الدكتور حسن فتوخ
مستشار بمحكمة النقض
أستاذ بالمعهد العالي
للقضاء
مقدمة
يعرف
النظام العقاري تعددية على مستوى أنواع العقار، بحيث هناك عقارات الدولة، وعقارات
الأوقاف، والعقار المحفظ وغير المحفظ والذي في طور التحفيظ، وأراضي الجموع، وأراضي
الكيش، وأملاك الدولة الخاصة، وأراضي المياه والغابات، ولكل واحدة من هذه العقارات
نظامها القانوني الخاص.
وعليه سنحاول من خلال هذا التقديم
أن نعرف أولا بالعقار في مبحث أول، على أساس أن نعالج الأنظمة الخاصة بكل فئة من
العقارات في مبحث ثان.
المبحث الأول: مفهوم العقار وتميزه عن المنقول
يطلق
فقهاء المالكية على العقار تسمية "الأصل وتجمع على أصول"، ويقصدون به الأرض
وما اتصل بها، فشمل الدور والحوانيت والجنات...، فالأصل أعم من العقار، إذ يقسمه إلى
قسمين:
رباع: هي الدور والحوانيت والأفران ونحوها
وعقار: وهي الفدادين والجنات ونحوهما من كل ما يعقر بالفأس، فالأصول عندهم
أعم، لأنها الأرض وما اتصل بها.
فالعقار إذن في المذهب المالكي يشمل الأرض والبناء والغرس، وكل ما وضع في
الأرض على سبيل الاستقرار، وبصيغة أخرى هو ما لا يمكن نقله من مكان إلى آخر كالأراضي
والدور... فمفهوم العقار عند المالكية أوسع وأشمل منه في المذهب الحنفي.
وعرفت بعض التشريعات العقار كالقانون المدني
المصري (الفصل 82) والقانون المدني السوري (الفصل 84)، وحسب هذين التشريعين فإن العقار
لم يعد ما يستحيل نقله استحالة مطلقة بل أصبح ما لا يمكن نقله من حيزه دون تلف.
أنواع العقار:
*العقار بالطبيعة:
العقار
بالطبيعة هو الشيء المستقر الثابت الذي لا يمكن نقله من مكان إلى آخر دون تلف من البديهي
أن يصدق هذا التعريف على الأراضي سواء كانت معدة للزراعة أو البناء، والمشرع المغربي
عرف العقار تعريفا مباشرا، فنص في المادة 6 من مدونة الحقوق العينية بأن العقار بطبيعته
هو كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله من دون تلف أو تغيير في هيئته. فالملاحظ أن لفظ العقار فضفاض يشمل حتى ما يمكن
أن نعتقد أنه مجرد منقول، لا قيمة له كالأعشاب الصغيرة التي تنبت بالأرض مادامت متصلة
بها.
فأول ما يعتبر عقارا بطبيعته هو الأرض والأبنية
والنباتات.
ــــ الأرض: إن التحليل الكلاسيكي لمفهوم الأرض،
يعتبر الأرض بما لها من صفتي الثبات والدوام، هي العقار، ولفظ الأرض جاء عاما فيشمل
الأرض الفلاحية أو الأرض الصخرية والتي يصعب زرعها، وسواء كانت هذه الأرض بالمدن أو
بالبوادي، ومنطقي أن الأرض تتصف بالثبات والاستقرار ولا يمكن أن تتحرك إلا بقوة خارقة،
وإذا تحركت يحدث بها تلف.
ــــ الأبنية: تعتبر كذلك عقارات بطبيعتها
لاندماجها في الأرض، فالأبنية الثابتة المستقرة على الأرض مادام يشد بعضها بعضا تحتفظ
بالصفة العقارية، فالبناية سواء كانت بالإسمنت أو بالحجر تعتبر عقارات بطبيعتها ولا
يؤثر كونها بنيت من طرف المالك أو المغتصب أو المترامي.
فالدور والمعامل والجسور والخزانات والأفران والسدود والأنفاق والزرائب، كلها
تعتبر عقارات بطبيعتها، وكذلك مكملات البناء من أبواب وشرفات وأنابيب جر الماء، ومن
الضروري أن تكون المباني مشيدة فوق سطح الأرض، بل يعتد بتلك التي تكون مشيدة في باطنها.
ــــ النباتات: المشرع اعتبر كل ما يتصل بالأرض
عقارا بطبيعته، فالمحصولات الزراعية الثابتة بجذورها، وثمار الأشجار التي لم تقطف والأشجار
بالغابات التي لم تقطع، فهذه كلها اعتبرها المشرع عقارات بطبيعتها. وسبب ذلك أن وصف
الأرض امتد إليها مادامت متصلة بها اتصال قرار، فإذا انفصلت عنها اعتبرت منقولا، وهذا
التصور من صنع الفقه والقانون ويجب التسليم به، وربما هذا امتداد للنظرة الاقتصادية
التي كانت سائدة والتي كانت تعطي للأرض أهمية كبيرة، فكل ما يتصل بها تحميه النصوص
الخاصة بها.
ويشترط في النباتات حتى تعتبر عقارات بالطبيعة أن تمتد جذورها إلى باطن
الأرض بغض النظر عن كونها صغيرة أم كبيرة، وبما أن الأبنية لا يعتد بتوقيتها كذلك االنباتات
مادامت متصلة بالأرض فهي عقارات حتى لو كانت معدة لأن تنقل، ولا عبرة كذلك لغارسها
إن كان مالكا أو مستأجرا أو مزارعا، فالعبرة بالاتصال بالأرض والثبات بها، أما إذا
قطعت الأشجار أو قطفت الثمار فتعتبر منقولا.
*العقار
بالتخصيص:
العقار بالتخصيص هو خروج عن قاعدة العقار
بالطبيعة المتصف بالثبات والاستقرار، وعرفته مدونة الحقوق العينية في المادة 7 بأنه
هو المنقول الذي يضعه مالكه في عقار يملكه رصدا لخدمة هذا العقار واستغلاله أو يلحقه
به بصفة دائمة ويشترط لاعتبار المنقول عقارا بالتخصيص شروطا أساسية حسب المادة المذكورة،
وهما:
- أن يكون المنقول والعقار لمالك واحد: فالآلات
الفلاحية مثلا في مجال الزراعة، يجب أن تكون مملوكة لحائز الأرض بغض النظر عن كون الحائز
يحوز بصفة قانونية أم لا، ما دام يقوم بالأعمال التي يقوم بها المالك، باستثناء الحائز
العرضي، فالأشياء التي يرصدها لخدمة العقار الذي بيده تحتفظ بصفة المنقول.
- تخصيص المنقول لاستغلال العقار: كالحيوان في أعمال الحرث وآلات الزراعة
المختلفة مثل المحراث والجرار والسماد المعد للإنتاج.
أما الأشياء الموضوعة لخدمة صاحب العقار كسيارته، وإن كان يتنقل بها لخدمة
العقار فلا تعتبر عقارا بالتخصيص.
- أن يكون المنقول مخصصا لخدمة عقار محفظ.
*العقار
بحسب المحل:
وهو الحقوق العينية الآتية: ملكية العقارات، الانتفاع
بهذه العقارات، الأحباس حق الاستعمال والسكنى، الكراء الطويل الأمد، حق السطحية، الرهن
الحيازي، حقوق الارتفاق والتكاليف العقارية، الامتيازات والرهون الرسمية، الحقوق الإسلامية
كالجزاء، والاستئجار، والجلسة، والزينة والهواء.
المبحث الثاني: الأنظمة الخاصة
بكل فئة من العقارات
أولا: أمـلاك الدولـة
تنقسم أملاك الدولة إلى أملاك خاصة
وأملاك عامة. وأن الإطار القانوني لأملاك الدولة العامة يتمثل في دورية للصدر
الأعظم مؤرخة في فاتح نونبر 1912،
تميز ما بين أملاك المخزن التي لا يمكن تفويتها إلا بترخيص من المخزن، وأملاك غير
قابلة للتفويت وتستعمل من طرف العموم، وهي الطرق والمسالك وشواطئ البحر والموانئ
والأنهار والبنايات العمومية وأسوار المدن. ثم بعد ذلك صدر ظهير شريف بتاريخ فاتح
يوليوز 1914 حول
الملك العام، الذي وضع ضوابط الملك العام للدولة والجماعات المحلية، وحدد خصائص
الملك العام في عدم قابلية تفويته أو تملكه بالتقادم وكيفية استخراجه من حيز
الملكية العامة ومسطرة جديدة لتحديده.
أما أملاك الدولة الخاصة فهي
الأملاك التي لم تخصص للاستعمال من طرف العموم، وليست خاصة بمرفق عمومي ولا ضرورية لسير هذا المرفق.
وقد يكون مصدرها ملكية عامة للدولة فانتقلت إلى الأملاك
الخصوصية بمرسوم لرئيس الحكومة، وقد تصبح ملكية خاصة للدولة لأنها أراضي لا مالك لها
باعتبارها من قبيل
أراضي الموات كما هو منصوص عليه في مدونة الحقوق العينية، أو يتم امتلاكها بواسطة
مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، أو نها كانت مملوكة سابقا للمعمرين فتم
استرجاعها واعتبارها بمثابة عقارات خاصة للدولة
بمقتضى ظهير 02 مارس1973، أو تركات شاغرة، أو
المصادرة.... إلخ.
وجدير بالذكر أن المشرع أضفى على المياه
طبيعة أملاك الدولة العامة، وحافظ في نفس الوقت للخواص على الحقوق المكتسبة
العائدة لهم قبل إعلان الملكية العامة للمياه.
ذلك أن مسطرة تحديد الحقوق الخاصة على المياه العامة تخضع لمقتضيات القانون
الجديد[1]
رقم 36.15 الذي نص من خلال مادته الرابعة على عدم قابلية المياه العامة للتفويت
أو الحجز أو التقادم[2].
ومعلوم أن التحديد الخاص بأملاك الدولة
العامة سواء فيما يتصل بجانبه المائي أوغير المائي، يبقى في حقيقة الأمر مجرد
قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها من طرف صاحب المصلحة في ذلك، أي إثبات وجود حقوق
عينية خاصة سابقة على ما اعتبره ذلك التحديد داخلا في نطاق الملك العام وفق
مقتضيات الفصل 2 من ظهير فاتح يوليوز 1914، وهو الأمر الذي أكده العمل القضائي
حينما افترض كون الساقية جزءا من أملاك الدولة العامة، وعلى الملاك المجاورين لها
الذين يدعون أنها على ملكهم الخاص أن يثبتوا ما يدعونه، تحت طائلة استقرار الطابع
العام للساقية[3].
وجدير بالذكر أن أملاك الدولة العامة
تخضع من حيث إدارتها، وصيانتها والحفاظ عليها لوزارة التجهيز، باستثناء بعض
الأملاك العامة التي تختص بها البلديات أوالجماعات المحلية أو العمالات والأقاليم،
في حين أن تدبير شؤون أملاك الدولة الخاصة يعود إلى وزارة المالية التي لها
الصلاحية لسلوك مسطرة التحديد الإداري الواردة في ظهير 3-1-1916 كخطوة أولى نحو تحفيظ هذا النوع من العقارات[4]،
وكذا إمكانية تفويتها
للخواص وفق الشروط المحددة قانونا.
ثانيا: الأمـلاك المحبسة
تجدر الإشارة إلى أن مدونة
الأوقاف حددت بدقة القواعد المتعلقة بالأملاك المحبسة من خلال تناولها لأركان الوقف) الواقف، الموقوف عليه، الموقوف، والصيغة (،
وشروطه (الإشهاد على الوقف، وحوز المال الموقوف عن الواقف)،
وكذا الآثار المترتبة
عن عقد الوقف، عبر تنظيم الأحكام الخاصة بالرجوع في الوقف، ووسائل
إثباته.
ونظرا لخصوصية الوقف، فقد أقرت المدونة أعلاه
القواعد التالية:
عدم جواز الحجز على الأملاك
الموقوفة أو اكتساب ملكيتها بالحيازة أو التقادم[5]،
أوالتصرف فيها بغير تلك التصرفات المنصوص عليها قانونا.
إضفاء الصفة الامتيازية على الديون
المستحقة لفائدة الأوقاف العامة وإعطاؤها حق الأولوية في الاستيفاء بعد أداء
الديون الناشئة عن مهر الزوجة ومتعتها ونفقتها ونفقة الأولاد والأبوين وغيرهم ممن تجب عليه نفقته، علاوة على
عدم سقوطها بالتقادم[6].
ضرورة الحصول على الموافقة الصريحة
للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف، لنزع ملكية العقارات
الموقوفة وقفا عاما[7].
وضع آلية لتصفية الحقوق العرفية المنشأة
على أملاك الأوقاف العامة (الجزاء، الجلسة، الزينة....)[8].
إعفاء الأوقاف العامة من جميع الضرائب
والرسوم أو أي اقتطاع ضريبي محلي أووطني، فيما يخص التصرفات والأعمال أو
العمليات أو الدخول المتعلقة بها[9].
إن إجراء أي معاوضة عينية للأوقاف
العامة يشترط طبقا للمادة 72 من مدونة الأوقاف أن تكون العين المعاوض بها محفظة
وأن تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة.
تعتبر الصفة من الشروط الأساسية
للتقاضي، حيث أكدت المادة 56 من مدونة الأوقاف أن الذي ينوب عن الأوقاف هو الممثل
الحكومي أو من ينتدبه لهذه الغاية:
"تمثل الأوقاف العامة أمام القضاء مدعية أو
مدعى عليها من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف أو من تنتدبه لهذا
الغرض".
لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة في
موضوع الكراء بالاستئناف، حسب ما جاء في المادة 93 من مدونة الأوقاف:
" تكون الأحكام والأوامر القضائية الصادرة
لفائدة الأوقاف العامة في النزاعات المتعلقة بكراء الأملاك الحبسية نهائية. ولا
يجوز للمكتري الطعن فيها بالاستئناف."
خلافا للفصل 402 من قانون المسطرة
المدنية، فإن مدونة الأوقاف جاءت بمقتضى جديد يعطي إمكانية اللجوء إلى الطعن
بإعادة النظر في الأحكام الصادرة في الدعاوى المتعلقة بالوقف العام متى قامت حجة
على حبسيته، حيث تنص المادة 58 على أنه:
" يمكن الطعن بإعادة النظر في الأحكام القضائية الصادرة في
الدعاوى المتعلقة بالوقف العام متى قامت حجية على حبسية المدعى فيه، وذلك داخل أجل
خمس (5) سنوات من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائيا".
تدخل النيابة العامة إجباري في القضايا
المنصبة على الأملاك الحبسية تحت طائلة بطلان الحكم عملا بمقتضيات الفصل (9) من
قانون المسطرة المدنية.
الطعن بالنقض من طرف السلطة الحكومية
المكلفة بالأوقاف يوقف تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في الدعاوى المتعلقة
بالأوقاف العامة، طبقا للمادة 57 من مدونة الأوقاف، وهو استثناء ينضاف إلى باقي الاستثناءات
المذكورة ضمن مقتضيات الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية.
إن الأملاك المحبسة تحبيسا عموميا لا
تسري عليها قاعدة لتطهير الواردة في الفصلين 1 و62 من ظهير التحفيظ العقاري، وذلك
عملا بمقتضيات المادة 54 من مدونة الأوقاف التي تنص على أن الرسوم العقارية
المؤسسة لفائدة الغير لا تمنع المحكمة من النظر في كل دعوى ترمي إلى إثبات صفة
الوقف العام لعقار محفظ، شريطة أن ترفع الدعوى في مواجهة جميع ذوي الحقوق
المقيدين.
وإذا ثبت أن العقار المذكور موقوف وقفا
عاما، بناء على الحكم القضائي الصادر بذلك والحائز لقوة الشيء المقضي به، فإن
المحافظ يشطب على كل تسجيل سابق، ويقيد العقار بالرسم العقاري المتعلق به في اسم
الأوقاف العامة "[10].
ثالثا: الملك الغابوي
يحدد مفهوم الملك الغابوي بصفة عامة
استنادا إلى معيار موضوعي، بدليل أن شخص المالك[11]
غير لازم لإضفاء صفة الملك الغابوي على عقار معين[12]،
على اعتبار أن هذا النوع من الأملاك يمكن أن يكون في ملك الدولة، أو جماعة سلالية،
أو شخص طبيعي
أو معنوي[13].
وبعد التأكد من وجود قرائن تفيد ملكية
العقار يمكن للمندوبية السامية للمياه والغابات[14]
مباشرة مسطرة التحديد الإداري[15]
لاتسامها بالبساطة والسرعة[16]
مع حق هذه الأخيرة في الاختيار بين اللجوء مباشرة إلى تحفيظ ممتلكاتها وفق المسطرة
العادية (قانون 07/14) كلما كانت مساحة العقار تقل عن 1000 هكتار، وبين اللجوء إلى
مسطرة التحديد الإداري (3/1/1916) إذا كانت المساحة تفوق 1000 هكتار، باستثناء
الأراضي المخزنية (الملك الغابوي وغير الغابوي) الواقعة خارج المدار الحضري في
المناطق الشمالية[17].
رابعا: الأملاك الجماعيـة
يقصد " بالأراضي الجماعية "[18]،
تلك الأراضي التي توجد في حوزة القبائل والسلالات، التي هي إما قبائل أو فرقة أو
دواوير أو عشائر تربط بينهم روابط عرقية[19]،أي
أنها تنتمي الى أصل واحد أو سلالة واحدة. ويتم الاستغلال[20]
في إطار ملكية شائعة بين جميع أفراد الجماعة مع إمكانية توزيع حق الانتفاع فيما
بينهم[21].
كما يسهر على تدبير هذه الأملاك إما الجماعة، أي رؤساء العائلات المكونة للقبيلة
أو الفرقة أو الدوار، وإما نواب الجماعة الذين ينتدبون لهذه المهمة ومجلس الوصاية
وفقا للأحكام المنصوص عليها في ظهير 27/04/1919 الذي تضمن التنصيص كذلك على عدم
قابلية الأملاك الجماعية للتفويت أو الحجز أو التقادم[22]
مع بعض الاستثناءات الواردة في الفصل 10 من نفس الظهير أوفي ظهائر لاحقة[23].
وجدير بالذكر أن تسمية جمعية المندوبين
مستمدة من قانون أراضي الجموع المؤرخ في 27/04/1919 كما تم تعديله وتتميمه بظهير
06 فبراير 1963 الذي نص في فصله الثاني على أن " الجماعات الأصلية أو
السلالية يمكن لها أن تنقل سلطاتها إلى أشخاص طبيعيين تختارهم بواسطة رسم عدلي أو
ضمن الكيفيات الصحيحة المعمول بها، ويكون مجموع الأشخاص الذين يقع اختيارهم على
هذا الشكل جمعية المندوبين أو جماعة النواب أو اللجن النيابية ".
وباعتبار وزارة الداخلية هي الوصية على
هذا النوع من الأراضي، فإنها تتدخل من خلال إصدارها لمجموعة من المناشير لتحديد
اختصاصات كل من الجماعة النيابية ومجلس الوصاية أهمها المنشور الوزاري المشترك بين
وزير الداخلية ووزير العدل والحريات بتاريخ 12 مارس 1962 الذي نظم بدقة اختصاص
الجهات المعنية للنظر في نزاعات الأملاك الجماعية[24].
وجدير بالذكر أن ظهير 25 يوليوز 1969 المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري، المعتبر بمثابة ميثاق الاستثمارات الفلاحية
منح ذوي الحقوق
الجماعيين الذين يستقرون على الأراضي الجماعية والكائنة
بالدوائر السقوية صفة ملاك على الشياع، وهذا من شأنه أن يخرج هذه الأراضي من دائرة الأراضي
الجماعية ويدخلها في إطار نظام الملكية الخاصة المشاعة. بل الأكثر من ذلك فقد سمح هذا
الظهير للمالكين
على الشياع أن يخرجوا من هذه الحالة ويفرزوا نصيبهم الخاص بهم على يد المصالح التقنية للاستثمار الفلاحي بقرار
مشترك لوزير الداخلية ووزير الفلاحة، شريطة ألا يقل كل جزء مفرز عن خمسة
هكتارات.
خامسا: أراضـي الجيـش
يقصد بها تلك الأراضي[25]
التي منحها المخزن من أملاكه لقبائل الجيش بغاية السكنى والاستغلال على وجه الشياع في شكل حصص سميت "المخازني" وذلك
مقابل خدماتهم في الجيش، ويمكن إعادة قسمتها كل سنة
حسب عادات القبائل، أو بعد مرور عدة سنوات وتقدر مساحتها
بحوالي ألف هكتار تقريبا.
وفي غياب أي قانون ينظم هذه الأراضي
وطريقة تسييرها،
فإن مديرية الأملاك المخزنية التابعة لوزارة المالية هي التي تشرف على تنظيم هذه
الأراضي وكيفية استغلالها، وفق الأعراف المحلية التي تختلف بدورها من قبيلة لأخرى، وأن أي نزاع بشأنها يجعل الاختصاص
منعقدا للقضاء العادي وليس للجماعات النيابية حسبما أكدته محكمة النقض[26]
في أحد قراراتها كما يلي:
"... حيث صح ما عابه السبب، ذلك إن
طلب المدعين ينحصر في التمكين من واجب في حق استغلال أرض من أراضي الكيش،
واستغلالها يخضع للأعراف المحلية ولا يرجع للأملاك الجماعية بصريح الفصل 16 من
ظهير 27 أبريل 1919، وينعقد الاختصاص للبت في المنازعات الناشئة بين المنتفعين
منها إلى القضاء العادي لتوفره على الولاية العامة ما دام أنه لا يوجد أي نص
قانوني يسند الاختصاص إلى جهة قضائية أو إدارية أخرى ومحكمة القرار المنتقد حينما
اعتبرت المنازعة في حق الاستغلال الذي هو موضوع الدعوى يخرج عن ولاية القضاء تكون
قد أقامت قضاءها على غير أساس مما يعرضه للنقض
".
سادسا: أملاك الخـواص
هي عقارات تعود ملكيتها إلى أشخاص ذاتيين
أو معنويين عن طريق الإرث أوبمقتضى مختلف أنواع التصرفات القانونية من بيع وشراء
وهبة وصدقة وغيرها.
وتخضع هذه العقارات لنصوص تشريعية
مختلفة تهدف في مجموعها إلى ضبط الوضعية القانونية للعقار نذكر منها:
- مدونة الحقوق العينية الصادرة بتاريخ
24/11/2011، والتي دخلت حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من تاريخ النشر أي في
24/05/2012. وقد حددت المادة الأولى منها نطاق تطبيقها حيث تطبق على العقارات
المحفظة والتي في طور التحفيظ وغير المحفظة وذلك طبقا للمادة الأولى منها التي تنص
حرفيا على ما يلي:
" تسري مقتضيات هذا
القانون على الملكية العقارية والحقوق العينية ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار
تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان
1933 (12 أغسطس 191) بمثابة قانون الالتزامات والعقود فيما لم يرد به نص في هذا القانون،
فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه
المالكي."
- ظهير التحفيظ العقاري
الذي يحدد المسطرة الخاصة بتحفيظ العقار، ومجموع القواعد القانونية المطبقة على
العقار بعد تأسيس الرسم العقاري.
- قانون الالتزامات والعقود
باعتباره الإطار العام المنظم لمختلف عمليات التعاقد، وباعتباره الإطار المرجعي
الذي كان يطبق على البيوع العقارية المبرمة قبل دخول مدونة الحقوق العينية حيز
التطبيق.
- قواعد الفقه الإسلامي
بناء على الإحالة الواردة في مدونة الحقوق العينية بخصوص ما لم يرد فيه نص.
- القانون رقم 4400 كما وقع
تعديله والمنظم لعمليات بيع العقار قيد الإنجاز.
- القانون رقم 51.00 المنظم
للإيجار المفضي للتملك.
خاتمة:
الملاحظ على جميع هاته الأنواع من
العقارات هو تعدد الجهات الوصية على تدبير شؤونها وإدارتها ومراقبتها في غياب سياسة عقارية
موحدة، حيث نجد وزارة الداخلية هي الوصية على
الأملاك الجماعية، ووزارة المالية على أملاك الدولة
الخاصة وأراضي الجيش، والمندوبية السامية للمياه والغابات هي المشرفة على الأملاك
الغابوية، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي التي يعود لها تدبير شؤون الأوقاف العامة[27].
[1]
- ظهير شريف رقم
1.16.113 صادر في 6 ذي القعدة 1437(10 اغسطس 2016) بتنفيذ القانون رقم 36.15
المتعلق بالماء جريدة رسمية بتاريخ 25 غشت 2016 والذي نسخ القانون رقم 95-10
باستثناء المادة 7 منه.
-
ويجدر التنبيه إلى أن المياه العامة سبق تنظيمها بمقتضى ظهير 1914 الذي عُدل بظهير 8 نونبر 1919 وظهير 1 غشت 1925 المتعلق
بالأملاك العمومية المائية، وكذا قانون المياه رقم 95-10
الذي نسخ بموجب القانون الجدي رقم 36.15.
" الملك العمومي المائي غير قابل للتفويت أو الحجز
أو التقادم ".
وجدير
بالذكر أن الحقوق المكتسبة على مياه الأملاك العامة تعتبر من بين الاستثناءات
الواردة على قاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصلين 2 و62 من ظهير التحفيظ
العقاري المؤرخ في 12/08/1913:
إن
المياه في التشريع المغربي – كما هو الشأن في العديد من التشريعات المقارنة الأخرى-تعتبر
من الأملاك العامة، وتتميز إذن ككل ملك عام بأنه لا يجوز التصرف فيها ولا يمكن
اكتساب حقوق عليها عن طريق التقادم.
[3] -
قرار محكمة الاستئناف بالرباط صادر بتاريخ 1934.10.17 (أشار إليه د.محمد الكشبور –
م س-ص 69 و 84) جاء فيه ما يلي:
« … Une séguia étant présumée faire partie du domaine public, il
appartient au revendiquant de prouver que les différents propriétaires des
terrains desservis sur tout son parcours l’entretiennent à titre privatif.
A défaut d’une telle preuve, la caractère public de la
séguia demeure établi … ».
"
يترتب عن اكتساب المال لصفة الوقف العام عدم جواز حجزه أو كسبه بالحيازة أو
بالتقادم، وعدم جواز التصرف فيه إلا وفق المقتضيات المنصوص عليها في هذه المدونة
".
كما
أن مدونة الحقوق العينية في مادتها 261 تنص على ما يلي:
" لا تكتسب بالحيازة:
-
أملاك الدولة
العامة والخاصة.
-
الأملاك المحبسة.
-
أملاك الجماعات
السلالية.
-
أملاك الجماعات
المحلية.
-
العقارات المحفظة
-
الأملاك الأخرى المنصوص عليها صراحة في القانون".
[6]
- تنص
المادة 55 من مدونة الأوقاف على أن " الديون المستحقة لفائدة الأوقاف العامة
تعتبر ديونا ممتازة، لا تسقط بالتقادم، ويكون لاستيفائها حق الأولوية بعد أداء
الديون الناشئة عن مهر الزوجة ومتعتها ونفقتها ونفقة الأولاد والأبوين وغيرهم ممن
تجب عليه نفقته طبقا لأحكام مدونة الأسرة ".
" لا يجوز نزع ملكية العقارات الموقوفة وقفا عاما
من أجل المنفعة العامة إلا بموافقة صريحة من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف
".
- بهلاك البناءات أو المنشآت أو الأغراس المقامة فوق
الأملاك الوقفية والعائدة إلى صاحب الحق العرفي؛
- بعدم أداء صاحب الحق العرفي للوجيبة الكرائية لمدة
سنتين متتاليتين؛
- بتصفية هذه الحقوق بشراء إدارة الأوقاف للحق العرفي
المترتب لفائدة الغير أو بشراء صاحب الحق العرفي لرقبة الملك الوقفي أو ببيع
الرقبة والحق العرفي معا بالمزاد العلني؛
وفي جميع
الأحوال تنقضي هذه الحقوق بمرور عشرين سنة ابتداء من دخول المدونة حيز التنفيذ.
" تعفى الأوقاف العامة، فيما يخص جميع تصرفاتها أو
أعمالها أو عملياتها وكذا الدخول المرتبطة بها من كل ضريبة أو رسم أو أي اقتطاع
ضريبي آخر يكون له طابع وطني أو محلي ".
[10] - وقد سبق لمحكمة النقض أن أكدت ذلك في قرارها الصادر
بتاريخ 10 فبراير 1989 في الملف عدد 601/96 والذي جاء فيه ما يلي: "إذا ثبت
التحبيس فإن الحبس لا يمكن تفويته ولا قسمته قسمة بتية لأن ذلك يتنافى مع طبيعة
الحبس الذي هو تمليك المنافع وليس تمليك الثروات ".
[11]
- أكد الفصل 23 من القانون رقم
11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة الصادر بالظهير الشريف بتاريخ 12 ماي 2003
هذا المعيار بإقراره وجود غابات مملوكة للدولة وأخرى للخواص من خلال نصه على ما يلي:
" تعتبر الغابات سواء العمومية أو الخاصة بمثابة
ممتلكات ذات منفعة مشتركة، من واجب الإدارة والخواص المحافظة عليها بشكل يضمن
توازنها واحترام الأنظمة البيئية".
[12]
- وجدير بالذكر أن الإطار
القانوني المنظم للأملاك الغابوية يوحي بانتفاء قرينة القول بأن كل ملك غابوي هو
ملك خاص للدولة، وهو ما يجعل المنازعات المتعلقة بهذا النوع من الأراضي وعبء إثبات
تملكها تخضع للقواعد الواردة بكل قانون على حدة بدءا بمدونة الحقوق العينية ومرورا
بظهير التحفيظ العقاري وانتهاء بظهير التحديد الإداري.
[13]
- تنص مقتضيات الفصل الأول من ظهير 10 أكتوبر 1917 كما
عدل بظهير أبريل 1949 على ما يلي: "يجري النظام الخاص بالغابات على الغابات
والأحراش المبينة أسفله وتدار شؤونها طبق مقتضيات ظهيرنا الشريف هذا وهي:
1-الأحراش والغابات التي هي ملك للمخزن الشريف أو
للمؤسسات العمومية أو لجماعات القبائل التي هي ملك مشاع بين الدولة أو مؤسسات
عمومية أو جماعات من القبائل من جهة وبعض أفراد الناس من جهة أخرى.
2-الأحراش والغابات المتنازع فيها بين دولتنا الشريفة
وبين بعض المؤسسات العمومية أو بعض جماعات القبائل، وكذا الأحراش والغابات الواقع
النزاع فيها بين أحد ممن ذكر وبين أفراد الناس.
3-....
4-....
5-الأراضي المحدد غرس أشجارها أو التي ينبغي إعادة غرسها
وعند الاقتضاء الأراضي المعدة لرعي المواشي التي ستقوم بتحسينها إدارة المياه
والغابات بعد الموافقة مع المجلس المكلف بشؤونها والتي هي على ملك جماعات القبائل.
6-الأراضي التي أعيد غرس أشجارها أو التي ينبغي تجديد
غرسها فيها والأراضي المعدة لرعي المواشي والتي هي لبعض أفراد الناس الراغبين
أربابها في تكليف إدارة المياه والغابات إما بحراستها فقط وإما بحراستها وتدبير
شؤونها معا".
[14]
- راجع المرسوم رقم 1299-07-2
الصادر بتاريخ 15 نونبر 2007 في شأن اختصاصات المندوب السامي للمياه والغابات
ومحاربة التصحر.
- نشير إلى أن أملاك الدولة إما عامة أو خاصة، فأملاك
الدولة العامة أسند المشرع أمر تسييرها لوزارة الأشغال العمومية، أما الأملاك
الخاصة فهي إما غابات أو أراضي مكسوة بالحلفاء، أو كثبان رملية، أو أراضي رعوية أو
سقوية، أو مباني حضرية. وقد أسند المشرع أمر تسيير الأولى لإدارة المياه والغابات،
أما الأراضي الفلاحية والرعوية والسقوية لرعاية إدارة أملاك الدولة الخاصة.
" كل عقار فيه شبهة ملك للمخزن الشريف يمكن أن تجرى
فيه أعمال التحديد حسب الشروط الآتية لأجل استبانة حقيقته وتعيين حالته الشرعية
وذلك بطلب من إدارة المياه والغابات أو إدارة الأملاك المخزنية".
ولعل سند مباشرة المندوبية السامية للمياه والغابات
لمسطرة التحديد الإداري المنظمة بمقتضى ظهير 3 يناير 1913 هو مقتضيات ظهير 10
أكتوبر 1917 الذي أحال صراحة بشأن تحديد الملك الغابوي على الظهير المذكور ووضع
قرينة على تملك الدولة للأراضي الغابوية كما حدد النطاق الزمني لسريان هذه القرينة
وهو تحقيق عمليات التحديد، وذلك عملا بنص الفصل الأول منه الذي يجري سياقه على ما يلي:
" إن الأملاك الغابوية للدولة تحدد حسب الشروط
المنصوص عليها في ظهير 1916 وتبقى الأراضي الغابوية خاضعة لقرينة ملكية الدولة
مادامت عمليات التحديد لم تتحقق".
للمزيد من التوسع راجع: د يونس الزهري – مقال حول
إشكالات الملك الغابوي – سلسلة الاجتهاد القضائي – العدد 2
[17] - تضمن
المنشور المشترك بين وزارة الفلاحة ووزارة المالية ووزارة الداخلية رقم 12 م م ع أ
ط بتاريخ 26/11/1986 طريقة تحديد الأراضي المخزنية (الأملاك الغابوية وغير
الغابوية) الواقعة خارج المدار الحضري في المناطق الشمالية حسب الجدول التالي:
أ-متابعة مسطرة التحفيظ العقاري فيما يخص الرسوم
الخليفية التي شملها تطبيق هذه المسطرة حسب مقتضيات الظهير الشريف بمثابة المرسوم
الملكي رقم 114.66 الصادر في 09 رجب 1386 (24 أكتوبر 1966) بمثابة قانون يطبق
بموجبه في المنطقة الشمالية السابقة نظام التحفيظ العقاري المعمول به في المنطقة
الجنوبية وتحدث بموجبه مسطرة خاصة لتحديد العقارات الموضوعة لها رسوم عقارية.
ب – تطبيق مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ ب 26 صفر 1334
(3 يناير 1916) الذي ينص على الكيفية الخاصة لتحديد أملاك الدولة وذلك فيما يخص
الأراضي ذات الرسوم الخليفية التي لم تودع لحد الآن لدى المحافظات العقارية
الجهوية والأراضي التي ليس لها أي مرجع عقاري.
[18]- ولقد سميت هذه الأراضي عقارات جماعية، لأن الجماعة هي
التي تقوم بتدبيرها، وذلك بتوزيعها على أرباب العائلات خلال مدد معلومة عرفا. وهي
غير مجبرة بأداء خراج للدولة كما أنها غير قابلة للتفويت. كما أن هذا النظام من
العقارات استطاع أن يحتل مكانة أساسية من ضمن الأنظمة العقارية بالمغرب، بحيث أنه
يشغل حوالي 13 مليون هكتار من
بينها حوالي مليوني هكتار شملها التحديد الإداري، وحوالي160.000 هكتار تم
تحفيظها وتأسيس رسوم عقارية لها.
[19]- وتجدر
الإشارة إلى أن الأراضي الجماعية تختلف عن الملكية الشائعة في أن هذه الأخيرة
تعتبر ملكية خاصة إن كانت شائعة بين عدة أفراد وبالتالي فهي قابلة للقسمة وللتفويت
وتعتبر مصدر حق الشفعة، في حين نجد وضعية الأراضي الجماعية لا تمنح لذوي الحقوق
عليها مثل هذه الصلاحيات نظرا لخصوصية النظام القانوني المطبق على هذا النوع من
العقارات.
[20]- إن أول مصدر لحق المنفعة المتعلق بأراضي الجماعات
السلالية هو ظهير 7/7/1914 الذي يستفاد منه أنه سمح بإقامة الملكيات عن طريق نظام
( البطاقة ) للأرض عدا ما يعد جماعيا أو غابويا أو حبسيا، ثم ظهير 21/12/1916 الذي
اعترف للجماعات السلالية بالشخصية المعنوية في شخص ممثلين عنها وظهير 1919 الذي
حدد في فصله الرابع اختصاص الجماعة النيابية هاته فيما يتعلق بالتوزيع الموسمي
وتنفيذ مقررات مجلس الوصاية وإقامة التعرضات على مطالب التحفيظ (الفصل الخامس منه)،
وظهير 18/2/1924 المنظم لتدبير شؤون الأملاك الجماعية ومسطرة تحديدها إداريا،
والقرار الوزيري المؤرخ ب 14/7/1945 وظهير 1960 المنظم للاختصاص في الفصل في
النزاعات التي تنشأ بين ذوي الحقوق وممن ينازعهم في حق الانتفاع.
[21]- وتجدر الإشارة أن الانتفاع بهذه الأراضي كان يتم من
خلال استغلالها على وجه الشياع أي بشكل جماعي أو ما يطلق عليه بالعامية اسم ّ
التويزة ّ حيث إن عمليات الحرث والحصاد وغيرها كانت تتم جماعة ومن تم توزيع
المحصول فيما بينهم. وإزاء هذا المفهوم الضيق للأراضي الجماعية يرى ألبير كيوم Albert Guillaume
في كتابه الملكية الجماعية بالمغرب la propriété collective au Maroc أن الأراضي الجماعة هي مؤسسة عرفية وجدت قبل دخول
الإسلام ولها نظام خارج النظام الإسلامي.
ونعتقد أن كل محاولة لتعريف الأراضي
الجماعية حسب نوعية الاستغلال (حرث، رعي) لا تفي بالمطلوب، وقد أحسن المشرع صنعا
عندما جعل من ظهير 27 أبريل 1919 (ظهير 6 فبراير 1963) ميثاقا لتدبير الأملاك
الجماعية على اعتبار أن هذه الأخيرة لا تقتصر على الأراضي المعدة للحرث أو الرعي
وإنما نجد الممتلكات الجماعية تشمل المقالع الرملية والحجرية والرخامية والغابات
وبالتالي نخلص إلى أن عبارة " الأملاك الجماعية " أوسع من عبارة "
الأراضي الجماعية ".
[22]- ينص ظهير 27 أبريل 1919 على تنظيم
الوصاية الادارية للجماعات السلالية والمنظم كذلك لكيفية تسيير وتفويت الأراضي
الجماعية. ومن تم يمكن القول أن ملكية الأراضي الجماعية تعود للجماعة التي منحها
القانون الشخصية المعنوية للتمكن من تسيير شؤونها، مع خضوعها في ذلك لوصاية
الدولة.
وقد جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي:
" يكون وزير الداخلية مؤهلا قانونا
للتقاضي وحده عند الضرورة عن الجماعات التي هو وصي عليها والدفاع عن مصالحها،
وبالتالي فإن استئنافها يقع تحت طائلة القبول.
يثبت الملك الجماعي بشهادة الشهود كما يثبت
بالقرائن الدالة والمؤكدة له، وأن المعاينة التي أجرتها المحكمة مقدمة على موجب
الاستغلال ما لم يقم المتعرض بإثبات الترامي الحاصل على المدعى فيه.
إن ثبوت الصفة الجماعية للملك مانع من تملكه
بالحيازة والتصرف فيه للغير ولا يمكن أن يكون موضوع الحجز ".
-
قرار عدد 4029 مؤرخ في 19/11/2008 ملف مدني عدد
4004-1-1-2006 منشور بسلسلة مجلة الاجتهاد القضائي – عدد 2 – طبعة أولى – سنة 2011
– ص 263.
وتجدر الإشارة إلى أن مطلب التحفيظ يتوقف
على ضرورة الحصول على إذن من بعض الجهات الوصية، كما لو تعلق الأمر بتحفيظ الأراضي
الجماعية، حيث يجب الحصول على إذن وزارة الداخلية. وخلاف مطلب التحفيظ، فان تقديم
التعرض لا يتوقف على مثل هذا الإذن. وهذا ما كرسه العمل القضائي، في أحد قراراته
كما يلي:
" حيث تعيب الطاعنة القرار فيه بخرق
الفصل 3 من ق م م ذلك ان المتعرضة جماعة سيدي موسى تقدمت بتعرضها دون حصولها على
إذن من وزير الداخلية الوصية عن أراضي الجماعات السلالية، مخالفة بذلك الفصل
الخامس من ظهير 27/4/1919 الذي ينص على أنه لا يمكن للجماعات أن تقيم أو تؤيد في
الميدان العقاري أية دعوى قصد المحافظة على مصالحها الجماعية، ولا ان تطلب التحفيظ
إلا بإذن من الوصي وبواسطة مندوبين معينين ضمن الشروط المحددة في الفصل الثاني من
الظهير المذكور.
لكن حيث انه خلافا لما أثارته الطاعنة أعلاه
فانه بمقتضى الفصل الخامس من ظهير 27/4/1919 المتعلق بالوصاية عن أراضي الجماعات
فان نائب الجماعة يجوز له التعرض بالنيابة عن الجماعة على مطلب التحفيظ، دون حصوله
على اذن من وزير الداخلية الوصي عن الجماعات، الأمر الذي يكون معه القرار غير خارق
للمقتضيات المحتج بها والسبب بالتالي غير جدير بالاعتبار ".
- القرار عدد 2919 المؤرخ في: 29-07-2008
ملف مدني عدد 3320/1/2006.
[23]- هذه
الأراضي هي أراضي فلاحية أو رعوية تحتل مكانا مرموقا داخل النسيج العقاري للبلاد
بحيث تبلغ مساحتها حوالي 15 مليون هكتار تقريبا وتتصرف فيها الجماعة تصرف المالك
في ملكه بدون أداء ضرائب للدولة.
[24]- فجماعة النواب تمثل الجماعات الأصلية
أو السلالية وتعتبر مؤسسة خاضعة للقانون الخاص ولا يمكن التمتع بالامتيازات
المعترف بها للمؤسسات الخاضعة للقانون العام، وتختص في إعطاء الموافقة المبدئية
على كل إجراء يمس عقارا من الممتلكات الجماعية سواء تعلق الأمر بالأكرية والتفويتات
أو التوزيع، وتحديد لوائح ذوي الحقوق والمبادلة وإجراء القسمة الموسمية مع الإشارة
إلى أن هذه الموافقة تتوقف على مصادقة مجلس الوصاية. وأن قرارات جماعة النواب
قابلة للطعن فيها بالاستئناف أمام نفس المجلس.
[25]- ظهرت لأول
مرة في عهد الدولة السعدية حيث تم التمييز بين قبائل النايبة الخاضعة
للضرائب المعوضة عن عدم اشتراكها في الجيش، وقبائل الجيش المعفية منها.
[26]
- قرار عدد 247
بتاريخ 27 أبريل 2005 في الملف الشرعي عدد 580/2/1/2004، منشور بمجلة قضاء المجلس
الأعلى عدد 64-65 – سنة 2006 – ص 167.
" يعتبر
النظر في شؤون الأوقاف العامة من صلاحيات جلالتنا الشريفة بصفتنا أميرا للمؤمنين.
ويقوم بهذه المهمة تحت سلطتنا المباشرة وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية، في
إطار التقيد بأحكام هذه المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها ".
0 التعليقات:
إرسال تعليق