مفهوم الملك العام المائي وتقسيماته



عبد الرحمان بهلول
جامعة محمد الأول - وجدة -

إن شخصية الدولة المعنوية لا تحتاج إلى نص دستوري أو قانوني ليقررها، فهي تتقرر تلقائيا وبالضرورة منذ أن تتمكن جماعة سياسية حاكمة من السيطرة على مجموعة من الأفراد في إقليم محدد من أقاليم العالم، ومن ثم فشخصية الدولة ركن من أركان وجودها وفقا لقواعد القانون الدولي العام، وهي التي تضمن لها الاستمرارية عبر القرون بصرف النظر عن أشكال الحكومات التي قد تتعاقب عليها، ومن ثم فلا حاجة لأن يتضمن الدستور نصا على شخصية الدولة.

والأملاك العامة للدولة محددة في ظهير فاتح يوليوز 1914 المنظم للملك العام للدولة، بوصفها كذلك، لا يسوغ لأحد تملكها باعتبارها مرصودة للمنفعة العامة، سواء بفعل الطبيعة كالأنهار والشواطئ، والتي تبقى مشاعة بين جميع الأفراد، أو نتيجة تدخل الإنسان كالطرق والقناطر والأسواق وتم إلحاقها بأملاك الدولة العامة.

ومن المعلوم أنه لا يمكن لأحد أن يستغني عن الماء لكونه مصدر بقاء جميع المخلوقات، وبدونه تنعدم الحياة ويصير مصير الإنسان وباقي الكائنات الفناء، والحاجة الماسة لهذه المادة الحيوية تجعلها ملكا عاما للجميع. ويأخذ الماء صفة الحمومية من طبيعته ذاتها، كونه مخصصا لاستعمال العموم وهذا ما حدا بالشارع المغربي إلى إدراجه ضمن الأملاك العامة.

وفي هذا المجال حددت المادة الثانية من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الأنهار الكبرى بالمغرب، وضفافها، وحالات تغيير مجرى النهر بفعل الطبيعة، والفرضيات الواردة عليه، كما حددت حقوق المجاورين للنهر المهجور أو الجديد.

وبالنظر إلى الخاصية المتميزة للماء باعتباره سائلا طبيعيا، وارتباطه بالأرض، فقد ثار نقاش فقهي وقضائي حول الطبيعة القانونية للماء، بين من اعتبره منقولا ومن اعتبره عقارا، واتجاه وسط ذهب إلى اعتبار الماء الذي في باطن الأرض أو مسالا عليها يأخذ أحكام العقار مالم تتدخل بشأنه يد الإنسان.

وإذا كان المشرع حسم في مسألة الملكية العامة للماء، فإن ذلك لم يمنعه من استثناء الحقوق المكتسبة من هذا المجال، فأقر لمن اعترفت له الإدارة بهذا الحق، وفق شروط محددة، تملك الماء والتصرف فيه.

ويكتسي موضوع الماء أهمية بالغة، لما لهذا المورد الحيوي من دور في تنمية العقارات في بلادنا، وخاصة في المدارات المسقية، نظرا لكثرة الحاجات في وقت نضوب مصادر التعبئة المناسبة، كما أنه يعد أحد أهم عناصر الاستمرار للإنسان على وجه البسيطة، وبذلك استحق أن يكون أحد مقومات السيادة الوطنية.

كما يطرح الموضوع عدة إشكالات ترتبط بمدى توفير الحماية المطلوبة لهذا المورد الحيوي في ظل حسم طبيعته القانونية.

لدراسة ذلك قسمت الموضوع إلى مطلبين، تناولت في الأول منه مفهوم الملك العام المائي ونطاق تطبيقه، وخصصت المطلب الثاني للطبيعة القانونية لحقوق الماء.

لتحميل هذا المقال إضغط هنا
شاركه على جوجل بلس
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق