مسطرة الإنقاذ وفق القانون رقم 73.17 المغير والمتمم لمدونة التجارة


ماستر العقود والأعمال بكلية العلوم القانونية ابن زهر
عرض في وحدة صعوبات المقاولات تحت عنوان: مسطرة الإنقاذ وفق آخر المستجدات التشريعية

من إنجاز الطلبة:
محمد برغاز
عبد الرحيم المرابطي
عكدادي


المقدمة


لاشك أن إفلاس التاجر يعتبر ظاهرة قديمة قدم الحياة التجارية نفسها، لذلك نجد أن التشريعات القديمة تطرقت للاحكام الواجب تطبيقها على التاجر المفلس، فقد كان القانون الروماني يجيز للدائن متابعة وملاحقة مدينه وحبسه والتشهير به وقد تأثر القانون الفرنسي بداية أشد التأثر بالقانون الروماني حيث عامل المدين المفلس معاملة قاسية إلى درجة إعتباره مجرما يتعين إعدامه، لكن بعد صدور مدونة نابوليون تغيرت هذه النظرة الدونية إلى المدين وتم الاقتصار على عقوبة الحبس وحدها.

وبصدور قانون 13 يوليوز 1967 الذي جاء بمسطرة أساسية تقوم على فصل المقاولة عن صاحبها وإستمر العمل بهذا القانون بصفة مبدئية إلى غاية سنة 1985 غير أن المشرع الفرنسي لم يتوقف عند هذا الحد، حيث أضاف مساطر جديدة أهمها مسطرة المصالحة ومسطرة المحافظة على المقاولة ( Procédure de sauvegarde‏ انقاذ المقاولة)؛ إذ تبقى هذه الأخيرة مفتوحة حتى في مواجهة المقاولات التي تعاني من صعوبات حقيقة وجدية دون أن تكون متوقفة عن الدفع، و لم تمر سوى ثلاث سنوات حتى تدخل المشرع من جديد، حيث عدل الكثير من مقتضيات مساطر صعوبات المقاولة وبالخصوص مسطرة الحفاظ على المقاولة -مسطرة الانقاذ - بشكل يشجع رؤساء المقاولة على الجوء لها.

أما على المستوى الوطني وبعد بسط نظام الحماية أصدر المشرع المغربي قانون 12 غشت 1913، الذي أفرد الكتاب الثاني منه لنظام الإفلاس والتصفية القضائية. واستمر العمل به إلى حدود مرحلة العقد الأخير من القرن العشرين الذي يعد محطة مفصلية في تاريخ الحياة القانونية المغربية لما تميزت به من إصدار لقوانين عديدة شكلت تلك المؤطرة لميدان الأعمال والمال الحصة الكبرى منها، كما يمكن تصور أن تلك الحقبة كانت مقدمة وأرضية ضرورية بمقدورها استيعاب مجموعة من القوانين جديدة، وقد شكلت مدونة التجارة، التي تضمنت أحكاما تخص وقاية ومعالجة المقاولة هذه المدونة التي أعلنت تخلي المشرع المغربي أخيرا عن نظام الإفلاس.

ومند صدور مدونة التجارة ظل الكتاب الخامس منه بعيدا عن اي تعديل - بإستتناء ما جاء به القانون عدد 81.14 -. إلى حدود تاريخ 19 ابريل 2018 الذي شهد إقرار من المشرع للقانون رقم 73.17 القاضي بنسخ وتعويض القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة في ما يخص مساطر صعوبات المقاولة، هذا القانون جاء بثلة من المستجدات أهمها إعادة تأهيل مساطر الوقاية من الصعوبات إلى جانب تقوية مسطرة التسوية، ناهيك عن إحداث مسطرة ترمي إلى إنقاذ المقاولة.

أهمية الموضوع


إذا كانت المقاولة النواة أو المحرك الاساسي للإقتصاد. فمن باب حماية هذا الاخير الإهتمام بوقاية المقاولة من أي وقائع من شأنها ان تخل باستمرارية استغلالها، بل والتدخل لعلاجها في حال توقفها عن الدفع، وبالتالي فأهمية هذا الموضوع تتمحور أساسا في البحث عن وجه التجديد الذي جاءت به مسطرة الإنقاذ، إلى جانب الخصوصية التي تتمتع بها.

دواعي اختيار الموضوع


الأهمية التي تضطلع بها مساطر صعوبات المقاولة في تحقيق الأمن المقاولاتي كان لزاما للمقاولة على وجه الخصوص و النسيج المقاولاتي عموما. 

إشكالية الموضوع


بعد هذا التمهيد نكون أمام طرح إشكال محوري يحصر تحليلنا لموضوع الدراسة: ماهي مختلف المقتضيات التشريعية المؤطرة لمسطرة الإنقاذ ؟.

التصميم


للإجابة عن الإشكال موضوع الدراسة سنعتمد التصميم التالي :
المبحث الأول : ماهية مسطرة الإنقاذ و إجراءاتها.
المبحث الثاني : أثار حكم مسطرة الإنقاد .

المبحث الأول : ماهية مسطرة الإنقاذ و إجراءاتها


تعتبر مسطرة الإنقاذ من أهم المستجدات التي نص عليها القانون عدد 73.17 المتعلق بتغيير و بتتميم مدونة التجارة، قبل الشروع في دراسة هذا الموضوع يحتم علينا الوقوف عند ماهية هذه المسطرة (المطلب الأول) إلى جانب بيان الإجراءات اللازم سلوكها للاستفادة منا (المطلب الثاني ).

المطلب الأول : ماهية مسطرة الإنقاذ


باستقراء بعض المواد المتعلقة بمسطرة الإنقاذ المنظمة في القسم الثالث من القانون 73.17 يمكن استنباط تعريفا ( (الفقرة الأولى ) لهذه المسطرة. وكذا خصائصها (الفقرة الثانية ) .

الفقرة الأولى : تعريف مسطرة الإنقاذ


بالرجوع الى القانون عدد 73.17 في مادته 560 التي تنص على أنه : " تهدف مسطرة الإنفاد الى تمكين المقاولة من تجاوز صعوباتها، و ذلك من أجل ضمان استمرارية نشاطها، و الحفاظ على مناصب الشغل بها، و تسديد خصومها . "

بالرغم من كون المادة 560 لم تشر بصريح العبارة إلى تعريف مسطرة الإنقاذ الا أنه يمكن إستنباط تعريف لها، فهي مسطرة هدفها تجاوز الصعوبات التي تعاني منها المقاولة دون أن تكون متوقفة عن الدفع بحيث لا تكون قادرة على تجاوز وضعها المتعثر بما لها من إمكانات، هذا التدخل يسعى إلى ضمان استمرارية نشاطها و الحفاظ على مناصب الشغل بها و تسديد ما عليها من ديونها، و ما يلاحظ على هذه المادة أن المشرع المغربي استعمل نفس الصياغة التي خصها المشرع الفرنسي لمسطرة الإنقاذ في المادة 1620 من مدونة التجارة الفرنسية الصادرة سنة 2005 التي وصفتها بالمسطرة الوقائية، نفس الوصف أخد به ميثاق منظمة التنسيق الإفريقي لقانون الأعمال، حيث تم تعريفها في الفقرة الأولى من المادة 2 منه على أنها مسطرة وقائية تهدف إلى تجنب توقف المقاولة عن الدفع أو توقف نشاطها، عن طريق اعتماد تدابير وقائية بهدف تسديد ما عليها من ديون .

والملاحظ كذلك أن المشرع الفرنسي الذي اعتمد هذه المسطرة في سنة 2005 والتي شهدت تعديلات عدة قد كان مصدره في اقتباسها هو التشريع الأنجلوساكسوني. وبالخصوص قانون الإفلاس الأمريكي المنظم لهذه المسطرة الذي نص في الجزء الحادي عشر منه (‎( Bank cruptcy law‏ " يشكل مخطط إعادة تنظيم المقاولة و استمرارية نشاطها و أداء الديون التي عليها للحيلولة دون إفلاسها."

وعليه فمسطرة الإنقاذ هي مسطرة وقائية على اعتبار أنها تخول للمدين حماية مقاولته. فمما لاشك فيه أن تراكم الخصوم على المقاولة و ووصولها الى مرحلة التوقف عن الدفع يؤدي بها لا محالة الى تسويتها أو تصفيتها حسب الأحوال، لكن يمكنها تجاوز هذه الواقعة في إطار هذه المسطرة بوصفها مسطرة وقائية جماعية .

ومن خلال ما تم ذكره يمكن تعريف مسطرة الانقاذ على كونها إجراء وقائي وعلاجي منح لرئيس المقاولة يلجئ إليه كلما تبين له ان المقاولة في وضعية حرجة ستؤدي بها في القريب العاجل إلى التوقف عن الدفع.

الفقرة الثانية : خصانص مسطرة الإنقاد


تتميز مسطرة الإنقاذ بمجموعة من الخصائص و التي تضفي عليها طابع يميزها عن باقي المساطر المقررة في إطار نظام صعوبات المقاولة ونذكر من هذه الخصائص :

أولا : مسطرة إرادية


بحيث يتم فتحها قبل مرحلة التوقف عن الدفع و يقوم المدين الذي يرغب في الاستفادة منها شخصيا بتقديم مشروع مخطط الإنقاذ و الحلول التي يراها كفيلة بإنقاذ مقاولته، ذلك ما يستفاد من خلال المادة 561 من القانون 73.17 في فقرتها الأولى أنه " يمكن أن تفتح
مسطرة الإنقاذ بطلب من كل مقاولة ...". وعليه نلمس إعتماد المشرع المغربي لنفس النهج الذي سار عليه المشرع الفرنسي في المادة 620-1 من مدونة التجارة الفرنسية، حيث نص على الطابع الإرادي لهذه المسطرة.

ويقصد بكونها مسطرة إرادية أن لرئيس المقاولة كامل الحرية في إثارتها، فالمشرع منح الاختيار لرئيس المقاولة بسلوكها من عدم ذلك، عن طريق وضع طلب بكتابة ضبط المحكمة المختصة. وما يستنتج من الطابع الإرادي تنزيل لأهداف القانون عدد 73.17 الذي وسع من صلاحيات رئيس المقاولة بمنحه لعدة امكانيات للحفاظ على سلطاته داخل مقاولته و تحفيزه على بذل جهد في تسييرها و النهوض بها بل والمحافظة على إستمرارية إستغلالها، مع تحصين إرادته في تسيير ومراقبة المقاولة قبل التوقف عن الدفع.

ثانيا : احتفاظ رئيس المقاولة بكافة صلاحياته


نصت المادة 566 من القانون 73.17 على " يختص رنيس المقاولة بعمليات التسيير...." وعليه ينفرد رئيس المقاولة بصلاحيات التسيير المقاولة، وفي ذلك رغبة من المشرع منح الثقة لرؤساء المقاولة و تشجيعهم على الانخراط الإيجابي في هذه المسطرة و تسهيل خروجهم من الضائقة و الصعوبات التي تعترض مقاولتهم .

على خلاف مسطرة التسوية أو التصفية القضائية التي يتدخل في شؤون التسيير السنديك و هو ما لا يتوخاه رئيس المقاولة بل يعتبره إنقاص في تواجده داخل مقاولته.

غير أن نفس المادة أعلاه نصت على " .... ويبقى خاضعا بخصوص أعمال التصرف وتنفيذ مخطط الإنقاذ لمراقبة السنديك الذي يرفع تقريرا بذلك للقاضي المنتدب". يستنتج أن رئيس المقاولة يبقى خاضعا لمراقبة السنديك في ما يخص أعمال التصرف.

ثالثا : مسطرة وقائية و علاجية


من خلال تعريف هذه المسطرة نلامس طابعها الوقاني و العلاجي ( ‎curative‏ ) و ذلك ما يستفاد من أهدافها فمن جهة تهدف لمنع تحقق واقعة التوقف عن الدفع التي يؤدي لا محالة إلى اعتماد إحدى المساطر إما التسوية أو التصفية القضائية حسب الاحوال.

فمن جهة يبرز الجانب الوقائي المتجسد في وقاية المقاولة من التوقف عن الدفع و بل ووقايتها من أي صعوبات تهدد إستمرارية إستغلالها، لذلك نؤكد على أن الدور الوظيفي لهذه المسطرة له ميزة خاصة حيث اذا ما تم اعتمادها وتككلت بالنجاح ستعود المقاولة للوضع العادي لها بل إلى الهدف الأساسي من خلقها.

ويبرز الطابع العلاجي الذي تتميز به هذه المسطرة في علاج الصعوبات التي تعترض المقاولة سواء القانونية منها أو الاجتماعية أو المالية و التي لا يستطيع رئيس المقاولة تجاوزها لوحده بالاعتماد على قدراته الإستراتيجية في التسيير و الإدارة.
‏للاستفادة منها ؟ و ما هي الإجراءات الواجب إتباعها لتفعيلها ؟

المطلب الثاني : شروط فمّح المسطرة و إجراءاتها


يستلزم لاعتماد هذه المسطرة كما تم بيان ذلك من خلال النصوص المنظمة لها توفر بعض الشروط (الفقرة الأولى )؛ مع إتباع الإجراءات المرافقة لها ( الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى : شروط فتح المسطرة


نص المشرع على الشروط اللازم توفرها للاستفادة من هذه المسطرة و المتمثلة في الصفة التجارية (أولا) و عدم التوقف عن الدفع (ثانيا ) و أيضا أن تكون الصعوبات جدية من حيث خطورتها (ثالثا ).

أولا : الصفة التجارية


نشير بحق إلى النقطة المحمودة والتي تحتسب لواضعي هذا القانون؛ وهو منح تعريف قانوني محدد للمقاولة وذلك على مستوى الفقرة الأولى من المادة ‏ 546، حيث جاء فيها "يقصد بالمقاولة في مدلول هذا الكتاب الشخص الذاتي التاجر أو الشركة التجارية".

فبتبني هذا التعريف الذي أزال اللبس ووضع حدا للجدال الفقهي الذي كان يحوم حول مفهوم المقاولة، والتي أصبحت تحتوي كل من الشخص الذاتي أي الطبيعي الذي لا يتخد شكل شركة تجارية شرط أن يكتسب الصفة التجارية، أو الشخص الاعتباري الذي يتخد شكل شركة تجارية سواء شركات أشخاص أو أموال.

و من خلال ذلك يتبين أن الاشخاص المستفيدون من هذه المسطرة هم الذين يحملون الصفة التجارية و التي تكتسب وفقا للقواعد المحددة في مدونة التجارة في قسمها الثاني المخصص لكيفية اكتساب هذه الصفة، مع عدم إغفال بعض القوانين الخاصة التي تؤطر جانب إكتساب الصفة التجارية .

بالرجوع الى مدونة التجارة الفرنسية في مادتها 620-2 نجدها قد وسعت من نطاق اعتماد هذه المسطرة حيث لم تكتفي فقط بالصفة التجارية لاستفادة من مسطرة الإنقاذ بل مددتها إلى الأشخاص المزاولين لنشاط مهني حر و منظم بمقتضى النصوص التشريعية أو التنظيمية مثل الأشخاص المزاولين لمهنة الطب أو المحاماة و كذلك من يمارسون نشاط زراعي و أشخاص اعتبارية اخرى خاضعة للقانون الخاص. و الملاحظ من خلال هذه المادة ان المشرع الفرنسي نص كذلك على من يزاول نشاط حرفي. غير أن المشرع المغربي قد تخلى عن هذه الاخيرة فمقارنة بين القانون 73.17، وما كان يشير إليه الكتاب الخامس من مدونة التجارة قبل التعديل، يلاحظ تخلي المشرع عن كلمة حرفي بالرغم من كونه يدخل في تعداد التجار بموجب المادة 6 من مدونة التجارة.

ويضل التساؤل المطروح بعد هذه المقارنة لماذا لم يمدد المشرع المغربي على غرار نظيره الفرنسي هذه المسطرة إلى أشخاص غير المكتسبين لهذه الصفة ؟ .

ثانيا : عدم التوقف عن الدفع


إضافة إلى الصفة التجارية نجد شرط عدم توقف المقاولة عن الدفع و ذلك بموجب المادة 1 من المشروع و التي جاء في فقرتها الأولى " يمكن أن تفتح مسطرة الإنقاذ بطلب من كل مقاولة تجارية دون أن تكون في حالة توقف عن الدفع ..." ويلاحظ أن المشرع المغربي إشترط عدم التوقف عن الدفع على غرار نظيره الفرنسي في مادة 1620-1 (‎en cessation des paiements‏).
ونشير إلى أن المشرع من خلال القانون 73.17، قد تبنى المفهوم الحديث للتوقف عن الدفع من خلال المادة 575 التي جاء فيها أنه: " تثبت حالة التوقف عن الدفع متى تحقق عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بادائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة ..." عكس ما كان مكرس على مستوى مدونة التجارة الحالية والتي كانت تتبنى المفهوم الكلاسيكي للتوقف عن الدفع، "وتطبق مساطر معالجة صعوبات المقاولة على كل تاجر و كل حرفي و كل شركة تجارية ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم عند الحلول...."

ثالثا : جدية الصعوبات المعترضة


عند تقديم الطلب يلزم على رئيس المقاولة أن يبين فيه نوعية الصعوبات التي يمكن أن تعرقل سير نشاط المقاولة، ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1 "يودع رئيس المقاولة طلبه، لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة و يبين فيه نوعية الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة ."

وقبول طلب فتح المسطرة رهين بمدى جدية هذه الصعوبات أي أن يكون تأثيرها ذا طابع خطير، فلا يمكن للمدين تضمين الطلب بعض الصعوبات أو بالأحرى عراقيل لا تشكب خطرا ‏على المقاولة و التي يمكن تجاوزها دون الجاجة لتدخل أجهزة أخرى، و هذا المقتضى له بعد في ما يتعلق بحماية المتعاملين مع المقاولة أو بالاحرى الدائنين، لأن عدم التحقق من جدية هذه الصعوبات سيحول هذه المسطرة إلى مسطرة كيدية، يسعى رنيس المقاولة من خلال تحريكها الإضرار بالدائنين والإنتقام منهم لاغير.

الفقرة الثانية : إجراءات مسطرة الإنقاذ


تبتدئ إجراءات هذه المسطرة بتقديم طلب (أولا ) إلى رئيس المحكمة قصد دراسته و التأكد من مدى جديته، و ذلك بالاستماع إلى رئيس المقاولة ( ثانيا ) و نشر هده المسطرة ( ثالثا ) حماية للمتعاملين مع المقاولة.

أولا : تقديم الطلب


على اعتبار أن هذه المسطرة اختيارية فلرئيس المقاولة وحده الحقّ في سلوكها من عدمه. فمتى رغب بتحريكها و جب عليه أن يقدم الطلب وفق ما نصت عليه المادة ‏ 561 مرفق بالوثائق المشار اليها في المادة 577 من القانون 73.17 و المتمثلة في : "
- القوائم التركيبية لآخر سنة مالية مؤشر عليها من طرف مراقب الحسابات
- جرد و تحديد قيمة جميع أموال المقاولة المنقولة و العقارية
- قائمة بالمدينين مع الإشارة الى عناوينهم و مبلغ مستحقات المقاولة و الضمانات الممنوحة لها بتاريخ التوقف عن الدفع
- جدول التحملات
- قائمة الأجراء
- نسخة من النموذج 7 من السجل التجاري
- وضعية الموازنة الخاصة بالمقاولة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة . "

و يمكن كذلك أن يعزز الطلب بأي وثيقة تبرز بوضوح الصعوبات التي تعتري المقاولة، و بمجرد تقديم هذا الطلب يحدد رئيس المحكمة مبلغ لتغطية مصاريف إشهار هذه المسطرة و تسييرها .

عموما يوضع الطلب في كتابة ضبط المحكمة المختصة، و نحن بدورنا نؤيد العبارة التي اعتمدها المشرع حيث لم يحدد كما هو كان عليه الحال المحكمة المختصة بذلك "المحكمة التجارية" من خلال مقتضيات الكتاب الخامس قبل التعديل، و ذلك تفاعلا مع مشروع التنظيم القضائي الذي أشار إلى إحداث غرف تجارية بالمحاكم الابتدائية التي لا يتواجد بدائرتها محاكم تجارية، فالمقاولة التي يتواجد مقرها الاجتماعي أو المقر الرئيسي للتاجر له الحق في تقديم الطلب إلى الغرفة المختصة. و يجب على المدين أن يوضح في الطلب نوعية الصعوبات التي من شأنها ان تخل باستمرارية المقاولة .

بالإضافة الى ما أشرنا اليه أعلاه فيجب على المدين أن يرفق بالطلب مشروع مخطط الإنقاذ، الذي سيعتمد في هذه المسطرة بحيث يحدد فيه جميع الالتزامات الضرورية لإنقاذ المقاولة و كيفية أداء الديون التي يشملها و أيضا الضمانات الممنوحة لتنفيذ المخطط و ذلك تحت طائلة عدم قبول الطلب الذي تقدم به.

ثانيا : الإستماع لرئيس المقاولة


بعد تقديم الطلب من قبل رئيس المقاولة، تعمل المحكمة على استدعائه قصد الاستماع إليه بغرفة المشورة كما نصت على ذلك المادة 563 من المدونة: " تبث المحكمة في طلب فتح مسطرة الإنقاذ بعد استماعها لرئيس المقاولة بغرفة المشورة خلال أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه اليها ." وما يلاحظ أن المشرع يحدد طريقة استدعاء رئيس المقاولة قصد الاستماع اليه كما تبين، مما يبيح التبليغ طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في القواعد الإجرائية العامة أو يمكن أن يستدعى بطريقة الكترونية، نظرا لخصوصية هذه المسطرة و لا يوجد كذلك ما يمنع من استدعائه بمكالمة هاتفية.

و قبل بت المحكمة في الطلب يمكن لها جمع المعلومات المتعلقة بالمقاولة و التي حددها القائون 73.17 في المعلومات المالية و الاقتصادية و الاجتماعية للمقاولة و يمكن لها عند الاقتضاء الاستعانة يخبير، أي أن المحكمة تعمل على التواصل مع كل من له علاقة بالمقاولة وكل متعامل معها في إطار نشاطها التجاري، غير أن مدونة التجارة الفرنسية  ‎حددت‏ ‏الأشخاص الذين يجوز الإستماع لهم في ما يخص التأكد من الوضعية الحالية للمقاولة، نذكر منهم الإدارات و الهيئات العمومية وممثلي العمال والموثقين والمحامون ومؤسسات الانتمان ومؤسسات التمويل وغيرها من الأشخاص. و في حالة تبين للمحكمة عدم اقتناعها بما توصلت له يمكن أن تعين قاضي مفتش (‎(juge enquêteur‏ و الذي يمكن له الاستعانة بخبير يعملون على التمحيص على كل ما من شأنه أن ينور رؤية المحكمة حول وضعية المقاولة و يقومون بإعداد تقرير يوضع في كتابة ضبط المحكمة المختصة .

أما الأجل الذي يجب على المحكمة التقيد به في البت في طلب فتح المسطرة فقد حدد في 15 يوما هذا الأجل و الذي يعتبر قصير مقارنة بما اعتمده المشرع الفرنسي و الذي حدده في أجل شهرين. غير أن الأجل القصير الممنوح من قبل المشرع المغربي و الذي نؤيده على أساس كونه أجل في صالح المقاولة حيث تدفع بتسريع فتح المسطرة مع العلم أن المقاولة في حالة تجعلها أقرب إلى التوقف عن الدفع .

و بالرجوع الى المشرع الفرنسي في المادة 1621-1 نجده نص على استدعاء المدين بالإضافة إلى ممثلي لجنة المقاولة و نائبي الأجراء و ذلك حماية لحقوقهم حتى يتم إعتبار مسطرة الاستماع قد تمت بشكل سليم، و هو مالم ينص عليه في المشروع .

عموما فإذا ما تبين أن الصعوبات التي حددها المدين ليست بالخطورة التي تستدعي فتح هذه المسطرة تقوم برفض هذا الطلب. و الحال أن مدونة التجارة الفرنسية نصت على أنه اذا ما تبين للمحكمة بساطة الصعوبات، تدعو رئيس المقاولة الى سلوك مسطرة المصالحة مع تعيين وكيل خاص، مما يجعل من المحكمة هنا تلعب دور استشاري اذ بالخبرة التي تمتلكها تبين لرئيس المقاولة الحل الانسب و هو التوجه الذي كان من المفروض على المشرع أن يتبناه.

ثالثا : شهر ونشر المسطرة


بالعودة إلى المادة 563 والتي أحالت على المادة 584 من القانون 73.17 و المتعلقة بإجراءات الشهر و النشر و التبليغ، يتبين أن حكم فتح مسطرة الإنقاذ يتم قيده في السجل التجاري للمقاولة الخاضعة لهذه المسطرة و هو ما يبرز نوع من الحماية لمن له مصلحة في الوقوف على وضعية المقاولة حيث يمكنه طلب نسخة من السجل التجاري وذلك بصريح عبارة المادة 29 من مدونة التجارة، ومن هنا تظهر الوظيفة الإخبارية للسجل التجاري .

و يقوم كذلك كاتب الضبط بنشر الحكم في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية و في الجريدة الرسمية في أجل 8 أيام و هذا الاجراء الدي تتطابق مضامينه مع المادة 569 من القائون 73.17.

المبحث الثاني : أثار حكم مسطرة الإنقاذ.


يسري أثر الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ من تاريخ صدوره و يشار إليه في السجل التجاري المحلي و السجل التجاري المركزي فور النطق به، و ينتج عن هذا الحكم مجموعة من الآئار بخصوص التسيير (المطلب الاول) ثم إعداد الحل واختياره (المطلب الثاني) .

المطلب الأول: أثار الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ على سلطات رئيس المقاولة والسنديك.


سنتناول من خلال هذه المطلب أثار حكم فتح مسطرة الإنقاذ على سلطات رئيس المقاولة ( الفقرة الأولى ) ثم صلاحيات السنديك ( الفقرة الثانية) .

الفقرة الاولى :أثار حكم فتح مسطرة الانقاذ على رئيس المقاولة .


إن الحكم القاضي بفتح مسطرة الانقاذ، يلقي التزامات على رئيس المقاولة من جهة (أولا)؛ ومن جهة اخرى يجعل سلطاته محل رقابة (ثانيا).

اولا : سلطات رئيس المقاولة في ظل مسطرة الانقاذ.


إن الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ لا يؤدي إلى غل يد رئيس المقاولة في التسيير شؤون مقاولته بل يبقى صاحب الاختصاص بحيث تنص المادة 566 من المشروع " يختص رئيس المقاولة بعمليات التسيير .." غير أن هذا التسيير لا يكون بكيفية مطلقة بل يخضع لمراقبة السنديك بخصوص أعمال التصرف و تنفيذ مخطط الإنقاذ، هذا الاخير الذي يرفع تقريره إلى القاضي المنتدب بخصوص أعمال التصرف. وعليه تنص ذات المادة " .. و يبقى خاضعا بخصوص أعمال التصرف و تنفيذ مخطط الإنقاذ لمراقبة السنديك الذي يرفع تقرير بذلك للقاضي المنتدب ."

إذن فإن الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ يبقي على سلطات رئيس المقاولة حيث يضل هو المسير. و لكن بخصوص اعمال التصرف مثل البيع أو التفويت أو غيرها من الذي يقوم بإعداد تقرير بشأنهما ويرفعه إلى القاضي المنتدب .

كما أن رئيس المقاولة لا يتعرض لأي جزاءات و كذلك تصرفاته لا تخضع للبطلان باعتبار أن مسطرة الانقاذ لا تتضمن فترة الريبة، و ذلك بصريح المادة ‏ 574 " لا تطبق على مسطرة الانقاذ مقتضيات الباب الحادي عشر من القسم السادس من هذا الكتاب "،
وعليه فالباب الحادي عشر من القسم السادس من القانون 73.17 المنظم لفترة الريبة و بطلان تصرفات المسير و بعض العقود، استثنى مسطرة الإنقاذ.

ثانيا : التزامات رئيس المقاولة بموجب حكم فتح المسطرة .


يجب على رئيس المقاولة بمجرد فتح مسطرة الانقاذ، اعداد جرد لأموال المقاولة سواء كانت معنوية أو مادية و سواء كانت عقارات أو منقولات و حتى الديون لدى الغير و الضمانات المثقلة بها، فالضمانات هنا هي الضمانات العينية و ليست الشخصية، المادة 567 نصت على " يتعين على رئيس المقاولة، بمجرد فتح مسطرة الإنقاذ اعداد جرد لأموال المقاولة و للضمانات المثقلة بها..." و على رئيس المقاولة أن يضع هذا الجرد تحت تحت رهن إشارة القاضي المنتدب و السنديك مرفقا بقائمة للأموال التي تكون محل موضوع حق استرداد من قبل الغير مؤشر عليها من طرفه '.

غير أن هذا الجرد لا يحول دون ممارسة دعاوى الاستحقاق، وهي دعوى يرفعها من يدعي ملكية مال أو حق عيني ما كالرهن أو الانتفاع، و يطلب فيه تقرير حقه على هذا المال و ايقاف بيعه لتعارضه مع هذا الحق، وقد تقام دعوى الاستحقاق قبل البيع أو بعده و لا يشترط ان تقام في معرض الحجز التنفيذي فقد تقام في معرض الحجز الاحتياطي لان الحجز الاحتياطي سينقلب في النهاية إلى حجز تنفيذي.

وفي حالة عدم الإدلاء به أي الجرد، ففي نظرنا فإنه حتى في حالة ما أدلى رئيس المقاولة بهذا الجرد و أغفل ذكر فردا من أصحاب هذه الحقوق فانه لا يحول دون ممارسة حقه في ممارسة دعوى الاسترداد .

أما في حالة ما تم الإدلاء بالجرد كاملا مستوفي الشروط ينتج عنه عدم إمكانية ممارسة دعوى الاسترداد أو الاستحقاق و ذلك بمفهوم المخالفة للفقرة الأخيرة من المادة 7 من مشروع القانون عدد 73.17 .

الفقرة الثانية : أثار حكم فتح مسطرة الإنقاذ على سلطة السنديك.


يعين حكم فتح مسطرة الانقاذ السنديك والذي لا يجب أن يكون من أقارب رئيس المقاولة او مسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية، ويناط بالسنديك مراقبة مخطط الانقاذ، ومراقبة أعمال التصرف التي يقوم بها رئيس المقاولة ويعد بشأنها تقريرا يرفعه إلى
القاضي المنتدب المعين في الحكم نفسه حسب المادة 670 من القانون 73.17، بالإضافة إلى ذلك فإنه يتصرف ياسم الدائنين ولفائدتهم بل المشرع جعل هذا الاختصاص بشكل حصري للسنديك وحده، وعليه أن يتخد كل إجراء لإخبار الدائنين واستشارتهم.

و بالرجوع إلى المادة 578 نجدها تنص على أنه يتعين على الغير الحائز للوثائق و الدفاتر المحاسبية المتعلقة بالمقاولة، وضعها رهن اشارة السنديك قصد دراستها تحت طائلة غرامة تهديدية، يحددها القاضي المنتدب.

غير أن مصطلح الغير جاء هنا غامضا ففي نظرنا المتواضع أن المقصود من الغير هو مراقب الحسابات والشركاء غير المسيرين ورئيس وأعضما مجلس الادارة ومجلس الرقابة، بحيث أنه لا يتصور أن تكون هذه الوثائق لدى أفراد من غير المشار إليهم .

المطلب الثاني : إعداد واختيار الحل.


تعتبر مرحلة البحث عن حل لوضعية المقاولة بعد طلبها فتح مسطرة الإنقاذ في وجهها من المراحل المفصلية، التي تحدد مسارها، بحيث تبدأ هذه المرحلة بإعداد حل لوضعية المقاولة (الفقرة الأولى)، لتنتهي باختيار حل يخدم وضعيتها ومصلحتها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : إعداد الحل.


للوقوف عند نقطة إعداد الحل لابد من إبراز مضمونها (أولا)، على أن نحدد أجالها (ثانيا)، تم مناقشة نقطة المواجهة بالسر المهني في فترة إعداد الحل (ثالثا).

أولا : مضمون إعداد الحل.


نشير أولا وبعد القاء نظرة على القانون 73.17 إلى أننا أصبحنا امام صورتين من مراحل إعداد الحل، أولها الحالة التي يتبين فيها عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة إذ تصبح المقاولة أمام واقعة التوقف عن الدفع، مما ينتج عن ذلك إما تبني مخطط للاستمرارية يضمن استمرارية المقاولة أو تفويتها إلى أحد الاغيار أو التصفية القضائية لها.

أما ثاني الصور، وهي التي تهمنا ففي حال كانت المقاولة تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها ومن شأنها أن تؤدي بها في أجل قريب إلى التوقف عن الدفع، ففي هذه الحالة تكون المقاولة مواجهة إما بتطبيق مخطط الإنقاذ أو إقرار تسوية المقاولة أو تصفيتها.

ففي حال تبني الصورة الثانية يفرض على السنديك أن يبين في تقرير مفصل يعده الموازنة المالية و الاقتصادية والاجتماعية للمقاولة، وذلك بمشاركة رئيس المقاولة المدين، بحيث على ضوء هذه الموازنة يقترح على المحكمة، إما المصادقة على مخطط الإنقاذ أو تعديله حسب الأحوال، أو المصادقة على اقتراح تسوية المقاولة، او المصادقة على اقتراح تصفية المقاولة قضائيا.

ثانيا : أجال اعداد الحل


الزم المشرع من خلال المادة 595 من القانون 73.17، أن تعرض هذه الاقتراحات المشار إليها أعلاه على القاضي المنتدب داخل سقف زمني أقصاه اربعة أشهر تلي صدور حكم فتح المسطرة، كما مكن المشرع من تجديد أجال أربع أشهر مرة واحدة من طرف المحكمة وذلك بناء على طلب من السنديك.

غير أن الملف الخاص بتقرير السنديك يجب أن يدرج بالجلسة بعد عشرة أيام من تاريخ عرض التقرير على القاضي المنتدب أو من تاريخ انقضاء الآجال المذكور.

هذا على مستوى التشريع المغربي أما على مستوى التشريع الفرنسي نلمس تحديد أجال إعداد الحل في ست أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة وذلك بطلب إما من النيابة العامة أو الداننتين أو حتى المدير القضائي حسب التعبير الوارد في النص القانوني الفرنسي، والذي تناط به مهمة حماية مصالح العمال.

وعليه يتبين أن المشرع الفرنسي قد وسع من الأجهزة التي يمكنها تقديم طلب تجديد فترة إعداد الحل لتشمل كل من جهاز النيابة العامة والدائنين إذا كان في ذلك حماية لمصالحهم أو حتى المدير القضائي الذي يلعب دور حمائي لطبقة العمال، وذلك على خلاف المشرع المغربي الذي اكتفى بجهاز السنديك.

ونشير إلى التوجه المحمود الذي تيناه المشرع فمن خلال المادة 605 حسب القانون 7 الأخير الزمت إشعار كل من رئيس المقاولة والمراقبين بشأن التقرير المنتصوص عليه في المادة 595 برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل من طرف السنديك. كما منح المشرع لرئيس المقاولة إمكانية إبداء ملاحظاته إلى السنديك بخصوص التقرير داخل أجل ثمانية أيام من التوصل بالإشعار.

ثالثا : المواجهة بالسر المهني في فترة إعداد الحل.


نلمس من خلال التعديل التشريعي محافظة المشرع على مبدا عدم المواجهة بمقتضيات المواجهة بالسر المهني، فلا يعقل أن يصطدم السنديك والذي يعمل بصفة مباشرة لصالح حماية المقاولة و استمراريتها، وبصفة غير مباشرة للحفاظ على النواة والمحرك المباشر للاقتصاد الوطني بحاجز السر المهني، حيث حافظت المادة 597 من القانون 73.17 على أحقيته السنديك في الحصول على أي معلومة من شأنها أن تمنحه فكرة واضحة على الوضعية الاقتصادية أو المالية للمقاولة عن طريق مراقب الحسابات إن وجد. و إدارات الدولة وباقي أشخاص القانون العام أو عن طريق أي جهة أخرى، وذلك بالرغم من أي مقتضى تشريعي مخالف.

ونشير إلى أن المادة 569 من المشروع أحات بخصوص إعداد الحل إلى مقتضيات هامة أولها إجبارية ترخيص القاضي المنتدب لرئيس المقاولة أو للسنديك حسب الأحوال بتقديم رهن أو رهن رسمي وبالتوصل إلى صلح أو تراض.

الفقرة الثانية : اختيار الحل.


بعد اعداد الحل من طرف السنديك بناء على الموازنة المالية والإقتصادية والاجتماعية للمقاولة، تكون المحكمة أمام وضعية لاختيار الحل الانسب (أولا) وفي حال المصادقة على مخطط الإنقاذ من طرف المحكمة تحدد مدة لتنفيذه (ثانيا)، على أن تنتج أثار هامة تختلف باختلاف مدى تنفيذ الالتزامات المسطرة بمخطط الإنقاذ (ثالثا) .

أولا : حالات إختيار الحل


نشير أولا أن اختيار الحل يختلف باختلاف وضعية المقاولة، ففي حالة فترة ما قبل التوقف عن الدفع تقرر المحكمة اعتماد مخطط الإنقاذ إذا تبين لها توافر إمكانات جدية لإنقاذ المقاولة، وذلك بناء على التقرير الذي أعده السنديك والمشار إليه سلفاء وبعد الاستماع لرنيس المقاولة والمراقبين.

ما ينتج على أن مسطرة الإنقاذ لا تتوفر على فترة الريبة التي تسري من تاريخ التوقف عن الدفع لغاية حكم فتح المسطرة، تضاف إليها مدة سابقة على التوقف بالنسبة لبعض العقود.

غير أن ما بعد فترة التوقف عن الدفع تقضي المحكمة بالتسوية القضائية للمقاولة إذا تبين لها أن وضعيتها ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه، أما في حال كانت وضعيتها متأزمة ولا تبدي أي اطمئنان على الإصلاح وبتعبير آخر وضعيتها مختلة بشكل لا رجعة فيه تقضي المحكمة بتصفية المقاولة، وهذا بمنطوق المادة 583 و 585 من مشروع القانون 73.17.

ثانيا : أثار اختيار الحل.


إذا ما قامت المقاولة بتنفيذ مخطط الإنقاذ وهو الهدف المنشود منها تقضي المحكمة بقفل المسطرة أما في حال عدم تنفيذها لالتزاماتها المحددة في مخطط الإنقاذ، يمكن للمحكمة أن تقضي اما تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين، وبعد سلك مسطرة الاستماع إلى رئيس المقاولة و السنديك، بفسخ مخطط الإنقاذ، وتقرر تبعا لذلك التسوية أو التصفية القضائية، من هنا نلمس افتر اض المشّرع في حال عدم تنفيذ مخطط الإنقاذ توقف المقاولة عن الدفع وبالتالي إجبارية التدخل لمعالجتها.

ففي حال تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضانية، يصرح الدائنون الخاضعون للمخطط بديونهم وضماناتهم كما وردت في المخطط بعد خصم المبالغ التي تم استفاؤها، أما الدائنون الدين نشأ دينهم بعد الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ فقد الزمهم المشرع بالتصريح بما لهم من ديون مع احترام مقتضيات الباب الثاني عشر من القسم السادس من الكتاب الخامس من مدونة التجارة و المتعلقة بتحديد خصوم المقاولة.

أما بالنسبة للاأشخاص الذين ينفذون مخطط الاتقاذ ولو بصفة شريك لا يمكن ان تفرض عليهم تكاليف اخرى غير الالتزامات التي تعاقدوا بشانها في ضل إعداد المخطط.

كما يمكن للمحكمة أن تحصر مخطط الانقاذ حتى ولو لم تنته عملية تحقيق الديون وفق مقتضيات المواد من 721 إلى 732 من القانون 73.17.

ثالثا : مدة مخطط الإنقاذ.


على مستوى التشريع المغربي وبموجب المادة 571 من القانون 73.17، "تحدد المحكمة مدة تنفيذ مخطط الإنقاذ على أن لا يتجاوز سقف الخمس سنوات"، بمعنى أن سقف تنفيذ مخطط الإنقلا يجب أن لا يتجاوز الخمس سنوات، غير أن المشرع الفرنسي وسع من
هذه المدة الى سقف العشر سنوات.

مع تمتيع الكفلاء أشخاص ذاتيين دون المعنويين، سواء كانوا في حالة تضامن أم لا من مقتضيات مخطط الإنقاذ، مع وقف سريان الفوائد القانونية أو الاتفاقية وكذا كل فوائد التاخير وكل زيادة بموجب المادة 692 من القانون 73.17.

خاتمة .


و خلاصة لما تطرقنا اليه، حيث أن هذه المسطرة يلزم لتتبعها توافر شرطين بالمدين و هما عدم التوقف عن الدفع والصفة التجارية إضافة الى ذلك أن تكون الصعوبات في حد من الخطورة، و أن يقدم طلب من طرف رئيس المقاولة الى المحكمة المختصة التي تقوم بالاستماع اليه بغرفة المشورة و اذا ما تبين من المعلومات المدلى بها اليه بجديتها يقوم بفتح هذه المسطرة إذ خلال سريانها يتم انتداب سنديك و قاضي مقرر و خلال فترة الملاحظة يقوم باعداد حل .
هذا التعديل الذي جاء به القانون 73.17 في ما يخص إحداث المشرع لمسطرة الإنقاذ، للمدين اختيار أنسبها و التي تلائم وضعيته الراهنة.

غير أن ما يعاب على النظام القانوني المغربي جعل التشريع الفرنسي النبراس في تجديد المنظومة القانونية، بالرغم من أن النسيج المقاولاتي المغربي ليس هو النسيج المقاولاتي الفرنسي وبالتالي يطرح التساؤل حول مدى نجاعة إستيراد نصوص قانونية هي في الأصل على مقاس نظام مقاولاتي أجنبي ناتج عن نظام إقتصادي مخالف أشد الإختلاف عن النظام المغربي بالرغم من الجانب النظري  والذي حللناه طيلة هذه المادة العلمية وما أبان عن كون مسطرة الانقاذ مسطرة وقائية وعلاجية تسعى إلى إحتواء ما يمكن أن يعرقل المقاولة، إلا أن الواقع العملي على مستوى التجربة الفرنسية أبانت عن قصور هذا المخطط حيث أنه لم يتكلل بالنجاح في معظم الحالات، الامر الذي يطرح إشكالات فيما يخص اعتماده بالمغرب وراهنية نجاحه، الأمر الذي يثير عديد التساؤلات منها مدى إمكن تكلل هذه التجربة بالنجاح ؟ و هل ستحفز المقاولات على اعتمادها ؟.

و أمام هذه التساؤلات التي لا يمكن تقييمها إلا بعد مدة من تطبيق القانورن 73.17 والتي تفرض علينا التروي إلى حين التفعيل الحقيقي لمقتضيات مسطرة الإنقاذ.
شاركه على جوجل بلس
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق