثالثة – 1994 م – مطبعة المعارف الجديدة – الرباط – ص 107 .

[141]للاطلاع على هذه الشروط بتفصيل أنظر : خالد بنيس – اللعان – مجلة الملحق القضائي العدد 20 – فبراير 1989 م – ص 141 وما بعدها .

[142] قرار عدد 464 صادر بتاريخ 19/06/2002 منشور بمجلة القصر - العدد 7 – م . س -  ص 175 وما بعدها .

[143] المواق – م . س –  ج .  6 – ص 194 .

- مالك بن أنس  – المدونة الكبرى – م . س -  ج . 2 -  ص 339 . 

 [144]المواق – م . س – ج . 4 -  ص 136 .

[145] قرار رقم 115 صادر بتاريخ 22/05/1972 م – أورده : عبد العزيز توفيق : التعليق على مدونة الأحوال الشخصية بقضاء المجلس الأعلى ومحاكم النقض العربية خلال أربعين سنة – م . س – ص 95 .

[146] أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية  - م . س – ص 450 .

[147] الغازي الحسيني – م . س -  ص 43 .

[148] مشكور بهيجة – الحماية القانونية للطفل المغربي بين وسائل التنشئة الوقائية وإعادة التنشئة – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – جامعة القاضي عياض - مراكش – السنة الجامعية 1995 م / 1996 م – ص . 107 .

[149] قرار رقم 1802صادر بتاريخ 05/12/1989 أورده خالد بنيس – قاموس الأحوال الشخصية – م . س – ص 54 .

 [150]المواق – ج . 4 – م . س – ص 136 .

[151] المواق – ج . 4 – م . س – ص 133 .  

[152] قرار عدد 1542 صادر بتاريخ 24 دجنبر 1985 - إدريس ملين – مجموعة قرارات المجلس الأعلى ، مادة الأحوال الشخصية ، 1965 ، 1989 – مطبعة الأمنية – 1990 – ص 432 وما بعدها . 

[153]  قرار للمجلس الأعلى عدد 128 صادر بتاريخ 5 يوليوز 1971 م – ق . م . ع . عدد 23 ص . 34 أورده : أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 1 – م . س – ص 104 .

[154]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 – م . س – ص 50 .

[155]  أحمد الخمليشي – أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 1 – م . س – ص 105 .

[156]  محمد ابن معجوز – وسائل الإثبات في الفقه الإسلامي – طبعة 1995 م – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء -  ص 299 .

[157] شمس الدين محمد عرفة الدسوقي – حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - ج . 2 – دون طبعة ولا تاريخ الطبعة -  دار الفكر – ص 466 .

- مالك بن أنس  – م . س  –  ج . 2– ص 337 وما بعدها .

[158]  مالك بن أنس– م . س  –  ج . 2– ص 337  .

[159]  ابن فرحون -  م . س  – ج 2 –  ص 91  .  

[160]   الشيرازي – م . س -  ج . 1 -  ص 437 .

[161]  موفق الدين ابن قدامة  –  الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل  - م . س  – ج .2 –  ص 264 وما بعدها .

[162]  ابن حزم الأندلسي -  م . س  - المجلد السادس – ج 9/10  –  ص 435/148 .

[163]  ينص الفصل 98 من مدونة الأحوال الشخصية على ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين أو ببينة السماع بأنه ابنه ولد على فراشه من زوجته . "

[164]  وذلك من خلال المادة 158 من مدونة الأسرة التي جاء فيها ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب ، أو بشهادة عدلين ، أو ببينة السماع ، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية . "

[165]  ينص الفصل 91 من مدونة الأحوال الشخصية على ما يلي : " يعتمد القاضي في حكمه على جميع الوسائل المقررة شرعا في نفي النسب . "

[166]  جاء في المادة 153 من مدونة الأسرة ما يلي : " ...يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب ، لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان ، أو بواسطة خبرة تفيد القطع ... "

 - [167] أستاذنا إدريس الفاخوري –  نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " - م . س – ص 115 .

    -  محمد محمد أبو زيد – دور التقدم البيولوجي في إثبات النسب – مجلة الحقوق الكويتية – العدد الأول -  السنة العشرون –– مارس 1996 م – ص 274 .

[168] ابن حجر الهيثمي – تحفة المحتاج في شرح المنهاج – ج . 10  -   دون رقم الطبعة ولا تاريخها – دار إحياء التراث العربي – ص  350  . 

[169] تعنى نظرية ما ندل بضوابط انتقال الخصائص الوراثية من جيل لآخر ، لمزيد من المعلومات راجع :

- Denise Salmon - La preuve scientifique de la paternité  Etat de l a science et déontologie -dans : Droit de la filiation et progrès scientifiques par Catherine labrusse et Gérard cornu - 1982 - Economica  - paris

 p  27 .

[170]  وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية – الموسوعة الفقهية الكويتية – ج . 32 – الطبعة الأولى –  ص 77 .

[171]  ابن منظور – م . س – ج . 9– ص 293 .

[172]  ابن رشد القرطبي  – م . س – ج . 2 – ص 359 .

[173]  الشريف علي بن محمد الجرجاني – التعريفات -  م . س – ص 171  .

[174]  وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية – الموسوعة الفقهية الكويتية – م . س – ج . 32 – ص 77 .

[175]  للوقوف على هذه الشروط بتفصيل أنظر : وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية – الموسوعة الفقهية الكويتية – م . س –

ج  32 – ص 77 وما بعدها .

[176]  البخاري – صحيح البخاري – م . س – المجلد الرابع – كتاب الفرائض -  حديث رقم 6770 – ص . 259 .

[177]  -  أبو داود – سنن أبي داود – دون طبعة ولا سنة الطبع  -  دار إحياء التراث العربي - كتاب الطلاق – حديث رقم 1931 .

       - النسائي – سنن النسائي – دون طبعة ولا سنة الطبع – دار إحياء التراث العربي - كتاب الطلاق – حديث رقم 3437 .

       -  مسلم  - صحيح مسلم – طبعة 1972 – دار إحياء التراث العربي - كتاب الرضاع – حديث رقم 2648 .

[178]   أبو داود – سنن أبي داود – م . س - كتاب الطلاق – حديث رقم 1931  .

[179]  شمس الدين السرخسي – المبسوط – ج 17– المجلد التاسع – طبعة 1989 م -  دار المعرفة – بيروت – لبنان -  ص 70 وما بعدها

[180] البخاري – م . س  – المجلد الرابع -  كتاب الأحكام – حديث رقم 7182  - ص . 362 .

[181]  ابن فرحون– م . س  -  ج .2  -  ص 91  .

[182]   الشيرازي –  م . س  – ج . 1 -  ص 437 .

[183]  موفق الدين ابن قدامة  –  الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل  –   م . س  – ج .2 –  ص 264 وما بعدها .

[184]  ابن حزم الأندلسي – م . س – المجلد السادس – ج . 9 / 10 – ص 435 / 148 .

[185]   -  الشريبيني – مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج – ج . 6 –  طبعة 2000 م – دار الكتب العلمية – ص 439 .

- ابن حجر الهيتمي – تحفة المحتاج في شرح المنهاج –  م . س - ج . 10  -  ص 349 .

- محمد بن شهاب الدين الرملي – نهاية المحتاج  إلى شرح المنهاج – ج . 8 –  طبعة 1984 م – دار الفكر – ص 375 .

[186]  -  الشربيني – م . س – ج. 6 –ص 439

[187]  -  الشريبيني – م . س – ج . 6 – ص 439 .

-          ابن حجر الهيتمي – م . س – ج . 10 – ص 349 .

-           محمد بن شهاب الدين الرملي – م . س – ج . 8 – ص 375 .

-           علاء الدين  المرداوي – الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل – تحقيق محمد حامد الفقي – ج . 6 – الطبعة الأولى – 1957  - دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان – ص 459 .

-          موفق الدين ابن قدامة  – الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل – م . س  – ج – 2 –  ص .  266 .

[188]  ابن رشد –  ج . 2 – م . س – ص 462 .

[189]  -  ابن حجر الهيتمي – م . س – ج . 10 – ص 349 .

-          محمد بن شهاب الدين الرملي – م . س – ج . 8 – ص 375 .

        -     الشريبيني – م . س – ج . 6 – ص 439 .

[190]  -   ابن حجر الهيتمي – م . س – ج . 10 – ص 349 .

-          محمد بن شهاب الدين الرملي – م . س – ج . 8 – ص 375 .

        -      الشريبيني – م . س – ج . 6 – ص 439 .

[191]  - موفق الدين ابن قدامة  – الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل -  م . س -  ج . 2 – ص 266 .

        - علاء الدين  المرداوي – م . س – ج . 6 – ص 459 وما بعدها .

[192]   - موفق الدين ابن قدامة –  الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل - م . س -  ج . 2 – ص 266 .

- علاء الدين  المرداوي – م . س – ج . 6 – ص 459.

       -   الشريبيني – م . س – ج . 6 – ص 439 .

[193] - سليمان الباجي الأندلسي – المنتقى شرح موطأ الإمام مالك – ج . 5 – الطبعة الأولى 1332 ه – دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان – ص 213 .

[194] -  الشريبيني – م . س – ج . 6 – ص 439 .

       -  ابن حجر الهيتمي – م . س – ج . 10 – ص 349 .

-  محمد بن شهاب الدين الرملي – م . س – ج . 8 – ص 375 .

[195] أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – م . س – ج . 2 -  ص 66 .

[196] - ابن حجر الهيتمي – م . س – ج . 10 – ص 349 .

-  محمد بن شهاب الدين الرملي – م . س – ج . 8 – ص 375 .

[197]  الشريبيني – م . س – ج . 6 – ص 439 .

[198] محمد بن شهاب الدين الرملي – م . س – ج . 8 – ص 375 .

[199] محمد بن شهاب الدين الرملي – م . س – ج . 8 – ص 375 .

[200] ابن رشد القرطبي – م . س – ص 360 .

[201] محمد بن إدريس الشافعي – الأم –  المجلد الثالث - ج . 6 – دون طبعة ولا تاريخ الطبعة– دار المعرفة– بيروت–لبنان ص 247 

[202] - علاء الدين المرداوي – م . س – ج . 6 – ص 460 .

       - موفق الدين ابن قدامة  –  الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل - م . س -  ج . 2 – ص 266 .

[203]  ابن رشد القرطبي – م . س – ص 360 .

[204]  - علاء الدين  المرداوي – م . س – ج . 6 – ص 460  .

       - موفق الدين ابن قدامة  - الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل – م . س -  ج . 2 – ص 266 .

[205]  ابن حجر الهيثمي – م . س – ج . 10 – ص . 350 وما بعدها .

[206]  -  محمد  الحطاب – مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل – ج . 5  – الطبعة الثالثة – 1992 م  – دار الفكر – ص249

  - محمد عليش – منح الجليل شرح مختصر خليل – ج . 6 –  طبعة 1989 م – دار الفكر – ص . 496 .

[207]  ابن حجر الهيثمي – م . س – ج . 10 – ص . 350  .

[208]  - ابن فرحون – م . س -  ج . 2 – ص 91 .

-          محمد الحطاب – م . س – ج . 5 – ص . 249 .

-          محمد عليش – م . س – ج . 6 – ص 496 .

[209]  - محمد بن إدريس الشافعي – م . س  – المجلد الثالث –ج . 6 –  ص 247 .

       - ابن حجر الهيثمي – م . س – ج . 10 – ص . 350 .

[210]  منصور ابن يونس البهوتي – دقائق أولى النهى لشرح  المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات – دون طبعة ولا تاريخ الطبعة – عالم الكتب – ج . 10 – 395 .

[211]  سيدني سميث وعبد الحميد عامر بك – الطب الشرعي في مصر – طبعة 1995 – دار الكتب – ص 67 وما بعدها .

[212] Gilda Nicolau - L'influence des progrés de la Genetique sur le droit de la Filiaion - presses Universitaires de Bordeaux - sans date p : 31.

[213]  من الدول التي كانت تعتمد هذه الوسيلة ألمانيا وسويسرا والدانمارك  Gilda Nicolau -op.cit - p. 30

[214]  جمعة محمد فرج بشير – النسب  إثباته ونفيه في الفقه الإسلامي  والقانوني الليبي والمغربي – دراسة مقارنة – ج . 2 - أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون –كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية - جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء – السنة الجامعية 1996 / 1997 -  ص 761 .

- Gilda Nicolau - o p . cit - p : 30  .

[215]  جمعة محمد فرج بشير – ج . 2 – م . س – ص 761 .

[216] سدني سميث ، عبد الحميد عامر بك  -  الطب الشرعي في مصر – طبعة 1995م - دار الكتب – ص 114

[217]  سدني سميث ، عبد الحميد عامر بك – م . س  – ص 114 .

[218]  للمزيد من المعلومات انظر :

- محمود مرسي عبد الله ، سحر كامل – الموجز في الطب الشرعي وعلم السموم – بدون طبعة وبدون تاريخ – مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر – الإسكندرية – ص 6 وما بعدها .

- كبار الأطباء والكيميائيين بجمهورية مصر العربية – الطب الشرعي بين الادعاء والدفاع – ج . 1 – طبعة 1992 – ص 117 وما بعدها .

[219]  إثبات البنوة بين الشك واليقين – مؤتمر الطب الشرعي المنعقد بالقاهرة – جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 01/01/1995 .

[220] حسنين المحمدي بوادي – الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي – 2005 م – منشأة المعارف – الإسكندرية  – ص 74

و ص 76 .

[221]  حسنين المحمدي بوادي – م . س -  ص 75 .

[222]  انظر لمزيد من الإيضاح حول هذه النظرية : Denise Salmon - op.cit - p. 27

[223]  محمد الهاشمي دحيدح – نفي النسب عن طريق تحليل الدم – مجلة القضاء والتشريع – العدد 5 و 6 – لعام 1974 – ص  10 .

[224]  أنور محمد دبور – إثبات النسب بطريق القيافة في الفقه الإسلامي ، بحث مقارن ، – طبعة 1985 – دار الثقافة العربية القاهرة – ص 96 

[225]  حسنين المحمدي بوادي – م . س – ص 80 .

-          إبراهيم بن صادق الجندي وحسنين بن حسن الحصيني – البصمة الوراثية كدليل فني أمام المحاكم – مجلة البحوث الأمنية – المجلد 10 – العدد 19 – نونبر 2001 م – ص 39 .

وللمزيد من المعلومات حول فصائل الدم أنظر :

-          محمد علي الربيعي – الوراثة والإنسان ، أساسيات الوراثة البشرية والطبية – سلسلة عالم المعرفة – العدد 100 – أبريل 1986 – ص 69 .

[226]  للمزيد من المعلومات حول فصائل الدم أنظر : Denise Salmon - op. cit -  p 28 et suivantes  

[227]  نصر فريد واصل – البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – مجلة المجمع الفقه الإسلامي – العدد 17 – السنة الخامسة عشرة – 2004 م – ص 59  .

[228]  مجمع اللغة العربية – المعجم الوسيط –  قام بإخراجه : إبراهيم مصفى وأحمد حسن الزيات وحامد عبد  القادر ومحمد علي النجار – أشرف على طبعه عبد السلام هارون – الجزء الأول – المكتبة العلمية – طهران – ص 59 . 

[229]  مجمع اللغة العربية  – م . س – ج . 2 – ص 1035  .

[230]  عبد المغني أبو العزم – معجم الغني – مادة ورث – المأخوذ من الموقع الإلكتروني صخر :

http://qamoos.sakhr.com/openme.asp?fileurl=/htm/3082730.html

[231]  سعد الدين مسعد هلالي – البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية – م . س – ص 25 .

[232]  القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي – الدورة 16 المنعقدة في مكة المكرمة بتاريخ 5 - 10 / 1 / 2002 م –  مجلة المجمع الفقهي الإسلامي -  العدد 15 - السنة 13 – 2002 م  – ص 478 .

[233] فؤاد أحمد دبوسي – أجهزة إصلاح الشيفرة الوراثية ( DNA ) ومرض السرطان – عالم الفكر – العدد 1- المجلد 33 – يوليو ،  سبتمبر – 2004 م – ص 141 .

[234]  إريك لاندر –  العلم والقانون ومحقق الهوية الأخير – الشيفرة الوراثية للإنسان – سلسلة عالم المعرفة – العدد 217 – يناير 1997 -  مطابع السياسة  – الكويت  –– ص 196 .

[235]  قام البيولوجيون بأخذ جزيئات ADN من جلد مومياء عمرها 2500 سنة ، وزرعوها داخل بكتيريا : فشرعت جزيئات ADN في أداء وظيفتها .

Gilda Nicolau - op.cit-p :  31                                                                                 

[236]  إبراهيم بن صادق الجندي ، حسنين بن حسين الحصيني – م . س  – ص 31 .

Patrice Mangin - La preuve de l' engendrement : La Technique des Empreintes Génétiques - dans : Vérité scientifique , vérité psychique et droit de la Filiation - actes du Coloque IRCID- CNRS des 9 , 10 et 11 février 1995 - érès - p : 136                                                                                                      

[237]  Gilda Nicolau - o p . cit - p  : 33 et suivantes 

[238] القرار السابع  بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها –  م . س  – ص .  478 .

[239] كالمجمع الفقهي الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي ، وإدارة الفتوى الكويتية ، والندوة الفقهية الطبية الحادية عشرة المنعقدة بالكويت – انظر :

-          القرار السابع  بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها  - م . – س – ص .478

-          سعد الدين مسعد هلالي – البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية – م . س – ص 8  .   

[240]  إريك لا ندر – م . س -   ص .  208  وما بعدها .

 [241] إريك لاندر – م س – ص 210 .

[242]علي محي الدين القرة داغي – البصمة الوراثية من منظور الفقه  الإسلامي – مجلة المجمع الفقهي الإسلامي – العدد 16 – السنة الرابعة عشرة – 2002 م – ص . 63 .

[243] خليفة علي الكعبي – م . س – ص . 34 .

[244]  للمزيد من المعلومات حول هذه الشركة وما قامت به من أبحاث أنظر سعد الدين مسعد هلالي – البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية – م . س – ص 59 وما بعدها  .

[245]  راجع ص 33 من هذا البحث .

[246]  راجع  ص 33 من هذا البحث  .

[247] Patrice Mangin-op . cit- p . 134                                                                                               

[248]  -  القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – م . س - ص . 478 وما بعدها .

-          سعد الدين مسعد هلالي – البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية -  م . س – ص . 188 وما بعدها .

-          علي محي الدين القرة داغي – م . س  – ص . 64 .

-          خليفة علي الكعبي – م . س – ص . 33 .

[249]  - القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – م . س - ص . 479 .    

[250]  - سعد الدين مسعد هلالي – البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية -  م . س – ص . 188 وما بعدها .

-          خليفة علي الكعبي – م . س – ص . 33 .

-          القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – م . س – ص . 479 .         

        -    علي محي الدين القرة داغي – م . س  – ص . 64 .

[251]  خليفة علي الكعبي – م . س – ص . 33 .

[252] خليفة علي الكعبي – م . س – ص . 33 .

 [253] القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – م . س – ص . 480 .

[254]  علي محي الدين القرة داغي – م . س – ص . 64 .

[255]  القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – م . س – ص . 480 .

[256]  الآية  5 من سورة الأحزاب .

[257]  كمال الودغيري – الخبرة في القانون المغربي ، دراسة تأصيلية وتطبيقية – الطبعة الأولى – 2001 م - مطبعة أبي – فاس – ص . 81 .

[258] عبد الصمد الزعنوني – قراءة في كتاب نظام الخبرة في القانون المغربي – للأستاذ إبراهيم زعيم – مجلة الملحق القضائي – العدد 30 – أكتوبر 1995 م – ص . 160 .

[259]  جاء في الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية ما يلي : " ...وعند عدم وجود خبير مدرج بالجدول ، يمكن بصفة استثنائية للقاضي أن يعين خبيرا لهذا النزاع ..."

[260]  كمال الودغيري – م . س – ص . 105 .

[261]  جاء في الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية ما يلي : " ...وعند عدم وجود خبير مدرج بالجدول ، يمكن بصفة استثنائية للقاضي أن يعين خبيرا لهذا النزاع ، وفي هذه الحالة يجب على الخبير أن يؤدي اليمين أمام السلطة القضائية التي عينها القاضي لذلك على أن يقوم بأمانة وإخلاص بالمهمة المسندة إليه وأن يعطي رأيه بكل تجرد واستقلال ما لم يعف عن ذلك اليمين باتفاق الأطراف "

[262] جاء في الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية ما يلي : " إذا أمر القاضي بإجراء خبرة ..."

[263] البشير زرايقي – الخبرة الطبية القضائية ضرورتها بين الإمكان والجواز – مجلة المناظرة – العدد 6 – يونيو 2001 م – مطبعة الجسور – وجدة – ص . 93 .

[264] كمال الودغيري – م . س – ص . 103 .

[265] جاء في الفصل 57 من قانون المسطرة المدنية ما يلي : " ...ولا تسلم المبالغ المودعة من أجل أداء الأجور ومصاريف الخبراء والشهود في أي حالة مباشرة من الأطراف إليهم .

    يشطب على الخبير المسجل في الجدول الذي تسلم المبالغ مباشرة من الأطراف " .

[266] - عبد الصمد الزعنوني – م . س – ص . 162 .

       - كمال الودغيري – م . س – ص . 109 .

[267] كمال الودغيري – م . س – ص . 109 .

[268] البشير زرايقي – م . س – ص . 96 .

[269]  كمال الودغيري – م . س – ص . 118 وما بعدها .

[270]  أنظر الفصل 248 المتعلق بالرشوة ، والفصل 375 المتعلق بشهادة الزور ، والفصل 446 الخاص بإفشاء السر المهني من مجموعة القانون الجنائي المغربي وفق آخر التعديلات بموجب قانون 03 .24 صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 207 . 03 . 1 ، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5175 بتاريخ 5 يناير 2004 م . وللتوسع في هذه الجرائم أنظر : كمال الودغيري – م . س – ص . 122 وما بعدها .

[271] البشير زرايقي – م . س – ص . 97 .

[272] موسى الخلف – العصر الجيونومي – عالم المعرفة – عدد 294 – يوليوز 2003 – مطابع السياسة – الكويت – ص 95 .

[273] حاتم صادق – بعد البصمة وأدلة الطب الشرعي ، الحمض النووي سلاح فعال لكشف غموض الجرائم – صحيفة الوطن – المملكة العربية السعودية -  العدد  1310 – السنة الرابعة –   السبت 1 ماي 2004  .

[274] غازي عاشور – التوسع في استخدام البصمة الوراثية لتحديد هويات المتوفين والمتهمين في القضايا الجنائية – صحيفة الوطن –  المملكة العربية السعودية -  العدد 1655 – السنة الخامسة -  الاثنين 11 أبريل 2005  .

[275]   Gilda Nicolau - o p . cit - p  : 33 et suivantes 

[276]  القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها –  م . س – ص . 479 وما بعدها .

- إمام محمد إمام – بيان مكة المكرمة للمجمع الفقهي الإسلامي يصدر قراراته وتوصياته داعيا إلى تأصيل منهاج الوسطية ومعالجة الغلو والتطرف في التدين – الشرق الأوسط – جريدة العرب الدولية–  العدد 8445  -  11 يناير 2002 –– دين .

[277] إبراهيم بن صادق الجندي ، وحسين بن حسن الحصيني-  م . س – ص 34 .

[278] عبر بعض الفقه عن هذه الحالة بقوله " حالة الشك في الأم " -  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – م . س – ج . 2  – ص 69 .

-  إبراهيم بن صادق الجندي ، وحسين بن حسن الحصيني  – م . س – ص 32 .

- سمية ماء العينين الفيجح – أحكام النسب في ضوء الفقه الإسلامي ومدونة الأحوال الشخصية – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة – وحدة القانون المدني – كلية الحقوق – جامعة الحسن الثاني – الدار البيضاء – السنة الجامعية 1999 / 2000 – ص . 103 

[279]  خليفة علي الكعبي – م . س – ص 51 .

[280] إذا أثبت التحليل أن الطفل للمدعى عليه فيجب الحكم بثبوت الزوجية لمبررات كثيرة ، نحيل من أراد الاطلاع عليها على :  أحمد الخمليشي – وجهة نظر –  ج . 2 - م . س – ص 87 وما بعدها .

والجدير بالذكر أن اعتماد تحاليل الخبرة الطبية لإثبات العلاقة الزوجية لم تكن مقبولة في ظل مدونة الأحوال الشخصية لانعدام نص قانوني في الموضوع فنادى الفقه بإعمالها ، وبصدور مدونة الأسرة أصبحت هذه الوسيلة منصوص عليها قانونا في المادة 16 من مدونة الأسرة .

[281] سعد الدين مسعد هلالي – البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية – م . س – ص  316 وما بعدها .

[282] الآية  5 من سورة الأحزاب .

[283] أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 - م . س – ص 70 .

[284] وفي فقه النوازل يلحق الود بالثاني في هذه الحالة - أبو عيسى سيدي المهدي الوزاني – النوازل الجديدة الكبرى – ج . 3 – طبعة 1997 – مطبعة فضالة المحمدية – ص 310 .

[285] Jacques MASSIP-La preuve Scientifique de la filiation et la pratique judiciare-dans: droit de la filiation et progres scientifiques par Catherine Labrusse et Gérard Cornu- 1982 - Economica-paris -p.53

[286]  ابن رشد –  – م . س – ج . 2  - ص 309 .

[287]  أبو إسحاق  الشيرازي – المهذب في فقه الإمام الشافعي  - م . س – ج . 1 -  ص .  436 و 351 .

[288]  موفق الدين بن قدامة  - المغني – م . س– ج . 8 – ص 367 .

[289]  علاء الدين الكاساني – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - ج . 6 – الطبعة الثانية 1986 – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – ص 252 و ص 199 وما بعدها .

[290]  الإمام الباجي – المنتقى شرح موطأ الإمام مالك – ج . 6 – الطبعة الأولى – 1332 ه – مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر – دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان – ص 5 .

[291]  -  ابن رشد – بداية المجتهد – ج . 2 – ص 357

      - الإمام الباجي – المنتقى شرح موطأ الإمام مالك – م . س – ج . 6 -  ص 5 .

[292]  علاء الدين الكاساني - بدائع الصنائع في ترتيب الصنائع – ج . 6 – م . س – ص 199 وما بعدها  .

[293]  شمس الدين ابن فرحون  – ج . 2 – م . س – ص 91 وما بعدها .

[294]  علاء الدين  الكاساني – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - ج . 6 – م . س – ص 199 .

[295]  ابن قدامة – الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل – م . س – ج . 2 – ص . 264

[296]  علاء الدين  الكاساني – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - ج . 6 – م . س – ص 199 وما بعدها

[297]  سعد الدين مسعد هلالي – البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية -  م . س – ص . 402 وما بعده .

[298]  جاء في المادة 160 من مدونة الأسرة ما يلي : " ...4 – أن يوافق المستلحق – بفتح الحاء – إذا كان رشيدا حين الاستلحاق ، وإذا استلحق قبل أن يبلغ سن الرشد ، فله الحق في أن يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سن الرشد .

     إذا عين المستلحق الأم ، أمكنها الاعتراض بنفي الولد عنها ، أو الإدلاء بما يثبت صحة الاستلحاق ...."

[299] ابن رشد – م . س – ج . 2 - ص 35 و  358 .

[300] ابن قدامة – المغني – ج . 6 – الطبعة الأولى – 1985 م – دار إحياء التراث العربي – كتاب الفرائض – ( 4922) فصل ميراث ولد الزنى .

[301] ابن قيم الجوزية – زاد المعاد – ج . 5 – م . س – ص 425 .

[302] ابن قيم الجوزية – زاد المعاد – ج . 5 – م . س – ص 426  .

[303] أحمد الخمليشي – وجهة نظر – ج . 2 – م . س – ص 93 .

[304] إدريس حمادي – البعد المقاصدي وإصلاح مدونة الأسرة – طبعة 2005 – إفريقيا الشرق – الدار البيضاء – ص 202 .

[305] أحمد الخمليشي – وجهة نظر – ج . 2 - م . س -  ص 94 .

[306]  ينص الفصل 93 من مدونة الأحوال الشخصية على ما يلي : " البنوة غير الشرعية ملغاة بالنسبة للأب "

[307]  تنص المادة 152 من م . أ على ما يلي : " أسباب لحوق النسب :

1- الفراش ؛ 2- الإقرار ؛ 3 – الشبهة . "  

[308] حكم للمحكمة الابتدائية بالمحمدية قسم قضاء الاسرة رقم 568/05 صادر بتاريخ 13 /12/2005 م في الملف رقم 279 /04 ( غير منشور ) انظر الملحق رقم 1 ص 119 .

[309]قرار رقم 446 صادر بتاريخ 30 / 6 / 1983 أورده : عبد العزيز توفيق – م . س – ص 87 وما بعدها .

[310] ساسي بن حليمة – بين النسب والأبوة – مجلة التشريع والقضاء – العدد 1 – السنة 44 – جانفيي 2002 م – ص . 152 .

[311] حكم عدد 43979 صادر بتاريخ 21 فيفري 1994 عن المحكمة الابتدائية بقفصة - أنظر التعليق على هذا القرار : ساسي بن حليمة  - إثبات نسب ابن الزنا بالإقرار – مجلة الأحداث التونسية القانونية - العدد 6 – ص . 121 وما بعدها .

[312] ساسي بن حليمة – إثبات نسب ابن الزنا بالإقرار  – م . س – ص . 132 .

[313] تشوار جيلالي  الحماية الارتيابية للطفل في مسألة النسب في قانون الأسرة الجزائري – المجلة القانونية التونسية – 2002 م – مركز النشر الجامعي – ص . 29.

[314] قرار رقم 35087 – صادر بتاريخ 17 / 12 / 1984 – أورده : تشوار جيلالي – الحماية الارتيابية للطفل في مسألة النسب في قانون الأسرة الجزائري – م . س – ص 29 .

[315]  - أحمد الخمليشي – وجهة نظر –  ج . 2 -  م . س –  ص . 64 وما بعدها .

      -  أستاذنا الحسين بلحساني – قواعد إثبات النسب والتقنيات الحديثة - م . س – ص . 115 وما بعدها .

[316]  تشوار جيلالي – الحماية الارتيابية للطفل في مسألة النسب في قانون الأسرة الجزائري – م . س - ص . 31 .

[317] أستاذنا إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " -  المركز القانوني للمرأة المغربية من خلال نصوص مدونة الأحوال الشخصية – طبعة 2002 – مطبعة الجسور – وجدة – ص 98 .

[318] أستاذنا إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " -  م . س – ص 67 وما بعدها .

[319] انظر ص31 وما بعدها من هذا البحث .

[320] عبد المجيد غميجة – موقف المجلس الأعلى من ثنائية القانون والفقه في مسائل الأحوال الشخصية – أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق – كلية العلوم القانونية والاجتماعية – الرباط – جامعة محمد الخامس – أكدال – السنة الجامعية 1999 / 2000 – ص . 489 .

[321] أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية - م . س – ص 433 .

[322] محمد جوهر – إثبات ونفي النسب بين الطب والعجب – المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية – العدد 50 – 2004 م – ص 161 وما بعدها .

- ساسي بن حليمة – نفي النسب بواسطة التحليل الدموي – مجلة الأحداث القانونية التونسية  -  العدد العاشر – 1996 م– ص 25 .

[323]  أستاذنا إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " - م . س – ص 98 .

[324] أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 – م . س – ص 67 .

[325] الإمام مالك بن أنس الأصبحي – المدونة – ج . 2 – م . س – ص 88 .

[326] أبو البركات سيدي أحمد الدردير – الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للعالم العلامة شمس الدين الشيخ محمد عرفة الدسوقي  مع تقريرات للعلامة المحقق سيدي الشيخ محمد عليش شيخ السادة المالكية رحمه الله  – ج . 2 - دار الفكر – ص  473 .

[327] أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 – م . س – ص 68 .

[328] راجع ص 31 وما بعدها من هذا البحث .

[329]  عبد المجيد غميجة – م . س – ص 489 وما بعدها .

[330]  قرار المجلس الأعلى عدد 527 مؤرخ في 15/09/1981 – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى – عدد 30 – ص 95  .

[331]  قرار عدد 96 صادر بتاريخ 09/03/1982 في الملف الاجتماعي عدد 92299 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 37 – ماي ، يونيو 1985 - ص 90 .

وقد أشار إليه أيضا : الحسن البوعيسي – كرونولوجيا الاجتهاد القضائي في مادة العقار والأحوال الشخصية – الطبعة الأولى - 2004 م – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – ص 195 .

كما أشار إليه : عبد العزيز توفيق – التعليق على مدونة الأحوال الشخصية بقضاء المجلس الأعلى ومحاكم النقض العربية أربعين سنة – الطبعة الأولى – 1998 م – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء  – ص 88 وما بعدها .

[332] قرار رقم 966 بتاريخ 08/09/1992 في ملف غرفة الأحوال الشخصية رقم 5457 / 87  ، أورده :

-          عبد العزيز توفيق – م . س – ص 93 .

-           إدريس بلمحجوب – الاجتهاد القضائي في مدونة الأحوال الشخصية – الطبعة الأولى – 1995 – شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع – الرباط – ص 62 .

[333]  ينص الفصل 11 من الاتفاقية المغربية الفرنسية على ما يلي : " يمكن أن تكون محاكم إحدى الدولتين التي يقع بها موطن الزوجين المشترك أو آخر موطن مشترك  لهما مختصة وفق الفقرة ( أ ) من الفصل السادس عشر من اتفاقية التعاون القضائي وتنفيذ الأحكام المؤرخة في خامس أكتوبر 1957 بالنظر في الفرقة بين الزوجين .

غير أنه إذا كان الزوجان من جنسية واحدة لإحدى الدولتين فيمكن لمحاكم هذه الدولة أن تكون مختصة أيضا أيا كان موطن الزوجين وقت تقييد الدعوى .

إذا قدمت دعوى أمام محكمة إحدى الدولتين وقدمت ثانية بين نفس الأطراف وفي نفس الموضوع أمام محكمة الدولة الأخرى فيجب على المحكمة المحالة إليها الدعوى الثانية أن ترجئ البث فيها . "

[334]  أنظر ترجمة هذا القرار : مجلة الملف – العدد 7 – أكتوبر 2005 م – ص 237 وما بعدها .

[335]  ينص الفصل 4 من المقتضيلت العامة للاتفاقية المغربية الفرنسية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي على ما يلي : " لا يمكن العدول عن تطبيق قانون إحدى الدولتين المحدد بمقتضى هذه الاتفاقية من طرف محاكم الدولة الأخرى إلا إذا كان منافيا بصورة واضحة للنظام العام ."

[336]  قرار عدد 658 صادر بتاريخ 30/12/2004 م ملف شرعي عدد 556/2/1/2003 منشور بمجلة الملف – م . س – ص 232 وما بعدها .

[337]  أستاذنا  أحمد زوكاغي – إثبات النسب وقيمة الحكم الأجنبي أمام القضاء الوطني ، قراءة في حكم الغرف المجتمعة بالمجلس الأعلى رقم 658 بتاريخ 30 دجنبر 2004 ملف جنائي عدد 556 / 2 / 1 / 2003 – جريدة العلم – العدد 20364 – السنة 60 –  10 مارس 2006 م – ص . 6 .

[338]  أستاذنا إدريس الفاخوري – التعليق على قرار المجلس الأعلى حول إثبات النسب – مداخلة  في ندوة مدونة الأسرة المنعقدة بمراكش يومي الجمعة 27 والسبت 28 يناير 2006 م .

[339]  قرار عدد 150 صادر  بغرفتين بتاريخ 9 مارس 2005 ملف شرعي عدد 615 / 2/ 1/ 2003 – إدريس بلمحجوب – قرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف – ج . 3 – الطبعة الأولى – 2005 – مطبعة الأمنية – الرباط – ص 269 وما بعدها .

وقد نشر أيضا :  بجريدة الصباح – العدد 1825 – السبت ، الأحد 18 ، 19 /2/2006 م – الصفحة السادسة – اجتهادات قضائية . 

[340] قرار عدد 527 مؤرخ في 15/9/1981 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى – عدد 30 – ص 95

[341] قرار عدد 150 صادر بتاريخ 9 مارس  2005 ملف شرعي عدد 615/2/1/2003 – إدريس بلمحجوب – قرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف – م . س – ص 269 وما بعدها .

[342]خالد برجاوي –  قواعد إثبات ونفي النسب في المغرب بين تطور العلم وجمود القانون – المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية – عدد 50 – ماي ، يونيو 2003 م - ص 105 وما بعدها .

[343]  من بينهم نذكر ما يلي :

- أستاذنا  إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " - م . س – ص  89 وما بعدها 

- أحمد الخمليشي -  وجهة  نظر – ج . 2 – م . س – ص 85

 - أحمد الخمليشي -  التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 - م . س – ص 66 و 67 .

- أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية – م . س – ص 458 وما بعدها

- خالد برجاوي – م . س -  ص 105 وما بعدها .

- أستاذنا الحسين بلحساني – قواعد إثبات النسب والتقنيات الحديثة - م . س  – ص 95 وما بعدها . 

[344]  عبد الكريم بوسسكو – إثبات النسب بالخبرة الطبية في مدونة الأسرة – المنتدى – العدد الخامس – يونيو 2005 – ص 185 .

[345]  دليل عملي لمدونة الأسرة – طبعة 2004 –مطبعة فضالة –المحمدية -  ص 99 .

[346]  عبد الكريم طبيح – مدونة الأسرة ومحددات الفكر الحداثي المجتمعي – رسالة المحاماة – العدد 22 – نونبر 2004 م – ص 30 .

[347]  تنص المادة 156 من مدونة الأسرة على ما يلي : " إذا تمت الخطوبة وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة ، ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط التالية :

أ – إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء ،

ب – إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة ،

ج – إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما .

تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن

إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه ، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب ".  

[348] تنص المادة 16 من مدونة الأسرة على ما يلي : " تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج .

إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته ، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة

 تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية ، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين .

يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات ، ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ" . 

[349]  حكم رقم : 7198 صادر بتاريخ 24/10/2005 في الملف رقم 619/03 عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء قسم قضاء الأسرة – عدد صفحاته 14 صفحة ( غير منشور ) .

[350]  حكم للمحكمة الابتدائية بابن سليمان قسم قضاء الاسرة رقم 509/05 صادر بتاريخ 09/02/2005 م في الملف الشرعي رقم 938/04 ( غير منشور ) .

[351]  حكم للمحكمة الابتدائية بميسور قسم قضاء الأسرة رقم 24 / 2005 صادر بتاريخ 28 / 02 / 2005 م في الملف الشرعي رقم 313 / 04 ( غير منشور )

[352]  يمكن الاقتصار ، في بعض الحالات ، على تحاليل الفصائل الدموية لقطعية نتائجها في نفي النسب ، ولقلة تكاليفها ، وإمكانية الحصول عليها في مختلف مناطق المغرب .

[353]  من بين هذه الخبرات الاعتماد على الفحوصات المثبتة للعقم حيث من المحتمل أن يصاب الزوج بالعقم لكن بعد العلوق .

[354]  حكم رقم  57 ج صادر بتاريخ 27 / 01 / 2005 في الملف رقم 441 / 04 / 16 عن المحكمة الابتدائية باليوسفية (غير منشور)

[355] وزارة العدل الجزائرية – قانون الأسرة الجزائري – الطبعة الثالثة – 2002 م – مطبوعات الديوان الوطني للأشغال التربوية .

[356] بموجب قانون رقم 05 – 09 المؤرخ في 04 ماي 2005 م .

[357] تنص المادة 41 من قانون الأسرة الجزائري قبل تعديله على ما يلي : " ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج  شرعيا وأمكن الاتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة . "

[358] تشوار جيلالي – الزواج والطلاق تجاه الاكتشافات الحديثة للعلوم الطبية والبيولوجية – طبعة 2001 – ديوان المطبوعات الجامعية – ص 167

[359] ينص الفصل 68 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية على ما يلي : " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو شهادة شاهدين من أهل الثقة فأكثر ."

[360] ينص الفصل 75 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية على ما يلي : " إذا نفى الزوج حمل زوجته أو الولد اللازم له فلا ينتفي عنه إلا بحكم الحاكم وتقبل في هاته الصورة جميع وسائل الإثبات الشرعية "

[361] راجع الصفحة 56  من هذا البحث .

[362] لمزيد من الإيضاح حول هذا النقاش أنظر – ساسي بن حليمة – نفي النسب بواسطة التحليل الدموي – المجلة القانونية التونسية – 1998 – مركز النشر الجامعي – ص 165 وما بعدها .

-          وانظر نفس المقال بمجلة الأحداث القانونية التونسية – عدد 10 – 1996 – ص 25 وما بعدها

-          على حسين الفطناسي – دراسات في النسب -  م . س – ص 145 .

[363]  راجع  ص 57  وما بعدها من هذا البحث  .

[364]  قرار مدني عدد 27777 صادر بتاريخ 26 جانفي 1993 عن محكمة التعقيب التونسية منشور بالمجلة القانونية التونسية – 1988 – مركز النشر الجامعي – ص 155 وما بعدها .

[365]  قرار تعقيبي مدني عدد 11005 مؤرخ في 27 جويلية 1976 منشور بمجلة القضاء والتشريع – عدد 8 لعام 1976 – ص 72 أورده : أستاذنا إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " -  م . س – ص 105 .

[366]  قرار عدد 3411 مؤرخ في 17 جانفي 1974 صادر عن محكمة الاستئناف بسوسة – منشور بمجلة القضاء والتشريع  التونسية – عدد 4 لعام 1974 .

    – أورده أستاذنا  إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " -  م . س – ص 104 وما بعدها .

    – وساسي بن حليمة – نفي النسب بواسطة التحاليل الدموية – المجلة القانونية التونسية – م . س – ص 166 ، ونفس المقال بمجلة الأحداث القانونية التونسية – م . س – ص 26 .

[367] ساسي بن حليمة – بين النسب والأبوة – م . س – ص . 152 .

[368] قانون الأحوال الشخصية الكويتي رقم 51  لسنة 1984  ( 8 شوال 1404 ﻫ ) .

[369]  خليفة علي الكعبي – م . س – ص 80 .

[370]  قرار رقم 991 أحوال شخصية صادر بتاريخ الأربعاء 30/04/2000 عن دائرة الأحوال الشخصية محكمة الاستئناف – الكويت – أورده خليفة علي الكعبي – م .   س – ص 81 .

[371]  تمييز رقم 140 لسنة 2000 م صادر بتاريخ 27/01/2001م  عن دائرة الأحوال الشخصية محكمة التمييز – الكويت – أورده خليفة علي  الكعبي – م . س – ص 81 .

[372] - القانون الليبي رقم 10 لسنة 1984 الصادر في 19 أبريل 1984 بشأن الزواج والطلاق وآثارهما .

 

[373]   جمعة محمد فرج بشير – النسب  إثباته ونفيه في الفقه الإسلامي  والقانوني الليبي والمغربي – دراسة مقارنة –ج . 2 -  أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون – جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بالدار البيضاء – السنة الجامعية 1996 / 1997 -  ص . 787 .

[374]  طعن شرعي رقم 1 / 23 ق ، جلسة 11 مارس 1976 منشور بمجلة المحكمة العليا العدد الأول – السنة الثالثة عشر 1976 – ص 17 – أورده أستاذنا   إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " -  م . س – ص 106 .

 -[375] أستاذنا إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية ( مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية ) – م . س – ص 89 وما بعدها .

-          أستاذنا الحسين بلحساني – قواعد إثبات النسب والتقنيات الحديثة - م . س – ص . 95 وما بعدها .

-          أستاذنا محمد الكشبور – الوسيط في قانون الأحوال الشخصية – م . س – ص . 458 وما بعدها .

-          أحمد الخمليشي – وجهة نظر – ج . 2 – م . س – ص . 85 .

-          أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – م . س – ج . 2 -  ص . 66 وما بعدها .

-          خالد برجاوي – م . س – ص . 105 وما بعدها .

 

[376]  أحمد إد الفقيه – مركز الاجتهاد القضائي ... وأسلوب تدخله في تطوير القاعدة القانونية – مجلة المنتدى – العدد 4 – يوليوز 2004 – ص 27 وما بعدها

[377]  أنظر نص المادة 153 من مدونة الأسرة ص 63 وما بعدها من هذا البحث .

[378]  أستاذنا محمد الكشبور – شرح مدونة الأسرة – ج .2 – م . س – ص 313 .

[379]  أستاذنا محمد الكشبور – شرح مدونة الأسرة – ج . 2 – م . س – ص 313 .

[380] محمد جوهر – إثبات ونفي النسب بين الطب والعجب – المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية -  العدد 50 – 2004 م – ص 166 .

[381]  محمد زاوك – قراءة في الكتاب الثالث من القانون رقم 03 – 71 بمثابة مدونة الأسرة –  الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة – سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية – العدد 5 – شتنبر 2004 م – طبع مكتبة دار السلام – الرباط – ص 24 .

[382] حكم للمحكمة الابتدائية بمراكش عدد 3122 صادر بتاريخ 7 / 11 / 2005 م في الملف الشرعي عدد 880 / 8 / 05  ( غير منشور )

[383] حكم للمحكمة الابتدائية بمراكش قسم قضاء الأسرة رقم 250 صادر بتاريخ 23/01/2006 م  في الملف الشرعي رقم 2561/08/05 ( غير منشور )

[384] جاء في المادة 160 من مدونة الأسرة ما يلي : " ... 4- أن يوافق المستلحق – بفتح الحاء – إذا كان رشيدا حين الاستلحاق ، وإذا استلحق قبل أن يبلغ سن الرشد ، فله الحق في أن يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سن الرشد ..."

[385]  ساسي بن حليمة – نفي النسب بواسطة التحليل الدموي -  م . س – ص 161 .

[386]   Article 316 : Le mari doit former l'action en désaveu dans les six mois de la naissance , lorsqu'il se trouve sur les lieux .

S'il n'était pas sur les lieux , dans les six  mois de son retour . Et dans les six  mois qui suivent  la découverte de la fraude , si la naissance de l'enfant lui avait été cachée ."

 - (inséré  par la  loi n°72-3 du  janvier 1972 art.1 journal officiel du 5 janvier 1972 en vigueur le 1er août 1972 )

 

[387] حكم رقم 57 ج بتاريخ 27 /01/2005 م ملف رقم 441 / 04 /16 ( غير منشور )

[388]  ملف رقم 2394 / 05 ( غير منشور وما زال رائجا أمام المحكمة )

[389]  أنظر أمر بإجراء خبرة  مضادة الملحق رقم  2  ص  124  من هذا البحث .

[390] قرار عدد 11027 بتاريخ 20 نونبر 1984 م أورده : ساسي بن حليمة – نفي النسب بواسطة التحليل الدموي – م . س – ص 162

[391] ساسي بن حليمة – نفي النسب بواسطة التحليل الدموي – م . س – ص 163 .

[392] عمار التيزاوي قاض بالمحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة بطنجة في حوار أجريته معه بتاريخ 20/04/2006 بقسم قضاء الأسرة.

[393] أستاذنا عبد الخالق أحمدون – الزواج والطلاق في مدونة الأسرة – الطبعة الأولى 2006 م – طوب بريس – الرباط - ص 261 .

[394] الآية 5 من سورة الأحزاب .

[395] محمد أكديد – حجية الفراش (  قوته الإثباتية ) – الأيام الدراسية حول مدونة الاسرة – سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية – العدد 5 – شنبر 2004 -  ص 78 .

[396]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 - م . س -  ص 71 .

[397]  خالد بنيس – قاموس الاحوال الشخصية والميراث – طبعة 1998 – ردمك – ص 56 .

[398]  - حسن فتوخ - مداخلة بندوة : مدونة الأسرة المنظمة من طرف كلية الحقوق بمراكش بتعاون مع هيئة المحامين ومركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بنفس المدينة يومي الجمعة والسبت 27 و 28 يناير 2006 م .       

[399] أستاذنا محمد الكشبور – شرح مدونة الأسرة – ج . 2 – م . س – ص . 316 .

[400] ينص الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي : " يتعين على المحكمة أن تبث في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ لها أن تغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات وتبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة"

[401] مثل الدم والسائل المنوي ، أما اللعاب فلا يحتوي على كمية كافية من الحمض النووي إلا أن مسحة من الغشاء المخاطي للفم ، والذي يتكون من خلايا جدارية يحتوي على كمية كافية من الحامض ، أما مخلفات الجسم كالبول فهي لا تزال تحت البحث العلمي ولم يتم التوصل إلى نتيجة بعد .

أنظر : جميل عبد الباقي الصغير – أدلة الإثبات الجنائي والتكنولوجي الحديثة ( أجهزة الراداد – الحاسبات الآلية – البصمة الوراثية ) دراسة مقارنة – طبعة 2002 م – دار النهضة العربية – القاهرة – ص 71 .  

[402]  محمد محمد أبو زيد – م . س-  ص 302 .

[403]  الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المنشور بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف ( الدورة الثالثة ) المؤرخ في 10 دجنبر 1948 .

[404]  الصادر بتنفيذ نصه الظهير الشريف رقم 157 . 96 . 1 المؤرخ ب 23 من جمادى الأولى 1417 ه – 7 أكتوبر 1996 م .

[405]  الفصل 10 من الدستور المغربي لسنة 1996 م .

[406]  الفصل 11 من الدستور المغربي لسنة 1996 م .

[407]  حسنين المحمدي بوادي – م . س- ص 77 .

[408] جاء في التقرير الإجمالي لمختبر الشرطة العلمية بالدار البيضاء ما يلي : " ...قمنا بأخذ عينة لعاب لكل من الأشخاص الآتية أسماؤهم (...) لإجراء خبرة جينية لتحديد العلاقة البيولوجية ما بين ..." تقرير رقم SEG/ LPS/ 05 / 533 منجز بطلب من المحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة - بركان – ملف شرعي رقم 408 / 04  ( غير منشور )

[409]  جميل عبد الباقي الصغير – م . س – ص 75 .

[410] جميل عبد الباقي الصغير – م . س -  ص 74 .

[411]  " إن المجين البشري هو قوام الوحدة الأساسية لجميع أعضاء الأسرة البشرية ، وقوام الاعتراف بكرامتهم الكاملة وتنوعهم . وهو بالمعنى الرمزي تراث الإنسانية " =

= هكذا عرفه الإعلان العالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان في مادته الأولى

[412]  تنص المادة 5 من الإعلان العالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان على ما يلي : "

أ – لا يجوز إجراء بحث أو القيام بأي معالجة أو تشخيص يتعلق بمجين شخص ما ، إلا بعد إجراء تقييم صارم ومسبق للأخطار والفوائد المحتملة المرتبطة بهذه الأنشطة مع الالتزام بأحكام التشريعات الوطنية في هذا الشأن .

ب – ينبغي في كل الأحوال التماس القبول المسبق والحر والواعي من الشخص المعني . في حالة عدم أهليته للإعراب عن هذا القبول ، وجب الحصول على القبول أو الإذن وفقا للقانون مع الحرص على المصلحة العليا للشخص المعني ... "

[413]  تنص المادة 7 من الإعلان العالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان على ما يلي : " ينبغي وفقا للشروط التي يحددها القانون حماية سرية البيانات الوراثية الخاصة بالشخص يمكن تحديد هويته ، والمحفوظة أو المعالجة لأغراض البحث أو لأي غرض آخر ."

[414]  المادة 10 من الإعلان العالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان .

[415] تنص المادة 11 -  16  من القانون لمدني الفرنسي على ما يلي :

"L' Identification d' une personne par ses empreintes génétiques ne peut être recherchée que dans le cadre de musures d'enquête ou d'instruction diligentée lors d'une procédure judiciaire( ...)

En matière civile , cette identification ne peut être recherchée qu'en exécution d'une mesure d'instruction ordonnée par le juge saisi d'une action tendant soit à  l'établessement ou la contestation d'un lien de filiation , soit à l' obtention ou la suppression de subsides.Le consentement de l'intéressé doit être préalablement et expressément  recueilli..."

( Loi n° 94 - 653 du 29 juillet 1994 art. I I , II,art. 5 journal officiel du 30 juillet 1994 )

( Loi n° 2004 - 800 du 6 août 2004 art . 4 I , art . 5 journal officiel du 7 août 2004 )

(  Loi n° 2005 - 270  du 24 mars 2005 art . 93 journal officiel du 26 mars 2005 en vigueur le 1er juillet 2005 )

[416]   Article 226-26du code penal français:                                                                                              

   "Le fait de détourner de leurs finalités médicales ou de recherche scientifique les informations recueilles sur une personne au moyen de l'examen de ses caractéristiques génétiques est puni d'un an d'emprisonnement et de 15000 euros d'amende."                                                                                       

(Loi n 94-653 du 29 juillet 1994 art.8 journal officiel du 30 juillet 1994 .)                                               

 (Ordonnance n 2000- 916 du 19 septembre 2000 art .3 journal officiel du 22  septembre 2000 en vigueur le 1er janvier 2002 . )                                                                                                                    

 (Loi n2004 - 800 du 6 août 2004 art.4 III journal officiel du 7 août 2004 .)                                               

[417]  تصدير دستور 1996 الصادر بتنفيذ نصه الظهير الشريف رقم 157 . 96 . 1 المؤرخ ب 23 من جمادى الأولى 1417 ه – 7 أكتوبر 1996 م .

[418] فايز الظفيري – الطفل والقانون معاملته وحمايته الجنائية في ظل القانون الكويتي 1999 ، 2000 – مجلة الحقوق – عدد 1 – مارس 2001 م – ص 132 .

[419] اتفاقية حقوق الطفل ، ظهير شريف رقم 363 . 93 . 1 صادر في 9 رجب 1417 ( 21 – 11 – 1996 ) بنشر اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرار 25 /44 المؤرخ في 20 / 11/ 1989 ، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4440 بتاريخ 19 دجنبر 1996 ص 2847 .

[420] تنص المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 على ما يلي : " ... ويكون له قدر الإمكان الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما .."

[421]  وقد واجه قسم قضاء الأسرة بطنجة مثل هذا الموقف أثناء النظر في دعوى نفي النسب استنادا إلى الخبرة الطبية حيث رفض الابن الخضوع للخبرة الطبية رغم انتقال فرقة التشخيص القضائي التابعة لجهوية الدرك الملكي بالرباط إلى طنجة بأمر من المحكمة ، وهذه الدعوى لا زالت سارية لحد الآن . – أنظر أمر بتسخير فرقة التشخيص القضائي التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي بالرباط والانتقال   لمقر الدرك الملكي بطنجة ( الملحق رقم  3  ص 127  من هذا البحث ) وجواب الفصيلة القضائية التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي بالرباط (الملحق رقم 4 ص  129  من هذا البحث ) .

[422]  راجع ص 43 من هذا البحث .

[423] تنص المادة 238 من مدونة الأسرة على ما يلي : " يشترط لولاية الأم على أولادها :... 2 – عدم وجود الأب بسبب وفاة أو غياب أو فقدان الأهلية ، أو بغير ذلك ..."

[424] خاصة أن بعض الفقه اعتبر عبارة " عدم وجود الأب " الواردة يالمادة 238 من مدونة الأسرة تشمل حالة عدم ثبوت نسب الولد إلى أبيه قضاء .

انظر : عمر لمين – مستجدات مدونة الأسرة فيما يتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية – الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة – سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية - العدد 5 – شتنبر 2004 م – ص123  .

[425] ماجدة بن جعفر –تطور وسائل الإثبات في مادة النسب –مجلة القضاء و التشريع -  عدد 1- 2002م –ص 77 .

[426]  استئناف باريس 24 نونبر1981- أو رده :محمد محمد أبو  زيد-  م.س- -ص 305 .

[427] زهور الحر في حوار مع جريدة الأحداث المغربية – العدد 2618 – الأحد 3 ربيع الأول 1427 ه الموافق ل 2 أبريل 2006 م – ص 4 .

[428] وهذا ما ذهب إليه المشرع الفرنسي في الفصل 11 من قانون المسطرة المدنية الذي يقضي بأن للقاضي أن يستخلص كل الاستنتاجات التي يراها مناسبة من رفض أو امتناع أحد الأطراف على تقديم المساعدة في التحقيق.

Al . 1 Article 11 du nouveau code de procédure civile : " Les parties sont tenues d'apporter leur  concours aux mesures d'instruction. Sauf au juge à tirer toute consequence d'une abstention ou d'un refus ..."

[429] قرار تعقيبي مدني عدد 4182 مؤرخ في 6 نوفمبر 2000 م منشور بمجلة القضاء والتشريع – العدد 1 – السنة 44 – شوال / ذو القعدة 1422 ﻫ– جانفي 2002 م – ص 217 وما بعدها .

[430] قرار تعقيبي مدني عدد 10020 مؤرخ في 12 أكتوبر 2001 م  منشور بمجلة القضاء والتشريع – عدد 1 – شوال / ذو القعدة 1422 ﻫ– جانفي 2002 م – ص 197 وما بعدها .

[431]                                                                                                          Cass . Civ I , 16 juin 1998 - voir  :

Frédérique Dreifuss - Netter - Empreintes génétiques et filiation - Etude  ( mise à jour le : 20/01/05 ) - Centre  de documentation multimedia en Droit Médical 

http://www.droit.univ-paris5.fr/cddm/modules.php?name=news&file=article&sid=47   

[432]  يوجد بالمغرب حوالي عشر مراكز للإنجاب تحت المراقبة الطبية – أنظر : نور الدين العمراني – تقنيات الإنجاب الصناعي بالمغرب بين الممارسة الطبية وغياب الضوابط القانونية – المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية – العدد 5 – السنة الرابعة – يناير 2005 م – ص 185 .

[433] عمر بن محمد بن إبراهيم غانم – أحكام الجنين في الفقه الإسلامي – الطبعة الأولى – 2001 – دار الأندلس الخضراء – جدة – ص 226 .

[434] يعتبر العقم ظاهرة اجتماعية بعاني منها حوالي 10 % من الأزواج في العالم – أنظر :

Baha Ben Amar - Procréation  médicalement assistées : une expériences au Maroc - in  l'apport des sciences et des Techniques dans le domaine de la Procréation humaine dimensions ethiques , Juridiques et  Psychosociales - colloque  International - 2 , 3 Mai 2003 - Casablanca  - publié par la Fondation du Roi Abdul - Aziz  Al Saoud - p 18   

[435] شوقي عبده الساهي – الفكر الإسلامي والقضايا الطبية المعاصرة – الطبعة الأولى – 1990 – دون دار الطبع – ص 81 .

      - نور الدين العمراني – م . س  – ص  178 .

[436] - ابن حجر الهيثمي – تحفة المحتاج في شرح المنهاج – م . س  – ج . 7 -   ص 304 .

      - محمد بن شهاب الدين الرملي – نهاية المحاج إلى شرح  المنهاج – م . س – ج . 7 - ص 127 .

[437]  عبد الكريم غلاب – مداخلة في الدورة العاشرة لأكاديمية المملكة المغربية بأكادير حول القضايا الخلقية الناجمة عن التحكم في تقنيات الإنجاب – نونبر 1986 م – مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية – سلسلة " الدورات " – ص . 226 .

[438]  أنظر في هذا الصدد مداخلة  عبد الكريم غلاب -  م . س – ص 226 .

[439]  عرضت أمام القضاء المصري قضية الصوفة خلاصتها أن إحدى الزوجات لجأت لأعمال الدجل والشعوذة بعدما يئست من العلاج الطبي ، ولظنها أن العيب لديها ، حيث قامت الدجالة بإدخال الصوفة في رحم الزوجة مبللة بنطف شقيق الدجالة بدون علم الزوجة ، ثم طلبت منها أن تجامع زوجها مباشرة ، أنجبت المرأة ثم اكتشف الزوج أنه غير قادر على الإنجاب تماما ، فرفع دعوى إنكار البنوة معززا طلبه بالشهادات الدالة على ذلك ، وما كان على القضاء إلا إجابته لطلبه ، بعدما اعترفت الزوجة بموضوع الصوفة كما اعترفت الدجالة بالحقيقة أيضا .

أوردها : رضا عبد الحليم عبد المجيد –  النظام القانوني للإنجاب الصناعي ( التلقيح الصناعي – أطفال الأنابيب – الحمل لصالح الغير)  دراسة مقارنة – الطبعة الأولى  - 1996 م – مطبعة حمادة الحديثة – قويسنا -  ص 70 .

[440]  للمزيد من الإيضاح حول قضية الصوفة :

      - عبد الكريم غلاب -  م . س – ص 226  .

      - رضا عبد الحليم عبد المجيد – م . س – ص . 70 .

     - محمد المرسى زهرة – الإنجاب الصناعي – أحكامه القانونية وحدوده الشرعية : دراسة مقارنة – طبعة 1992 م – 1993 م – ذات السلاسل الكويت – ص 25 . 

   - شوقي عبده الساهي – م . س – هامش ص 81 .

   - جمعة محمد فرج بشير – م . س – ج . 1 – ص 314 وما بعدها . 

[441]  - عبد الحليم محمود طهاز -  الأنساب والأولاد : دراسة لموقف الشريعة الإسلامية من التلقيح الصناعي وما يسمى بأطفال الأنابيب – الطبعة الأولى - دار القلم – دمشق – دارة العلوم – بيروت  – ص . 58 وما بعدها .                                  =

=    -     عمر بن محمد بن إبراهيم غانم- م . س – ص . 228 وما بعدها .

-          شوقي عبده الساهي – م . س – ص . 86 وما بعدها .

-          نور الدين العمراني – م . س – ص . 179 .

-          محمد المرسي زهرة – م . س – ص . 21 .   

[442]   - مروك نصر الدين – الأم البديلة بين القانون المقارن والشريعة الإسلامية – دراسة مقارنة – المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية – الجزء 37 – رقم 04 – 1999 -  طبع الديوان الوطني للأشغال التربوية – 2002 م – ص . 9 .

        - نور الدين العمراني – م . س – ص . 180 وما بعدها .

        -  رضا عبد الحليم عبد المجيد – م . س – ص . 81 .

        -  عمر بن محمد بن إبراهيم غانم – م . س  – ص . 234 .

-          جمعة محمد فرج بشير – م . س – ج . 1 – ص. 312 وما بعدها .

[443]  رضا عبد الحليم عبد المجيد – م . س – ص . 22 وما بعدها .

[444]   - محمد علي البار – القضايا الأخلاقية الناجمة عن التحكم في تقنيات الإنجاب – الدورة العاشرة لأكاديمية المملكة المغربية بأكادير -  م . س –   ص . 81 وما بعدها .

      - جمال أبو السرور – ضوابط وأخلاقيات الصحة الإنجابية – الأبحاث المقدمة في المؤتمر الدولي : السكان والصحة الإنجابية في العالم الإسلامي من 21 إلى 24 فبراير 1998 م – جامعة الأزهر – المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية – دار الكتب – 2001 م – ص . 29 .

[445]   - عبد الله كنون – حول التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب - الدورة العاشرة لأكاديمية المملكة المغربية بأكادير – م . س -  ص 155 .

-         محمد المكي الناصري – موقف الإسلام من التلقيح الاصطناعي كوسيلة للإنجاب – الدورة العاشرة لأكاديمية المملكة المغربية بأكادير – م . س -  ص . 159 .

-         الحاج أحمد بنشقرون – ما موقف الإسلام من تطور تقنيات الإنجاب فقها واجتهادا ؟  - الدورة العاشرة لأكاديمية المملكة المغربية بأكادير – م . س – ص . 163 .

       - القرار الثاني بشأن التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب الصادر عن مجلس  المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة  المنعقدة  بمكة المكرمة في الفترة ما بين  19 – 28 يناير 1985 م– مجلة المجمع الفقهي الإسلامي – العدد العاشر – السنة الثامنة – 1996 م – ص . 320 وما بعدها .

- يوسف القرضاوي – الحلال والحرام في الإسلام – طبعة 1993-  مكتبة وهبة - ص . 218 .

[446]  للاطلاع على هذه الشروط بتفصيل أنظر :

-          محمد المرسى زهرة – م . س - -ص 37 وما بعدها .

-         إدريس خليل – التحكم في تقنيات الإنجاب مواقف وآراء انطلاقا من الشريعة الإسلامية - الدورة العاشرة  لأكاديمية المملكة المغربية بأكادير – م . س -  ص 139 .

[447]  عبد الله كنون – حول التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب - الدورة العاشرة لأكاديمية المملكة المغربية بأكادير – م . س – ص . 154 وما بعدها .                                                                                                                    =

= -  محمد المكي الناصري – موقف الإسلام من التلقيح الاصطناعي كوسيلة للإنجاب – الدورة العاشرة لأكاديمية المملكة المغربية بأكادير – م . س -  ص . 160 .

      – القرار الثاني الصادر عن مجلس  المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بشأن التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب – م . س – ص 320 وما بعدها .

[448] أورده  : يوسف القرضاوي – م  . س – ص 218  .

[449] راجع القرارالثاني  الصادر عن مجلس المجمع  الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بشأن التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب -  م . س – ص . 320 وما بعدها  .

[450]  أنظر القرار السابع بشأن البصمة الوراثية – م . س -  ص . 478  وما بعدها .

[451] - محمد المكي الناصري  – موقف الإسلام من التلقيح الاصطناعي كوسيلة للإنجاب – م . س -  ص . 159 .

     - شهاب الدين الحسيني – التلقيح الصناعي بين العلم والشريعة – الطبعة الأولى – 2001 م – دار الهادي – بيروت – لبنان – ص  154 .

[452]  محمد المرسى زهرة – م . س – ص 333 وما بعدها .

[453]  تنص المادة 154 من مدونة الأسرة على ما يلي :

 " يثبت نسب الولد بفراش الزوجية : ... 2 - إذا ولد خلال سنة من تاريخ الفراق . " 

[454]  قانون رقم 05 / 109 المؤرخ في 4 مايو سنة 2005 م – مولود ديدان – قانون الأسرة حسب آخر تعديل له – دار النجاح للكتاب – الجزائر .

[455]  حسب الدكتور محمود شلتوت أنظر : يوسف القرضاوي – م . س -  ص 218 .

[456]  رضا عبد الحليم عبد المجيد – م . س – ص 59 وما بعدها .

[457]  محمد المرسى زهرة – م . س – ص 363 وما بعدها .

[458]  كما هو الحال بالنسبة للمشرع المغربي الذي اعتبر واقعة الولادة قرينة قاطعة على ثبوت البنوة بالنسبة للام حيث جاء في المادة 147 من مدونة الأسرة ما يلي : " تثب البنوة بالنسبة للام عن طريق واقعة الولادة ... "

[459]  محمد المرسى زهرة – م . س – ص 365 .

[460]  للمزيد من التفاصيل أنظر :

-          محمد المرسى زهرة – م . س – ص 365 وما بعدها .

-          عمر بن محمد إبراهيم غانم – م . س – ص 249 وما بعدها .

-          شهاب الدين الحسيني – م . س – ص 161 وما بعدها .

-          رضا عبد الحليم عبد المجيد – م . س – ص 270 وما بعدها .

-          مروك نصر الدين – م . س – ص 40 وما بعدها .

[461]  محمد المرسى زهرة – م . س – ص 394 .

[462]  أنظر المواد 152 و 153 و 157 من مدونة الأسرة .

[463]  راجع أحكام الفراش  ص 5  وما بعدها من هذا البحث .

[464]  راجع أحكام بينة الشهادة ص 17 وما بعدها من هذا البحث .

[465] - توصيات الندوة الفقهية الطبية التاسعة المنعقدة بالدار البيضاء في الفترة من 14 إلى 17 يونيو 1997 م تحت عنوان : " رؤية إسلامية لبعض المشكلات الطبية المعاصرة " – مجلة مجمع الفقه الإسلامي – العدد 10 – الجزء الثالث – 1997 م – ص 428 .

      -    القرار رقم  100/2/ د 10 بشأن الاستنساخ البشري الصادر عن مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره العاشر المنعقد بجدة خلال الفترة من 23 – 28 صفر 1418 / الموافق 28 يونيو 1997 م – مجلة مجمع الفقه الإسلامي – الجزء الثالث – ص 420 .

-          -collection  microsoft Encarta 2005-clonage.                                                                 

[466] - توصيات الندوة الفقهية الطبية التاسعة المنعقدة بالدار البيضاء في الفترة من 14 إلى 17 يونيو 1997 م تحت عنوان : " رؤية إسلامية لبعض المشكلات الطبية المعاصرة  " – م . س – ص 428 .

-          القرار رقم  100/2/ د 10 بشأن الاستنساخ البشري الصادر عن مجلس المجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره العاشر – م . س – ص 420  .

-          نور الدين بن مختار الخادمي – الهندسة الوراثية والإخلال بالأمن رؤية شرعية مقاصدية – مجلة البحوث  الأمنية – المجلد 12 – العدد 24 – ربيع الآخر 1424 ﻫ / يونيو 2003 م – ص 24 .

[467]  Frédirique Dreifuss - Netter - le clonage humain - dossier - dans  :  problémes politiques et sociaux

 n° 887 - Avril 2003 - p 110 . 

[468]  القرار رقم  100/2/ د 10 بشأن الاستنساخ البشري الصادر عن مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره العاشر - . م . س – ص 419 .

[469]  أنظر القرار 100/2/ د 10 بشأن الاستنساخ البشري الصادر عن مجلس المجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره العاشر – م . س – ص 421 .

[470]  توصيات الندوة الفقهية الطبية التاسعة المنعقدة بالدار البيضاء في الفترة من 14 إلى 17 يونيو 1997 م تحت عنوان : " رؤية إسلامية لبعض المشكلات الطبية المعاصرة " – مجلة مجمع الفقه الإسلامي – العدد 10 – الجزء الثالث – 1997 م – ص 432 .

[471]  أستاذنا الحسين بلحساني  – الاستنساخ البشري مقارنة فقهية وقانونية – المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية – عدد خاص : القانون والأخلاق – العدد 46 – 2002 م – ص 58 .  

[472]  إمام محمد إمام – أيام فقهية في استوكهولم – المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث يحرم الاستنساخ من الزوجين – الشرق الأوسط ، جريدة العرب الدولية – العدد 8992 – السبت 12 يوليو 2003 م .

[473] تنص المادة 11 من الإعلان العالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 11 نونبر 1997 ما يلي : " لا يجوز السماح بممارسات تتنافى مع كرامة الإنسان مثل الاستنسال لأغراض إنتاج نسخ بشرية ، ويتعين على الدول والمنظمات الدولية المختصة أن تتعاون للكشف عن مثل هذه الممارسات واتخاذ التدابير  اللازمة بشأنها على المستوى  الوطني أو الدولي وفقا للمبادئ

المنصوص عليها في هذا الإعلان "

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – سجلات المؤتمر العام – الدورة التاسعة والعشرون بباريس 21 أكتوبر إلى 12 نونبر

1997 – المجلد الثالث -  القرارات 1998 – طبع بورش اليونسكو – باريس – ص 47 .  

[474]  حول الموقف الدولي من هذه المسألة أنظر :

-          أستاذنا الحسين بلحساني  – الاستنساخ البشري مقارنة فقهية وقانونية – م . س - ص 59 وما بعدها  .

-          Frédérique Dreifuss - Netter - op . cit - p 110   

[475]  - L'ONU - communiqué de presse - AG/j/3258-22/10/2004- siscième commission - 12e séance :

UN http:www.un.org/news/fr-press/docs/2004/AGJ3258.doc.htm

- Mac camegie-ONU-clonage : :nouvelle fracture au sein de l'ONU,divisée sur la question du clonage-Agence France - Presse -29 octobre 2003                                                                                              

[476]  - Déclartion de Mohamed Benouna représentant permanent du maroc auprès de l'ONU- voir: namrita Talwar -  vers  un consensus en matiére de droit international - chronique  ediion en ligne -  nations  unis  http://www.un.org/french/pubs/chronique/2005/numero1/0105p28.html

[477]  Namrita Talwar - op . cit  .

[478]  Namrita Talwar - op . cit  .

[479]  convention pour la protection des droit de l'homme et de la dignité de l' être humain à l'égard des applications  de la biologie et de la médecine .                                                                                         

ouverte à la signature des Etats membres du conseil de l'Europe, des Etats non membres qui ont participé à son élaboration et de la communauté européenne , à oviedo , le 4 Avril 1997 , entrée en vigueur: 1er Décembre 1999.                                                                                                               

 

[480]  يفيد التفسير السائد لمقتضيات هذا البروتوكول أن هذا الأخير لا يمنع الاستنساخ من أجل العلاج – أنظر :

Frédérique Dreifuss - Netter - op . cit - p 109  

[481]   - L 'alinéa 1 de l' article 1 du Protocole additioinnel à la convention sur la protection des droits de l'homme et de  la dignité de l'être humain

ouvert à la signature des signataires de la convention , à paris , le 12 janvier 1998 . Entrée en vigueur : 1er Mars 2001 postule que  :  " 1 . Est interdite toute intervention ayant pour but de créer un être humain génétiquement identique à un autre être humain vivant ou mort "

[482]  Elisabeth Bursaux - clonage  humain et Bioéthique- Encyclopedia Universalis 10 - DVD                

[483]  إبراهيم فليفل – مشروع اتفاقية عربية  لمنع الاستنساخ البشري – الشرق الأوسط جريدة العرب الدولية – العدد 9319 – الخميس 15 ربيع الثاني 1425 ه الموافق 3 يونيو 2004 م – ص 2 .

[484]  أستاذنا  الحسين بلحساني –  الاستنساخ البشري مقاربة فقهية وقانونية - م . س  – ص 76  .

[485]  عمر جاري – وزارة العدل المغربية تعد مشروع قانون ينظم أحكام الاستنساخ في المغرب ويمنعه على الإنسان – الشرق الأوسط جريدة العرب الدولية – العدد 8925 – الثلاثاء 5 ربيع الأول 1424 ه الموافق ل 6 مايو 2003 م – تقارير.

[486]  Philippe Chambon - la  Damnation du clone Interview avec Lucien Sfez professeur de science politique à la Serbonne - science  et vie - n° 956 - mai  1997 - p  : 96                                                       

[487]  نور الدين بن مختار الخادمي – م . س – ص . 42 .

[488]  Lusien Sfez in la damnation du clone par Philippe Chambon - op . cit - p .96 .                                  

[489]  محمد رأفت عثمان  ومحمد حسن فضل الله  . أنظر : استنساخ البشر ... بين صرعه العلم ومستقبل الكون – مجلة المجتمع - العدد 1533 الصادر بتاريخ 04/01/2003 م  .

[490]   وتتمثل هذه الشروط  في :

أ- أن يكون الزوجان لا ينجبان أصلا بالطريقة الطبيعية .

ب-  أن يتم التأكد أن المولود بطريقة الاستنساخ سيكون طبيعيا في حياته وسلوكه وليس معرضا لأي نوع من الأضرار الصحية لأنه من المحتمل أن يكون عمر المولود بطريقة الاستنساخ هو عمر نواة الخلية المزروعة في البويضة .

ج – أن تؤكد الدراسات القانونية والاجتماعية أنه لن يترتب على وجود شخصين متصفين بكامل الصفات بينهما أي إضرار بالفرد أو المجتمع .

أنظر : رأي محمد رأفت عثمان – م . س .  

[491]  لوري أندروس من كلية القانون في شيكاغو - أورده : محمد يحيى المحاسنة – الاستنساخ البشري من وجهة نظر قانونية – مجلة الحقوق – العدد 3 – السنة الثامنة والعشرون – شتنبر 2003 م – ص 284 .

[492]  راجع  ص 89  من هذا البحث  وما بعدها .

[493]  Axel Kahn - clonage  , filiation et paternité - médecine  et Santé - futura  sciences - 25  fevrier 2004 - p : 5                                                                                                                                                  

[494]  محمد رأفت عثمان ومحمد حسن فضل الله  – م . س .

[495]  لوري أندروس من كلية القانون في شيكاغو – أورده : محمد يحيى المحاسنة – م . س – ص 284 .

[496]  راجع شروط إثبات النسب بالفراش ص 6  من هذا البحث .

[497]  البخاري – م . س – حديث رقم 7182- ص . 362.

[498] عمر بن محمد السبيل – م . س – ص 67  .

[499]  تنص المادة 152 من مدونة الأسرة على ما يلي : " أسباب لحوق النسب : 1- الفراش ؛ 2 – الإقرار ؛ 3- الشبهة ."

[500]  إبراهيم بحماني – م . س – ص 34 .

[501] نصر فريد واصل – البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – مجلة المجمع الفقهي الإسلامي – العدد السابع عشر – السنة الخامسة عشرة – 2004 م – ص 78 .

[502]  علي محي الدين القرة داغي – البصمة الوراثية من منظور الفقه الإسلامي – مجلة المجمع الفقهي الإسلامي – العدد السادس عشر – السنة الرابعة عشرة – 2003 م – ص 51 .

[503]  علي محي الدين القرة داغي – م . س – ص 51 .

[504]  القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – م . س – ص 479 . 

[505]  تقرير اللجنة العلمية عن البصمة الوراثية – مجلة المجمع الفقهي الإسلامي – العدد 16 – السنة 14 – 2003 م – ص 292 .

[506]  تقرير اللجنة العلمية عن البصمة الوراثية – م . س – ص 294 .

[507]  خليفة علي الكعبي – م . س – ص 151 وما بعدها .

 [508] البخاري – صحيح البخاري – م . س – المجلد الرابع – كتاب الفرائض -  حديث رقم 6770 – ص . 259

[509]  أستاذنا أحمد زوكاغي – م . س – ص 6 .

[510] قرار رقم 658 بتاريخ 30 دجنبر 2004 م في الملف الجنائي عدد 556/2/1/2003 م صادر عن المجلس الأعلى بجميع غرفه – راجع وقائع هذا القرار وحيثياته ص 58 وما بعدها  من هذا البحث .

[511]  أستاذنا أحمد زوكاغي – م . س – ص 6 .

[512]  البخاري – م . س – حديث رقم 7182- ص . 362.

[513]  أستاذنا أحمد زوكاغي – م . س -  ص 6 .

[514]  راجع ص 72  من هذا البحث وما بعدها .

[515]  أنظر ص 15  من هذا البحث .

[516]  يوسف وهابي – تحاليل البصمة الوراثية ( أ . د . ن A.D.N  ) ودورها في إثبات أو نفي النسب : قراءة في مواقف القضاء والتشريع ( مدونة الأسرة ) : دراسة مقارنة – مجلة الملف – العدد 8 – مارس 2006 م – ص 20 . 

[517]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 – م . س – ص 72 .

[518]  يوسف وهابي – م . س – ص 20 .

[519]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 – م . س – ص 72 .

[520]  حكم رقم 175 / 56764 مؤرخ ب 17 / 12/ 2002 – صادر عن محكمة الاستئناف الشرعية بعمان – أورده : خليفة علي  الكعبـي – م . س – ص 84 وما بعدها .

[521]  ساسي بن حليمة – إثبات نسب ابن الزنا بالإقرار – م . س – ص 122 .

[522]  إذا ولد الولد خارج العلاقة الشرعية كأن يكون ثمرة اغتصاب مثلا .

[523]  وهبة الزحيلي – م . س – ج . 7 – ص 674 .

[524]  -  نصر فريد واصل – م . س – ص 78

  - علي محي الدين القرة داغي – م . س – ص 51

 - عمر بن محمد السبيل – م . س -  ص 66  .

       -  خليفة علي الكعبي – م . س – ص 230 .

[525]  علي محي الدين القرة داغي – م . س – ص 51 .

[526]  عمر محمد السبيل – م . س -  ص 66  .

[527]  نصر فريد واصل – م . س – ص 78 .

[528]  ابن قدامة – الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل – م . س – ج . 4 – ص . 370 .

[529] أستاذنا محمد الكشبور – شرح مدونة الأسرة – الجزء الثاني – انحلال ميثاق الزوجية – الطبعة الأولى 2006 – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – ص 318 .

[530]  راجع أقوال الفقه المعاصر أعلاه .

[531]  أستاذنا محمد الكشبور – شرح مدونة الأسرة – م . س – ج 2 – ص 318 .

[532]   راجع ص 17 من هذا البحث .

[533]   -  ابن قدامة – الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل – م . س – ص 264 وما بعدها .

        -  أبو يحيى زكريا الأنصاري – م . – ج . 5 – ص . 628 .

[534]  - علي محي الدين القرة داغي – م . س – ص 11 .

-          نصر فريد واصل – م . س – ص . 78 .

-          خليفة علي الكعبي – م . س – ص . 212 .

[535] ابن قيم الجوزية – الطرق الحكمية في السياسة الشرعية – تحقيق : محمد جميل غازي – دون رقم الطبعة ولا تاريخها – مطبعة المدني – القاهرة – ص 334 .

[536]   - أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج 2 – م . س – ص 73 .

         - سعد الدين مسعد هلالي – م . س – ص 315 وما بعدها .

[537]  سعد الدين مسعد هلالي – م . س – ص 315 وما بعدها .

[538]  ابن قيم الجوزية – الطرق الحكمية في السياسة الشرعية – م . س  – ص 334 .

[539]  راجع ضوابط العمل بالبصمة الوراثية ص 41 وما بعدها من هذا البحث .

[540]   جاء في الفصل 95 من قانون المسطرة المدنية ما يلي : " ...يجب على الخبير أن يؤدي اليمين أمام السلطة القضائية ..."

[541]  راجع ص  18 من هذا البحث .

  [542] في المغرب ، يتكون طاقم الخبراء المكلفين بإجراء خبرة طبية واحدة في ميدان النسب من ستة أعضاء -   تقرير رقم SEG/ LPS/ 05 / 533 منجز من طرف المختبر الوطني للشرطة العلمية بالدار البيضاء بطلب من المحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة - بركان – ملف شرعي رقم 408 / 04  ( غير منشور) -  ( أنظر الملحق رقم  5  ص  131  وما بعدها ) . 

[543]  تقرير اللجنة العلمية عن البصمة الوراثية – م . س – ص 290 وما بعدها .

[544]  راجع ضوابط العمل بالبصمة الوراثية ص 41 من هذا البحث .

[545]  إدريس حمادي – البعد المقاصدي وإصلاح مدونة الأسرة – طبعة 2005 م – إفريقيا الشرق – الدار البيضاء – ص 198 .

[546]  القرار السابع بشان البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – م . س – ص 479 .

[547]  عمر بن محمد السبيل – م . س –  ص 58   .

[548] محمد التاويل – الخبرة الطبية وأثرها في ثبوت النسب ونفيه في المنظور الإسلامي – جريدة المحجة – العدد 256 – 17 ماي 2006 – ص 5 .

[549]  الآية 6  من سورة النور .

[550]  محمد التاويل – م . س – ص 5 .

[551]  عمر بن محمد السبيل – م . س – ص 57 وما بعدها  .

[552]  آية 36 من سورة الأحزاب .

[553]  محمد التاويل – م . س – ص 5 .

[554]  البخاري -  م . س – حديث رقم 5305 -  كتاب الطلاق – باب إذا عرض بنفي الولد – المجلد . 3 – ص . 401 وما بعدها .

[555]  محمد التاويل – م . س – ص 5 .

[556]   -  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 – م . س – ص  . 71 وما بعدها  .

        - سعد الدين مسعد هلالي – م . س – ص 351 وما بعدها .

        - إدريس حمادي – م . س – ص 199 وما بعدها .

        - أنور محمود دبور – م . س  – ص 96 وما بعدها  .

[557]  أنور محمود دبور-  م . س – ص . 96 .

[558]  أحمد الخمليشي – التعليق على قانون الأحوال الشخصية – ج . 2 – م . س – ص .71 .

[559]  أنور محمود دبور – م .   س – ص 96 .

[560]  الآية 6 من سورة النور .

[561]  سعد الدين مسعد هلالي – م . س – ص 351 وما بعدها .

[562]  إدريس حمادي – م . س – ص 200 .

[563]  أستاذنا الحسين بلحساني – قواعد إثبات النسب والتقنيات الحديثة -  م . س – ص 106

[564]البخاري – م . س – حديث رقم 4747 – كتاب التفسير – باب ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات – المجلد . 3 – ص . 227 .

[565]  أستاذنا الحسين بلحساني – قواعد إثبات النسب والتقنيات الحديثة - م . س – ص 107 .

[566]   -   أستاذنا إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " – م . س – ص .111 وما بعدها .

        -   محمد محمد أبو زيد – م . س – ص 52 .

       -   علي محي الدين القرة داغي – م . س – ص 52 وما بعدها .

-          نصر فريد واصل – م . س – ص 81 وما بعدها  .

 

[567]  علي محي الدين القرة داغي – م . س – ص 52 .

[568]  علي محي الدين القرة داغي – م . س – ص 53 .

[569]  وهذا الرأي يوافق ما جاء في الدليل العملي لمدونة الأسرة بمناسبة تفسير المادة 153 من مدونة الأسرة حيث جاء فيه :  " وفي حالة اقتصار الزوج على المطالبة باللعان ، يمكن للزوجة أن تطالب بالخبرة السالفة الذكر لإثبات كذبه في إنكار نسب الحمل أو الطفل " – وزارة العدل – دليل عملي لمدونة الأسرة – م . س – ص 99 .

[570]  تقرير حول فتوى القرضاوي - مسعود صبري – مجلة المجتمع – العدد 1662 – 30/07/2005 – فتاوى المجتمع .

[571]  -   أستاذنا إدريس الفاخوري – نفي وإثبات النسب بالتحاليل الطبية " مقاربة تشريعية وقضائية وفقهية " – م . س – ص .111 وما بعدها .

          - محمد محمد أبو زيد – م . س – ص 287 وما بعدها .

[572] محمد محمد أبو زيد – م . س – ص 287 وما بعدها .

[573] محمد محمد أبو زيد – م . س – ص 288 وما بعدها .

[574] - محمد محمد أبو زيد – م . س – ص . 287 وما بعدها .

       - وهذا ما ذهب إليه أيضا نصر فريد واصل مفتي مصر سابقا – م . س – ص . 81 وما بعدها .

[575]  -  نصر فريد واصل – م . س – ص 82 وما بعدها .

-          خليفة علي الكعبي – م . س – ص 330 وما بعدها .

-          أستاذنا محمد الكشيور – شرح مدونة الأسرة – م . س- ج . 2 – هامش ص 316 وما بعدها

  وتتلخص وقائع  هذه القضية فيما يلي :

1-                  تاريخ عقد الزواج : 10/02/1994

2-                  تاريخ حفل الزفاف والدخول على الزوجة : 17/10/1994 .

3-                  تاريخ ميلاد الطفلة المطلوب نفي نسبها : 19/03/1995 .

-                     أقوال الزوج : منذ تاريخ دخوله وهو يرى متاعب صحية تنتاب زوجته ، وفوجئ بأنها حامل في أواخر الشهر السابع ، ولم يبق على الوضع سوى الشهر ونصف الشهر . مما يعني أنها حال دخوله بها كان الحمل في أحشائها من غيره . وقد عزز قوله ذلك بشهادة شاهدين ، مفادها أنهما حضرا حفل الشبكة وعقد القران بتاريخ : 10/02/1994 . وبعد عقد القران قاموا بتوصيل العروس إلى منزل والدها . والمدعي رجع إلى منزل والدته . وحضرا بعد ذلك  حفل الزفاف بتاريخ : 17/10/1994 . وقد شهدا على قائمة المنقولات ، وأنهما لا يعرفان ما إذا كان المدعي قد دخل أو اختلى بالمدعي عليها قبل الزفاف من عدمه . وأنهما لم يعلما بإنجاب المدعى عليها إلا خارج الجلسة .

-                     أقوال الزوجة : قررت أن الدخول كان في تاريخ العقد : 10/02/1994 وليس في : 17/10/1994 . وأن الحمل من زوجها المدعي . وقد عززت أقوالها بشهادة شاهدين ، أكدا أن عقد القران والدخلة تما في : 10/02/1994 ، وأنهما قاما بتوصيل المدعي والمدعى عليها إلى منزل الزوجية ، والذي هو شقة شقيق المدعى عليها ، كان المدعي يقيم فيها ويتردد على المدعى عليها على فترات.

-                     فحكمت المحكمة بتوجيه يمين اللعان بين الزوجين ،  ثم أجابت  طلب الزوجة بإحالة الطفلة للطب الشرعي لإجراء تحاليل البصمة الوراثية للتأكد من نسب الطفلة. فجاءت نتائج تحاليل البصمة الوراثية مؤكدة لنسب البنت من الزوج المدعي . فقررت المحكمة إحالة القضية على دار الإفتاء المصرية التي كان رأيها كما سبق بيانه أعلاه .   

[576]  البخاري -  م . س – حديث رقم 4747 – كتاب التفسير – باب ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات – المجلد . 3 – ص . 227 .

[577] جاء في الدليل العملي لمدونة الأسرة بمناسبة إيضاح مقتضيات المادة 153 ما يلي : " وفي حالة اقتصار الزوج على المطالبة باللعان ، يمكن للزوجة أن تطالب بالخبرة السالفة الذكر لإثبات كذبه في إنكار نسب الحمل أو الطفل  . " – وزارة العدل – دليل عملي لمدونة الأسرة – م . س – ص . 99 .

[578] أستاذنا إدريس الفاخوري – مداخلة بندوة : مدونة الأسرة المنظمة من طرف كلية الحقوق بمراكش بتعاون مع هيئة المحامين ومركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بنفس المدينة يومي الجمعة والسبت 27 و 28 يناير 2006 م . 


شاركه على جوجل بلس
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق