حماية الدائنين في نظام صعوبات المقاولة



ماستر القانون الاجتماعي المعمق بكلية العلوم القانونية ابن زهر - أكادير
عرض تحت عنوان: حماية الدائنين في نظام صعوبات المقاولة
إعداد الطلبة: - عمر غرسوان - عصام لبيض


مقدمة


عرف العالم خلال العقود الماضية تحولات عميقة مست مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ولاشك أن هذه التحولات أدت بالمشرع المغربي الى الخوض في مسلسل الإصلاحات في الترسانة القانونية، وخاصة تلك المتعلقة بميدان الأعمال؛ لكي تكون أكثر توافقا وانسجاما مع الظرفية الاقتصادية الحالية، ونظرا لأهمية دور المقاولات في إرساء البناء الاقتصادي وترسيخ دعانم الاستقرار الاجتماعي وكذا اعتبارها النموذج الأمثل لممارسة الأنشطة التجارية، أولت التشريعات أهمية بالمقاولة من حيث حمايتها والنهوض بها. إلا أن شبح الافلاس قد يهددها في كل وقت وحين مما يصعب عليها مواجهة الخصوم بالأصول القابلة للتصرف وتأديتها للدائنين في أجل الاستيفاء .

ويعتبر الدائنين مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين والتجاريين، فهم جزء لا يتجزأ من منظومة الاقتصاد الوطني، بحيث يعتبرون ركيزة أساسية، كون المقاولة مهما كان حجمها وأهميتها لا يمكن الاكتفاء بتمويلها الذاتي لمواجهة العمليات التجارية التي تتميز بالكثرة والتنوع .

الأمر الذي فرض على المقاولة التفكير في حلول بديلة لمواجهة هذه العراقيل وذلك عبر تقنيات الانتمان التي تشكل دعامة أساسية لتطور الاقتصاد ولقد تم تعريف الانتمان بأنه " مجموعة من التقنيات والأساليب التي تتحول بواسطتها ملكية رأسمال معين بكيفية مؤقتة من شخص الى أخر على أساس أن يقوم هذا الاخير برد الرأسمال في تاريخ لا حق"، إذن فالانتمان يظل ضرورة ملحة لدى المقاولات لإنجاز العمليات التجارية وكذا لمواصلة نشاطها لأنه يساهم في تمويلها، وتأسيسا على ذلك فإن ازدهار العلاقات التجارية يستدعى الحفاظ على الائتمان التجاري وحمايته من كل ما من شأنه أن يهدد وجوده .

وفي هذا السياق كان لابد من تدخل المشرع لإنتاج ترسانة قانونية وأليات حمائية للدائنين الذين يخاطرون بتقديم الاتتمان إلى المدين وكان ذلك عبر مراحل تاريخية مختلفة، ونظرا لأهمية مؤسسة الدائن باعتبارها من أهم الحلقات الموجودة في النظام الاقتصادي الوطني أوجد المشرع الآليات التي تمنح الدائنين حماية، كمسطرة التصريح بالديون وتحقيقها بالنسبة للدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح مساطر المعالجة أما بالنسبة للدائنين الناشئنة ديونهم بعد فتح مساطر المعالجة والذين يساعدون المقاولة في التمويل، فهم مشمولون بامتياز استحقاق الديون، كما خول المشرع للدائنين بعض الحقوق التي تشكل امتيازا لهم والمتمثلة في استشارة السنديك إما فرديا او جماعيا و كذلك التنظيم الجديد المسمى بـ (جمعية الدائنين)

أهمية الموضوع


تكمن أهمية الموضوع قيد الدراسة كون المقاولة وفي إطار توسعة انشطتها وخلق مشاريع جديدة أو مواجهة الصعوبات التي قد تواجهها تكون في حاجة للتمويل مما يضطرها الى اللجوء الى الانتمان من لدى الدائنين إلا ان هؤلاء لن يقوموا بمنح هذه التمويلات إلا إذا حصلوا على ضمانات او تعهدات بأداء ديونهم في تاريخ الاستحقاق وهو الأمر الذي جعل المشرع يوفر الأليات الحمانية لهم .

الإشكالية:


مما لاشك فيه ان المشرع المغربي أعطى أهمية لإنقاذ المقاولة باعتبارها أداة للإنتاج والتشغيل إلا أنه أوجد أليات حمائية مهمة للدائنين، هذا ما جعلنا نطرح تساؤلات حول طبيعة هذه الضمانات الحمائية؟ وهل هاته الأليات الحمائية حققت الحماية الكفيلة للدائنين ؟ ثم ما مدى فعالية هاته الأليات في نظام يفضل إنقاذ المقاولة على حماية مصالح الدائنين؟

المنهج المعتمد


 بما أن البحث في المادة القانونية يحتم على الدارس والباحث الاعتماد على مناهج البحث العلمي فقد حاولنا في هذا الموضوع الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي حتى نتمكن من خلاله مناقشة النصوص القانونية ذات الصلة بالموضوع وتحليل مضامينها. 

التصميم المتبع:


للإجابة عن الاشكالية سنعتمد على الخطة التالية
المبحث الاول: حماية الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح مساطر التسوية القضائية
المبحث الثاني : حماية الدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح التسوية القاضائية



المبحث الاول: حماية الدائنين الناشنة ديونهم قبل فتح مساطر التسوية


إن التأطير القانوني لوضعية الدائنين الذين نشأت ديونهم قبل صدور حكم فتح مساطر التسوية القضائية استحضر أهداف هذا النظام بحيث ألقى هاجس إنقاذ المقاولة بظلاله على وضعية هؤلاء وهو ما كان وراء إقرار القانون المغربي لقواعد تمس وضعية حقوقهم وهو ما بدا جليا من خلال وجوب امتثالهم لأحكام التصريح بالديون (المطلب الاول) وتحقيقها (المطلب الثاني)

المطلب الاول : مسطرة التصريح بالديون


نظم المشرع مسطرة التصريح بالديون من المواد 723-719 في مدونة التجارة وتمثل الغاية من هذه المسطرة إطلاع السنديك على حجم المديونية في المقاولة و طبيعة الدين وحماية حقوق الدائنين في استيفاء ديونهم.

الفقرة الاولى: خضوع الداننين لمسطرة التصريح


تعتبر مسطرة التصريح بالديون من أهم الإجراءات الحيوية في مساطر المعالجة، والعنصر الجوهري الضامن لتوزيع الأصول توزيعا عادلا بين مختلف الدائنين حسب مراتبهم فضمان الدائنين لحقوقهم في مواجهة المقاولة المدينة رهين بقيامهم بالتصريح، وهكذا فان سائر الدائتين بصرف النظر عن طبيعة ديونهم سواء كانت مدنية أو تجارية وسواء كانت ديونهم هاته عادية أو تحظى بامتياز أورهن، باستثناء الماجورين أن يشاركوا في تصفية الخصوم وتوزيعها .

ويشعر السنديك حسب الفقرة الثانية من المادة 719 الدائنين شخصيا والمعروفين لديه وكذا المدرجين بالقائمة المدلى بها من طرف رئيس المقاولة والناشئة ديونهم قبل صدور حكم فتح المسطرة،  كما يشعر السنديك الدائنين حسب الفقرة الثالثة من ذات المادة الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان ايجاري، شهرهما وان اقتضى الحال في موطنهم المختار وإذا كان الدائن يقطن خارج التراب الوطني فانه طبقا للمادة 780 من مدونة التجارة فانه يوجه نفس الاشعار الى الدائنين بالخارج المعروفين لدى المحكمة وفق التدابير المناسبة قصد اشعارهم ولها الحق في اتخاد كل إجراء تراه مناسب لإشعارهم.

وهكذا فطبقا لأحكام المادة 719 من مدونة التجارة وبالنظر لما حملته من تعديلات هامة وعميقة بخصوص حماية الدائنين السابقين، تم تقليص حالات عدم علمهم أو صعوبة معرفتهم بوضعية المقاولة الخاضعة للمسطرة القضائية، فبعدما كانت خطوة الإشعار الشخصي الذي يقوم به السنديك لمجرد الدائنين المقيدين او اصحاب الايجار الائتماني فإنه اضحى بإمكان كافة الدائنين الاستفادة من شرط الإشعار الشخصي للسنديك حتى بالنسبة للدائنين العاديين، ويتم التصريح بالديون وفقا لشروط معينة ودقيقة، نصت عليها المادة 721 من مدونة التجارة بحيث يضم التصريح مبلغ الدين المستحق بتاريخ صدور حكم فتح المسطرة، مع تحديد قسط الدين المؤجل في حالة التسوية القضانية بالإضافة إلى تحديد نوع الامتياز أو الضمان الذي يكون مقرون بالدين وإن كان الأمر متعلقا بديون محددة بعملة أجنبية يتم تحويلها الى العملة الوطنية حسب سعر الصرف الجاري به العمل بتاريخ صدور الحكم القاضي يفتح المسطرة ويشمل التصريح ايضا على بعض العناصر الأخرى .

كل هذه المعطيات تعتبر حماية مهمة رغم تعقيدها، كونها تعطي للدين قوة وجود وأيضا من ناحية أخرى تعطي للمقاولة رؤية لاصولها.

وتطبيقا للمادة 720 التي حددت أجال التصريح بالديون للسنديك والتي يتعين على الدائنين إحترامها تحت طائلة سقوط الدين، والملاحظ في هذا الإطار أن ليس هناك أجل موحدا فطبقا للفقرة الاولى من المادة 720 فإنه يجب تقديم التصريح بالديون داخل أجل شهرين إبتداء من تاريخ نشر الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية ويهم هذا الأجل الدائنين المدرجة اسماهم بالقائمة التي يتقدم بها المدين وكذا الدائنين المعروفين لدى السنديك أو الحاملين للضمانات و 4 اشهر بالنسبة للداننين القاطنين بالخارج استحضارا لظروف تواجدهم خارج المملكة المغربية . وأجل 15 يوم ويتعلق الأمر بالدائنين المتعاقدين مع المقاولة في إطار العقود الجارية.

الفقرة الثانية: دعوى رفع سقوط الدين


لقد منح المشرع للدائن إمكانية حماية دينه من الانقضاء عبر دعوى رفع السقوط التي يقوم بممارستها بين يدي القاضي المنتدب، في حالة سقوط الدين جزاء لعدم قيامهم بالتصريح بديونهم إلى السنديك أو القيام بذلك خارج الاجال القانونية . ولقد مكنت المادة 723 من مدونة التجارة للدائنين السابقين استرجاع حقوقهم وفق ضوابط محددة وشروط معينة .

أولا : الشروط الشكلية


أ- ممارسة الدعوى داخلا الأجل المحدد

يحب أن تتقيد دعوى رفع السقوط حسب الفقرة الثالثة من المادة 723 من مدونة التجارة التي تنص على أنه"... لايمكن ممارسة دعوى رفع السقوط إلا داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ اشعار الدائنين..." والمقصود تاريخ صدور المقرر القاضي بفتح المسطرة وليس تاريخ النشر بالجريدة الرسمية ويعتبر أجل السنة التي يمكن فيها للدائن رفع طلبه للقاضي المنتدب لرفع السقوط أجل سقوط وليس أجل تقادم.

ب - الجهاز المكلف بالنظر فى دعوى رفع السقوط

بالرجوع الى المادة 723 من مدونة التجارة فإنه يستشف منها بأن الدائن الذي سقط حقه في التصريح بدنيه يمكنه أن يرفع دعوى رفع السقوط الى القاضي المنتدب داخل الأجل القانوني لكي يرفع عنه هذا السقوط، باعتبار إجراءات دعوى رفع السقوط تعتبر كباقي الدعاوى القضانية، فإنها يجب أن تتقيد بالمقتضيات الواردة في قانون المسطرة المدنية، الأمر الذي أيده القضاء، بحيث اعتبر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء " إن طلب رفع السقوط يكون عن طريق الدعوى وبالتالي يجب احترام مقتضيات الفصل 32 من ق م م".

ثانيا : الشروط الموضوعية


أن يكون سقوط الدين لا يعود الى الدائن ويلتزم الدائن بإعطاء بإتباث ذلك. ويفيد بأن عدم التصريح بالدين، لا يعود الى سبب شخصي متعلق به بل إن ذلك يعود إما إلى السنديك أو إلى ظروف خارجية عن إرادته، ويقوم القاضي المنتدب بتقييم الحجج والأسباب التي يتقدم بها الدائن، بحيث تكون له السلطة التقديرية للبحث في السبب الحقيقي الذي نتج عنه عدم التصريح بالدين داخل الأجل القانوني .

وإذا كانت المادة 728 من مدونة التجارة قد سمحت للدائن برفع دعوى السقوط فإنها لم تحدد الأسباب التي يمكن بناء عليها من استرجاع الحق في التصريح بالدين، أمام هاته الصياغة العامة بلور القضاء المغربي موقف من هذه الأسباب، ففي حيثيات القرار الصادر عن محكمة الاستنناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 13/1/02 " حيث أنه بالنسبة للسبب الثاني والمتعلق لكون المسيرة الطاعنة تجهل اللغة العربية وكذا تتواجد خارج المغرب لا يمكن اعتباره من قبيل الأسباب التي لا تعود الى الدائن ".

كما أن مرض الممثل القانوني لشركة تجارية، لا يعتبر سببا لرفع السقوط عن التصريح بالدين، فالملاحظ من خلال الاحكام القضائية أعلاه بأن القضاء المغربي يطغي عليه نوع من الصرامة والقساوة في تعامله مع الدائن مما يؤدي من بعض الحالات الى ضياع حقوق ومصالح الدائنين بخلاف المشرع الفرنسي الذي حاول إقامة توازن بين مصلحة المقاولة والدائن.

المطلب الثاني : مسطرة تحقيق الديون


نظرا لما تكتسيه عملية تحقيق الديون من أهمية في حماية حقوق الدائنين والحفاظ على حقوقهم، فإن المشرع المغربي سن العديد من الإجراءات المنظمة لهذه العملية والتي ينبغي احترامها، كما اضاف المشرع مجموع من امتيازات للدائنين كحق إستشارة السنديك و كذا جمعية الدائنين .

الفقرة الاول : سير المسطرة


تمر ديون الدائنين السابقين لفتح مسطرة التسوية القضائية بعد التصريح بها لمسطرة التحقيق لتحديد ما إذا كانت مقبولة أم لا في المسطرة القضانية المفتوحة إذ أن مجرد التصريح بالديون لا يعني بأي حال من الأحوال أنها أضحت مقبولة .

ويلعب السنديك دور حيويا فيما يتعلق بالديون السابقة إذ يعتبر الجهة الأولى التي تودع لديها التصريحات فهو من يتولى إعداد قائمة الديون وتقديم اقتراحات بقبول الدين أو رفضه. إذ تناط به مهمة التحقيق القبلي للديون المصرح بها حيث يقوم بذلك بمعية المراقبين، وبحضور رئيس المقاولة، أو بعد استدعانه بصفة قانونية .مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 673 تحت رقابة القاضي المنتدب.

وتجدر الاشارة ان حضور رئيس المقاولة، إجراء وجوبي تحت طائلة بطلان عملية تحقيق الديون وذلك نظرا لكون حضوره خلال هذه العملية يمكنه من الإدلاء بملاحظاته حول الديون المعروضة عليه، من حيث ثبوتها ومبلغها وكذا حول طبيعة الضمانات التي تقترن بهاته الديون، وقد ايد القضاء بدوره ضرورة حضور رئيس المقاولة وذلك بموجب قراره الصادر عن الاستئناف التجارية بفاس 16/11/08 "قبول القاضي المنتدب للدين المقترح به من لدن السنديك دون استدعاء هذا الأخير لرئيس المقاولة لإبداء ملاحظاته حول الدين يعد في غير محله ويتعين إلغاؤه وإرجاعه للقاضي المنتدب للبت فيه طبقا للقانون".

وهذا وطبقا للمادة 727 من مدونة التجارة "يعد السنديك داخل اجل أقصاه ستة اشهر من صدور حكم فتح المسطرة، بعد مطالبة رئيس المقاولة بإبداء ملاحظاته على التوالي مع استلام التصريحات بالديون، قائمة بالديون المصرح بها مع اقتراحاته بالقبول أو الرفض أو الإحالة على المحكمة ويسلم السنديك القائمة الى القاض المنتدب.".

وتعتبر هذه القائمة مهمة في ضبط خصوم المقاولة كما تمكن للأغيار التقدم بتعرض الغير الخارج عن الخصومة على الديون المقبولة طبقا المادة 734، ويقوم السنديك بعملية تحقيق الديون حتى ولو لم يتعرض حكم فتح المسطرة القضائية للطعن ما دام أن الأحكام والأوامر حسبا المادة 761 تكون مشمولة بالنفاذ المعجل .

وتطبيقا للمادة 728 فان السنديك ملزم كذلك بالتحقيق من أجل حصر ديون الأجراء الذين يعملون بالمقاولة والغير خاضعين لقاعدة التصريح بالديون، كما يحق لكل أجير لم تتم الاشارة الى كل أو بعض من دينه في تلك القائمة أن يرفع دعواه إلى المحكمة المختصة.

الفقرة الثانية : المنازعة في الدين والطعن في مقرارت القاضي المنتدب


أولا : المنازعة في الدين


لقد حاول المشرع شيئا ما توفير الحماية اللازمة للدائن نتيجة إقصائه من الحضور في عمليات تحقيق الديون وذلك بأن ألزم السنديك بضرورة القيام باخبار الدائن بوجود منازعة في دينه وذلك طبقا لما جاء في المادة 726 في فقرتها الثانية : "اذا كان الدين موضوع نزاع . يخبر السنديك الدائن بذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع الاشعار بالتوصل، تبين سبب النزاع واحتمالا مبلغ الدين الذي تم اقتراح تقييده وتدعو الدائن الى تقديم شروحاته ..."

ورغم هذه الإمكانية التي خولها المشرع للدائن عند المنازعة في دنيه، فإنه قيده باحترام أجل محدد تحت طائلة عدم قبول المنازعة، بحيث أن الدائن ملزم بتقديم شروحاته و الإدلاء بملاحظاته حول الدين المنازع فيه خلال 30 يوم، تطبيقا لما جاء في المادة 726 من مدونة التجارة في فقرتها الثالثة " يجب أن يشار في رسالة السنديك أنه إذا لم يقدم الرد داخل إجل ثلاثين يوما لن تقبل أية منازعة لاحقة لاقتراح السنديك .".

ثانيا: الطعن في مقرارت القاضي المنتدب


لقد كان المشرع عادلا عندما فتح باب الطعن في مقررات وأوامر القاضي المنتدب لسائر الأطراف المعنية بهاته المساطر( دائن - المدين - السنديك - الاغيار ) ولا يستثنى من ذلك سوى الدائن الذي وقع نزاع في دينه كلا او بعضا ، والذي لم يرد على السنديك داخل الأجل القانوني والمتمثلة في ثلاثين يوما، وبمعنى أخر لا يمكن لهذا الدائن أن يطعن في أمر القاض المنتدب المؤيد لاقتراح السنديك، ولكن يمكن له بالمقابل ان يطعن في مقرر القاضي المنتدب إن كان هذا المقرر مخالفا لاقتراح السنديك.

أ - فيما يخص قبول الدين:

يملك القاضي المنتدب السلطة التقديرية لقبول الدين أو رفضه، وهو غير ملزم بالتقيد باقتراحات السنديك وتطبيقا للفقرة الأخيرة من المادة 730 من مدونة التجارة " تبلغ المقررات بقبول الديون غير المنازع فيها الى الدائنين برسالة عادية . ويحدد التبليغ المبلغ الذي قبل الدين من أجله من جهة و الضمانات والامتيازات التي قرن بها من جهة أخرى."
وحين يبت القاضي المنتدب في دين الاختصاص أو في دين منازع فيه فانه يتم إستدعاء رئيس المقاولة والدائن من طرف كتابة الضبط بجميع الوسائل المتاحة قانونا. وبخصوص الديون العمومية، ووفقا للمادة 2 من القانون 15 97 فإنه في الحالة التي يتعذر البت في التصريح بالدين لعدم الادلاء بالسند التنفيذي بسبب طول اجراءات إصداره أجازت المادة الثانية منه قبول الدين بصفة إحتياطية الى حين الإدلاء بالسند.

ب - فيما يخص الدفع بعدم الاختصاص

- إذا كان موضوع النزاع من اختصاص المحكمة التي فتحت المسطرة: ويكون النزاع من اختصاص المحكمة التي فتحت المسطرة متى بت القاضي المنتدب في جوهر النزاع بقبول الدين أو رفضها، ورفض دعوى السقوط الناشئ عن التصريح في الأجل القانوني، ويعرض الطعن في هذه الحالة أمام محكمة الاستئناف التجارية ويكون الحق مخول للدائن أو للدين او للسنديك .

- إذا كان موضوع النزاع من اختصاص محكمة اخرى: حينما يكون الموضوع من اختصاص محكمة أخرى فإن تبليغ مقرر القاضي المنتدب بعدم الاختصاص يفتح باب الطعن عليه طبقا للفقرة الاخيرة من المادة 1 من مدونة التجارة أمام المحكمة المختصة داخل أجل شهرين من التبليغ تحت طائلة السقوط، ويستثنى من هذه القاعدة عند ما يكون الدين عموميا، وتجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى حق الدائنين في التصريح بديونهم وتحقيقها، فإن المشرع خول لهم كذلك الحق في استشارة السنديك، والمشرع المغربي كذلك أوجد ألية جديدة تتمثل في مؤسسة جمعية الدائنين .

الفقرة الثالثة : استشارة الدائنين و جمعية الدائنين


كما سبق القول أن المشرع المغربي من خلال مدونة التجارة خول للدائنين امتيازات أخرى ؛ خاصة تلك المتمثلة في استشارة الدائنين وخلق مؤسسة جديدة متمثلة في جمعية الدائنين .

اولا: إستشارة الدائنين


يقوم السنديك من أجل معرفة موقف الدائنين من الأجال و التخفيضات التي سيقترحها في المخطط باستشارتهم، سواء بشكل فردي أو جماعي، وسواء تعلق الأمر باستشارة فردية أو جماعية للدائنين، فإن السنديك ملزم بالحاق الرسالة أو الاستدعاء الموجه لهم بعدة بيانات نصت عليهم المادة 602 من مدونة التجارة وهي : " بيان لوضعية المقاولة؛ أصول وخصوم المقاولة مع بيان تفصيلي للخصوم ذات الامتياز والخصوم العادية؛ اقتراحات السنديك ورئيس المقاولة مع الإشارة إلى الضمانات الممنوحة؛ رأي المراقبين."
وعندما يعتزم السنديك تحديد موقف دائن ما بشكل فردي، يقوم بتوجيه رسالة إليه تتضمن مقترحاته ويكون هذا الدائن ملزم بالإجابة على تلك المقترحات داخل أجل ثلاثين يوما من تلقيه الرسالة، تحت طائلة اعتبار عدم جوابه بمثابة موافقة على مقترحات السنديك. أما إذا ارتأى السنديك استشارة الدائنين بصفة جماعية بخصوص مقترحاته، فإنه يوجه استدعاء لهؤلاء من أجل عقد اجتماع معهم تحت رئاسته وقد أعطت المادة 603 من مدونة التجارة للسنديك إمكانية نشر هذا الاستدعاء بجريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية وتعليقه في اللوحة المخصصة لهذا الغرض في المحكمة وعند انعقاد الاجتماع يقدم السنديك تقريرا عن وضعية المقاولة و عن سير نشاط المقاولة كما يطلب من هؤلاء مواقفهم من الاقتراحات المقدمة بخصوص تسديد الخصوم.

ثانيا : جمعية الدائنين


يعتبر جهاز جمعية الدائنين من أهم مستجد جاء به المشرع في إطار قانون 73.17 المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة، وتجدر الإشارة بأنه كان في ظل نظام الإفلاس القديم أن الدائنين كانوا يشكلون كتلة وكانو يسمون كتلة الدائنين ٠ ويتألف هذا الجهاز من السنديك كرئيس للجمعية، باستثناء الحالة التي تنعقد فيها الجمعية قصد اقتراح تغيير السنديك فإنه هنا يرأس الجمعية القاضي المنتدب ورئيس المقاولة والدائنين المسجلين في قائمة الديون المصرح بها والتي لم يبدي السنديك رأيه بخصوص اقتراح قبولها أو رفضها، وتتألف أيضا الجمعية من الدائنين الذين أدرجت مقررات قبول ديونهم في القوائم الخاصة بها والمودعة لدى كتابة الضبط.

بالنسبة لأشغال الجمعية فإنها تنعقد بدعوة من السنديك عن طريق نشر إعلان في صحيفة مخول لها نشر إعلانات قانونية وقضائية، وتعلق في لوحة المحكمة، كما توجه للدائنين في موطنهم المختار، مع تضمين هذا الإشعار شكليات نص عليها المشرع كتحديد مكان ويوم وساعة عقد الجمعية وموضوع تداولها. وتنعقد جمعية الدائنين للتداول في مجموعة نقاط تهم مصالح أعضانها من الدائنين ومصلحة المقاولة ومن النقاط المتعلقة بمشروع مخطط التسوية لاستمرارية نشاط المقاولة المشار اليه في المادة 595 الذي يقترحه السنديك وكذلك تغيير أهداف ووسائل مخطط التسوية لاستمرار نشاط المقاولة، أيضا طلب استبدال السنديك و تفويت واحد أو أكثر من الأصول المهمة للمقاولة .

ولصحة مداولات الجمعية يشترط أن يتم حضور الذين يحوزون على الأقل ثلثي مبلغ الديون المصرح بها وفق المادة 611، وإلا فإن رئيس الجمعية يحرر محضرا بذلك ويحدد فيه تاريخ جديد لانعقاد الجمعية، على ألا يتجاوز أجل عشرة أيام من تاريخ انعقادها، وهذا من باب توفير السبل القانونية الكفيلة بنجاح عمل هذا الجهاز . بحيث يتم تحديد هذا النصاب القانوني اعتمادا على مؤشر القيمة المالية.

وتعتبر قرارات الجمعية صحيحة عندما يوافق عليها الدائنون الحاضرون أو من يمثلوهم و الذين يشكل المبلغ الإجمالي لديونهم نصف مبلغ ديون الحاضرين أو الممثلين الذين شاركوا في التصويت حسب الفقرة الرابعة من المادة 611، وتلزم قرارات الجمعية الدائنين المتخلفين عن الحضور.

المبحث الثاني : حماية الدائئين الناشنة ديونهم بعد فتح مساطر التسوية


بالنظر إلى الوضعية الحرجة التي تمر منها المقاولة بما قد يجعلها في حالة التوقف عن الدفع أو بعد توقفها عن الدفع ووضع المحكمة يدها عليها، وأمام المصير المجهول حول إمكانية استمرارية نشاطها وإنقاذها، وفي إطار البحث عن ممولين ومقرضين لمساعدة المقاولة وهي على هاته الحالة، خاصة وإن استعادتها لعافيتها أمر مشكوك فيه فكان لزاما التفكير في آلية قانونية تحفيزية تدفع الدائنين للمغامرة ومنح ثقتهم لها بما يجعلهم فوق المنافسة مع الدائنين الأخرين، فكان الاهتداء الى إقرار نظام امتيازي نصت عليه المادة 590 سنقف حول تعريفه وشروطه (المطلب الاول) ثم الحديث عن أثاره (المطلب الثاني)

المطلب الأول : مدلول امتياز الديون اللاحقة ( حق الاسبقية ) وضوابط الاستفادة


لإزالة اللبس على حق الأولوية المنصوص عليه في المادة 590 من مدونة التجارة ٠ سنعمل على تحديد مفهوم حق الأسبقية (الفقرة الاولى) على ان نعرج في (الفقرة الثانية) على تحديد الضوابط القانونية المحددة للاستفادة من هذا الامتياز .

الفقرة الاولى : مضمون حق الأسبقية


بالرجوع إلى قانون الالتزامات والعقودة وبالضبط إلى الفصل 1243 نجده ينص " الامتياز حق أولوية يمنحه القانون على أموال المدين نظرا لسبب الدين ." وبالرجوع الى مدونة التجارة وبالخصوص في نظام معالجة صعوبات المقاولة فإن حق الاسبقية يقرر للدائنين الناشئة بينهم بصفة قانونية، بعد صدور حكم فتح مسطرة التسوية القضانية وذلك بصريح المادة 590 مدونة التجارة، إن أهمية هذه المادة ليس فقط من حيث ما تمنحه للمخاطبين بأحكامها من امتيازات، بل كذلك لما تشكله من إعادة ترتيب الامتيازات في المنظومة القانونية المغربية، حيث يمكن أن نطلق عليه امتياز الامتياز، إن المادة 590 من مدونة التجارة تشكل مظهرا من مظاهر التحول في القانون المغربي والذي يعكس أصالة وتفرد مفاهيم ومضامين قانون الأعمال على باقي الفروع القانونية الأخرى، وانحرافا عن ثوابت القانون وكذلك القانون التجاري الكلاسيكي، إن شبح الاندثار الذي يهدد المقاولة المتوقفة عن أداء ديونها لا يمكن مواجهته إلا بأمرين اثنين متوازيين ومتلازمين وهما :
- الحفاظ على أصول المقاولة عبر منع أداء الدائنين الديون السابقة . 
- ثم البحث عن قنوات جديدة للتمويل تضمن استمرارية المقاولة لنشاطها واستعادة حيويتها .
إن ضمان تمويل المقاولة في هذه المرحلة؛ من خلال خدمات الممولين والمقرضين والأبناك والمساهمين، يقتضي ضمانة هؤلاء بتحفيزهم وذلك عبر الاعتراف لهم بامتياز جديد، يتجاوز كل الامتيازات القانونية المعروفة والمألوفة في القواعد العامة أو الأنظمة الخاصة، وتجدر الإشارة وطبقا لما جاء في المادة 590 في فقرتها الاولى فالديون اللاحقة لفتح مساطر التسوية القضائية، لا تخضع لقاعدة منع الأداء حيث يتم سدادها بالتوازي مع نشأتها وفي حالة تعذر الاداء في توزيع الاستحقاق، فإنها تؤدى بالأسبقية على الديون الاخرى سواء كانت مقرونة بامتيازات او بضمانات كما يجوز للدائنين اللاحقين الحصول على رهن أو رهن رسمي، مقابل ديونهم حسب المادة 591.

الفقرة الثانية : ضوابط الاستفادة من حق الإمتياز


إن الاسبقية الممنوحة للدائنين الذين نشأت ديونهم بعد الحكم بفتح المسطرة مبررة من حيث القانون والواقع، إذ تهدف الى تحقيق غاية أساسية تكمن في حصول المقاولة على التمويل اللازم لضمان استمراريتها، ولكي يستفيد هؤلاء الدائنين من هذا الحق ( حق الاسبقية) يجب أن تتوفر في ديونهم الشروط التالية:

أولا : نشوء الدين بصفة قانونية


بالرجوع الى المادة 590 من مدونة التجارة نجد ان الاستفادة من حق الأسبقية يبقى رهين بشرط أن يكون الدين قد نشا بصفة قانونية وبمعنى آخر أن تنشأ هذه الديون عن تصرفات تدخل في السلطات والاختصاصات التي يمارسها السنديك أو في الاختصاصات التي يمارسها المدين حسب أنماط الإدارة التي تتضمنها مقتضيات المادة 592، اذ يصبح معيار غل اليد هو المعيار لقياس الديون هل نشأت بصفة قانونية، ذلك ان رئيس المقاولة اذا كان محقا قبل فتح المسطرة في مباشرة كل تصرف يرى فيه مصلحة لمقاولته فإن هذا التصرف يصبح مقيدا بعد فتح المسطرة الامر الذي يستلزم ان يكون الدين قد نشأ خلال هذه الفترة في حدود السلطات المخولة للسنديك أو المدين بغض النظر عن مصدر وطبيعة الدين، وتكون هذه الديون قد نشأت بصفة قانونية إذا كانت نتيجة تصرفات وأعمال في مصلحة المقاولة واستمرارية نشاطها وأيضا لا تتعارض مع مصلحة الدائنين، وكذلك أن تتم داخل حيز زمني محدد وهو طبقا للمادتين 565 - 590 من مدونة التجارة في المدة الزمنية المحددة بعد صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة القضائية الانقاذ أو التسوية الى غاية صدور حكم ثاني يحدد مال المقاولة، كما يهم هذا التوصيف طبقا للمادة 652 الديون الناجمة عن تصرفات المقاولة عند صدور الحكم بالتصفية القضائية حيث جاء في فقرتها الاولى" إذا اقتضت المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية، جاز للمحكمة أن تأذن بذلك لمدة تحددها إما تلقانيا او بطلب من السنديك أو وكيل الملك ..." ورتبت الفقرة الثانية نتائج قانونية بتنصيصها على تطبيق مقتضيات المادة 590 على الديون الناشنة خلاف هذه المدة.

ثانيا : نشوء الدين بعد الحكم بفتح المسطرة


كشرط ثاني لاستفادة الدائن من حق الأسبقية المقررة بمقتضى المادة 590 لا يستفيد منه إلا الدائنين الذي نشأت ديونهم وترتبت في ذمة المقاولة المتوقفة عن الدفع أو الخاضعة لمسطرة الإنقاذ بعد صدور حكم فتح المسطرة القضانية.

ويكفي لإثبات ذلك مقارنة تاريخ نشأة الدين مع تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة القضانية للإنقاذ أو التسوية، وإذا كان الأمر سهلا بالنسبة للعقود والأعمال التي ينشا عنها الدين بعد تنفيذها دفعة واحدة، حيث يكون إبرام العقد أو إجراء التصرف هو ذاته نشأة الدين، بحيث يعتد هنا مبدئيا بتاريخ العقد الذي يقارن بتاريخ الحكم، لمعرفة إن كان سابقا أولا حقا، فالإشكال الذي يطرح بالنسبة للعقود الجارية التي يقرر السنديك مواصلتها وفقا لمقتضيات المادة 588 والتي يختلف فيها تاريخ نشأة الدين عن تاريخ العقد الذي نتج عنه هذا الدين، إذ أن جزءا منها ينفذ قيل صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة وجزء ينفذ بعده مما يدفعنا الى التساؤل حول مدى استفادة الديون الناشئة عن هذه العقود من حق الاسبقية المنصوص عليها في المادة 590 من مدونة التجارية ؟ 
إن العبرة من مدى استفادة الدائنين أصحاب العقد الجاري من حق الأسبقية يرجع الى تاريخ نشأة الدين، وليس تاريخ إبرام العقد الناتج عنه هذا الدين، وهذا ما أيده القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 10 أكتوبر 2000 "والذي اعتبر الديون التي تشأ بعد فتح المسطرة التسوية القضائية يمكن المطالبة بها مباشرة دون تصريح".

ثالثا : ضرورة نشوء الدين بمناسبة مواصلة المقاولة نشاطها


تجدر الإشارة الى أن هذا الشرط غير منصوص عليه صراحة في المادة 590 من مدونة التجارة، إلا أن منطق الأمور يقتضي أو يفرض ضرورة نشوء ‏ الدين لأجل مواصلة المقاولة نشاطها حتى يتمكن صاحبه من الاستفادة من حق الاولوية، أما تلك الديون التي تنشأ بعد تاريخ صدور الحكم بفتح المسطرة والمتعلقة بالحياة الشخصية للمدين فلا يشملها حق الامتياز إذ لا يوجد أي سبب اقتصادي يبرر تطبيق هذا الحق .

المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن حق الأسبقية ومحدوديته


إذا كان صحيح أن حق الاسبقية يمنح أصحابه طبقا للمادتين 590 - 565 وضعية قانونية مريحة تجعلهم على قمة هرم الامتيازات، بما يجعلهم فوق المنافسة مع غيرهم من الدائنين في إطار ما يخوله هذا الحق، إلا أن المشرع حد من مفعوله عبر إقرار الاستثئاءات .

الفقرة الاولى : أثار حق الأسبقية


ينتج عن حق الأسبقية الذي منحه المشرع للدائنين اللاحقين لفتح المسطرة والذين تتوفر فيهم الشروط المشار اليها سابقا عدة أثار قانونية عامة

أولا : اداء الديون في تاريخ الاستحقاق


من أهم الأثار التي تترتب عن حق الأسبقية، أن الديون المشمولة بهذا الحق تؤدى في تاريخ الاستحقاق، مهما كانت المرحلة التي قطعتها التسوية القضائية، حيث أن هذه الديون لا تخضع للتقيدات التي يخضع لها الداننون السابقون لفتح مسطرة المعالجة ومن ضمنها مؤسسة التصريح بحيث ان هذه الديون لا تخضع لتصريح بل تؤدى بالأسبقية على باقي الدائنين الاخرين، سواء كانوا يحملون ضمانات أو امتيازات .

ثانيا: عدم وقف المتابعات الفردية


إن الدائنين المستفيدين من حق الأسبقية لا يخضعون لقاعدة وقف المتابعات الفردية المنصوص عليها في المادة 686 من مدونة التجارة فإنه إذا لم يقع سداد الديون في الأجل المحدد لذلك، كان من حق الدائنين المقاضاة وإيقاع الحجوز وغيرها من الاجراءات نظرا لعدم توقف الدعاوى الفردية .

ثالثا : عدم توقف سريان الفوائد


إذا كان المبدأ بالنسبة للدائنين السابقين هو وقف سريان الفوائد القانونية والاتفاقية وكذا كل فواند التأخير وكل زيادة، فالأمر مختلف بالنسبة للدائئين الناشئة ديونهم بعد فتح المسطرة، الذين يت يتمتعون بالحق في استحقاق الفوائد القانونية، وذلك راجع لمساهمتهم في تمويل المقاولة، ويشكل هذا عامل محفز للمؤسسات البنكية والمقرضين على تمويل المقاولة المتعثرة، بقروض مقابل فوائد .

هذا ونشير أن الدائنين اللاحقين يعاملون طبقا لأحكام القواعد العامة فيما يخص تراتبيهم، حيث يعتد بأسبقية نشأة الدين ودرجته والضمانات التي تحميه، وفي إطار التعامل الفردي معهم وليس الجماعي، كما هو الحال بالنسبة للدائنين السابقين وهو ما تم التنصيص عليه صراحة في الفقرة الاخيرة من المادة 590 من مدونة التجارية والتي جاء فيها " يؤدى الديون المشار اليها الفقرة الاولى، عند تزاحمها، وفق النصوص الشريعة الجاري بها العمل ..."

الفقرة الثانية: حدود حق الأسبقية


إن الصياغة التي جاءت عليها المادة 590 من مدونة التجارة تفيد الإطلاق، حيث لم يستثني المشرع المغربي ديون الأجراء من امتياز الامتياز، وهو ما جعل بعض الفقه ينتقد ذلك على اعتبار ان ذلك ضربا للطابع المعيشي للاجير، وإجحافا في حق الاجراء إلا أنه ورغم ذلك نجد أن القانون المغربي قدر أن وضعية بعض الديون تحتاج تعاملا خاصا و هو ما حذا به إلى جعل أصحابها يستحقون ديونهم قبل الدائنين اللاحقين .

اولا : صاحب الرهن الحيازي


إن استثناء الرهن الحيازي وما في حكمه من حق الأسبقية المعترف بها للدائن، لا يعدو كونه آلية تهدف إلى خدمة الأهداف الاساسية لنظام صعوبات المقاولة، وعلى رأسها ضمان استمرارية نشاط المقاولة المتوقفة عن اداء ديونهاء والمفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضانية، وعموما فإن الغلبة التي يحظى بها الرهن الحيازي في مواجهة حق الأسبقية لا تقرر إلا إذا كان المال موضوع الرهن الحيازي تستلزمه متابعة نشاط المقاولة، ومؤدى ذلك أن صاحب الرهن الحيازي لا يمكنه الحصول على دينه إذا كان المال ليس ضروي لضمان استمرارية نشاط المقاولة لذلك فإن صاحب الرهن الحيازي يبقى في وضعية مريحة بعيدا عن تزاحم ومنافسة بقية الدائنين .

ثانيا : صاحب الدين المضمون بحق الحبس


يحظى صاحب الدين المضمون بحق الحبس، بنفس الحماية المقررة لصاحب الدين المضمون بالرهن الحيازي، وبذلك فهو يملك حق الافضلية في استيفاء دينه بالأسبقية على الدائن اللاحق. وعلى باقي الدائنين الآخرين مهما كانت درجة دينهم . وعلى الرغم من الحفاظ على قوة هذا النوع من الضمان، حماية لفنة معينة من الدائنين، فإن هذه القوة في مواجهة باقي الديون الاخرى، لا يتم الاعتراف بها إلا إذا كان المال المحبوس بين يدي الدائن ضروريا لمتابعة نشاط المقاولة حيث يأذن القاضي المنتدب للسنديك بأداء مبلغ الدين .

ثالثا : صاحب حق الاسترداد


يمنح القانون حق الاسترداد لمالك المال من يد المدين، الخاضع للمساطر القضائية و قد خص الباب التاسع من القسم الخامس من قانون 17-73 المتعلق بصعوبات المقاولة بابا كاملا لأحكام الاسترداد حيث تم تنظيم أحكام ممارسة حق استرداد البضائع من قبل مالكها ولو في مواجهة الدائن اللاحق .

ويروم تنظيم حق الاسترداد حماية ملكية المنقولات والبضائع اساسا و تقوية مراكزهم القانونية، حتى لا تتم عرقلة تداول البضانع و السلع، الى أجل ممارسة دعوى الاسترداد حسب المادة 700 من مدونة التجارة هو "3 اشهر التالية لنشر الحكم القاضي بفتح التسوية او التصفية القضائية في الجريدة الرسمية".

خاتمة


يتبين لنا من خلال هذه الدراسة، أن قانون معالجة صعوبات المقاولة قد جاء بمجموعة من القواعد التي لم تكن معروفة في ظل نظام الإفلاس الملغى، بحيث أن المشرع أراد تحقيق ثلاثة اهداف رئيسة والمتمثلة في المحافظة على المقاولة ومناصب الشغل ثم تصفية الخصوم، فرغم ان المشرع قد راعى مصلحة الدائنين بجعل تصفية الخصوم من بين الأهداف التي يرغب في تحقيقها إلا أنه أحيانا يتعامل مع هذه الفنة بحذر شديد، خوفا من عرقلتها للمسطرة ومن ثم الإضرار بالمقاولة والاقتصاد عموما وذلك عندما يتعلق الامر بالدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة، إذ أخضعهم لمجموعة من الاجراءات والمقتضيات المعقدة متناسيا أن هؤلاء الدائنين أغلبهم أصحاب مقاولات، ينتظرون حلول أجل الاستيفاء لاستعمال أموالهم، للقيام بمشاريع معينة أو الوفاء بها لمدينهم، والملاحظ في هذا الإطار أن الحماية القانونية لهذه الفنة لا ترقى الى مستوى التطلعات، في حين أن هناك فنة من الدائنين أولى لها المشرع اهتماما خاصة وهي الفنة التي تنشا ديونها بعد الحكم بفتح المسطرة وذلك بمنحها حق الأسبقية في استيفاء دينها في تاريخ الاستحقاق على باقي الدائنين السابقين، نظرا لمجازفتهم في تمويل المقاولة رغم علمهم بالصعوبات التي تمر منها المقاولة إلا انه بالرغم من تمكينهم من هذا الحق، فإننا نسجل أن موضوع حملية الدائنين جاء فيه نوع من القصور بحيث أن نظام صعوبات المقاولة جاء لحماية المقاولة وإنقاذها ودعم استمراريتها ولو على حساب الدائنين.


شاركه على جوجل بلس
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق